البيولوجيا وعلوم الحياة

مرض ديدان “البلهارسيا” والعوامل المساعدة للإصابة به والأضرار الناتجة عنه

2007 في الثقافة والتنوير البيئي

الدكتور ضياءالدين محمد مطاوع

KFAS

مرض ديدان البلهارسيا البيولوجيا وعلوم الحياة

وتعد الإصابة بديدان البلهارسيا Schistosoma من أهم المشكلات الصحية التي يعاني منها المجتمع المصري وسكان المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية، وخاصة في منطقة جازان. 

وينعكس أثرها على اقتصاد المجتمع، لما تلحقه من أضرار صحية بالغة يترتب عليها نقص في قدرة المصابين على العمل والإنتاج.

ومرض البلهارسيا مرض طفيلي منتشر في أنحاء كثيرة من العالم وليس في مصر.  وهو يصيب أكثر من مائتي مليون نسمة وتعيش الأطوار البالغة في ديدان البلهارسيا في روافد الأوردة بجدران الجهاز الهضمي والجهاز البولي والتناسلي. 

 

ومما يزيد من صعوبة مكافحة هذه الطفيليات مجموعة من العوامل من أهمها انخفاض مستوى الوعي الصحي.

وتسعى وسائل الإعلام إلى رفع مستواه لدى المواطنين عن طريق بث البرامج الإعلامية التي تركز على طرق الإصابة بالبلهارسيا، والاضرار الصحية الناتجة عن ذلك. 

 

ولكنها لا تقدم الاحتياطات الإجرائية الواجب إتباعها لتجنب الإصابة بهذا المرض، حيث تُكسب بعض البرامج انطباعات خطأ للافراد، ومنها مثلا: أن الإصابة بديدان البلهارسيا تحدث أثناء وجود الفرد في الماء الملوث بالديدان، إلا أن الإصابة لا تحدث بالفعل إلا خارج الماء، لأن السركاريا دقيقة في حجمها فلا تشاهد بالعين وهي تعلق بجسم الإنسان في أثناء تواجده في الماء كما تصورها البرامج الإعلامية، وعندما يخرج من الماء.

ويبدأ الجلد في الجفاف تفرز السركاريا إنزيمات مذيبة (محلله) لكي تحلل طبقة البشرة، ومن ثم تخترق الجلد.  ويصاحب هذه العملية شعور الفرد بألم يدفعه إلى حك جلده. 

 

ولذا ينصح بتجفيف الجلد جيدا وبسرعة، إذا ما تعرض الرد لماء راكد يحتوي على أطوار البلهارسيا، وذلك لإزالة السركاريا العالقة، قبل أن تبدأ في إفراز مذيباتها، ومن ثم تقل فرص الإصابة بالبلهارسيا.

وتتعدد الطرق التي تحدث بها الإصابة بالبلهارسيا، فقد تحدث الإصابة بطريق غير مباشر عن طريق التداول اليدوي للخضراوات المبللة بالماء الملوث بالسركاريا، فإمساك تلك الخضر المبللة بالماء الملوث بالسركاريا أو أكلها يزيد من فرص إصابة الإنسان بالبلهارسيا. 

ولذا ينصح بنقع الخضروات في محلول ملحي لقتل العديد من الطفيليات العالقة بها، وغسلها جيدا بالماء الجاري قبل تناولها.

 

ما العوامل المساعدة على انتشار البلهارسيا؟

تتعدد العوامل المساعدة على انتشار الإصابة بديدان البلهارسيان ومنها ما يلي:

1- وجود القواقع العائلة لبعض اطوار البلهارسيا على نطاق واسع وصعوبة مكافحة تلك القواقع.

2- تعرض المزارع للماء الملوث بالطور المعدي للبلهارسيا، حيث تقل اساليب الري الزراعي الآمنة التي تجنبه التعرض للإصابات المتكررة بالطفيل.

3- قدرة ديدان البلهارسيا على البقاء فترات طويلة بجسم العائلن حيث يتراوح اعمار الاطوار البالغة منها من 5 إلى 18 سنة، كما يحوي جسم المريض المصاب بالبلهارسيا آلافا من الأطوار البالغة التي لا تتأثر بالعديد من الأدوية.

4- انتشار السلوكيات الخاطئة التي يصعب معها تجنب الإصابة.

5- استغلال البعض للأدوية الخاصة بعلاج البلهارسيا والمدعومة استغلالا تجاريا سيئا.

 

مما تقدم تتضح المخاطر والأضرار المتعددة الناتجة عن تلوث الماء بالملوثات الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية. 

ويؤكد ذلك ايضا نتائج العديد من الدراسات منها دراسة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية، التي توصلت إلى نتائج تتعلق بالأضرار الناتجة عن تلوث الماء ومن أهم هذه النتائج ما يلي:

 

1- أربعة أخماس وفيات أطفال العالم النامي نتيجة الأمراض الحادثة من شرب الماء الملوث.

2- سبعة ملايين طفل يموتون سنويا بسبب شرب المياه الملوثة، وأن ملايين أخرى يصابون بالعمى أو بالعجز الجسدي.

3- معدلات الوفاة اليومية تقدر بنحو 25 ألف شخص، وذلك نتيجة تلوث الماء والعطش المصاحب لشح الماء.

 

إن مرض البلهارسيا معروف لدى الكثيرينن ولكن ما يجب أن يلقى الضوء عليه هو الجانب السلوكي، ويعد أوضح مثال للتلوث البيئي من جراء السلوكيات الخاطئة، ولا يمكن القضاء عليه إلا بتصحيح سلك المواطن. 

ومن الغريب أن متوسط عمر دودة البلهارسيا يتراوح ما بين عشرين وأربعين عاما في جسم الشخص المصاب. 

وتستمر ديدان البلهارسيا في نهش خلايا أنسجة الجسم تدريجيا على مدى أعوام طويلة إلى أن تؤدي إلى مضاعفات وخيمة يصعب علاجها، وهذا يفسر عدم شعور الشخص المصاب بأي أعراض لعدة سنوات ويفاجأ بعد فوات الأوان بحدوث أمراض خطيرة بسبب هذا العدو الخفي الكائن منذ الطفولة.

 

ومن الأخطاء الشائعة في تشخيص مرض البلهارسيا اعتماد بعض معامل التحاليل على اكتشاف بويضات البلهارسيا في عينات البول والبراز.  وكثيرا ما تكون النتيجة سلبية، نظرا لاختفاء الديدان في عينات البول والبراز. 

وكثيرا ما تكون النتيجة سلبية، نظرا لاختفاء الديدان في أماكن تشبه الخنادق داخق جدران الأمعاء أو المثانة البولية، حيث تحاط البويضات بنسج ليفي يشبه الشرنقة، ولا تخرج ضمن البول او البراز. 

هذا إلى جانب كميات البويضات التي يجرفها تيار الدم الوريدي في مساره تجاه الكبدن حيث يقوم الجهاز المناعي بالجسم بإقامة المتاريس الليفية حول هذه البويضات القادمة من الأمعاء.

 

وكل هذا يعوق خروج البويضات مع البول أو البراز، فتكون النتائج السلبية الخادعة.  إذن لا بد من وسيلة تشخيص بديلة وعدم الاعتماد على نتائج التحليل المجهري.  ومن هنا كانت الطريقة الحديثة في التشخيص، التي تعتمد على تحديد نسبة الأجسام المضادة للبلهارسيا في دم الشخص المصاب المشتبه في حالته، وهي طريقة غير مباشرة. 

ولكن للأسف يصعب تحديد إذا كانت ديدان البلهارسيا حية أو ميتة !!! وتشير إلى أن الشخص قد سبق أن أصيب بالبلهارسيا أو لا، ولكنها قد لا تفيد بدقة فيما إذا كانت الديدان نشيطة أو أن وسائل الدفاع بالجسم قد قضت عليها. 

 

والأغرب من هذا أن نتيجة هذا النوع من التحليل تظل كما هي وبنفس القراءة حتى بعد أخذ العلاج المضاد للبلهارسيا، مما يزيد من صعوبة متابعة الحالات المصابة.  وهكذا يتضح لنا عدم دقة نتائج هذه الوسائل في تأكيد أو نفي وجود البلهارسيا في شخص ما.

وقد ثبت فعالية التشخيص بالمناظر الضوئية لتشخيص البلهارسيا ومضاعفاتها.  فهي لا تستغرق سوى دقائق معدودة، بأخذ عينة من الغشاء المبطن للأمعاء أو المثانة بملقط صغير في المنظار وفحصها بالمجهر، وهي من الجيدة لمتابعة نتائج العلاج.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى