علوم الأرض والجيولوجيا

الانتشار الجانبي للملوثات في التيارات البحرية

1996 المصبات البحرية لمياه الصرف الصحي

أ.د عادل رفقي عوض

KFAS

الانتشار الجانبي للملوثات في التيارات البحرية علوم الأرض والجيولوجيا

إن وصف توزيعات السرعة والتركيز في المجال الواقع بين منطقتي الحقل القريب والحقل البعيد يعتبر معقدا.

فالنافورة المائية وكمية الحركة المتبقية للنافورة يمكن أن تحرضا معا توليد سرعات أفقية ومباشرة بعد ارتطام النافورة بسطح المياه، ويمكن أن تتم غالبا مرحلة الانتقال بين السرعة العالية في منطقة الارتطام السطحية إلى السرعة المنخفضة في الحقل البعيد بواسطة قفزة هيدروليكية داخلية.

ففي الحقل البعدي تخضع مياه المجاري إلى حقل سرعة التيارات المحيطة إذ يفترض توزيع السرعة بأنه ثابت على كامل المقطع العرضي لانتشار حقل مياه المجاري بشكل قمعي (wastewater plume) وبعكس ما هو معروف لعمليات الانحلال في الحقل القريب فإن العمليات في الحقل البعيد يجب أن تعالج كمتغيرة مع الزمن بسبب طيف التكرارات الواسع جدا في اضطراب الوسط المحيط.

فالشكل رقم (4-15) يبين تخطيطا حدود شكل حقل مياه المجاري الذي يأخذ شكلا قمعيا (plume) وكأنها ستظهر في كل لحظة (مثل لقطة فوتوغرافية لحقل مياه المجاري) أو ستظهر بشكل وسطي مستقرة على مرحلة طويلة من الزمن (مثل زمن التعرض).

 

اللقطة الفوتوغرافية تبين تغيرا غير منتظم ولهذا يمكن تسميته بالانتشار المتقطع الآني غير المستقر لحقل مياه المجاري بشكل قمعي متماوج (Instantaneous plume) والذي يمتد بالتدريج كلما ابتعد عن موقع المصب.

إن تعرج أو تماوج الخط المركزي يعود إلى التيارات الدوامة الكبيرة التي تنتج عنصر سرعة متغيرة عمودية إلى اتجاه الجريان الوسطي، وهذه التعرجات ستخف ببطء وسيتطابق الخط المركزي لـ (plume) مع اتجاه الجريان الوسطي.

فعلى يمين الشكل (4/15) نلاحظ منحنى توزيع التركيز يقطع عرض الـ (plume) بنوعيه المستقر وغير المستقر معا. فتوزيع التركيز في الانتشار المستقر بشكل قمعي (Steady – state plume) يكون أعراض ولكن قيمة الذروة تكون أقل عما هي عليه في حالة الانتشار غير المستقر بشكل قمعي. لذلك فإن الزمن الوسطي يعتبر عنصرا هاما لتقدير توزيعات التركيز في الحقل البعيد.

 

في معظم حالات تصريف مياه المجاري قرب الشواطئ فإنه يكفي أن تطبق نماذج تصف توزيع التركيز في حالة الانتشار المستقر (Steady plume). إن تقييم المؤثرات غالبا ما يعود إلى المناطق التي تبتعد عن موقع المصب البحري بحيث يتطور الـ plume قبل أن يصل إلى تلك المناطق بشكل كبيرة ويكون أكبر من أوسع دوامة لاضطرابات التيار المحيط. وعندما تتحقق هذه الحالة فعند ذلك لن يكون هناك اختلاف بين حالة الانتشار المستقر والانتشار غير المستقر.

وعلى كل حال فإن هناك مناطق سريعة التأثير وحساسة جدا مثل مناطق توليد الأسماك وتواجد الأصداف لا تتحمل أي تركيز خفيف فوق مستوى محدد مسموح به يجب تأمينه في كل لحظة.

 

ففي هذه الحالة يكون المطلوب استخدام نماذج تصف توزيع التركيز في حالة الانتشار غير المستقر والآني (وهي نماذج توصف ايضا توزيع التركيز الوسطي معا في الحالة الآنية غير المستقرة للمصدر المدروس).

ونفس الوضع يلزم تطبيقه لحالات يستحيل التمييز فيها بين التيارات المضطربة والتيارات المتنقلة (advection).

وقد يمكن للتيار المحيط أن يتغير غالبا بحيث يكون مقياس الزمن على كامل المجال الذي يجب فيه دراسة التركيز أكبر من مقياس الزمن للتغيرات في التيارات المحيطة. وبذلك يلزمنا تبسيط التقديرات إلى الاستناد على نماذج الانتشار الآني (Instantaneous plume) غير المستقر.

 

– الانتشار الجانبي للملوثات في التيارات البحرية

لتقدير طبيعة ووضع مياه المجاري أو أية ملوثات أخرى في نقطة ما عن موقع المصب لهذه المياه في وسط مائي بحري فإنه يجب تحديد زمن الانتقال (travel time) إلى هذه النقطة وكذلك معدل الانتشار الجانبي (lateral diffusion) الذي يحدث أثناء الانتقال.

ويتم في هذا الزمن الانتقالي تلاشي البكتريا والخلط بواسطة الانتشار الجانبي الذي يحدد التركيز النهائي للبكتيريا في النقطة المدروسة (كشواطئ السباحة مثلا).

وعندما يصل حقل مياه المجاري أو نافورتها (Sewage jet of Effluent plume) إلى سطح مياه البحر فإنه سيخضع للانتقال بعيداً بواسطة التيارات. ويتطور بسرعة إلى حقل مياه متجانس نسبيا وله قيمة انحلال وسطية أولية Sm.

وسيكون لهذا الحقل من الملوثات عرض مساوٍ تقريبا في البدء لطول الرذاذ (Zo/3 إلى Zo/4) (الشكل رقم 4-12). كما يحدد سماكة الحقل هذا كما جاء في الفقرة (4-2-حـ) من دراسة حالات الاستمرارية.

 

إن الانحلال المركزي الوسطي So في النافورة (jet) أو في التوزيع القمعي (plume) (أو 2 So المساوي للانحلال الوسطي على كامل مقطع الـ (plume) قد يساوي الانحلال الابتدائي الناتج عن التيارات Sm. إذا كان Sm > 2So فإن انحلالاً إضافياً للمياه سيكون ممكنا من خلال تيارات البحر.

في البدء سيكون هناك مساحات محلية بمعدل انحلال أقل من Sm. ولكن عندما يُحمل سائل الملوثات بعيدا، فإن الاضطرابات التيارية ستسبب انحلالاً لمعظم مقطع الحقل حتى يحقق القيمة Sm تقريبا.

إذا كان  فإن كل الملوثات الواصلة للسطح لن تتحرك بواسطة التيارات، وعند ذلك فإن الملوثات ستتراكم قرب المصب. وإذا حدث مثل ذلك فعندها يجب إجراء تعديل للمصب البحري للملوثات من أجل الغاء مثل هذا التراكم في الملوثات.

 

عندما يُحمل حقل مياه الملوثات الذي أخذ شكلا قمعيا (effluent plume) بعيدا عن المصب بواسطة التيارات البحرية فإن عملية الانحلال ستستمر وذلك نتيجة للانتشار الجانبي بسبب التيارات الاضطرابية (الدوامة) (lateral turbulent diffusion) والذي يكون باتجاه المستوى الطبيعي لمحور الـplume .

لتحديد الانتشار الاضطرابي في تيار بحري نستخدم معادلة توازن أو انخفاظ الكتلة (mass balance equation) للملوثات المحمولة بواسطة التيار المحيطي عبر حجم تحكم تفاضلي ثابت (fixed differential control volume) كما هو ظاهر في الشكل رقم (4-16).

إن قيمة (C) في الشكل (4-16) تعني التركيز الآني (اللحظي) للمادة الملوثة المنتشرة (وهذا يعني كتلة التلوث لكل كتلة إجمالية من الملوّثات مضافا إليها مياه الوسط). إن سائل الملوثات المنتشر الداخل مطروحا منه السائل الخارج يجب أن يساوي معدل الزمن لتزايد الملوثات في الحجم التحكمي.

 

وبكتابة هذا التوازن (انخفاظ الكتلة) للجريان في ثلاثة اتجاهات والتراكم الحاصل عبر حقول الحجم الأولي:

         

إن تأثيرات الانتشار الجزئي تعتبر صغيرة ويمكن إهمالها ولكي نعرف الحركة الاضطرابية (الدوامة) فإننا نعتبر التركيز الآني والسرعة عند نقطة ما كمجموع لعناصر وسطية الزمن  ومتغيرة الزمن  وتمتد إلى الحقل  وهكذا.

وبتعويض هذه القيم في العلاقة السابقة ومن ثم بتمديد ومعالجة الحدود الإفرادية نحصل على العلاقة التالية:

 

إن الشكل الوسطي الزمن للمعادلة السابقة يختصر إلى:

وبمتديد الحدود الثانية والرابعة والسادسة في المعادلة السابقة، وبمعرفة أن استمرارية انقال الكتلة الكلية يعبر عنها العلاقة: 

فتصبح المعادلة السابقة كما يلي:

الحد الأول اليسار من المعادلة يمثل معدل الزمن لتغير التركيز الوسطي للملوثات في نقطعة محددة ما، والحدود الثلاثة التالية تمثل انتقال كتلة الملوثات المحمولة بالتيارات بسبب انحداد التركيز في اتجاهات عناصر الجريان والحدود الثلاثة الأخيرة تمثل انتشار الكتلة في اتجاهات العناصر الثلاثة بسبب الخلط الاضطرابي (الدوامي).

 

ويكون من المفيد استبدال حدود التغيير للتيارات الاضطرابية في المعادلة السابقة بواسطة منتوج يُمثل عامل الانتشار وانحدار التركيز وذلك بما يلي:

فإشارة (-) تعني انحدار قيمة التركيز بشكل سلبي متناقص في حقل التيارات الاضطرابية بسبب انتقال الكتلة الايجابية.

إن عامل الانتشار أو الانتشار بسبب التيارات الدوامة (eddy diffusivity) يكون متغيرا في المكان والزمان ويعتمد على مستوى الاضطراب.

العلاقة (37) تصبح:

وهذه العلاقة تمثل التغير في تركيز الملوثات في نقطة محدد ما بسبب عملية الخلط في التيار المضطرب (الدوامي) في الاتجاهات الثلاثة.

 

ولتطبيق المعادلة السابقة (38) يجب وضع افتراحات أساسية (حيث Z تمثل المحور الشاقولي).

وباعتماد الافتراضات المستنتجة من المصدر (19) فعند ذلك تختصر العلاقة السابقة إلى العلاقة:

وهي تمثل تناقص تركيز الملوثات باتجاه الجريان بسبب الانتشار الجانبي للملوثات بواسطة الخلط الاضطرابي (الدوامي) للتيارات. والعناصر الأخرى للانحلال (في الاتجاهين X و Z) تعتبر مهملة.

وبذلك فالعلاقة (39) تعطي قيماً عالية لتركيز الملوثات أكبر مما هي في الواقع (فيما لو أدخلنا عوامل الانحلال في الاتجاهين X و Z) وهذا يعين درجة أمان أكبر في حساب تقدير انخفاض تركيز الملوثات بسبب الانتشار الجانبي.

 

تحريات ودراسات ميدانية عديدة (20 و 21) أعطت قيمة العامل الأفقي للانتشار الجانبي بسبب التيارات الدوامة بالعلاقة:

حيث LR تمثل الطول القياسي النسبي الوسطي لمجال التيارات الدوامة والتي فيها يحدث الانتشار وأن (e) و (n) ثوابت تحدد تجريبيا.

المصدر (20) حدد قيمة n في البدء تساوي 3/4 ولكن على مسافة كبيرة من مصدر الملوثات كانت قيمة Dy فيها ثابتة. وهذا ما أكد قانون ريشاردسون (Richardson) المقترح عام 1926 والذي يعرف بقانون 3/4 (المصدر 22).

وكان المصدر السابق (20) قد حدّد العلاقة التالية الخاصة بالانتشار الجانبي الأفقي:

حيث LR بواحدة (Cm) و D y بواحدة (سم2/ ثا).

 

لقد تراوحت قيم Dy عند العديد من الباحثين في مجال الانتشار الدوامي في مياه المحيط في المجال من 5×10 2 إلى 4×10 8 ، ووسطيا تساوي حوالي 10 6 سم2/ ثانية.

ولو رسمت العلاقة بين Dy إلى قياس الظواهر الطبيعية المرافقة (L) فإنها ستأخذ شكل خط مستقيم مائل ممثلا بالقانون 3/4 (four – thirds law) وهذا القانون يوضح بان عامل الانتشار الدوامي الجانبي Dy متناسب طردا مع القوة 3/4 للمقياس النسبي للاضطراب أي بالعلاقة (L4/3) كما ورد سابقا.

وغالبا فإن السبب في تزايد عامل الانتشار الدوامي (eddy diffusivity) مع المقياس النسبي (relative scale) يعود إلى دراسة حالة انفصال جسيمين عن بعضهما، يكونان في البدء قرب بعضهما البعض.

 

ويمثل السبب هذا بالمعدل الذي يميل به الجسيمان إلى الانفصال عن بعضهما مع تزايد المسافة بينهما. ويفسر ذلك بأنه عندما يكون الجسيمان مع بعضهما فإنهما يميلان إلى الحركة بعيدا عن بعضهما بواسطة عملية الاضطرابات صغيرة المقياس نسبيا وهي من حيث المعدل صغيرة مقارنة بسرعة الجريان الوسطية،  وعندما تزداد المسافة فيما بينهما فإن كل جزء يمكن أن يدخل بشكل مستقل في مجال الدوامات الكبيرة ويتحرك بعيدا عن الآخر بشكل أسرع وهكذا الخ…

المصدر (26) أعطى أيضا القانون (3/4) نتيجة دراسات نظرية لاحقة استخدمت حركة انفصال جزئين عن بعضهما ولكن مع اعتبار أن المسافة بين الجسيمات ستكون صغيرة مقارنة بالمقياس النسبي لطول الاضطرابات وهذا ما تطابق أيضا مع النتائج الميدانية التجريبية للمصدرين (20 و 22).

 

قياسات أخرى تمت أيضا (المصدر 20) في قناة مخبرية انطلاقا من مراعاة التحديد الفعال الممكن للحجم الأعظمي للدوامات المائية والتي أثبتت بأن عرض نماذج الانتشار انطلاقا من المصدر (المنبع) تزايد طردا مع القوة (3×2/1) للمسافة من المصدر أي بالعلاقة ((LR3/2 وأن عرض نماذج الانتشار عند نقطة بعيدة نسبيا عن المصدر يتزايد تقريبا بشكل طردي مع القوة (2/1) للمسافة من المصدر (LR3/2).

الشكل رقم (4-17) يبين حالة الانحلال السابقة للملوثات غير القابلة للهضم في حالة وصولها إلى البحر دون إزالتها مسبقا (وهي عمليا أسوأ أنواع الملوثات الصناعية على البيئة البحرية ككل) بواسطة الانتشار الجانبي الأفقي.

حيث يلاحظ أن عمليات الانتشار والتفتت لملوثات صناعية غير عضوية مثلا بالاتجاهين (X1) الموازي للمستوى الطبيعي لاتجاه التيار و (X2) العرضي لاتجاه التيار. وكما قلنا يلاحظات قيمة عرض نماذج الاشر (Lo في البدء)  تتزايد طردا تبعا للقوة 2/3 تقريبا للمسافة عن المصدر (LR3/2) وأنه بمسافة بعيدة نسبيا عن المصدر فإن عرض النماذج هذه يتزايد طردا تبعاً لقوة معطاه للمسافة.

LR وهي  ((LR1/2. والشكل الذي يميل إليه نموذج الانشار هو أقرب إلى القطع المكافئ المميز بمنطقة انتقال بينية.

 

إن المشكلة الرئيسية في حاسب انتقال الملوثات في الحقل البعيد تلخص في فرض عوامل انتشار أكثر قربا للواقع الفعلي كما هو الحال في وضع معادلات الانتقال التي عالجناها سابقا.

ولقد أوضحنا أنه يجب في – حالة عمليات الانتشار بسبب التيارات الدوامة في البحر – أن نميز بين عوامل الانتشار الجانبية الأفقية والشاقولية. إن التبادل والخلط الشاقولي مع تزايد عمليات الاستقرار.

وبالتالي مع تزايد عدد ريشاردسون يبدو أن سيكون منخفضا إلى درجة يمكن إهماله، ويكون بذلك عامل الانتشار الجانبي الأفقي هو العامل الأساسي في تخفيض تركيز الملوثات سواء القابلة للهضم أو غير القابلة للهضم أو للتدوير البيولوجي.

 

ويمكن أن نشير إلى أن الحسابات السابقة بعد مراعاة عدم الدقة الكبيرة في الافتراضات السابقة والمتعلقة بالعوامل الفيزيائية إلا أنها تبقى وضمن المعطيات الحالية لتقديم البحوث في هذا المجال كافية ومقبولة.

ويمكن أن نعتبر أن دراسة عمليات الحمل (convection) والانتشار (dispersion) للملوثات من خلال تيارات البحر رياضيا بعلاقات تقريبية مقبولة ودقيقة إلى حد ما. هذه العلاقات التي تصف انتشار الملوثات وانخفاض تركيزها بواسطة التيارات البحرية المستقرة والجانبية من خلال نماذج عددية ذات بعدين أفقين وذلك بأهمال الانتشار الشاقولي.

ولنحدد في دراستنا ما سبق بشكل أكثر تفصيلا وتحديداً من خلال النماذج الرياضية التقديرية فإننا سنقوم بدراسة الوضعين التاليين: حالة نماذج مستقرة للانتشار بشكل قمعي (plume) وحالة نماذج غير مستقرة (آنية) للانتشار بشكل قمعي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى