البيئة

التجربة الأمريكية الناجحة في استخدام المصبات البحرية

1996 المصبات البحرية لمياه الصرف الصحي

أ.د عادل رفقي عوض

KFAS

المصبات البحرية البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

خلال الخمسينات طور مهندسو لوس انجلوس تقنية خاصة وهي في إدخال المياه الملوثة (كميات الصرف الصحي مثلا) إلى مياه البحر.

فبواسطة استخدام مصبات بحرية مناسبة مرافقة برذاذات عديدة الفتحات، يتم تخفيض عالي لملوثات: BOD (الطلب البيوكيميائي للأوكسجين ) و COD (الطلب الكيميائي للأوكسجين) والجراثيم والمواد المغذية (مركبات النتروجين والفوسفور N و P) وغيرها قرب هذه الرذاذات.

في ظروف مائية جيدة يصل معدل هذا التخفيض من 100 إلى 200 مرة مما يساعد على ضمان جودة افضل لمياه البحر المتلقية مقارنة بطرق المعالجة البيولوجية التقليلدية الاصطناعية (كنظام الحمأة النشطة مثلاً) حيث لا يصل معدل هذا التخفيض إلى أكثر من 10 إلى 100 ولهذا نرى أفضلية المصبات البحرية في معالجة مياه الصرف الصحي (المديني والصناعي).

تقوم وحدات المعالجات التقليدية الاصطناعية على إزالة الملوثات من خلال تحويلها إلى حالات فيزيائية أخرى فهذه المعالجة لمياه الصرف الصحي تزيل التلوث من المياه وتحولها إلى تلوث بالمواد الصلبة (الحمأة أو الراسب Sludge) وتلوث هوائي بالغازات (H2S و N2O و Co2 و NH4).

 

ويمكن أن تكون هذه الملوثات الناتجة (الصلبة والغازية) في بعض الحالات أكثر ضررا من التلوث الأصلي من المياه. وكقاعدة عامة يمكن القول بأنها تجلب معها مشاكل قد تكون بسيطة وقد تكون مزعجة.

يصرف في الولايات المتحدة الأميركية سنويا أكثر من (130) مليون دولار على مراقبة التأثيرات الحاصلة للمصبات البحرية لمياه الصرف الصحي المعالجة على الشواطئ القريبة من مواقع هذه المصبات في مياه البحار والمنفذة منذ عام 1955 على شكل برامج عينات وفحوص مخبرية.

إن المعلومات المتجمعة لمدة حوالي 40 عاما يمكن أن تفيد في توجيه الخطوات التنظيمية وتحقق التصميم وعمليات التشغيل بالشكل الأمثل.

في تقرير للمجلس البحري التابع لمجلس البحوث الوطني في أميركا جاء ما يلي:

"يمكن للمراقبة البيئية أن تكون هامة في تحديد صحة البيئة البحرية ومدى فعالية السياسات الإدارية البيئية في الحفاظ على هذه الصحة أو تحسين شروطها".

 

كما يبين التقرير أن برنامج مراقبة فعال للبيئة البحرية يشكل تكنولوجيا ممتازة في تحديد مدى امتداد وشدّة التلوث الحاصل من التصريف، وفي تقييم السياسات البيئية والفعاليات المرافقة لها، وفي المساعدة على تقدير المخاطر والنتائج المترتبة عن أساليب العمل المستقبلية المقترحة، وفي الكشف عن المشاكل الممكنة التي ستحصل من انتشار مياه الصرف الصحي في مياه البحار المتلقية لهذه الملوثات.

في كاليفورنيا الجنوبية، تعتبر كميات الملوثات المنبعثة إلى البيئة عن طريق مياه الصرف الصحي (مياه المجاري) معروفة جيداً من خلال القياسات المتكررة.

فهي تصل إلى مياه المحيطات عن طريق جريان الطقس الجاف (مياه التلوث المدينية والصناعية) وجريان الطقس الممطر (الملوثات المحمولة مع الجريانات المطرية في الأقنية المطرية). فالقياسات متوافرة بشكل جيدة عن حالة مياه الشواطئ الساحلية القريبة من مواقع المصبّات البحرية في كاليفورنيا الجنوبية.

كما أن مستويات المواد السامة والمسرطنة حول مواقع المصبات البحرية قد تم قياسها وسيستفاد منها في التنظيمات أو التعليمات المستقبلية الخاصة بتصريف مياه التلوث في المحيطات أو البحار بحيث يتم تحقيق الأهداف الأيكولوجية المطلوبة والمحددة بقانون المياه الفيدرالي أو الوطني (مرجع 4).

 

فمن أجل المقارنة ما بين ما يطرح من ملوثات في مياه البحار والمحيطات في منطقة كاليفورنيا الجنوبية وما يطرح في الجو والتربة لنفس المنطقة نعرض القيم التالية:

كمية الملوثات الكلية المسافة إلى التربة = 4.5 – 7.3 كغ/ شخص يوم

كمية الملوثات الكلية المسافة إلى الهواء = 3.2 كغ/ شخص يوم

كمية الملوثات الكلية المسافة إلى المحيطات:

من مياه الصرف الصحي المعالجة = 0.18 كغ/ شخص، يوم

من الأنهار والأمطار = 0.18 كغ/ شخص، يوم

 

يلاحظ من القيم السابقة أن نسبة بقايا الملوثات الواصلة إلى مياه البحار والمحيطات عن طريق مياه الصرف الصحي المعالجة لا تشكل إلا حوالي 2% من الملوثات الكلية الواصلة إلى البيئة في منطقة كاليفورنيا على سبيل المثال.

وهذا مؤشر هام على النواحي الإيجابية البيئية لتقييم تأثير المصبات البحرية على الوسط البيئي المائي مقارنة بما يصل من ملوثات إلى الأوساط البيئة الأخرى كالهواء والتربة.

ولكن ما يجدر الإشارة إليه هو عدم توافر المعلومات الأساسية عن التأثيرات الخاصة السامة والمسرطنة لكثير من الملوثات وكذلك عن حدود تراكزها التي تشكل خطرا على صحة البيئة والحياة البحرية.

 

دراسات من البنك العالمي ولكل المجتمعات في العالم والمستندة على مراجعة العديد من برامجها الخاصة بالمنح اقترحت نسبة 15-25% من الناتج القومي الإجمالي (GNP) أو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) لكل دولة أو منطقة يمكن أن تصرف على كل الفعاليات وخدمات الحكومة.

وما يصرف على البيئة الجوية والأرضية والمائية بحسب تقديرات هيئة الأمم المتحدة يبلغ حوالي 3% من الـ GNP أو GDP.

ولإعطاء فكرة عامة عن كلفة المعالجة لمياه الصرف الصحي بواسطة المصبات البحرية نقدم مثالنا عن كاليفورنيا الجنوبية التي تعتمد كليا على المصبات البحرية في التخلص من مياه الصرف الصحي المتجمع في مدنها ومناطقها وريفها، إذ تتوافر الأرقام الفعلية الخاصة بالكلفة: بلغ الـ GNP في الولايات المتحدة الأميركية عام 1987: 4.526.700.000.000$  

 

بتحديد قيمة GNP لكاليفورنيا وفق تقديرات البنك العالمي بحدود 5% منها، مما يعطي مبلغاً 101.850.000.000$ في كل سنة كميزانية للحكومة المحلية، يصرف منها بحسب تقديرات هيئة الأمم المتحدة نسبة 3% لمعالجة مياه التلوث الناتج عن الصرف الصحي وهذا ما يشكل مبلغا قدره 3.000.000.000$.

في مدينة لوس أنجلوس التي يشكل سكانها حوالي 14.3% من سكان كاليفورنيا، لذا فان GDP يجب أن تكون 14.3% من الميزانية الكلية الحكومة كاليفورنيا وهذا ما يعادل مبلغ حوالي 14.565.000.000$ سنويا تصرف للخدمات والفعاليات الحكومية كلها. وبأخذ نسبة 3% من المبلغ المذكور الخدمات الصرف الصحي يكون المبلغ بحدود 437.000.000$.

حالياً قدرت الكلفة الفعلية منسوبة إلى السكان القاطنين في لوس أنجلوس (0ر3) مليون شخص، فكانت الكلفة الأولية لرأس المال وكلفة الصيانة السنوية من إعادة البناء والتشغيل والمواد وغيرها, حوالي 100$ لكل عائلة في الشهر, وبأخذ عدد العائلات ب 1,900,000عائلة, فإن المبلغ الضروري الواجب تأمينه سنوياً سيكون تقريباً 1,9000,000$ . وهذا أكبر بكثير من المبلغ المقدر أو المحسوب وفق تقديرات البنك العالمي وهيئة الأمم المتحدة .

 

وهذا يعني أن النسب الموضوعة من البنك العالمي وهيئة الأمم المتحدة كانت غير كافية بحالة المدن الساحلية في كاليفورنيا, علماً بأنها نسب عالية وخاصة بالنسبة لميزانيات الدول والحكومات في البلدان أو المناطق النامية الواقعة على سواحل البحار والمحيطات.

مما يعني أنه على هذه الدول أن تعتمد النسب المذكورة سابقاً كحد أدنى كدروس مستفادة من الخدمات العديدة المكتسبة من برامج البنك العالمي وخاصة لتحقيق متطلبات جودة البيئة المائية السليمة من خلال تطبيق المصبات البحرية في معالجة مياه التلوث المتجمعة عن المدن والتجمعات السكانية الواقعة على الشواطئ الساحلية أو القريبة منها.

هذا مع العلم بأن تكنولوجيا تطبيق هذا النظام في المعالجة هو أرخص من تطبيق النظم التقليدية الأخرى المعروفة في معالجة مياه التلوث المدينية والصناعية .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى