الطب

أنواع اضطرابات الأكل التي يعاني منها الشخص

1997 فقدان الشهية العصبي

الدكتور أحمد محمد عبدالخالق

KFAS

اضطرابات الأكل الطب

تبدأ الاضطرابات الثلاثة – التي عالجناها في الفقرات السابقة – في المهد أو الطفولة المتأخرة.

أما اضطرابات الأكل التي وردت في الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية فقد وردت في موقع مستقل يشير – في المقام الأول – إلى اضطرابات تحدث بعد فترة الطفولة.

أو على الأقل لا تبدأ غالباً فيها ومع ذلك فليس ثمة ما يمنع من وجود اضطرابات الأكل (التي نعرض لها في هذا القسم) في الطفولة، ولكن ذلك غير شائع إلى حد بعيد.

وتتضمن اضطرابات الأكل هذه، اضطرابين أساسيين هما: فقدان الشهية العصبي، وزيادتها. ونعرض لهما فيما يلي:

 

1- فقدان الشهية العصبي Anorexia nervosa

فقدان الشهية العصبي أحد اضطرابات الأكل، يتصف بوضع الشخص لنفسه بنفسه حدوداً غذائية وتقييداً لكمية الطعام التي يتناولها، مع وجود أنماط شاذة في التعامل مع الطعام، وفقد كبير للوزن، وخوف شديد من البداننة ومن زيادة الوزن.

وهناك اضطراب أساسي في صورة الجسم Body image عند هؤلاء المرضى، حيث يعلنون أنهم يشعرون بالبدانة على الرغم من هزالهم وضعفهم في الواقع.

ويوجد عند مرضى فقدان الشهية العصبي نقص من الوزن يتراوح بين 15%، 25% من وزنهم الطبيعي نتيجة التجويع المتعمد.

ويرفض هؤلاء المرضى الاحتفاظ بوزن أجسامهم فوق الحد الأدنى للوزن الطبيعي بالنسبة للعمر والطول (انظر شكل: 1).

 

ويتبع مرضى فقدان الشهية العصبي نظم حمية غذائية (رجيم) بشكل مستمر، كما أهم يسيئون غالباً استخدام أدوية إدرار البول Diuretics وكذلك ملينات الأمعاء Laxatives.

ويوجد لدى الإناث انقطاع الطمت Amenorrhea. ويتظاهر كثير من المرضى بأنهم قد أكلوا، ولكنهم في الحقيقة لم يأكلو إلا النزز اليسير، وحتى هذا القدر القليل فإنهم يحاولون التخلص منه بمختلف الطرق وأهمها التقيؤ العمدي.

ويعد فقدان الشهية العصبي مرضاً من الأمراض الطبية النفسية القليلة التي يمكن أن تتخذ سياقاً يؤدي إلى الوفاة.

 

2- زيادة الشهية العصبي Bulimia nervosa

تحدث زيادة الشهية أو الشراهة هنا لأسباب نفسية، وتعرَّف بأنها تناول كميات ضخمة من الطعام أكثر مما يمكن أن يأكله معظم الأفراد عادة، ويحدث ذلك في فترة قصيرة (أقل من ساعتين عادة)، وبسرعة شديدة، خلال فترات معينة يشعر فيها الفرد أنه لا يتحكم في سلوك الأكل لديه، كما يشعر أنه مقهور ومجبر على فعل ذلك.

وتنتهي فترة الشراهة هذه نتيجة التعب الجسمي الذي يحس به الشخص، كآلام المعدة أو الشعور بالغثيان (غممان النفس). ويلي هذه الفترة عادة شعور بالذنب والخجل والاكتئاب والنفور من الذات أو التقزز منها.

ويستخدم مثل هذا الشخص عادة الملينات أو مدرات البول، مع التقيؤ أو إحداث القيء بشكل صناعي كوضع الإصبع في الزور أو تناول دواء مسهل ملين للأمعاء أو عقار مدر للبول، أو "أخذ شربة"، على الرغم من أن بعض المرضى يستطيع التقيؤ بإرادته دون وسيلة إلا إرادته.

 

وتبدأ الشراهة العصبية في المراهقة عادة، وتشيع لدى الإناث أكثر من الذكور، فتنتشر بنسبة 4% تقريباً لدى النساء، 0.5% عند الرجال.

وقد لوحظ أن البدانة في المراهقة يمكن أن تهيئ الشخص وتجعله مستعداً وقابلاً لاضطراب الشراهة في الكبر.

ومن الأقوال المأثورة عن الكاتب الفرنسي الساخر "موليير" أن "بعض الناس يأكل ليعيش، على حيث أن بعضهم الآخر يعيش ليأكل". لذلك أن الإنسان يحتاج إلى الطعام ليعيش، ولكن الطعام يعني – بالنسبة لكثير من الناس – أكثر من مجرد وسيلة للبقاء، فقد يكون مجلبة للذة ومصدراً للسعادة في حد ذاته.

وتنتج السمنة أو البدانة Obesity عن تناول الفرد كميات من الأطعمة ذات سعرات حرارية تفوق حاجته من الطاقة، مع قلة النشاط الذي يقوم به، فيختزن الدهون في مختلف أجزاء جسمه. ويحدد البدين بمن يزيد وزنه بمقدار 20% عن وزنه المثالي كما سنحدده في الفصل الثاني من هذا الكتاب (انظر شكل: 2).

 

وللوراثة دور مهم في البدانة في بعض الحالات، ويبدو أن المورثات تؤثر على كل من الكمية الكلية لدهون الجسم، وتوزيع في أنسجة معينة. ويرتبط الجوع بكمية الدهون المختزنة في الخلايا الدهنية Fat Cells.

والغريب أن الشخص الذي لديه مزيد من الخلايا الدهنية سوف يشعر بالحرمان من الطعام أكثر من الشخص الذي عنده عدد أقل من الخلايا الدهنية.

ولذلك يشكو كثير من الاحتفاظ بمستوى طبيعي لوزنهم, ولكن كثيراً من علماء النفس والأطباء النفسيين يرون أن العوامل النفسية هي العوامل الأساسية في البدانة أو سلوك الأكل بوجه عام.

وتتوافر الأدلة على أن السمان لا يأكلون استجابة لآلام الجوع، بل يأكلون استجابة للمنبهاب الخارجية مثل: رائحة الطعام، منظر الطعام، مشاهدة إعلان عن الطعام، الاستماع لوصف شهي للطعام، ملاحظة آخرين يأكلون، حلول موعد الطعام… وغير ذلك، أي أن السمان عندهم توجه أو اتجاه إلى الخارج.

 

كما ظهر أن التذوق يمثل أهمية كبرى لذوي الوزن الزائد، فعندهم حساسية أكبر لطعم الطعام. وتشير التجارب النفسية إلى أن الأفراد السمان يميلون إلى تناول الطعام أكثر عندما يصابون بالتوتر أو القلق (على العكس ممن لهم وزن طبيعي) (المرجع والموضع نفسه).

وقد أسفرت البحوث المتكررة على الأشخاص الذي يعانون من زيادة الشهية العصبي عن شيوع أعراض الاكتئاب (كانخفاض تقدير الذاتي)، أو اضطرابات الحالة المزاجية، كما توجد لديهم أيضا زيادة في تكرار أعراض القلق (كالخوف من المواقف الاجتماعية) أو اضطراب القلق، ويحدث كذلك الاعتماد على العقاقير والمواد ذات التأثيرات النفسية (وبخاصة الكحول والمواد المنبهة) لدى ثلث هؤلاء المرضى.

ومن المحتمل أيضاً أن يكون ثلث أو نصف هؤلاء الأفراد لهم خصال شخصية تحقق واحداً أو أكثر من اضطرابات الشخصية (وأكثرها شيوعاً: اضطراب الشخصية الحدية أو البينية Borderline). ويهمنا فيما يلي أن نفرق بين البدانة وفقد الشهية على أساس كراهية الطعام.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى