الفيزياء

التجربة التاريخية التي قام بها العالم “مايكلسون” حول الأثير

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

تجربة مايكلسون حول الاثير الأثير الفيزياء

مشكلة الأثير … والتجربة التاريخية

ومن الملاحظات المعروفة أنه عندما تسير غواصة تحت الماء فإنها تستطيع أن تسمع صوت آلات سفينة لأن الموجات الصوتية تنتقل عبر الماء فهو وسط مادي .

كما أنه إذا وضع جرسٌ يدق داخل ناقوس زجاجي فبإمكاننا سماع الجرس، لأن صوته يسري عبر الهواء إلى آذاننا ، إذا فرَّغ الهواء من الناقوس فإننا لا نسمع شيئاً ، لأن الموجات الصوتية لا تنتقل في الفراغ مع أننا لا نزال نرى الجرس داخل الناقوس يدق.

إذن فالموجات الصوتية لابد لانتقالها من وسط مادي، صلب أو سائل أو غاز، ولكن ماذا عن الموجات الضوئية؟ لقد كانت المشكلة التي تُؤَرِّق العلماء هي إمكانية انتقال الأخيرة من خلال لا شيء (الفراغ) من الشمس إلى الأرض ومن النجوم التي تبعد بلايين البلايين من الأميال.ما الحل؟.

لا بد من "استحداث" مادة وإعطائها اسماً، وقد "استحدثوها" وأسموها "الأثير" وقَبِلَ العلماء من مدة طويلة فكرة الأثير. كما قبلوا من قبل فكرتي "الفلوجستون" و "الكالوريك".

 

حاول العلماء، وهم يناقشون مسألة الأثير فيما بعد ، أن يكتشفوا ما إذا كان الأثير موجوداً فعلا أم لا. والفكرة بسيطة : إذا كان الأثير موجوداً ، فإن الأرض ينبغي أن تسير من خلاله، تماماً كما تسير طائرة خلال الهواء . وينبغي أن يكون هناك نوعٌ من الرياح الأثيرية تماماً كما توجد رياحٌ حول جسم الطائرة المتحركة. وهنا لا بد من ظهور مايكلسون ليقوم بدوره التاريخي …

ابتكر مايكلسون "تجربة" ليكشف بها ما إذا كانت هناك رياحٌ أثيرية. فقد تناول مصدراً ضوئياً أعطاه موجة ذات طول واحد وشقَّها جزئين: أحدهما إلى الشمال والآخر للغرب.

وقد انعكست هاتان الموجتان وارتدتا لتتحدا ثانية. وكان طريق العودة متساوياً، إذ عادت الموجتان في اللحظة ذاتها .

استطاع مايكلسون أن يعرف ذلك لأن مدخاله قد بيِّن أن الموجتين ارتدتا في اللحظة ذاتها بغض النظر عن الاتجاه الذي أُرسلتا فيه : أهو مباشرةٌ نحو "الرياح الأثيرية" أم بزوايا قائمة بالنسبة لها.

 

قام مايكلسون ومساعده " أ.و. مورلي" بأرصادهما الكثيرة في أوقاتٍ متباينة، ولم يكشفا عن شيء! . لقد أخفقت التجربة في إثبات وجود الأثير (شكل رقم 190).

نعم لم تثبت التجربة شيئاً ، ومع ذلك كانت النتيجة مذهلة!. صرح اللورد "كلفن" أمام مؤتمر علماء الفيزيقا الدولي المنعقد في باريس عام 1900 بأن "الغمامة الوحيدة في سماء نظرية الأثير هي نتائج التجربة التي قام بها مايكلسون ومساعده مورلي".

وجدَّ العلماء في تفسير النتيجة الغريبة لتلكم التجربة التاريخية … أبان العالمان " لورنتز " الهولندي و " فتزجيرالد " الإيرلندي أنه يمكن تعليل تلك النتيجة إذا ما حسبنا أن حركة الأرض وما عليها في الأثير تقصر أبعاد الأجسام الممتدة في جهة هذه الحركة، أي تقصر قطر الأرض الشرقي والغربي وطول الأجسام الممتدة شرقاً وغرباً.

ولكن قامت في وجه هذا الاجتهاد "التقلُّصي" صعابٌ علميةٌ جمة اضطرت العلماء أن يعدلوا عنه، خصوصاً وأنه لا يعلِّل إلا هذه الظاهرة وحدها من غير أن يشمل أية ظاهرة علمية أخرى.

 

ومن أجل هذا وضع آينشتاين نظريته النسبية الخاصة عام 1905، إذ قال إن الصعوبات التي نشأت من تجربة مايكلسون – مورلي يمكن تجنبها بقولنا : "إن تحديد السرعة المطلقة في الطبيعة لأمرٌ مستحيلٌ بأية تجربة من التجارب أو طريقة من الطرق" .

وكان المنشأ، منشأ النسبية وكل ما بُني عليها من مباحث آينشتاين التالية ومباحث أعوانه ومؤيديه من التابعين وتابعي التابعين .

وقد اشار آينشتاين إلى ذلك في الخطبة التي خطبها عند زيارته كاليفورنيا في أوائل عام 1931، إذ توجه في أثناء الكلام إلى مايكلسون واعترف له بفضل السبق في مباحث الطبيعة التي أفضت إلى النظرية النسبية وما تعلَّق بها وترتَّب عليها .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى