الفيزياء

أهمية وجود “أشباه الموصلات” في الأجهزة الكهربائية

2016 عصر الفضاء

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

الفيزياء

تزود السيارات الحديثة «بشيبات، برقائق» تتحكم في معدل سريان الوقود الى المحرك وإحكام قبضة الإطارات على الطريق، علاوة على وظائف عديدة أخرى تتصل بحالة السيارة.

كما أن الشيبات تتحكم في الدايودات الباعثة للضوء التي تنير أجهزة القياس المختلفة المثبتة على لوح مفاتيح السيارات. وبذلك تساعد في جعل السيارة آلة يمكن الوثوق بعملها بدرجة أكبر مما يؤدي إلى قيادة أكثر أمانا.

يضاف إلى ذلك أن الشيبات تستخدم في آلات منزلية عدة من بينها آلات غسيل الملابس وغسيل الصحون وأفران الميكروويف. وذلك للتحكم في أداء هذه الآلات بناء على برمجة مسبقة لها. توجد الشيبات في جميع مرافق حياتنا، لكن وجودها لم يكن ممكناً لولا وجود أشباه الموصلات.

تتميز غالبية المعادن بأنها موصلات جيدة للكهرباء، فالأسلاك الكهربائية تصنع في الغالب من النحاس. وهناك مدى آخر من المواد تتميز بصعوبة انتقال الإلكترونات (توصيل الكهرباء) خلالها وتشمل الزجاج والورق والمطاط، وتسمى هذه المواد بالعوازل وتستخدم في عزل الأسلاك الكهربائية عن بعضها.

وبين مدى الوصل والعزل تقع مجموعة ثالثة من المواد تسمى أشباه الموصلات. تضم هذه القائمة مواد الجرمينيوم والقصدير والسيلينيوم والزنك (الخارصين) والتيليريوم. كما أن هناك مركبات شبه موصلة مثل زرينخ الجاليوم والغالينا (كبريتد الرصاص) وتليدريد الأنديوم الزئبقي.

 

استخدمت جميع هذه المواد في الآلات التي تحتوي على أشباه موصلات، لكن الاستخدامات الحالية تكاد تقتصر فقط على السيليكون كمادة شبه موصلة.

تتميز المواد شبه الموصلة بأنها مواد عازلة في بعض الأحيان، لكن يمكن لها توصيل الكهرباء تحت ظروف معينة.

فقد اكتشف العلماء خلال دراستهم الكهرباء في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر أن بعض المواد الموصلة تفقد خصائص التوصيل الكهربائي عند تسخينها وأن مواد أخرى ضعيفة التوصيل الكهربائي تسمح للتيار الكهربائي المرور في اتجاه واحد فقط عند تسليط الضوء عليها.

كان الفيزيائي الإيطالي غوليلمو ماركوني (١٨٧٤-١٩٣٧) يقوم بتجارب لتحويل التيار الكهربائي الى موجات راديوية، واحتاج لإنجاز ذلك إلى جهاز يسمى المقوِّم للكشف عن الإشارات الراديوية القادمة.

يتمثل عمل المقوِّم بالسماح للتيار الكهربائي المرور في اتجاه واحد فقط. نجح الفيزيائي الألماني فرديناند براون (١٨٥٠-١٩١٨) عام ١٨٧٤ في صنع مقوِّم مستخدماً بلورة غالينا. استخدمت البلورة في أول مستقبل إذاعي، عرف «بالمجموعة البلورية»، وتمثلت وظيفتها في إرسال التيار الكهربائي إلى رأس مدبب لسلك رقيق، سُمي «شارب القط».

 

كما أن مقوِّم براون يعتبر أول جهاز يستخدم أشباه الموصلات. وقد نال ماركوني وبراون جائزة نوبل للفيزياء عام ١٩٠٩ لجهودهما في هذا المجال.

للمقوِّم قطبان، بيد أن تقانات البث والاستقبال الإذاعيين تحتاج إلى قطب ثالث وظيفته التحكم في التيار وفرق الجهد الكهربائي بين قطبين من الجهاز من خلال تطبيق فرق جهد وتيار معين على القطب الثالث. وأول جهاز بثلاثة أقطاب هو أنبوب التفريغ المعروف بالترايود، الذي يسمى أيضا الصمام الثلاثي.

كما ظهرت نماذج أخرى تحتوي عدداً من الترايودات موضوعة داخل أنبوب تفريغ واحد. لكن المعضلة أن الصمامات تحتاج طاقة كبيرة لتشغيلها مما يجعلها تسخن بشكل كبير فيؤدي ذلك إلى احتراق أجزائها المعدنية وتوقفها عن العمل.

 

نجح ثلاثة فيزيائيين– وليام شوكلي (١٩١٠-٨٩) وجون باردين (١٩٠٨-٩١) و وولتر براتين (١٩٠٢-٨٧)– عام ١٩٤٧ في ابتكار أول جهاز ثلاثي الأقطاب من الجوامد، وسُمي الجهاز الجديد الترانزستور نقطي الاتصال، وذلك باستخدام عنصر الجرمينيوم شبه الموصل.

وخلال عمل الثلاثة في مختبرات بل عام ١٩٤٨ صنعوا عدداً من هذه الترانزستورات وقاموا بتوصليها بعناصر كهربائية أخرى ليتوصلوا إلى تصنيع مكبر للصوت. وعلى عكس مكبرات الصوت ذات الصمامات إنتفت الحاجة إلى التسخين قبل بدء المكبر بالعمل. ونظير هذه الجهود نال الثلاثة جائزة نوبل للفيزياء عام ١٩٥٦.

كما توصل شوكلي أيضاً إلى تصنيع ترانزستور الوصلة المصنوع من شرائح من موادٍ شبه موصلة مضغوطة مع بعضها. وفي عام ١٩٤٨ إكتشف أن إضافة شوائب إلى بلورات الجرمينيوم يحسن من خصائص شبه الموصل.

 

تُصنع المواد شبه الموصلة اليوم من شرائح من بلورات السيليكيون تضاف إليها شوائب يتركيز يضع أجزاءٍ من المادة الشائبة لكل مليون جزءٍ من السيليكون. وتعرف عملية إضافة الشوائب بالإشابة.

إذا أضيف الزرنيخ إلى السيليكون ترتبط كل ذرة ذرنيخ بأربع ذرات من السيليكون مما يؤدي إلى وجود إلكترون إضافي. ونظراً لأن شحنة الإلكترون سالبة يُسمى مركب شبه الموصل الناتج النوع السالب (- n) .

وإذا أضيف البورون للسيليكون ترتبط جميع الذرات مع بعضها تاركة فجوة لإلكترون ناقص، أو يمكن القول بوجود بروتون موجب زائد.

ولذلك يعرف هذا النوع بشبه الموصل الموجب (-p). وبتطبيق فرق جهد بين طرفي شبه الموصل تتحرك الإلكترونات في النوع –n في اتجاه بينما تتحرك الفجوات في النوع –p في الاتجاه الآخر.

جاء التطور التالي عام ١٩٥٨ على يد مهندس الإلكترونيات الأمريكي جاك كلبي (١٩٢٣-٢٠٠٥) وذلك خلال عمله مع شركة تكساس إنسترومنتس.

 

اكتشف كلبي أن بالإمكان وضع شوائب مختلفة على التوالي في شبه موصل واحد، بدلاً من تصنيع ترانزستور واحد بشائبة واحدة. ويمكن بعد ذلك إضافة عناصر كهربائية أخرى مثل الدايود والمكثف والمقاومات. وبهذه الكيفية ابتكر كلبي الدارة المتكاملة.

كما طوَّر بعد سنة كلٌ من الفيزيائي السويسري جين هورني (1924-97) ومهندس الإلكترونيات الأمريكي روبرت نويس (1927- 90) من شركة فيرتشايلد لآشباه الموصلات تقانة تعرف بالتقانة المسطحة.

تعتمد التقانة على وضع طبقات مختلفة على رقاقة من السيليكيون لتصنيع ترانزستور مسطح، ومن ثم تصنع التوصيلات اللازمة بتبخير شرائح معدنية على السطح.

تبلغ مساحة مثل هذه الرقاقة (شيبة) أقل من مساحة طابع بريد وتتكون من حافظة بلاستيكية تحتوي على طبقات من التزانزستورات والعناصر الكهربائية ذات الصلة موصلة مع بعضها على سطح فضي من السيليكون.

وتدخل الشيبة عنصراً رئيساً في الحواسيب وآلات التصوير الرقمية وجميع الأجهزة الإلكترونية الحديثة. هذه الشيبات دارات متكاملة تستند في عملها على تقانات أشباه الموصلات.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى