التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

بدايات ظهور عملية التصوير الضوئي “الفوتوغرافي”

2016 الثورة الصناعية

جون كلارك

KFAS

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

تتمثل المتطلبات الرئيسة للتصوير الضوئي (الفوتوغرافي) في وجود آلة التصوير (الكاميرا) والفيلم (رغم أن بدايات القرن الحادي والعشرين شهد احتلال التكنولوجيا الرقمية محل الافلام).

ظهرت الكاميرا قبل ابتكار الأفلام بحوالي ألف عام والتي كان عليها الانتظار لحين اكتشاف كيميائيات حساسة للضوء يمكنها «اصطياد» الصورة التي تكونها الكاميرا.

يعود أصل آلة التصوير إلى الغرفة المعتمة، وهى غرفة تخلو من النوافذ وتحتوي ثقباً صغيراً على إحدى جدرانها. يكون الضوء المار عبر الثقب صورة مقلوبة للمنظر خارج الغرفة تسقط على الحائط المقابل.

وقد استخدم الرسامون الغرفة لمساعدتهم على تخطيط الصور، وأصبحت الغرفة المعتمة فيما بعد على شكل صندوق خفيف يمكن حمله. وحلت العدسات محل الثقب في هذا النموذج.

اكتشف الطبيب الألماني يوهان شولز (١٦٨٤- ١٧٤٤) عام ١٧٢٥ أن بعض أنواع أملاح الفضة تصبح داكنة عند تعرضها لضوء النهار. وبعد حوالي خمسين سنة وجد الكيميائي السويدي كارل تشيل (١٧٤٢- ٨٦) أن ظاهرة التعتيم تعود إلى وجود حبيبات من الفضة المعدنية.

 

وعلى أثر ذلك أصبحت أملاح الفضة مكوناً معيارياً في تحضير مستحلبات التصوير الضوئي (طبقات الطلاء الحساسة للضوء) لتكسية الأفلام والورق بل حتى الجلود – كما حاول ذلك الإنجليزي توماس وجوود (١٧٧١- ١٨٠٥) في نهايات القرن الثامن عشر. وقبل أن تحظى طريقة معالجة تشيل للأفلام قبولاً عاماً جرب آخرون وسائل عدة أخرى.

ففي فرنسا جرب جوزف نيبس (١٧٦٥ – ١٨٣٣) مع بدايات عام ١٨١٦ إظهار الصور باستخدام فضة سريعة الزوال. تمثلت أولى نجاحات نيبس باستخدامه عام ١٨٢٦ لوحاً مصقولاً من البيوتر (إشابة معدنية قوامها القصدير) مغطى بطبقة من القار باعتباره مادة حساسة للضوء.

وخلال فترة طويلة لتعريض البيوتر للضوء تحول لون القار إلى الأبيض. قام نيبس بعدها بإزالة القار عن المناطق غير المعرضة للضوء مستخدماً نوعا من المذيبات ومن ثم قام بتعتيم اللوحة بتعريضها لبخار اليود.

احتل اليود مكانة بارزة في عمليات تظهير الصور الضوئية وبلغت العملية حد الكمال على يد الفرنسي لوي داغيير (١٧٨٧- ١٨٥١) عام ١٨٣٩.

قام داغيير بتكسية صفائح من النحاس بالفضة وعرضها لفترة (في الظلام) إلى بخار اليود، فأصبحت الصفائح حساسة للضوء بسبب يوديد الفضة المتكون عليها. أسقط داغيير الصور على الصفائح باستخدام كاميرا ومن ثم تم تظهيرها في بخار الزئبق.

 

وأخيراً قام داغيير «بتثبيتها» نهائياً في محلول من ملح الطعام. كونت الصور الداغييرية، كما سُميت ، صورة مرآة للأصل ولم يكن بالإمكان نسخ عددٍ آخر منها.

في عام ١٨٤١ سجل الكيميائي الإنجليزي وليام فوكس تالبوت (١٨٠٠-٧٧) براءة اختراع طريقة جديدة لمعالجة الصور، المعالجة الكالوية أو التالبوتية، والتي صممها قبل هذا التاريخ بست سنوات.

استخدم تالبوت لأفلامه ورقاً مشبعاً بنترات الفضة وملح الطعام أو يوديد البوتاسيوم. بعد تعريض الفيلم للضوء الساقط على فتحة الكاميرا يتم تحميضه في سائل حمض الغاليك ومن ثم تثبت الصورة باستخدام سائل هيبوسلفات الصوديوم، الذي يعرف إختصاراً الهيبو.

نتيجة لهذه العملية تظهر الصورة السالبة (التي يُعكس فيها اللونان الأبيض والأسود). وللحصول على الصورة الموجبة يتم وضع النسخة السالبة على ورق حساس للضوء فتطبع الصوة عليها. ويمكن تكرار عملية إظهار الصورة الموجبة مراتٍ عدة للحصول على نسخٍ من الصورة الأصلية التي التقطتها الكاميرا.

 

خلال فترة قصيرة دخل فوكس تالبوت عالم التجارة ليصبح من أوائل الممتهنين للتصوير في العالم. افتتح تالبوت بالإشتراك مع نيكولاس هنيمان محل تصوير (أستديو) في مدينة ردينغ، جنوبي إنجلترا.

وأصبح المحل في الفترة مابين عام ١٨٤٣ وعام ١٨٤٧ قبلة «عُلية القوم والطيبين» لأخد صورٍ لهم. بقيت الصور المطبوعة خشنة الملمس بسبب بنية ورق الطباعة. قام الفرنسي لوي – ديزيريه بلانكار – إيفراد (١٨٠٢-٧٢) بتحسين ورق الطباعة عام ١٨٥٠ وذلك بتكسيته بطبقة من زلال البيض، لكن فوكس تالبوت إتهمه «بالقرصنة العلمية» وسرقة إبتكاراته.

مع تزايد شعبية التصوير الكالوي الذي دشنه فوكس تالبوت تملكت اللندني فريدريك آرتشر (1813 – 57) فكرة تصنيع مستحلب حساس للضوء بمزج أملاح الفضة مع سائل غِرائي (سائل يتكون من القطن المتفجر المذاب في كحول إثيري) وطلي لوح زجاجي بالمستحلب.

 

تصدرت عملية التحميض الرطبة باستخدام المستحلب الجديد المبتكر عام 1851 عالم التصوير الضوئي حتى ظهور طريقة استخدام الألواح الجافة في نهايات العام 1870. اعتمدت طريقة الألواح الجافة، التي ابتكرها الطبيب البريطاني ريتشارد مادوكس (1816-1902)، على استخدام مستحلب الجيلاتين.

كما استخدم الأمريكي جورج إيستمان (1854-1932) مستحلب الجيلاتين لإظهار الصور التي التقطها باستخدام أولى آلات تصويره المعروفة بآلات كوداك عام 1888.

وتم طبع الصور في البداية على أفلام ورقية وبعد سنة على شفافيات مصنوعة من السبليلويد. ومع ظهور كاميرات كوداك حل عصر الإنتاج التجاري في عالم التصوير الضوئي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى