التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

إنجازات العلماء عبر الزمن لتطوير المقاريب “التليسكوبات”

2016 عصر الثورة العلمية

جون كلارك

KFAS

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

استخدمت العدسات في البداية كنظارات مكبرة بشكل رئيسي. ولذلك كانت محدبة الشكـل (جامعة للأشعة) مفلطحة إلى الخارج على الجانبين، وتنتج صوراً مكبرة للأجسام القريبة. لكن العلماء والفلكيين كانوا بحاجة إلى تكبير صور الأجسام البعيدة. سدّ المقراب حاجتهم.

صنع النظاراتي الهولندي الألماني المولد هانز ليبرتشي (حوالي ١٥٧٠ – حوالي ١٦١٩) أول مقراب له عام ١٦٠٨.

باع ليبرتشي ابتكاره للحكومة الهولندية لاستخدامه للأغراض العسكرية، لكنها لم تمنحه براءة اختراع نظراً لادعاء آخرين أسبقيتهم.

بوصول خبر الابتكار – الذي يمكن وصفه اليوم بالمقراب الكاسر- إلى العالم الإيطالي غاليليو غاليلي (١٥٦٤ – ١٦٤٢)، قام بصنع مقرابه الخاص على الفور بهدف رصد النجوم والكواكب في السماء. ومن بين اكتشافات غاليليو البقع الشمسية والأخاديد على سطح القمر والأقمار الأربعة لكوكب المشتري.

فسر عمل المقراب بشكل صحيح فلكي معاصر لغاليلو هو الألماني يوهانز كبلر (١٥٧١ – ١٦٣٠). فالعينية المحدبة تضع في بؤرتها صورة مكبرة تنتجها العدسة الشيئية المقعرة.

كما بين كبلر أن استخدام عدستين محدبتين يؤدي إلى توسعة مجال الرؤية – وهو تصميم تبناه بنجاح عام ١٦١١ الفلكي الألماني كريستوفر شاينر (١٥٧٥ – ١٦٥٠).

 

سمي هذا التصميم المقراب الفلكي وكانت الصور الناتجة مقلوبة رأسا على عقب. ولقرون بعد ذلك كانت صور القمر، مثلا، تظهر «الشمال» إلى الأسفل.

كان لعدسات ذلك العصر عيوب عديدة منها الزيغ اللوني، حيث تبدو الصورة محاطة بهالة من الأهداب الملونة. لمعالجة هذا الخلل قام العالم الهولندي كريستيان هويجنز (١٦٢٩ – ٩٥) بتنعيم العدسات وصقلها، مما خفف من الخلل. وباستخدام هذا المقراب الفلكي المطور تمكن هويجنز من مشاهدة حلقات زحل.

لكن معالجة الزيغ اللوني لم يتم بالكامل حتى عام ١٧٥٨ عندما صنع صانع الآلات البصرية والفلكية الإنجليزي جون دولوند (١٧٠٦ – ٦١) مقراباً أكروماتيكياً (لالونيا). تمثل بداية المعالجة في إعادة اكتشاف دولوند طريقة لتصنيع عدسات لالونية ابتكرها من قبل هاوي علم الفلك الإنجليزي تشستر هول (١٧٠٣ – ٧١) عام ١٧٣٣.

ويكمن سر نحاج الطريقة بتصنيع عدسة مركبة تتكون من عدستين تلصقان مع بعضهما، ومازالت هذه الطريقة سائدة حتى يومنا.

وتعمل العدسة الثانية المصنوعة من الزجاج التاجي (زجاج عالي النقاوة) على تصحيح الزيغ الذي تحدثه العدسة الأولى المصنوعة من الزجاج الصواني. ويستند مبدأ عمل العدسة المركبة على حقيقة أن العدستين تحرفان أشعة الضوء باتجاهين مختلفين قليلا.

 

هناك طريقة أخرى لمعالجة الزيغ اللوني يتمثل في تقليل حدبة العدسة وبالتالي يكون البعد البؤري أكبر (مما يعني زيادة طول المسار الضوئي في المقراب – وهي المسافة من المرآة الرئيسة أو العدسة الشيئية إلى المركز البؤري – موقع العدسة العينية). ويعني هذا بالطبع طولاً مفرطاً للمقراب.

من أمثلة ذلك شيوع مقاريب بطول ٣٣ قدماً (١٠ م)، كما أن هاوي علم الفلك البولندي يوهانز هيفليوس (١٦١١ – ٨٧) شيّد مقرابا عام ١٦٥٠ بطول ١٤٨ قدما (٤٥ م). واستعمل في هذا المقراب، المسمى بالمقراب الهوائي، هيكلاً أنبوبياً يتدلى من سارية ويتم توجيهه خلال عملية الرصد باستخدام حبال وبكرات.

هناك طريقة أفضل لتكوين الصور ومشاهدتها وذلك باستخدام المرايا بدلاً من العدسات لأن المرايا لا تسبب زيغاً بصريا. انتبه عالم الرياضيات والمخترع الإسكتلندي جيمس غريغوري (١٦٣٨ – ٧٥) لهذا الأمر فنشر عام ١٦٦٣ تصميماً لمقراب يحتوي مرآة صغيرة محدبة ثانوية تعكس الضوء القادم من فتحة صغيرة على المرآة الرئيسية إلى عينية المقراب.

في مرحلة لاحقة طور العالم الإنجليزي روبرت هوك (١٦٣٥ – ١٧٠٣) هذا التصميم. كما قام العالم الإنجليزي إسحق نيوتن (١٦٤٢ – ١٧٢٧) عام ١٦٦٨يتشييد مقراب عاكس من تصميم مختلف، وكذلك القسيس الفرنسي لورنت كاسيغرين (١٦٢٩ – ٩٣) الذي صمم مقرابه عام ١٦٧٢. لم يكتمل النموذج المعقد للتصميم الكاسيغرينى حتى عام ١٧٤٠ وعلى يد النظاراتي الإسكتلندي جيمس شورت (١٧١٠ – ٦٨).

 

في عام ١٨٥٧ ابتكر الفيزيائي الفرنسي ليون فوكول (١٨١٩ – ٦٨) طريقة لتفضيض الزجاج لتصنيع المرايا الكروية. تميز الابتكار بسهولة التصنيع من ناحية وإمكانية إعادة الفضفضة في حالة الخلل من ناحية ثانية. ومنذ ذلك الحين أصبحت المقاريب أكبر قدرة تكبير – من السهولة للغاية تصنيع مرآة كبيرة مقارنه بالجهد اللازم لتصنيع عدسة كبيرة.

يبلغ قطر أكبر مقراب انكساري في يومنا ٤٠ بوصة (١٠٠ سم) يتضمن أيضاً العدسات، وهو المقراب المشيد عام ١٨٩٧ في مرصد يركيز قرب مدينة شيكاغو. أما مرآة مقراب هيل العاكس بمرصد ماونت بالومار في كاليفورنيا فقد بدأ إنشاؤه عام ١٩٤٨ ويبلغ قطره ١٦.٦ قدمـا (٥ م).

هناك أيضا مقاريب أكبر حجماً من ذلك تستخدم مرايا مكونة من عدد كبير من المرايا الصغيرة سداسية الشكل ترص مع بعضها بإحكام على شكل خلايا قرص العسل. يتحكم حاسوب في المرايا الصغيرة ويقوم بتغيير مواضعها لتغيير البعد البؤري للمرآة الكلية.

ويحتوي أكبر مقراب من هذا النوع على ٣٦ مرآة صغيرة ليبلغ قطر المرآة الكلية ٣٣ قدما (١٠ م). وينتصب اثنان من هذا النوع في مرصد كك في هاواى.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى