التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

كيفية تشييد العلماء لـ”سفن الهواء”

2016 عصر الكهرباء

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

بعد أسابيع فقط من طيران أول إنسان بمنطاد مونتغولفاير ذي الهواء الساخن في عام ١٧٨٣، حام منطاد آخر على أسطح مدينة باريس.

ملأ المنطاد الجديد بغاز الهيدروجين، وخلال فترة وجيزة سيطرت مناطيد الهيدروجين على سماء الطائرات الأخف من الهواء (كما كانت تسمى).

كان الفيزيائي الفرنسي جاك تشارلز (١٧٤٦ – ١٨٢٣) أول من عبأ المناطيد بغاز الهيدروجين. لكن المناطيد الأولى هذه لم يكن بمقدورها إلا حمل عددٍ يسيرٍ من المسافرين، كما أنها كانت صالحة فقط للسفر مع اتجاه الرياح. ولذلك برز السؤال حول كيفية صنع منطاد يتسع لعدد أكبر من المسافرين من ناحية كما يمكن توجيهه نحو مسار محدد سلفاً من ناحية أخرى.

تكمن الإجابة في تشييد منطاد أكبر وإضافة محرك ودفة توجيه إليه. أدت نتيجة هذه الإضافات إلى ظهور ما عرف بسفن الهواء، التي سماها الفرنسيون في الأصل «درجبل»، أي المنطاد ذي المحرك القابل للتوجيه.

يعكس المسمى أسلاف المنطاد الجديد – إذ شيد أول منطاد بمحرك وقابل للتوجيه عام ١٨٥٢ على يد المهندس الفرنسي هنري جفارد (١٨٢٥-٨٢).

 

كان شكل منطاد جفراد على هيئة غلاف بيضاوي ضخم مملوء بالهيدروجين مثبت به شبكة من الحبال لدعم صندوق مفتوح، أو الغندول، يحمل بداخله القبطان والمحرك. ونظراً لضغط غاز الهيدروجين على السطح الداخلي يبقى الغلاف عل هيئته – وهو نظام يؤدي إلى عدم ثبات شكل المنطاد.

تضمن المنطاد آلة بخارية وقودها فحم الكوك وبقدرة ٣ أحصنة ميكانيكية تدير مروحة دفع ثنائية الشفرات. بالإضافة إلى ذلك احتوى المنطاد على دفة توجيه مثبتة في أحد طرفي الغندول. علق الغندول على مسافة كبيرة من الغلاف المحتوى على الغاز وذلك منعاً لوصول شرارة قد تصدر من غلاية المحرك إلى الهيدروجين القابل للاشتعال.

قطع جفارد في رحتله الأولى من باريس إلى قرية تقع على مسافة ١٧ ميلاً (٢٧ كم) بسرعة متوسطها ٥ أميال في الساعة (٨ كم في الساعة) . لكن السفر مسافات تزيد عن مسافة النزهة هذه يحتاج إلى استخدام محرك بقدرة أكبر، مثل محرك كهربائي.

كان هذا الحل هو الذي لجأ إليه المهندسان الفرنسيان تشارلز رينارد (١٨٤٧ – ١٩٠٥) وآرثر كربس (١٨٤٧ – ١٩٣٥) في بناء سفينتهما الهوائية، فرنسا. استخدم المحرك الجديد بطارية ولدت قدرة في حدود ٩ أحصنة ميكانيكية، ونجح المبتكران في التحليق بسفينتها البالغ طولها ١٦٤ قدماً (٥٠ م) حول مدينة باريس في مسارٍ دائري بسرعة تقارب ١٤ ميلاً في الساعة (٢٣ كم في الساعة).

 

مع توفر آلات الغازولين إتجه المبتكرون إلى استخدامها لتوفير الطاقة لسفنهم الهوائية. كما ظهر الهيكل شبه الثابت لسفن الهواء عام ١٨٩٨: ثبتت إطارات معدنية في مقدمة السفينة ومؤخرتها بواسطة عارضة خشبية شبكية رئيسة على امتداد قطر السفينة.

فاز الطيار البرازيلي ألبرتو سانتوس – ديومونت (١٨٧٣-١٩٣٢) عام ١٩٠١ بجائزة قيمتها ١٠٠,٠٠٠ فرنك فرنسي لطيرانه في سفينة هواء (سادس السفن التي شيدها) من سانت كلود إلى برج إيفيل والعودة ثانية وهي مسافة تبلغ ٦.٨ ميلاً (١١ كم ).

شيد المبتكر النمساوي ديفيد شوارتس (١٨٥٢ – ٩٧) عام ١٨٩٧ أول سفينة هواء ثابتة الشكل باستخدامه هيكلاً معدنياً على امتداد المنطاد. ونظراً لبدء توفر الألمنيوم، أصبح هذا المعدن هو المفضل في بناء هياكل المناطيد. استخدم المهندس الألماني غراف (كونت) فيردناند فون زبلن (١٨٣٨-١٩١٧) هيكل الألمنيوم لبناء أول سفنه الهوائية LZ-١ عام ١٩٠٠.

لكن المنطاد الذي بلغ طوله ٤٢٠ قدماً (١٢٨م) لم يحتو على محرك بقدرة كافية مما أدى إلى فشله. تبع زبلن نموذجه الأول بنماذج أخرى LZ-٢ عام ١٩٠٥ و LZ-٣ عام ١٩٠٦، لكن النموذج الناجح من نماذج زبلن كان LZ-٤ الذي شيده عام ١٩٠٨.

 

تضاعفت أحجام سفن الهواء وزادت محركاتها عدداً وقدرة لتحتوي على محركين ومن ثم ثلاثة وأخيراً أربعة محركات. في عام ١٩١٠ دشن أول طيران تجاري في العالم بسفينة الهواء ألمانيا التي بلغ طولها ٤٨٦ قدماً (١٤٨ م).

تبع ذلك طيران السفينة غراف زبلن البالغ طولها ٧٧١ قدماً (٢٣٥ م) طولاً والتي كانت تتسع لمسافرين لنقلهم عبر المحيط الأطلسي بسرعة تبلغ ٨١ ميلاً في الساعة (١٣٠ كم في الساعة). كان آخر سفن زبلن الهوائية السفينة سيئة الحظ هندنبيرغ وذلك عام ١٩٣٧.

فعلى مقربة من مرساها في بحيرة هيرست بولاية نيوجيرسي شب الحريق في الهيدروجين مما أدى إلى انفجار السفينة ومقتل ٣٦ ما بين طاقم الملاحة والركاب. كما عانت سفينة الهواء البريطانية R١٠١ ، البالغ طولها ٧٨٧ قدماً (٢٤٠ م) مأساة مماثلة عام ١٩٣٠ عند سقوطها في فرنسا خلال رحلتها إلى الهند.

وقتل في هذا الحادث ٤٨ شخصاً من بين ٥٤ كانوا على متنها. وبذلك بعثت هذه الحوادث الإشارة بإنتهاء عهد سفن الفضاء المملوءة بالهيدروجين.

ظهرت الروح مجدداً في السفن الهوائية باستخدام غاز الهيليوم، ولكن لفترة قصيرة فقط خلال الحرب العالمية الثانية عندما قامت البحرية الأمريكية باستخدامها في حراسة السواحل البحرية. كما كانت هناك خطط لبناء سفن هوائية لنقل البضائع لكن الحوامات (الهيليوكوبترات) تكفلت بهذا الأمر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى