التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

أنواع الغوّاصات التي تم تدشينها من قبل العلماء عبر الزمن

2016 عصر البخار

جون كلارك

KFAS

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

يعود تاريخ أول محاولة لبناء غواصة إلى عام ١٦٢٠، عندما قام الهولندي كورنيلوس دريبل ( ١٥٧٢-١٦٣٣) بتغطية قارب بجلد مدهون.

كان للقارب فتحات مانعة للماء تمر عبرها أجنحة جلدية تستخدم كمجاديف. قدم دريبل عرضاً لقاربه – الأول من بين ثلاثة – أمام راعيه ملك إنجلترا جميس الأول، وقام بتجربة القارب تحت سطح نهر التيمز في لندن.

من المحاولات الموثقة لإنتاج الغواصة، بعد تجربة دريبل، محاولة جرت في أمريكا الشمالية. ففي عام ١٧٧٦ شيد الطالب ديفيد بوشنل (حوالي ١٧٤٢-١٨٢٤) غواصة على شكل برميل يتسع لشخص واحد أسماها السلحفاة.

ضمت الغواصة دفة تحكم ومروحتي دفع تداران يدوياً (إحدى المروحتين للحركة العمودية إلى الأسفل والأعلى والأخرى للحركة الأفقية) ومضخة يدوية لضخ المياه خارج الصابورة مما يسمح للغواصة الطفو على سطح الماء. علاوة على ذلك ألحق بالبرميل من الخارج وعاء يحتوي البارود يمكن الصاقة بهياكل السفن المعادية.

كما كان للغواصة خطافات خارجية يمكن تحريرها بواسطة حبل يتدلى داخل الغواصة. تم تجربة غواصة بوشنيل خلال الثورة الأمريكية بمهاجمتها سفينة بريطانية في ميناء نيوهامبشاير، بيد أن التجربة باءت بالفشل.

 

في عام ١٨٠١ شيد المهندس الأمريكي روبرت فولتن (١٧٦٥-١٨١٥) غواصة أكثر نجاحاً من غواصة بوشنيل في فرنسا. أطلق فولتن اسم البحار على غواصته وشيدت على شكل صفائح من النحاس على إطار حديدي.

كانت الغواصة تدار يدوياً باستخدام ذراع، لذا كانت بطيئة الحركة. بلغ طول الغواصة ٢١ قدماً (٦.٤ م) وكانت تتسع لأربعة أشخاص ويمكنها البقاء تحت الماء لفترة ثلاث ساعات قبل نفاذ الأكسجين. نجحت الغواصة في إغراق سفينة « معادية « خلال إحدى التجارب عليها.

نسخ المهندس الأمريكي هوريس هانلي (١٨٢٣-٦٣) عام ١٨٦٣ تصميم فولتن وشيد غواصة للجيش الاتحادي الجنوبي. زودت الغواصة بمكبسٍ مدبب الرأس (رام) يحمل شحنة متفجرات تقذف بواسطة عمود تدوير تحتاج إدارة مروحته إلى ثمانية أشخاص.

ولسوء حظ هانلي غرقت الغواصة خلال ثاني محاولة لاستخدامها فقتل هانلي والبحارة معه لكن السفينة تم انتشالها ونجحت عام ١٨٦٤ في هجومها على السفينة هاوساتونك التابعة للجيس الشمالي في ميناء تشارلستون، بيد أنها غرقت مرة أخرى نتيجة التصاق رامها ببدن السفينة الغارقة.

في عام ١٨٥١ شيد الجندي الألماني فلهلم باير (١٨٢٢-٧٥) غواصة سماها براند توتشـر (الغواص الناري) ولكن دون أن يحالفه النجاح. عمل على الغواصة ملاحون ثلاثة يقوم إثنان منهم بتشغيل طاحون الدوس (الركابات).

 

تابع باير محاولاته ليشيد عام ١٨٥٥ غواصة أكثر نجاحاً من سابقتها وأطلق على الغواصة الجديدة أسم دايابل – مارتن (شيطان البحر) – بلغ طول الغواصة ٥٢.٥ قدما ( ١٦ م) واتسعت لستة عشر شخصاً. نجحت الغواصة في الغوص ١٣٠ مرة قبل إغراقها.

كما أن المهندس الفرنسي سيمون بورجيو شيد غواصة تجريبية لي بلونجييه (الغواص)، يشغلها محرك يستخدم الهواء المضغوط . لكن النجاح الحقيقي الأول للغواصات الفرنسية جاء على يد المهندس غوستاف زيدي (١٨٢٥-٩١) الذي أنجز تشييد غواصته لي جيمونت (ثعبان البحر) للبحرية الفرنسية.

بلغ طول الغواصة ٥٥.٨ قدماً (١٧ م) وزودت بمحرك كهربائي بقدرة ٥١ حصانا ميكانيكيا يدير مروحة طول شفراتها خمسة أقدام (١.٥ م). نجحت الغواصة في بلوغ سرعة تقارب ٧ أميال في الساعة (١١ كم في الساعة) على سطح الماء وسرعة ٥ أميال في الساعة (٨ كم في الساعة) عند الغوص.

قام بعض المخترعين الآخرين بتجارب على استخدام طاقة البخار للدفع. ففي تصميم رجل الدين الإنجليزي جورج غاريت (١٨٥٢-١٩٠٢)، ريزورغام، كان لابد من إطفاء المرجل قبل الغوص؛ مما يعني الاعتماد كلياً خلال فترة الغطس على مخزون البخار. وفي تصميم معدل شيد تاجر أسلحة سويدي غواصة نوردنفلت ١ بحمولة ٦٦ طناً (٦٠ طن متري) وزودها بأنبوب طوربيد.

 

من جانبه نجح المدرس الأمريكي من أصل إيرلندي جون هولاند (١٨٤٠-١٩١٤) في حل معضلة قوة الدفع. فبتمويل من الجمعية الفينية (مجموعة ثورية كان هدفها نيل استقلالها إيرلندا من بريطانيا)، شيد هولاند عدداً من الغواصات تستخدم محركات الغازولين للدفع خلال الطفو والمحركات الكهربائية للدفع خلال فترة الغطس.

شملت مجموعة الغواصات هذه غواصة بطول ١٣ قدماً (٤م) تتسع لشخص واحد (هولاند ١) عام ١٨٧٨، وأخرى بحمولة ٢١ طنا (١٩ طن متري) تتسع لثلاثة أشخاص (رأس الرمح الفيني) عام ١٨٨٣. ونتج عن مجموعة من التحسينات تدشين الغواصة هولاند ٦ عام ١٨٩٨ بطول ٥٢.٥ قدماً (١٦ م) بلغت سرعتها ٧ أميال في الساعة (١١كم في الساعة ) تحت الماء.

زودت هولاند ٦ بطوربيد ذاتي الدفع من تصميم المهندس الإنجليزي روبرت وايتهيد (١٨٢٣-١٩٠٥) بالإضافة إلى عدد من المدافع المثبتة على السطح. اشترت البحرية الأمريكية الغواصة عام ١٩٠٠ وأعادت تسميتها يو أس أس هولاند.

 

زودت غواصات «هولاند» فيما بعد بمناظير أفق (بيروسكوب) من تصميم المهندس الأمريكي سيمون ليك (١٨٦٦-١٩٤٥) عام ١٩٠٢، الذي شيد بدوره غواصة عام ١٨٩٧ (ارغونوت). باع هولاند ست غواصات للبحرية الأمريكية واستلم طلبات بناء مماثلة من البحرية البريطانية واليابانية والروسية.

يمثل تدشين استخدام محركات الديزل في تسيير الغواصات المرحلة النهائية في قصة تطور الغواصات. اعتبرت محركات الديزل محركات القوة العيارية في الغواصات حتى عام ١٩٥٥، عندما فوضت البحرية الأمريكية بناء الغواصة نوتيلوس (البحار) وهي أول غواصة تدار بالطاقة النووية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى