البيولوجيا وعلوم الحياة

إصابتك بالأمراض

2012 المكروبات

جون فارندون…[وآخ]

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيولوجيا وعلوم الحياة

تتدرَّج الأمراض التي تُسبِّبها الفيروسات من الانزعاج الناتج عن الزكام العادي إلى أشكال العدوى الخطيرة والمُميتة أحياناً مثل داء الكَلَب (rabies). وبرغم أن الفيروسات تتَّسِم بدرجة مُذهِلة من التنوُّع، إلا أن الأمراض الفيروسية تتكشَّف عن بعض الأنماط الأساسية التي يمكن أن تساعدنا في فهم سلوك الفيروسات.

تحتاج الفيروسات المُسبِّبة للأمراض إلى العثور على خلايا للتكاثر بداخلها.

وتميل تلك الخلايا في الغالب إلى أن تكون الخلايا التي يسهل الدخول إليها؛ وتُعَد الخلايا الحيَّة المُبطِّنَة لجهازك التنفسي ولأمعائك بمثابة أهداف واضحة. حيث تتكيَّف العديد من الفيروسات – مثل تلك المُسبِّبة للإنفلونزا – لإصابة الرئتين والحَلق بالعدوى، وتنتشر عبر الرذاذ في الهواء.

بينما تعيش فيروسات أخرى مثل

فيروسُ الْتِهابِ سِنْجابِيَّة النُّخاع (شَلَلِ الأَطْفال) (poliomyelitis virus) في جدار الأمعاء بعد أن تدخل الجسم في البداية عن طريق الابتلاع، في حين يعتمد البعض الآخر مثل فيروس الحُمَّى الصفراء على الحشرات المَاصَة للدم لنقلها من شخص إلى آخر (انظر ص51).

ويُعَد فيروس شلل الأطفال أحد الأمثلة المُهِمَّة التي توضِّح كيف أن الفيروسات يمكن أن تُسبِّب تأثيرات مختلفة في أجزاء الجسم المختلفة. حيث يعيش عادة في الأمعاء دون التسبُّب في أي ضَرر، ولكنه يمكن أن يُسبِّب الشلل والوفاة إذا انتشر في الجهاز العصبي. وقبل تطوير لقاح – مادة تقي من المرض- مناسب ضد مرض شلل

الأطفال في منتصف القرن العشرين، كان هذا المرض يتسبَّب في وقوع الكثير من حالات الوفاة بين الأطفال خاصة، وكان البشر يخشونه بشدة.

تتسبَّب العديد من الفيروسات مثل الحصبة في عدوى محدودة منفردة تتعافى بعدها الضحيَّة ومن ثم تكتسب مناعة ضد هذا الفيروس مدى الحياة. بينما لا تختفي فيروسات أخرى –خاصة الفَيْرُوْسَات الهِرْبِسِيَّة (herpesvirus)- بل تظَلّ كامِنَة، وتختبئ داخل الخلايا العصبية دون أن

تتسبَّب في أية أعراض ظاهرة، ثم قد تعاود النشاط مرة ثانية بعد ذلك بسنوات؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن تعاود الفَيْرُوْسَات الهِرْبِسِيَّة المُسبِّبة لمَرَض جُدَري

الدجاج (chickenpox) الظهور مرة أخرى في صورة هِرْبِس نُطاقِيّ (shingles) وهو مرض مؤلم يصيب الأعصاب والجلد. إلا أن فيروسات أخرى مثل فَيروس العَوَزِ المَناعِيِّ البَشَرِيّ لا يصير كامناً مُطلقاً، بل يستمر في التكاثر وقد يفتك بالضحيَّة في النهاية. في حين تتسبَّب بعض الفيروسات في

جعل الخلايا المُضيفة لها تنقسم بشكل خارج عن السيطرة مما يُسبِّب مرض السرطان.

لا تتسبب بعض الفيروسات – بما في ذلك الجُدَري والحصبة- إلا في إصابة البشر بالعدوى. في حين يمكن أن تتسبَّب فيروسات أخرى – وخاصة فيروس الكَلَب – في عدوى جميع الفقاريات (الحيوانات التي لديها عمود

فقري) تقريباً. ويمكن أن تكون الفيروسات التي يتم التقاطها من حيوانات أخرى الأكثر خطورة لأنها ليست في توازن مع الجسم البشري وقد تقتل الإنسان بسرعة حتى ولو تمَّ قتل الفيروس ذاته خلال هذه العملية. ويتمثَّل أحد الأمثلة على ذلك في

فيروس الإيبولا (Ebola Virus) الذي يتواجد في المناطق الاستوائية من أفريقيا والذي ينشأ في النسانيس والقردة العليا ، حيث أنه يمكن أن يُسبِّب نزيفاً مميتاً إذا ما أصاب البشر.

وتتَّسِم بعض تأثيرات الفيروسات بأنها غير مباشرة؛ فالإنفلونزا (النَّزْلَةُ الوافِدَة) –على سبيل المثال- يمكن أن تُضعِف الشخص المُصَاب، مما يترتَّب عليه التقاطه لأنواع من العدوى

البكتيرية قد تكون مميتة. وبالمثل، فإن فَيروس العَوَزِ المَناعِيِّ البَشَرِيّ يُلحِق الضرر بالجهاز المناعي مما يسمح للعداوى الأخرى بالاستحواذ على الجسم.

يمكن الآن الوقاية من العديد – وليس من كل – الأمراض الفيروسية عبر التَلْقيح (vaccination) والذي يتم عادة عن طريق حقن لقاح جَرَى تحضيره من فيروس غير نشط أو من أجزاء فيروسية. لكن لا يزال هناك عدد قليل للغاية نسبياً من الأدوية الفعَّالة التي يمكن استخدامها لمعالجة الفيروسات ما أن يُصَاب الشخص بها. لا تنمو الفيروسات إلا في داخل الخلايا الحية، وبالتالي فإن زراعة الفيروسات (زرعها في المُخْتبَر) يعني زرع الخلايا أيضاً. ومن السهل نسبياً تنفيذ مثل هذا الإجراء مع مُعْظَم أنواع البكتيريا أو النباتات، إلا أن جعل الخلايا الحيوانية تنمو في المختبر يعتبر أكثر صعوبة بشكل كبير. ولا يزال من غير الممكن زراعة بعض

الفيروسات الهامة – مثل فيروس التهاب الكبد C – في مزارع الأنسجة، وهو ما يزيد من صعوبة تمكّن العلماء من إنتاج لقاحات ضدها.


[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى