الفيزياء

حقائق مكتشفة حول جسيمات “البروتونات والنترونات”

1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً

KFAS

البروتونات النترونات الفيزياء

لقد كنت ، في أثناء إعداد هذه المحاضرات، أنوي أن لا أتكلم إلا عن الأقسام المعروفة جيداً في الفيزياء ، أن أشرحها بتمامها وأن لا أتحدث عن أي شيء آخر.

لكنني وقد وصلت إلى هذا الحد، كأستاذ جامعي (وعاجز إذن عن السكوت في نهاية الدرس)، يصعب عليَّ أن أقاوم الرغبة في أن أقول لكم شيئاً عن بقية الفيزياء.

عليَّ ، أولا وفوراً ، أن أقول لكم إن بقية الفيزياء ، لم تلق بعدم الشواهد التجريبية ما لقيه الإلكتروديناميك : فبعض الأشياء التي سأرويها فرضيات مؤكدة جيداً ، لكن هناك أيضا نظريات لم تكتمل بعد وتكهنات بحتة.

وهذا العرض، إذا قيس بالمحاضرات السابقة. سيبدو مصطنعاً بعض الشيء، سيكون منقوصاً وقليل التفاصيل. لكن من المؤكد أن بنية نظرية الإلكتروديناميك الكمومي تشكل قاعدة ممتازة للإنطلاق إلى شرح ظواهر تنتمي إلى بقية الفيزياء.

 

سأبدأ بالكلام عن البروتونات والنترونات التي تؤلف نوى الذرات. فبعد اكتشافهما ظنهما الناس في بادئ الأمر جسيمين بسيطين عنصريين؛ لكنهم تبينوا فيما بعد أنهما ليسا بسيطين إلى تلك الدرجة – وبكلمة بسيطين أقصد أن سعة ذهابهما من نقطة لأخرى يمكن تمثيلها بالوصفة E (A إلىB ) بإدخال عدد n مختلف عما سبق.

فيكون عندئذ للبروتون مثلا عزم مغنطيسي قريب من 1 إلى حسبناه بطريقة حسابه من أجل الإلكترون. لكن القيمة الناجمة عن التجربة كبيرة بشكل غير مألوف: 2,79! وهذا يعني أن البروتون يحدث فيه شيء لا تأخذه بعين الاعتبار معادلات الإلكتروديناميكات، الكمومي.

والأنكى من ذلك النترون: فهو، كجسيم حيادي كهربائياً، يجب أن لا ينفعل بالحقل المغنطيسي بتاتاً، لكن الواقع أن له عزماً مغنطيسياً يساوي قرابة 1,39! وهكذا عرفنا، منذ زمن طويل، أن أموراً مريبة تحدث في النترون.

هذا وتنطرح أيضاً مسألة معرفة ما يمسك بالنترونات والبروتونات معاً في نواة الذرة . وكان أن اقتنعنا سريعاً أن النواة لا يمكن أن تحتفظ بتماسكها بأسلوب تبادل فوتوني. لأن هذا التماسك يتطلب قوى أشد بكثير – إن النسبة بين الطاقة اللازمة لكسر النواة والطاقة اللازمة لطرد الكترون من الذرة تضاهي النسبة بين القدرة الإنفجارية لقنبلة نووية وبين القدرة الإنفجارية  للديناميت: إن انفجار الديناميت ليس سوى إعادة توزيع لموكب الإلكترونات في حين أن انفجار القنبلة النووية إعادة توزيع للنترونات والبروتونات.

 

ولمزيد من المعرفة عن قوى التماسك في النواة أُجريت تجارب كثيرة يتلخص معظمها بإرسال بروتونات، ذات طاقة متزايدة، ترجم النوى بعنف.

كان المتوقع أن لا نرى أكثر من انبثاق بروتونات ونترونات منها. لكن عندما أصبحت طاقة الراجم كبيرة جداً خرجت من النواة جسيمات جديدة.

جاءتنا أولا البيونات pions ، ثم الجسيمات لمدا Lambdas والجسيمات سغما sigmas والجسيمات رو rhos ، وما لبثنا أن استهلكنا حروف الأبجدية كلها في تسميتها . ثم فوجئنا بجسيمات منحناها أسماء ذات أعداد (كتلها) مثل سغما 1190 وسغما 1386.

فكان أن اتضح لنا أن عدد الجسيمات التي تصنعها الطبيعة غير محدود ويتعلق بمقدار طاقة الجسيم الراجم للنواة. وبين أيدينا الآن أكثر من أربعمئة جسيم من هذا القبيل. ومن المتعذر علينا أن نتقبل أربعمئة جسيم: إن هذا الأمر معقد أكثر من أن نستطيع احتماله.

 

إن من نخبة الباحثين رجالاً ، مثل موري غيل – مان M.Gell-Mann ، أجهدوا أنفسهم في استنباط قواعد سلوك كل هذه الجسيمات وخرجوا على الملأ ، في أوائل السبعينيات ، بنظرية كمومية في التفاعلات الشديدة ( أو نظرية ((الكروموديناميك chromo dynamis)) أو (الاصطباغ الكمومي) ((ممثلوها)) الرئيسيون جسيمات أسموها ((كواركات quarks)).

وقد قسموا الجسيمات المؤلفة من كواركارت إلى صنفين: الجسيمات التي ، مثل البروتون والنتـرون ، تتألف من ثلاثة كواركات (وأطلقوا عليها كأسرة ، الإسم الفظيع ((باريونات Baryons))) أما جسيمات الصنف الثاني كالبيونات، فتتألف من كوارك وكوارك مضاء (وتسمى ((ميزونات))).

والآن  أرسم لكم لوحة ذات بيوت تحوي الجسيمات الأساسية (العنصرية) كما تظهر لنا اليوم (شكل 79) .

وأبدأ بالجسيمات التي تذهب من نقطة لأخرى مطيعة الوصفة E (A إلى B) – مع تعديل من نوع قواعد استقطاب الإلكترون – وتسمى الجسيمات التي سبينها 2/1 .

أول هذه الجسيمات الإلكترون ، وعدد الكتلي يساوي 0,511  وحدة من نوع جديد نتبناه بعد الآن ، وتسمى ماف Mev (أو مليون إلكترون فولت).

 

أترك تحت الإلكترون فراغاً (إملؤه فيما بعد) أضع تحته نوعين من الكواركات: d وu.  ونحن لا نعرف الآن بالضبط كتلتي هذين الكواركين، لكن بالإمكان أن نمنح كلاً منهما القيمة التقريبية  المعقولة من رتبة 10 ماف . (إن كون النترون أثقل قليلاً من البروتون يدل على أن الكوارك d – كما سنرى بعد قليل – أثقل من الكـوارك u).

أكتب إلى جانب كل جسيم شحنته، أو ثابتة اقترانه، على شكل أضعاف من j -، أي عدده الاقتراني مع الفوتونات بعد تغيير إشارته الجبرية. وهكذا تكون شحنة الإلكترون 1 –، وفق اصطلاح يعود إلى فرانكلين ونحن مضطرون إلى الالتزام به منذ ذلك العصر.

إن سعة اقتران الكوارك d مع الفوتون تساوي 3/1 -، وتساوي، من أجل الكوارك u ، 3/2 + . (لو كان فرانكين قد عرف الكواركات لتدبر الأمر كي يمنح شحنة الالكترون القيمة 3 – على الأقـل).

إن شحنة البروتون، في هذا المقام، هي 1 +، وشحنة النترون صفر، ولدينا من التجاريب ما أقنعنا سريعاً بأن البروتون – ثلاثة كواركات– لا يمكن إلا أن يكون مصنوعاً من كواركين u وكوارك واحد d ، بينما النترون – ثلاثة كواركات أيضا – مصنوع من كواركين d وواحد u ( شكل 80).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى