الفيزياء

تفسير سلوك “الضوء المنعكس” عن المرآة

1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً

KFAS

الضوء المنعكس الفيزياء

ستقولون لي حتماً إن كل هذا كلام فارغ ،  إنني مخطئ ، لأن معظم الطرق التي ذكرتها لا تحقق تساوي زاويتي الانعكاس والورود . كلا ، إنني لست مخطئاً بل أن هذا هو سلوك الضوء فعلا! أما كيف يتم ذلك فإليكم شرحه.

لكي أجعل الأمور أسهل على الفهم أفترض أن المرآة تتألف ، بكل بساطة ،  من عصابة طويلة ضيقة تذهب من اليسار إلى اليمين (أي أنني أهمل ، في الوقت الحاضر ، أن المرآة ذات امتداد آخر عمودي على مستوى الورقة ، شكل ( 21 ) .

 

ورغم أن الضوء يستطيع في الواقع أن ينعكس عن عدد لا نهائي من المناطق على هذه العصابة، سأقوم بعملية تقريبية تقضي أن أُقسِّم المرآة إلى عدد لا متناه من المستطيلات الصغيرة وأن اعتبر أن كل واحد من هذه المستطيلات يتعلق بمسار واحد متاح للضوء (إن الحساب يصبح أكثر فأكثر دقة، لكن أكثر فأكثر طولاً، كلما  كانت مساحات المستطيلات صغيرة،  مما يزيد في عدد المسارات المتاحة).

والآن يجب أن أرسم سهماً من أجل كل مسار للضوء متاح . إن كل واحد من هذه الأسهم يتميز باتجاهه وطوله. سأعالج أولا مسألة الطول.

قد تتوقعون، لأول وهلة، أن يكون السهم المتعلق بالمسار المار بمنتصف المرآة ، G ، أطول بكثير من الأسهم الأخرى (لأنكم تعتقدون أن احتمال أن يسلك  الضوء هذا الطريق أكبر بكثير من احتمال أن يسلك أي طريق آخر) .

ولكن كلا! فنحن لا نملك الحق في فرض هذه القاعدة الإضافية والواقع أبسط من ذلك بكثير: إن احتمال أن يسلك الفوتون أي طريق،  للذهاب إلى الكاشف،  يساوي عملياً احتمال أن يسلك أي طريق آخر .

وعلى هذا ما علينا أن نرسم سوى أسهم ذات طول واحد عملياً ،(الواقع أن من الواجب تصحيح ذلك، لأن المسافات والزوايا متفاوتة قليلا من طريق لآخر، لكنني أهمل هذا التصحيح لأنه  صغير الشأن جداً) .

لنمنح إذن طولاً اختيارياً مشتركاً لكل هذه الأسهم ، وسأختار طولاً صغيراً جدا لأن علي أن أجمع عددا كبيراً جدا من الأسهم  شكل ( 22 ).

 

لئن كنا نستطيع ، دون مجازفة كبيرة ، أن نرسم أسهماً كلها ذات طول واحد، فإن عملية اختيار اتجاهاتها المتوالية تتطلب كثيراً من الحيطة، لأن الطرق المختلفة لا تستغرق زمناً واحداً (تذكروا ما قلناه في المحاضرة السابقة : أن اتجاه كل سهم يتعين باتجاه عقرب مزمان تخيلي يقيس الزمن الذي يستغرقه الضوء في كل طريق).

وواضح أن الفوتون الذي يذهب إلى A، عند حافة المرآة، قبل أن ينعكس نحو الكاشف، يستغرق زمناً أطول مما يستغرق الفوتون الذي يمر ب G ( شكل 23 ).

 

تصوروا للحظة أنكم مستعجلون جدا وتريدون أن تذهبوا من المنبع إلى المرآة ، ثم من المرآة إلى الكاشف. فإن فكرتم قليلاً سترون أن الاندفاع دون تفكير نحو A ليس فكرة حسنة ، ذلك أن ما يبقى عليكم أن تقطعوه بعد A إلى P أطول بكثير، وأن من الأجدى بكثير أن تمروا بمنتصف المرآة.

إن تعيين اتجاه كل سهم يسهل كثيراً إذا رسمتُ، تحت المرآة مباشرة (شكل 24) مخططاً يمثل، عند شاقول كل نقطة من المرآة ، الزمن الذي يستغرقه الفوتون المار بتلك النقطة.

أحمل هذه الأزمنة على محور شاقولي: كلما كان الزمن الذي يستغرقه الضوء كبيراً ، كانت النقطة الممثلة له على مخططي الثاني ذات موقع أعلى.

لنبدأ بالنقط الموجودة قرب الحافة اليسرى للمرآة ، مثل A . إن الزمن الذي يستغرقه الضوء المار ب A ، للذهاب من S إلى P ، طويل نسبياً ، مما يعني أن النقطة الممثلة له ، على مخططي الثاني، تقع عاليا على شاقول A .

وكلما اقتربنا من مركز المرآة يتناقص الزمن الذي يستغرقه الضوء مروراً بالنقطة المعتبرة، وتنزل بالتدريج النقاط الممثلة لهذه الأزمنة نحو الأسفل على شاقولات نقاط المرآة.

لكن بمجرد أن نتجاوز مركز المرآة تأخذ الأزمنة بالتزايد والنقاط الممثِّلة بالصعود على شاقولات نقاط المرور بالمرآة . فإذا وصلنا الان النقاط الممثلة للأزمنة بخط مستمر نحصل على منحن متناظر بالنسبة لشاقول المنتصف G ، يبدأ بالنزول ثم يأخذ بالصعود .

 

والآن ماذا يمكن أن نستنتج بخصوص اتجاهات الأسهم؟  إن اتجاه كل سهم يتعين بالزمن الذي يستغرقه الفوتون للذهاب من S إلى P متبعاً الطريق الذي يتعلق به هذا السهم.

لنرسم إذن هذه الأسهم بدءاً من اليسار. فبالنقطة A يتعلق زمن سير على الطريق P AS ، وبالتالي اتجاه ما ( شكل 24 المخطط الصغير في أسفله ) للسهم الذي يتعلق به.

وللسهم المتعلق بالنقطة B اتجاه آخر، لأن زمن السير على PBS مختلف عن سابقة . لكن الأسهم المتعلقة بنقط مرور بالمرآة قريبة من المركز، مثل F و G و H ، فذات اتجاه واحد تقريباً لأن أزمنة الطرق المارة بها تكاد تكون متساوية.

وبمجرد أن نتجاوز مركز المرآة نرى أن كل طريق على اليمين يساوي طريقاً آخر مناظراً له على اليسار (هذا يعود إلى أننا اخترنا منذ البدء وضع تناظر يتساوى فيه بعد المنبع والكاشف عن المرآة ) . فنرى مثلا،  أن الطريقين PIS و PDS متساويان . فيتعلق بهما سهمان لهما اتجاه واحد .

 

علينا الآن أن نجمع كل هذه الأسهم ( شكل 42 ، في الأسفل ) . ولأجل ذلك نعلق بالتوالي ذيل كل سهم برأس سابقة بادئين ب A. تصوروا أن عليكم أن تنجزوا جولة على مراحل، سهما بعد سهم.

من المؤكد أنكم، في بدء الرحلة ، لا تتقدمون كثيراً ،لأن الاتجاه يتغير كثيراً من مرحلة الأخرى. ولا يصبح هذا التقدم كبيراً إلا عندما تصبح الأسهم ذات اتجاه واحد تقريباً، ثم في المراحل الأخيرة، عندما تصبح الأسهم من جديد متخالفة كثيراً ، تعودون إلى الدوران في مكان واحد تقريباً دون تقدم يذكر .

ما علينا ، أخيراً ، سوى أن نرسم السهم الحصيلة ، من ذيل السهم الأول إلى رأس السهم الأخير. انظروا الآن إذا كنا قد تقدمنا كثيراً، نعم، لأنكم ترون أن السهم الحصيلة ذو طول محسوس (شكل 42 ، في الأسفل) . أي ، بفصيح العبارة، أن الألكتروديناميك الكمومي ينبئ فعلاً أن الضوء ينعكس عن المرآة!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى