العلوم الإنسانية والإجتماعية

نبذة تعريفية عن مبدأ السُلطات الثَلاث وفقاً للدستور الكويتي

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

السُلطات الثَلاث الدستور الكويتي العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

وَرَدَ مُصْطَلَحُ «السُّلْطاتِ» في دَساتيرِ الدُّوَلِ المُخْتَلِفَةِ، كما خَصَّصَتْ هذه الدساتيرُ أبوابًا أو فُصولاً مُسْتَقِلَّةً لكلِّ سُلْطَةٍ من السُّلْطاتِ الثَّلاثِ.

ومُعْظَمُ تلك الدَّساتيرِ قد استعملَ التَّسْمِياتِ التقليدِيَّةَ لهذه السُّلْطات، ونعنِي بها: «السُّلْطَةَ التَّشْريعِيَّةَ» و«السُّلْطَةَ التَّنْفيذِيَّةَ» و«السُّلْطَةَ القَضائِيَّةَ».

فالسُّلطةُ التشريعيَّةُ هي تلك السُّلْطَةُ العامَّةُ الّتي وَكَلَ إليها الدُّستورُ اخْتِصاصَ وَضْعِ القَانونِ، باعتبارِهِ مَظْهَرًا من مَظاهِرِ سِيادَةِ الأُمَّةِ، وتَعْبيرًا عن إرادَتِها العامَّةِ، وأَسْمَى القواعِدِ التَّشْريعِيَّةِ مَرْتَبَةً بعدَ الدُّسْتورِ.

 

وعلى سبيلِ المِثالِ، السُّلْطَةُ التَّشْرِيعِيَّةُ – وَفْقًا للمادَّةِ (51) من الدُّستورِ الكُوَيْتِيِّ – يتولاَّها الأميرُ ومَجْلِسُ الأُمَّةِ.

كما نُصَّ كذلكَ في المادَّةِ (79) منه على أنَّه: «لا يَصْدُرُ قانونٌ إلاّ إذا أَقَرَّهُ مجلسُ الأُمَّةِ وصَدَّقَ عليه الأَميرُ». ويَظْهَرُ مِمّا تَقَدَّمَ أنّ السلطةَ التشريعِيَّةَ في الكُوَيْتِ هي سلطةٌ مُرَكَّبَةٌ يتولاَّها الأميرُ ومجلسُ الأُمَّةِ.

أمَّا السُّلْطَةُ التَّنْفِيذِيَّةُ فيُقْصَدُ بها تلك الجِهَةُ الّتي يَقْتَصِرُ دَوْرُها عَلَى تنفيذِ ما تقرِّرُهُ السُّلْطَةُ التشريعِيَّةُ. أي أنَّ مُهِمَّةَ السُّلْطَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ تَنْحَصِرُ في تنفيذِ القَواعِدِ القانونِيَّةِ، ووَضْعِ اللَّوائِحِ اللاَّزِمَةِ بِشَأْنِها.

 

ويأخذُ الدُّستورُ في الكويتِ بنظامِ ازْدِواجِ الجِهازِ التَّنْفيذِيِّ. والسلطةُ فيه تتكوَّنُ من عُنْصُرَيْنِ:

1- الأميرُ: وهو يَحْتَلُّ مَرْكَزَهُ رئيسًا للدَّولَةِ، ورئيسًا للسُّلْطَةِ التَّنْفيذِيَّةِ، وهو غيرُ مَسْؤولٍ.

2- الوِزارَةُ: ويَرْأَسُها رئيسُ مَجْلِسِ الوُزَرَاءِ الّذي يُعْتَبَرُ رئيسَ الحكومَةِ المسؤولةِ عن تنفيذِ السياسَةِ العامَّةِ للدَّوْلَةِ.

ولقد أكَّدَ الدُّستورُ، في المادَّةِ (52) مِنْهُ، على أنَّ: «السُّلْطَةَ التَّنْفِيذِيَّةَ يتولاَّها الأميرُ ومجلسُ الوُزَرَاءِ والوُزَرَاءُ على النَّحْوِ المُبَيَّنِ في الدُّسْتورِ».

 

وأمَّا السُّلْطَةُ القَضَائِيَّةُ فهي السُّلْطَةُ المُخْتَصَّةُ بتفسيرِ القانونِ، وتطبيقِهِ في المُنازَعاتِ الّتي تُعْرَضُ عليها.

وتحرِصُ الدَّساتيرُ المُخْتَلِفَةُ علَى تقريرِ مبدأِ اسْتِقْلالِ القضاءِ والمُحافَظَةِ عليهِ كأَحَدِ المبادِئِ الأساسِيَّةِ.

فقد نَصَّ الدُّستورُ الكُوَيْتِيُّ، في المادَّةِ (163) منه، على أن: «لا سُلْطانَ لأيِّ جِهَةٍ علَى القاضِي في قضائِهِ، ولا يجوزُ بحالٍ التَّدَخُّلُ في سَيْرِ العَدالَةِ.

ويَكْفُلُ القانونُ استقلالَ القضاءِ، ويُبَيِّنُ ضَماناتِ القُضاةِ، والأحْكامَ الخاصَّةَ بهم، وأحْوالَ عَدَمِ قابِلِيَّتِهِم للعَزْلِ».

 

وقد أخذَ الدّستورُ الكويتيُّ بهذهِ السُّلطاتِ الثَّلاثِ، وحافَظَ على التَّقْسيمِ الثُّلاثِيِّ لتلكَ السُّلطاتِ.

فقد خُصِّصَ البابُ الرّابعُ منهُ لنظامِ الحُكْمِ، وقسَّمَهُ إلى فصولٍ، أُفْرِدَ الفَصْلُ الثَّانِي منها لرَئيسِ الدَّولَةِ (الموادّ من 54 إلى 78)، وأُفْرِدَ الفصلُ الثّالِثُ للسّلطةِ التّشريعِيَّةِ (الموادّ من 79 إلى 122)، وأُفْرِدَ الفصلُ الرّابعُ للسّلطةِ التنفيذيَّةِ (الموادّ من 123 إلى 161)، وأُفْرِدَ الفصلُ الخامِسُ والأخيرُ للسّلطةِ القضائِيَّةِ (الموادّ من 162 إلى 173).

مَبْدَأُ الفَصْلِ بينَ السُّلْطاتِ: هذا المَبْدَأُ هو قاعِدَةٌ من قواعِدِ فَنِّ السِّياسَةِ، ومبدأٌ تُمْليهِ الحِكْمَةُ السّياسِيَّةُ.

 

وقبلَ أن ينظمَ الدّستورُ الكُوَيْتِيُّ السُّلْطاتِ الثَّلاثَ، افتُتِحَ البابُ الرابِعُ الخاصُّ بالسّلطاتِ العامَّةِ بالمادَّةِ (50)، الّتي تُؤَكِّدُ أنَّ نظامَ الحكمِ في الكويت يقومُ على أساسِ فَصْلِ السُّلْطاتِ، مع تَعاوُنِها وَفْقًا لأحكامِ الدّستورِ.

فالسّلطاتُ الثّلاثُ في الدّستورِ الكُوَيْتِيِّ ليسَتْ مُنْفَصِلَةً فصلاً تامًّا بعضُها عن بعضٍ بلْ إنَّ هناكَ وَسائِلَ تَأثيرٍ مُتَبادَلَةً تستطيعُ بواسِطَتِها كلُّ سُلْطَةٍ من هذهِ السّلْطاتِ أن تُؤَثِّرَ في عَمَلِ السُّلْطاتِ الأُخْرَى.

 

فجوهرُ المبدأِ يَتَلَخَّصُ في دَعامَتَيْن:

الأولى: تقسيمُ وظائِفِ الدَّولَةِ إلى ثلاثِ وظائِفَ، وهي الوظيفَةُ التشريعِيَّةُ والوظيفَةُ التنفيذِيَّةُ والوظيفَةُ القضائِيَّةُ.

والثانية: عدمُ تَجْميعِ هذهِ الوظائِفِ الثّلاثِ في هَيْئَةٍ واحِدَةٍ.

 

ومن مُبَرِّراتِ مبدأِ الفَصْلِ بين السّلْطاتِ منعُ الاستبدادِ، وصيانَةُ الحُرِّيَّةِ، وضَمانُ مَبْدَأِ الشَّرْعِيَّةِ.

والدّستورُ الكُوَيْتِيُّ قد واجَهَ مبدأَ فَصْلِ السُّلطاتِ صراحَةً بالنَّصِّ عليه في المادَّةِ (50) المشارِ إليها.

وتُجَسِّدُ هذهِ المادَّةُ المبادِئَ المستَقِرَّةَ في النِّظامِ البَرْلَمانِيِّ، كما أنها تُؤكِّدُ المعنَى الفِقْهِيَّ الأصيلَ الذي يوجبُ على السُّلطاتِ المُؤَسَّسِيَّةِ أنْ تمارِسَ اخْتصاصَها بنفسِها، فلا تَنْزِلُ عنه، أو تُفَوِّضُ فيه، إلا إذا سَمَحَ لها الدُّستورُ بذلِكَ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى