شخصيّات

نبذة عن حياة الكيميائي “هابر”

1999 تاريخ الكيمياء

صلاح محمد يحياوي

KFAS

الكيميائي هابر شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

فريتز هابر كيميائي الماني، هو صاحب أول طريقة لاصطناع النشادر صناعياً من الهيدروجين والآزوت الجوي.

عرفت هذه الطريقة بادئ الأمر باسم "إجراء هابر HABER PROCESS" ثم عرفت بعد أن طورها الكيميائي الألماني كارل بوش BOSCH باسم "إجراء هابر – بوش – HABER BOSCH PROCESS" وبين أن إصداراً للإلكترونات قد يرافق التفاعل الكيماوي. فاز بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 1918م.

كان الاصطناع الكيماوي للنشادر (الأمونيا) اكتشافاً ذا أهمية أساسية للكيمياء وللصناعة، إذ تمكن العلماء به وللمرة الأولى من تثبيت الآزوت (النتروجين) الجوي، وقد حقق هذا الإجراء الكيميائي الألماني "فريتز هابر" مطلقاً عليه اسمه.

ولا يزال إجراء هابر الإجراء المعتمد إلى يومنا هذا، فقد كان المنطلق إلى ولادة صناعة المخصبات أو الأسمدة الصناعية التي أحدثت ثورة في الإنتاج الزراعي.

فالآزوت، الغاز الخامل العديم اللون، يؤلف 78% من الجو الأرضي، وهو المادة المفتاح في الدورة الحيوية، يمر فيها بتفاعلات معقدة، وهكذا تحصل الحيوانات على الآزوت، مباشرة أو بصورة غير مباشرة، من النباتات.

وتمتصه النباتات بدورها من التربة على هيئة أملاح كأملاح النترات. وما هذه الأملاح إلا أساس المخصبات التي يستعملها الإنسان لزيادة ما يجنيه من محاصيل.

 

في بداية القرن العشرين أخذ احتياطي الآزوت الطبيعي كنترات الصوديوم أو ملح التشيلي الفلز الطبيعي، والنترات العضوية كَرَوْث الحيوانات يُقصِّر عما تتطلبه الصناعة والزراع مما دعا، وبإلحاح، إلى البحث عن مصدر جديد للآزوت ، وهذا ما حدا بالكيميائي "فريتز هابر" إلى البحث عن أسلوب يُثّبِّت به الكمية الضخمة من الآزوت الموجود في الجو.

وُلد "هابر" في "برسلاو" في "سيلسيا السفلى" التي كانت تابعة لألمانية، وتدعى حالياً "فُرو كلو" وتقع في بولونية.

وفيما أتم هابر تحصيله وفق الطريقة التقليدية، لكنه عزم، دون استشارة من أحد – في محاولة منه اخترق حجاب المألوف، وخرج من إسار العادة – على دراسة العلوم، ونجح في إصرار ومواظبة نجاحاً عظيماً إذ تمكن من الحصول على وظيفة مدرس للكيمياء  الفيزيائية في معهد البوليتكنيك في كارلسروة؛ وعندما شرع ببرنامج بحث في علم الحرارة والتحريك (الترموديناميك) وفي الكيمياء الكهربائية منح على برنامجه هذا كرسي الأستاذية في الجامعة.

ونتيجة لدراسة "هابر" علم الحرارة والتحريك (الترموديناميك) لمعت في ذهنه فكرة تثبيت الآزوت الجوي كيماوياً، ووجد أن الأسلوب الأكثر عملية لتحقيق هذا التثبيت هو الاتحاد الكيماوي بين الآزوت الجوي والهيدروجين والذي يعطي النشادر.

وكانت المشكلة من الناحية الترموديناميكية أن هذا الإجراء يتطلب درجات حرارة مرتفعة لجعل هذين الغازين فعالين.. بيد أن درجات الحرارة المرتفعة تثبط إنتاج النشادر، ولكن "هابر" حل المشكلة بتسخين مزيج الآزوت والهيدروجين، جاعلاً المزيج يمر تحت ضغط مرتفع فوق وسيط.

والوسيط أو الحافز هو المادة التي تغير نم سرعة التفاعل الكيماوي دون أن تتدخل فيه، وبذلك غدا ممكناً استخدام النشادر الحاصل في التربة مباشرة أو تحويله قبل ذلك إلى منتجات آزوتية أخرى.

 

جاء اصطناع النشادر الذي توصل إليه، "هابر" في المختبر ليصنع أسس الإجراء الصناعي على سلم كبير، وتحول هذا الإجراء إلى حاجة ملحة عندما نشبت الحرب العالمية الأولى، وغدت ألمانية معزولة لا تستطيع التزود بالنترات من الخارج.

وعندئذ أخذ كيميائي آخر هو "كارل بوش" على عاتقه" مهمة تحويل طريقة هابر إلى إجراء صناعي مضيفاً عليها تحسينات متعاقبة، وباحثاً لها عن وسطاء جديدة، لذلك عُرف الإجراء رسمياً باسم إجراء "هابر – بوش".

وفي تلك الأثناء وضع هابر – الذي كان يتميز بحس وطني عظيم – معارفه في خدمة بلده، وكان بلده يبذل جهوداً جبارة في الحرب مسهماً في تطوير الغازات سلاحاً حربياً، ثم درس بعد الحرب نظاماً لاستخلاص آثار الذهب المنحل في ماء البحر في محاولة منه لجمع المال الضخم الذي كانت تحتاج إليه ألمانية لدفع نفقات الحرب، ولكن النظام المذكور باء بالفشل.

نال "هابر" جائزة نوبل في الكيمياء عن إجراء اصطناع النشادر، وكان ذلك عام 1918م، كما حصل زميله "كارل بوش" على الجائزة أيضاً عام 1931م، وذلك عن التقنيات التي ابتدعها في الإجراءات الكيماوية في الضغوط العالية.

 

وفي العشرينات من هذا القرن أسس "هابر" مختبراً كان دون ريب المركز الأكثر تقدماً في العالم لدراسة الكيمياء الفيزيائية وتطبيقاتها الصناعية، وقد حظي بشهرة دولية عظيمة في هذا المجال.

وكان متحمساً لإقامة تقاليد للتعاون بين علماء جميع الأقطار، وعندما وصل النازيون عام 1933م، إلى السلطة في ألمانية كان هابر أحد أوائل من عانوا من نتائج ذلك، فهاجر في العام نفسه إلى إنكلترة ليعمل في جامعة كمبريدج، إلا أن صحته كانت ضعيفة جداً، ولم يمض عليه عام وهو في حالته تلك حتى مات في سويسرة عندما كان يتجه نحو الجنوب ليتجنب شتاء شمال أوروبة القارس.

 

يتفاعل جزيء آزوت مع ثلاثة جزيئات من الهيدروجين مكوناً جزيئين من النشادر:

وفي أجزاء أوستولد يتفاعل جزيء من النشادر مع جزيء من الأكسيجين ليكون حمض الآزوت (حمض النتريك) والماء:

 

ويحصل ذلك بإمرار غاز النشادر عبر شبكة من البلاتين (تستعمل وسيطاً حافزاً) في الدرجة الحمراء، ويستعمل جميع النشادر تقريباً للحصول على حمض الآزوت، ويشكل حمض الآزوت بدوره نقطة الانطلاق لإنتاج مركبات آزوتية أخرى.

ولولا المخصبات الاصطناعية التي تقدم الغذاء الضروري للنباتات لما أعطت حقول القمح ما يكفي من محاصيل لسد حاجات العالم.

في إجراء هابر بوش يحقنُ الهواء وبخار الماء على التناوب في برج أول عبر فحم كوك ساخن فيتكوّن مزيج غازي (هيدروجين وآزوت وأحادي أكسيد الكربون وثنائي أكسيد الكربون)، وتحذف أكاسيد الكربون في برج ثان لا يبقى سوى الآزوت والهيدروجين.

ويضغط مزيج هذين الغازين ويضخ إلى برج ثالث فيتحد الغازان مكونين النشادر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى