التاريخ

كيفية اتصال العرب بعلم الكيمياء

1999 تاريخ الكيمياء

صلاح محمد يحياوي

KFAS

علم الكيمياء التاريخ الكيمياء

يقول محمد محمد فياض في كتابه "جابر بن حيان" وخلفاؤه من سلسلة اقرأ: "لما فتح العرب مصر في القرن السابع الميلادي واستوطنوها واتصلوا بأهلها سمعوا بعلم الكيمياء الذي ازدهر بالاسكندرية في عهد البطالسة الأول.

وعرفوا أن هناك كتباً إغريقية متداولة تبحث في هذا العلم، وتصف طرائق تحويل المعادن الرخيصة كالحديد والنحاس إلى الذهب والفضة، تشرح الوسائل التي تجهز بها الأدوية الكفيلة بشفاء الأمراض وإطالة العمر، وغير ذلك مما كان شائعاً من مؤلفات الإغريق في هذا العهد.  واهتم العرب بهذا العلم وارادوا أن يشتغلوا به.  وكان هذا مبدأ اتصال العرب بالكيمياء".

كانت أول خطوة سلكها العرب في هذا السبيل أن جمعوا ما استطاعوا العثور عليه من هذه الكتب، وترجموها إلى العربية، وقد استعانوا بذلك بفئة من الإغريق وأقباط مصر الذين يعرفون الإغريقية والعربية.  وما كاد يحل القرن الثامن الميلادي حتى ظهر عدد كبير من كتب الكيمياء الإغريقية في ثوب عربي.

 

ولما أنشأ العباسيون بغداد سنة 667 ميلادية انتقل إليها مركز الثقافة العلمية في العالم المتمدين بفضل تعضيد خلفائهم للعلم وللعلماء. 

ونشطت حركة الترجمة في عهد هارون الرشيد والمأمون، فنقلت إلى العربية كتب الإغريق في الكيمياء وغيرها من العلوم كالفلسفة والطب والرياضيات والمنطق والفلك إلى غير ذلك. 

وفي الغالب كانت هذه الكتب تترجم أولاً إلى اللغة السريانية يترجمها النسطوريون ثم تترجم إلى العربية.  ولا تزال بعض التراجم السريانية في الكيمياء باقية إلى الآن.

 

ويذكر صاحب الفهرست: "أن المأمون رأى في منامه كأن رجلاً أبيض اللون، مشرباً حمرة، واسعَ الجبهة، مقرونَ الحاجب، أجلح الرأس، أشهلَ العينين، حسن الشمائل – جالس على سريره. 

فقال المأمون: وكأني بين يديه قد مُلِئْت هيبةً، فقلت: من أنت؟ قال: أنا أرسطاليس. فسررت به، وقلت: أيها الحكيم، أسألك ما الحسن؟ قال: ما حسن في العقل.

قلت: ثم ماذا؟ قال: ما حسن في الشرع. قلت: ثم ماذا؟ قال ما حسن عند الجمهور.  قلت : ثم ماذا؟ قال ثم لا ثم.

 

فكان هذا المنام من أدعى الأسباب في إخراج الكتب، لأن المأمون كتب إلى ملك الروم يسأله الإذن بإنفاذ ما هو مختار من العلوم القديمة المخزونة المدخرة ببلد الروم، فأجابه إلى ذلك بعد امتناع فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم الحجاج بين مطر وابن البطريق وسليمان صاحب بيت الحكمة وغيرهم.  فأخذوا مما وجدوا ما اختاروا، فما حملوه إليه أمرهم بنقله فنقل".

ولم تكن حركة النقل مقصورة على الخلفاء، إذ أسهم فيها جماعة من المشتغلين بالعلم الراغبين في نشره أمثال حنين بن اسحاق الذي ذهب إلى بلاد الروم وجاء "بغرائب المصنفات في الفلسفة والهندسة والموسيقى والأرتماطيقي والطب" و "بني موسى" وهم ثلاثة من الأخوة (أسماؤهم محمد وأحمد وحسن) كانوا يدفعون في الشهر نحو خمسمائة دينار لجماعة من النقلة أجراً لترجمة الكتب.  وغير هؤلاء كثيرون يضيق المقام عن ذكرهم.

وقد أسفرت حركة الترجمة عن انتشار الكتب العلمية فتمكن العرب من أن يقرأوا كتب الإغريق في مختلف العلوم، وتفرغ لدراستها عدد كبير من علمائهم.  فهضموها وشرحوها وصححوا ما وقع فيه الإغريق من خطأ، ثم واصلوا البحث في هذه العلوم، ووضعوا فيها مؤلفات كثيرة غزيرة المادة نالت الكيمياء نصيباً وافراً منها.

 

وكان لهذه الحركة أثر بليغ في ازدهار العلوم في الإمبراطورية الإسلامية.  وفي هذا الوقت كانت أوروبة غافية في سبات عميق، تخيم عليها عناكب الجهالة والهمجية.

ولما فتح العرب الأندلس حملوا إليها علومهم ومؤلفاتهم فكانت سراجاً منيراً انتشر شعاعه في أوروبة وحفز أهلها إلى الاشتغال بهذه العلوم التي وصلت إليهم من الشرق.  وكان لزاماً عليهم إذ ذاك أن يترجموا الكتب  العربية، وقد فعلوا ذلك بدأوا به في أواخر القرن الحادي عشر.

وكان جابر بن حيان قد استعمل الميزان في تجاربه العلمية مع أن هذا لم يستخدم لهذا الغرض في أوروبة إلا بعد عهد "جابر" بأكثر من ستة قرون.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى