التاريخ

استخدام العالم “يورج” مادة التوبركلين لحقن مرضى الشلل الجنوبي

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العالم يورج مادة التوبركلين مرضى الشلل الجنوبي التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

يورج بين اليأس والرجاء

مضت بضع سنوات كُشف خلالها عن سبب الشلل الجنوني العام. كان العلماء قد ظنوا قبل ذلك أن هذا النوع من الشلل سببه ميكروب الحلق الحلزوني.

ولكن في عام 1906 طبق أوجست فون فاسرمن كاشف كان بورديه البلجيكي قد استنبطه من كاشف حضَّره فرتز شودن الألماني، لاكتشاف ميكروبات الحلق في ثنايا الجسم.

طبق هذا الكاشف على سائل الحبل الشوكي في المشلولين، فتبين له أن ميكروبات الحلق مختفية في الدماغ, وفي عام 1908 تأكد يورج أن 99% من هؤلاء المشلولين يُخفون في ثنايا أدمغتهم هذه الميكروبات.

وفي عام 1909 عقد مؤتمر طبي دولي في بودابست، فقرأ يورج رسالة أمامه بسط فيها نتائج معالجة المشلولين بالتوبركلين، كان قد أخذ تسعة وستين مصابا وحقنهم حُقَناً متوالية بالتوبركلين، وترك تسعة وستين آخرين من غير حقن.

فكانت النتيجة أن ثمانية من الفريق الأول وخمسة من الفريق الثاني ظلوا على قيد الحياة، وهي نتيجة هزيلة لا يمكن أن يبني عليها حكم عام. بيد أنه لم يقنط، وكيف يقنط والأمل موجود؟ ألم تُشفَ حالاتٍ بالفعل؟ ولِمَ الأمل؟ ألم تعاودهم الإصابة المرة من بعد شفاء؟ تردد مقيت بين اليأس والرجاء.

 

ولكن الرجاء بحمد الله تغلب، إذ لما كان عام 1911 تبين يورج أن العالم الألماني الشهير بول إيرليش كان قد صنع حقنته المشهورة المعروفة برقم (606)، وبعد التجربة ثبت أنها تفتك بميكروبات الحلق في أدوارها الأولى، ولكن إذا طال عليها الزمن وهي معشِّشة في جدران الأوعية الدموية أصبحت منيعة حتى على حقنة إيرليش الفعالة، فإذا هُيِّجت استفاقت وإن استفاقت، كانت أفتك ما تكون، فيكون في استفاقتها موتٌ للمصاب أكيد.

هكذا خاب رجاء يورج في حقنة إيرليش، إذن لا مناص من العودة إلى استعمال التوبركلين، بشرط استعماله في الأدوار الأولى من الشلل الجنوني العام.

وفي عام 1914 تتبع 86 مشلولا كان قد عالجهم في الفترة ما بين عامي 1907 و 1909 فوجد أن واحدا وعشرين منهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وأن سبعة من هؤلاء يقومون بأعمالهم على أوفى وجه.

ومن الغريب حقاً أن نتيجة كهذه لم تحدث أي أثر في دوائر الطب العالمية، مع أن جميع الأطباء المختصين كانوا يعلمون أن أقصى مدة يعيشها مصاب بالشلل الجنوني العام قد لا تعدو سنتين!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى