البيولوجيا وعلوم الحياة

رأي ونظريات داروين حول الإنسان ونشأته

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

نظريات داروين البيولوجيا وعلوم الحياة

لسنا أحفاد القرود… ولسنا بني عمومتهم!!

من قال إن الإنسان أصله قرد؟… إنه أنت يا داروين. كلا، صحيح أنه تنسب إليّ النظرية القائلة بأن الإنسان سليل القرود ولكنني – في الواقع – لم أقل شيئاً من هذا أبداً.

إنني أعتقد أن الإنسان والقرد كليهما ينحدران من جدِّ مشتركٍ كان موجوداً في الزمن القديم ولكنه انقرض بعد ذلك، وعلى ذلك فإن القرد ليس جدنا وإنما هو ابن عمٍّ قديمٍ لنا!! كان هذا هو رد داروين ورأيه.

ويعتبر الإنسان – في رأي داروين أيضاً- أرقى أشكال الحياة على سطح الأرض؛ وقد كسب السيادة على جميع الحيوانات الأخرى نتيجة لمبدأ (البقاء للأصلح).

والصلاحية تعني عند داروين أكثر من مجرد القوة، إنها تعني في المحل الأول الملاءمة والتكيف. ويعتقد داروين أن الإنسان حيوانٌ اجتماعي، حيوانٌ متوحش ارتفع من الهاوية وليس ملاكاً سقط من علاه

هذا ما يقوله داروين عن الإنسان. ولكننا لا نرى أن الإنسان حيوانٌ متوحش ارتفع من الهاوية، سواء كان سليلاً للقرود أو ابناً لعمومتهم، وإنما نؤمن إيماناً لا يخالجه أدنى شك بما يقوله ربنا سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم (لقد خلقنا الإنسانَ في أحسنِ تقويم). (التين: 4).

 

وعلى أية حال، فإن لداروين (مع) القردة قصة …

فهو عندما كتب (أصل الأنواع) كان حذراً فتجنَّب الإشارة إلى الإنسان. ولكن بعد اثني عشر عاماً كانت نظرية التطور قد صارت عميقة الجذور فنشر دراسة عن تطور الإنسان عنوانها (انحدار الإنسان).

وكان هكسلي قد سبقه في هذا الميدان بنشر كتابه (موضع الإنسان في الطبيعة) عام 1863.

ومن نقائص كتاب داروين أن المؤلِّف قد عجز عن التمييز الواضح بين الوراثة البيولوجية والتأثير الحضاري على سلوك الإنسان وتطوره.

ومن الواضح أن داروين قد شارك علماء الحياة في عصره ذلك الخطأ، إذ كان علم الإنسان ما زال وليداً.

ولقد أوضح كتاب داروين بطريقة عامة وجود علاقة بين الإنسان والرئيسيات وقارن – ولو من الناحية الشكلية – بين الإنسان الحالي والقردة العليا، حيث لم تكن قد كُشفت بعد أية حفائر للإنسان الأول.

 

ومن هنا كثرت التكهنات المتعلقة بجدود الإنسان الأولى، حتى تصورهم البعض أشبه ما يكونون بالغوريلّات ذوات القواطع!.

والحق، كما ألمحنا، أن داروين لم يفكر مطلقاً في أن الإنسان قد انحدر من القردة، ولكنه أراد أن يُفهم الناس بأن الإنسان والقردة انحدرا من سلفٍ واحدٍ مشترك.

ولكن رجال الكنيسة – ومنهم أسقف أكسفورد بالطبع – لم يفهموا هذا، وقليلٌ هم الذين فهموا داروين فهماً صحيحاً في أول الأمر. ومن هنا كانت الضجة الكبرى والثورة العاصفة على كتابه (أصل الأنواع)، إذ نظر إليه على أنه يهاجم الأديان.

فإذا كانت التوراة تعلمنا أن الإنسان قد خلق في اليوم السادس من أيام خلق الله للدنيا، فإن داروين يقول – في رأي رجال الدين – بأن الإنسان لم يخلق في ذلك اليوم بل إنه لم يخلق أبداً وإنما انحدر من القردة. ومن ثم لا بد أن يكون القائل بهذا عدواً للكنيسة.

هذا ويحاول بعض المؤرخين تخفيف الهجوم على داروين في هذا الخصوص بأنه لم يكن في قمته عندما عالج الإنسان.

 

يقول أحد نقَّاد القرن التاسع عشر: (كانت دنيا داروين مليئة بالحشرات والقردة والحمام والنبات الغربية، أما الإنسان فلم يكن له مكان فيها ) .

وإذا سمحنا لأنفسنا أن نتغالى بعض الشيء مع ذلك الناقد، فإننا نرجح أن داروين كان يجد في تأليف كتابٍ عن دودة الأرض متعة تفوق متعته حين يتأمَّل ذلك الكائن العنيد الذي يستطيع مقارعة الحجة بمثلها وخاصة إذا كانت في الأصل حجة واهية.

وعلى أية حال فما كان لرجلٍ يشكو الأرق والصداع وآلام المعدة من أن يتصدى لدراسة نوعه!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى