التاريخ

تقصي المعرفة الخفية والحقائق من علم السيمياء

1999 تاريخ الكيمياء

صلاح محمد يحياوي

KFAS

المعرفة الخفية علم السيمياء التاريخ الكيمياء

كان "مرسلان برتلو" أول من شرع في ترجمة ونشر مجموعات المخطوطات التي لم يدرسها مؤرخو العلوم دراسة جدية، إلا أنه كان يجهل اللغة السريانية واللغة العربية، وما كان يلم إلا بالقليل من اليونانية، لذلك لجأ إلى باحثين يساعدونه. 

غير أن هؤلاء لم يكونوا لسوء الحظ على إلمام بطبيعة العلميات التي وصفتها النصوص الغامضة، والتي كان عليهم أن يترجموها، والتي غالباً ما كانت مرموزة أو مشفرة، لذلك فوضوا أمرهم إلى سلطة "برتلو" الوحيدة بغية تقرير المعنى الملائم إعطاؤه للمقاطع الصعبة. 

لذلك تصدى مؤرخون متخصصون مختلفون، ومنهم خاصة "فون ليبمان VON LIPMANN تصدياً عنيفاً لطريقة "برتلو" الفريدة في النقد.

وعلى الرغم من هذه التحفظات على مجموعات المخطوطات الشهيرة المنشورة هذه منذ ما يقارب القرن من الزمان فإنه لم يُعَدْ النظر فيها ولم تصحح لغوياً ولا علمياً ولا تزال الأطروحات حول أصول السمياء – التي تم الاعتراض بحق على مصادرها الوثائقية تعد جدية أحياناً.

 

ومما لا شك فيه أن نظرة "برتلو" الشاملة تمتاز بكونها بسيطة وواضحة، إلا أنها محدودة، يحدها أفق البحر الأبيض المتوسط الثقافي في دراسة الآداب القديمة الاتباعية، وذلك في وقت ما كان يظن فيه مطلقاً بوجود سيمياء صينية وهندية سابقتين جداً لمدرسة الإسكندرية، فكان تفسير أصل هذه النظريات وهذه الممارسات مقتصراً على تفسير ما كان يعتقد بأنه أقدم البنى.

وقد افترض "برتلو" افتراضاً منطقياً، وانطلاقاً من النصوص الاسكندرانية التي عمل على ترجمتها، أن هذه المعارف كانت بادئ ذي بدء معارف حرفية وما قبل كيماوية، ذلك أن أوائل الممارسن ما كانوا يسعون إلى تقليد مظهر الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة بتركيب الأصبغة وصنع السبائك الخليطة (الأشابات) التي لها لون الذهب والفضة ووزنهما. 

وكانت النتائج التي حصل عليها هؤلاء مزيفة خدعتهم هم أنفسهم حول حقيقة هذه التظافرات المزعومة. 

 

وكان أن أسهم الفلاسفة والصوفيون فميا بعد في امتداد هذا الغموض قروناً بين الأوهام النظرية والحقائق التجريبية حتى جاءت الكميياء الإيجابية والعلم الحقيقي.

وبالفعل فقد برهن هذا العلم الصحيح عقلانياً منذ "لافوازيه" أن المعادن أجسام بسيطة ، أي أنها غير قابلة للتفكك، وهذا يكفي للبرهنة على الصفة الوهمية لتطافراتها، وعلى الطبيعة التدليسية للعمليات السيماوية.  

ولحسن الحظ أن هذه المعتقدات الباطلة، خرافات العصور الوسطى قد تبددت، كما تبددت جميع الخرافات الأخرى بالتقدم المستمر لإشعاع الفكر البشري.

وفي عصرنا هذا غدا هذا التفسير الإيجابي للسيمياء هو نفسه وهمياً من الناحيتين التاريخية والعلمية. 

 

ومن جهة أخرى كشفت الأعمال العظيمة التي قام بها المستشرقون ولا سيما العلماء بالحضارة الصينية، كشفت القدم الغابر وعالمية النظريات والممارسات السيماوية التقليدية بإظهار صفتها اللاهوتية الأساسية. 

ومن ناحية أخرى، وخلافاً لمبادئ "لا فوازيه" المُدّرِّسَة في الجامعات الغربية في القرن التاسع شعر فقد فكك الفيزيائيون النوويون الحديثون جميع الأجسام التي كان يُعتقد بأنها بسيطة، وتحققوا بذلك من النظرية السماوية التقليدية لوحدة المادة. 

وكشف التحقيق التجريبي لتطافر الزئبق إلى ذهب – إضافة إلى ذلك – أن وهم السيميائيين المزعوم كان قريباً جداً من الطبيعة الحقيقة للبنية الذرية لهذين المعدنين اللذين يتعاقبان في الجدول الدوري للعناصر. 

كما أن فيزيائيين بارزين مثل جانب ران JEAN PERRIN لم يترددوا في التصريح بأنهم وجدوا في معلمي السيمياء القدامى "الرسل العباقرة لسحرة الذرة الحديثين".

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى