علم الفلك

نظرية كوبرنيكوس ومؤلفاته حول الكون الشمس المركّز

2016 علوم العصور الوسطى المتأخرة وعصر النهضة

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

علم الفلك

«وأخيرا سنضع الشمس نفسها في مرگز الگون. يشير إلى ذلك گله التتابع المنتظم للأحداث وتناغم الگون بأگمله، وإذا واجهنا الحقيقة بعيون مفتوحة گما يقولون» (گوبرنيكوس: حول دوران الأجرام السماوية).

ولد ميكولاج كوبرنيك في التاسع عشر من فبراير عام ١٤٧٣ في بولندا، لكنه غير اسمه إلى المسمى اللاتيني

المقابل، نيكولاس كوبرنيكوس، خلال دراسته بجامعة كراكو ما بين العامين ١٤٩١ و١٤٩٤ – كان معتادا آنذاك للعلماء الأوروبيين استخدام اللغة اللاتينية في أعمالهم.

شملت الدراسة الجامعية الأولى لكوبرنيكوس بجامعة كراكو وبولوغنا بإيطاليا مجالات علم الفلك واللغة اللاتينية والرياضيات والجغرافيا والفلسفة واللغة الإغريقية والقانون الكنسي.

وبفضل المجال الأخير في دراسته عين بعد تخرجه كاهناً في كاتدرائية فراونبيرج في ألمانيا، وهو المنصب الذي احتله لبقية حياته رغم أنه لم يرسَّم فعلياً كقسيس. لكن علم الفلك بقي جوهر شغفه.

كان تدريس علم الفلك آنذاك يستند إلى تعاليم الفيلسوف الإغريقي أرسطو (٣٨٤ – ٣٢٢ ق.م.) والفلكي الإغريقي بطليموس (حوالي ١٠٠ – حوالي ١٧٠) وكذلك مؤلفات عالم الرياضيات الإنجليزي يوهانز ساكروبوسكو (توفي حوالي ١٢٥٦).

 

واعتبر مؤلف ساكروبوسوكو حول الأجرام الكروية في الكون (نشر عام ١٢٤٠) المرجع الرئيسي في علم الفلك لأربعة قرون بعد وفاته. كانت القاسم المشترك بين هؤلاء جميعا اعتبار الأرض مركز الكون ودوران الشمس والقمر والكواكب حولها.

ونظراً لإيمان بطلميوس بكمالية السموات استدعى ذلك حتمية دائرية أفلاك الأجرام السماوية. ولمعالجة ظاهرة شذوذ الأفلاك عن الشكل الدائري، بسبب شكلها الأهليجي أو البيضاوي فعلياً، أدخل بطليموس فكرة «المركز السطحي» لحركة الأجرام السماوية – حركة الكواكب في مدارات دائرية صغيرة مركزها على محيط المدار الكبير لها حول الأرض. ومن إبداعات بطليموس كعالم رياضيات صحة نتائجه الحسابية على الرغم من الخطأ المبدئي في نموذجه للكون.

أدرك كوبرنيكوس أن غالبية المعضلات الحسابية المتأصلة في نظام بطليموس تتلاشي إذا قبل المرء فكرة دوران الأرض حول الشمس، وليس العكس. وبشكل يدعو للاستغراب لم تمانع الكنيسة اشتغال كوبرنيكوس في علم الفلك، ويبدو أن خبرته كانت مشهورة – طلب البابا ليو العاشر استشارته في تنقيح التقويم الأكليركي (الكنسي ) بعد اختلاف طوره عن بداية فصول السنة.

بحلول عام ١٥١٤ بدأ كوبرنيكوس توزيع نسخ من مؤلف صغير مكتوب بخط اليد يضع فيه القواعد الرئيسية لكون شمسي المركز، أو مركزه الشمس، وبمعنى أن مركز الكون يقع عند نقطة قريبة من الشمس، وليس الأرض، وأن الكون متسع بما لا يمكن للعقل تصوره، وأن الحركة الدورانية الظاهرية للنجوم وكذلك تغيرات الفصول المرتبطة بالشمس سببها دوران الأرض حول محورها وحركتها حول الشمس على التوالي.

 

وأخيراً أن حركة كوكبنا تؤثر على رصدنا لحركة الكواكب الأخرى. عرف الكتاب بعنوان التعليق القصير، ولم يضم الكتاب تفصيلات معالجة رياضية، كما أنه خلا من اسم مؤلفه، كوبرنيكوس، واحتفظ كوبرنيكوس بالمعالجة الرياضية لنموذجه لينشره في كتاب آخر أسماه «المؤلف الأكبر»، والذي استغرق ظهوره حياته بأكملها.

يعتقد أن كوبرنيكوس بدأ العمل في مؤلفه الكبير، حول دوران الأجرام السماوية في أفلاكها، عام ١٥٠٦ ولم يكتمل حتى عام ١٥٣٠. ونظراً لوعيه العميق بالآثار الجذرية لأفكاره على الكنيسة، التي كانت تعتنق مبدأ أن الأرض مركز خلق الله، تردد كوبرنيكوس في الإفصاح علناً عن نموذجه وسمح لعدد قليل من العلماء الاطلاع على مخطوط كتابه.

وقعت مهمة إقناع كوبكرنيكوس بنشر مؤلفه على عاتق تلميذه الفلكي الألماني رهيتكـوس (جورج فون لوخن، 1514 – 1574). والحق يقال إن رهيتكوس مهد الطريق أمام نشر الكتاب من خلال نشر كتيب صغير عام 1539 بعنوان التقرير الأول ضمنه تقديماً لبعض أفكار كوبرنيكوس.

 

مع انتهاء كوبرينكوس العمل في مؤلفه حمله رهيتكوس معه إلى نورمبيرغ لطباعته هناك، حيث وضعه بين يدي شخص يدعى أندرياس أوسيندر (1498 – 1552) للأشراف على طباعته. لكن أوسيندر لم يرتح للآثار المترتبة على اعتبار الشمس مركزاً للكون، بسبب توجهه الكنسي.

بناءً على ذلك استبدل أوسيندر مقدمة الكتاب بمقدمة كتبها هو نفسه مؤكداً فيها حقيقة أن الأرض ثابتة وأن فرضيات حركتها حول الشمس ليست إلا وسيلة لتسهيل العمليات الحسابية المبينة في الكتاب.

ومن غير المحتمل أن كوبرنيكوس كان سيوافق على هذه الإضافة، لكن يحتمل أنه لم يقرأ الكتاب بعد طباعته – إذ كان على فراش الموت عندما نشر الكتاب. وبالطبع كان رهيتكوس في غاية الغيظ بسبب المقدمة الجديدة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى