علم الفلك

نظريات تفسير أصل نشوء القمر

2013 دليل مراقب القمر

بيتر غريغو

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

لقد أثيرت الأسئلة حول أصل القمر لآلاف السنين. وقد بدأ يتحقق تقدم كبير في النصف الأخير من القرن العشرين عندما تم الحصول على عينات من مواد القمر مباشرة وتم تصوير سطحه وتحليل ذلك عن قرب. والكم الوفير من البيانات التي تم الحصول عليها عن طريق أبولو دزينة من المسبارات القمرية وخصوصاً مركبة الفضاء الأمريكية كليمنتاين في 1994 والمستكشف القمري في 1998 أعطى العلماء قدراً كبيراً من الأدلة التي بنوا عليها نظرياتهم. وقد تم تحديد تواريخ الصخور القمرية وتحديد مكوناتها مما يخبرنا عن الظروف التي تشكلت فيها وبما يوحي أيضاً كيف تشكل القمر في المقام الأول. ولا يقل عن 99% من سطح القمر يعود تاريخه لأكثر من ملياري سنة، وتخبرنا بعض الصخور المغرفة في القدم والتي عاد بها رواد الفضاء على متن سفينة الفضاء أبولو بأن القمر وجد كجسم منفصل وحيد منذ حوالي 4.6 مليار سنة. 

كيف حدث أن اقترنت الأرض بتابع كبير بهذا الحجم يعادل ربع قطر الأرض؟ ما الذي يمكن أن يفسـر الاختـلاف الكبير في التركيب بين الأرض والقمر – ونقاط التشابه؟ وقد طرحـت أربع  نظريات رئيسة لتفسير أصل نشوء القمر: الانشطار، الاستيلاء، التنامي المشترك والارتطام. وبحسب فرضية الانشطار، انفصل القمر عن الأرض نتيجة قوى الطرد المركزي التي لا تقاوم. ولا يمكن أن يكون حدث ذلك إلا في الظروف القصوى للغاية (وغير المحتملة) – زد على ذلك أنها لا تفسر الاختلاف في التركيب بين الأرض والقمر. وتصور نظرية الاستيلاء أنه في الماضي السحيق كان القمر كوكباً مستقلاً ولكن استولت عليه الأرض بجاذبيتها.

 

وتقدم نظرية منفصلة عن أصل القمر تفسيراً للاختلاف في التركيب الملحوظ بين العالمين، وتفسر أيضاً سبب دوران القمر حالياً على مدار حول الأرض قريب من دائرة. لكن إذا كان القمر مرة كوكباً مستقلاً فلابد أن تكون قوته الدافعة قد تقلصت دراماتيكيا عند مواجهة الأرض حتى تم الاستيلاء عليه ودخوله على مدار حول الأرض، ويصعب جداً رؤية إمكانية حدوث ذلك. وتطرح نظرية التنامي المشترك تكون القمر من سحابة بدائية من الغاز، والغبار والحطام المجمع في مدار حول كوكب الأرض في مرحلة تكونها الجنيني. غير أن نظرية “الكوكب الشقيق” هذه لا تفسر الاختلافات الكبيرة في التركيب بين الجسمين.
 

 

 

ويبدو الآن أن النظرية الأكثر احتمالاً لنشوء القمر والتي تحظى بقبول واسع هي نظرية الارتطام العملاق أو «التناثر الكبير». وتوحي هذه النظرية أن كوكباً بحجم المريخ (حوالي نصف حجم الأرض) اصطدم بالأرض في أول تكونها، مما سبب انسلاخ القشرة الخارجية للجسم المرتطم وللأرض في جهة الارتطام. وتناثرت سحابة من الركام إلى المدار القريب من الأرض واندمجت المناطق الخارجية لهذه الحلقة المؤقتة من المادة المتناثرة لتشكل القمر. وفي حين تجد نظريات نشوء القمر صعوبة في تفسير ندرة الحديد المعدني الذي يعتقد وجوده في مركز القمر، تقدم هذه النظرية جواباً صريحاً – التحم لب الكوكب المرتطم الغني بالحديد بلب الأرض، وتكونت المادة المتناثرة من القشرة الخارجية للجسمين والتي يندر وجود الحديد فيها نسبياً. وأظهرت رحلات مركبة الفضاء أبولو أن القمر فيه القليل من الماء أو العناصر المتحركة الأخرى (المواد التي تتبخر في درجات حرارة منخفضة نسبياً) في صخوره الداخلية المنشأ. وتقدم نظرية «التناثر الكبير» مرة أخرى جواباً لذلك – ولد الارتطام درجات حرارة مرتفعة بما يكفي لتسبب غليان هذه المادة المتحركة وتطايرها في الفضاء.
 

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى