شخصيّات

نبذة عن حياة ومؤلفات العالم “عزُّ الدَّين الجِلدِكي”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

عزُّ الدَّين الجِلدِكي مؤلفات عز الدين الجليكي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

له فضل السبق في كشوف كيميائيةٍ كثيرة، كما كان له فضل التصنيف في هذا العلم والتأليف، فرسّخ أسس الكيمياء الإسلامية ووطَّد دعائمها . أخطأ في قليلٍ واصاب وحسْبُه ما أصاب، ذلكم هو عالمنا عز الدين الجِلْدِكِي (شكل رقم 209).

أوائل  … الجِلْدِكِي

هو عز الدين أيدمر على الجلدكي عاش في مصر في القرن  الرابع عشر مجهول المولد  معلوم الممات.

آخر علماء الإسلام القُدامى الذين اشتُهروا بالكيمياء. واسع الاطلاع غزير المادة، يُحيط علماً بما دونَّه الكيميائيون السابقون وما أجروه من تجارب وما توصلوا إليه من نتائج .

وكانت له اسبقيته الخاصة في بعض الجوانب. فهو أول من قال بأن المواد لا تتفاعل معاً إلاّ  بأوزان معيَّنة ثابتة، وما قال إلاّ بقانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيميائي الذي نُسب إلى العالم الفرنسي "يوسف براوست" بعد الجلدكي بأكثر من أربعة قرون (عام 1799)!.

وهو أول من أدرك إمكان فصل الفضة عن الذهب بتأثير حمض النيتريك الذي يذيب الفضة ويترك الذهب.

 

مؤلَّفات الجِلْدكِي

للجلدكي في الكيمياء كتابان: "نهاية الطلب"  و "التقريب في أسرار التركيب" ويبلغ كل منهما نحو ألف صفحة، هما أشبه بموسوعة علمية تضمنت الكيمياء الإسلامية بمبادئها ونظرياتها وبحوثها ونتائجها .

وقد سجَّل فيهما أقوالاً كثيرة وتجارب لمن سبقه من علماء العرب من مثل جابر والرَّازي . والكتابان يُعدَّان مرجعاً يوثق به في الكيمياء عند العرب.

وينقل محمد محمد فياض في كتابه "جابر بن حيَّان وخلفاؤه" مقتطفات من الكتاب الثاني "التقريب في اسرار التركيب" في موضوعات منوَّعة لبيان ما وصلت إليه الكيمياء الإسلامية في آخر العهد بها، ونحن نقتطف من هذه المقتطفات … مقتطفات :

1- موضوع صعنة الكيمياء هو الجواهر الذائبة المنطرقة والبحث عن خواصها الذاتية من مثل: الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والخارصين والزئبق، والجواهر هذه تتفق في النوعية وتختلف في الكيفية .

2- الذهب جوهرٌ تام في طبيعته كاملٌ في صورته ، بينما الجواهر الأخرى ناقصة وسبب النقص عرضٌ من الأعراض التي تزول بالتدبير (التجريب)، ومتى زال النقص عن الجوهر صار ذهباً!.

3- الرصاص جسمٌ ثقيلٌ يذوب بطبعه في النار ذوباناً سريعاً ، ويحترق فيها مولِّداً المرتك والأسرنج، ومرتكه أصفر وأسرنجه أحمر، وإذا طُرق يحتمل التطريق حتى يسرع إليه التفتت والتقصف . ويسرع إليه التصديد بالحموضات وبخلِّ العنب إلى أن يصير أسفيداجاً .

 

4- الخارصين فيه يبوسة مفرطة، وبينه وبين الحديد مناسبة شديدة بحيث إنه إذا أُلقي عليه ليَّنه . ليت شعري كيف يحدث الليِّن بنار المسبك بين يابسين ! .

5- الأجزاء المعدنية الداخلة في العلاج هي الأملاح والبواريق والزاجات والكباريت والزرانيخ والتواتيت والمغانيس والمرقشيشات والنوشادرات والزنجارات والزيابق والزجاج والطلق والجير والمرمر والبلور والرخام وما شابه ذلك.

6- تُستخرج أملاح النبات بعد حرقها بالنار إلى أن تصير رماداً هامداً ، ثم يُحل (يذاب) الرماد بالماء على النار إلى أن يخرج الملح كله في الماء، ثم يستقصى في تصفيته بعد  الاستقصاء في غليانه إلى أن يبقى من الماء الثلث أو دونه ، ثم يُعقد (يُرسَّب أو يُبلَّر) بالتقطير أو بحر الشمس.

 

7- يُصنع الصابون من بعض المياه الحادة المتخذة من القلي والجير (محلول الصودا الكاوية) . ولما كان الماء الحاد يهرأ الثياب احتالوا عليه بأن مزجوه بالدهن الذي هو الزيت وعقدوا منه الصابون.

8- أنواع التقطير أربعة :

أ- تقطير العلقة: وفيه يحل الشيء المطلوب في الماء ويُقطَّر من لباد أو فتيلة (يسمى هذا النوع من التقطير الآن ترشيحاً) .

ب- تقطير اليبوسة : ويتم بإيقاد النار تحت القراع ( المعوجَّات) المطيَّنة المأخوذة الاوصال ، ويُقطَّر في جملة الدواء من الماء ومن الدهن.

ت- تقطير الرطوبة : ويتم بتركيب القراع على قدورٍ فيها الماء بعد أخذ الوصل وقد تم التقطير.

ث- التقطير المنكوس : ويتم باستعمال البوط المربوط، وهو بوتقة في اسفلها ثقب صغير ومن تحتها بوتقة أخرى والوصل مأخوذٌ بينهما ، ويجعل الذي يستنزل من الخلاصة في البوتقة العليا ، وتوقد النار فتنفخ عليه بنار السبك بعد خلط الجسد  المستنزل بما فيه من الأوساخ بالزيت والنطرون ، فتذوب الخلاصة وتقطر في البوتقة السفلى.

 

9- يُحضّر الماء الحاد بخلط بعضٍ من زاج وملح في برنية مطيَّنة يوضع عليها أنبيق نضع تحته قابلة ونستقطر الماء بالنار . وهذا الماء الحاد يحل قشر البيض في ساعة واحدة . (وتفسير هذا التفاعل أن الزاج الأخضر – كبريتات الحديدوز – يتأثر بالحرارة فيتصاعد ثالث أكسيد الكبريت الذي يتحد مع ماء التبلر في بلورات الزاج مكوناً حمض الكبريتيك الذي يتفاعل مع الملح فينتج حمض الهيدروكلوريك ) .

10- الكبريت الأبيض لا يُسوِّد الفضة (أي لا يُكوِّن معها كبريتيد الفضة كما يفعل الكبريت المعتاد)

11- لتكليس الرصاص بالتصدية، يُضرب صفائح ويُدفن في حبِّ العنب المحمَّص في بئر خال. (وتفسير ذلك أن العنب المحمَّص به حمض الخليك يتفاعل مع صفائح الرصاص منتجاً خلاَّت الرصاص التي تتأثر بثاني أكسيد الكربون المتجمع في قاع البئر المهجورة، فتتحول إلى كربونات رصاص قاعدية تستخدم في الطلاء باللون الأبيض) .

 

12- إذا قويت النار على النحاس خرجت على وجهه قشور هي التوتياء .

13- من الأجساد ما هو حلاَّل (مذيب) ومنها ما هو عقَّاد (مُرَسِّب) ومنها ما هو مُصلِّب، ومنها ما هو مُليِّن.

14- الحديد، إذا نُقي جسمه او احمرَّ لونه وتليَّن جوهره وذاب في النار ذوباناً مناسباً وتلزَّ زت أجزاؤه (اندمجت) وذهب طعمه وريحه، انقلب إلى الذهب أو الفضة كيانه.

 

15- للتصعيد نوعان :

أ- ما يُعمل في الآثال المهندم : المصنوع من الخزف أو الزجاج وهو قرعة طويلة طول عشر أصابع ، ومن فوقها غطاء على قدر فمها . وتوقد من تحتها النار على تدرج إلى أن تصعد الخلاصة إلى فوق وتنفصل الأوساخ أسفل الآلة .

ب- ما يُعمل في الآثال الخاص : وفيه يوضع الدواء في قدرٍ أو قرعة طولها ثمانية أصابع، ويجعل حول فمها ترسٌ قدر أربع أصابع ، ومن فوق الترس قبة من زجاج يطبق علي محيط الترس بإفريز مُهندم ليصعد الصاعد إلى أعلى الإناء ثم ينحدر من أعلى القبة يميناً وشمالاً في المحيط ويستقر على الترس. وفي رأس القبة ثقبٌ لطيفٌ لخروج البخار والرطوبات كي لا تتصدع الآلة .

ولعله يتبيَّن من هذا أن بعض المعلومات التي توصَّل إليها الجلدكي، بنفسه أو نقلاً عن الكيميائيين العرب، تصلح لأن توضع في كتاب حديث للكيمياء ، مثل وصفه للرصاص مثلا، ومثل تحضيره  للماء الحاد (حمض الهيدروكلوريك)، ومثل شرحه أنواع التقطير والتصعيد، كما أن منها ما تلفظه الكيمياء الحديثة من مثل إمكانية تحويل المعادن الخسيسة إلى نفيسة!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى