شخصيّات

نبذة عن حياة وإنجازات الملك “عَبْدُ العَزيزِ بن سعود”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الملك عبد العزيز بن سعود إنجازات الملك عبد العزيز بن سعود شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

وُلِدَ المَلِكُ عَبْدُ العَزيزِ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ آلُ سُعودٍ في عامِ 1293هـ (1876م) بمَدينَةِ الرِّياضِ.

وفي طُفولَتِهِ المُبَكِّرَةِ تَلَقَّى مبادِئَ القِراءَةِ والكِتَابَةِ علَى يَدِ عُلَماءِ الرِّياضِ، وحَفِظَ القرآنَ في سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ مِمَّا جَعَلَ والِدَه، رَحِمَهُ اللهُ، يَطْلُبُ مِنْ بَعْضِ العُلَماءِ، أمثالِ الشَّيخِ مُحَمَّدٍ بنِ مُصَيْبيح والشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ بنِ عبدِ اللَّطيفِ.

تَلْقينَهُ دروسًا في أُصولِ الفِقْهِ والتَّوْحيدِ بجانِبِ المَعارِفِ المُتَنَوِّعَةِ، والثَّقافَةِ العامَّةِ الّتي اكْتَسَبَ مِنْها الكثيرَ نتيجةَ مُجالَسَتِهِ أَصْحابَ الحِكْمَةِ والخِبْرَةِ والدّرايَةِ بأمورِ العِلْمِ والسِّياسَةِ والحَياةِ المُعاصِرَةِ.

 

وفي شبابِهِ أَحَبَّ المَلِكُ عَبْدُ العَزيزِ الفُروسِيَّةَ ورُكوبَ الخَيْلِ، وكانَ يقْضِـي وقتًا طويلاً في مُمَارَسَةِ هذه الرِّياضَةِ العَرَبِيَّةِ الأَصيلَةِ.

كما كانَ يَتَنَقَّلُ كثيرًا معَ والِدِه بَيْنَ رُبوعِ البادِيَةِ، وتَعَوَّد في هذه الفَتْرَةِ من عُمْرِهِ علَى الشُّجاعَةِ، والإرادَةِ القَوِيَّةِ، وتَحَمُّلِ المَسْؤولِيَّةِ.

ومِمَّا يَحْفَظُه لَنَا التَّاريخُ أَنَّ حُكَّامَ دَوْلَةِ الكُوَيْتِ كانوا علَى عَلاقَةٍ طَيِّبةٍ مَعَ المَلِكِ عَبْدِ العَزيزِ آلِ سُعُود، وتَمَتَّعَ رَحِمَهُ اللهُ بِفَتْرَةِ اسْتقرارٍ ذِهْنِيٍّ ونَفْسِيٍّ أَثْناءَ إقامَتِهِ هو ومَنْ مَعَهُ بأَرْضِ الكُوَيْتِ.

 

واكْتَسَبَ خِلالَ تِلْكَ الفَتْرَةِ فِكْرًا سِياسِيًّا عَميقًا، ومَقْدِرَةً سِياسيَّةً مُتَمَيِّزَةً نتيجةَ مجالَسَتِه للشُّيوخِ والأُمراءِ ورِجالِ الفِكْرِ بالمِنْطَقَةِ. وقَدْ لاحَظَ مَنْ حَوْلَهُ أَنَّه يُهَيِّئُ نَفْسَه لِعَمَلٍ وَطَنِيٍّ كبيرٍ.

وهذا ما حَدَثَ بالفِعْلِ عِنْدَما قامَ المَلِكُ عَبْدُ العَزيزِ في عامِ 1319هـ (1902م) باسْتِرْدادِ مَدينَةِ الرِّياضِ. وقَدْ مَهَّدَ هذا الحَدَثُ التَّاريخِيُّ لِتَأسيسِ المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعودِيَّةِ كدَوْلَةٍ سُعودِيَّةٍ حَديثَةٍ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ المَلِكُ عبدُ العزيزِ في تَوْحيدِ المَناطِقِ المُحيطَةِ بِمَدينَةِ الرِّياضِ، وتَمَكَّن مِنْ ضَمِّ مِنْطَقَةِ القَصيمِ إلَى الدَّوْلَةِ السُّعودِيَّةِ المُوَحَّدَةِ النَّاشِئَةِ.

وفي عامِ 1331هـ (1913م) تَمَكَّنَ من اسْتِرْدادِ مِنْطَقَةِ الأحساءِ بكامِلِها وضَمِّها إلَى المَمْلَكَةِ السُّعودِيَّةِ المُوَحَّدَةِ أيضًا.

 

وبهذا تَوَسَّعَتْ حدودُ الدَّوْلَةِ بَعْدَ أَنْ ضَمَّ إليها جزءًا مُهِمًّا من الجزيرَةِ العَرَبِيَّةِ، إذْ أصْبحَ لها منفذٌ يُطِلُّ علَى ساحِلِ الخليجِ العَرَبِيِّ مِمَّا أَكْسَبَها أَهَمِّيَّةً سياسِيَّةً وتِجارِيَّةً واقْتصادِيَّةً.

وبَعْدَ معارِكَ كثيرةٍ في مُخْتَلِفِ أَنْحاءِ الجزيرَةِ العَرَبِيَّةِ تَمَكَّنَ المَلِكُ عبدُ العزيزِ في 21 جُمادَى الأولى 1351هـ الموافق 22 سبتمبر 1932، من تَوْحيدِ جَميعِ أَجْزاءِ المَمْلَكَةِ في دَوْلَة واحِدَةٍ أُطْلِقَ علَيْها اسمُ «المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعودِيَّةِ»، وهُوَ اليومُ الوَطَنِيُّ الّذي تَحْتَفِلُ به المَمْلَكَةُ كلَّ سَنَةٍ احتفالاً رَسْميًّا.

وفي ذِكْرَى الاحْتِفالِ كلَّ عامٍ يَتَذَكَّرُ أهلُ السُّعودِيَّةِ الأَعْمالَ العظيمَةَ الّتي قامَ بها المغفورُ لَهُ المَلِكُ عبدُ العزيزِ مِن أَجْلِ لَمِّ شَمْلِ هذا الوَطَنِ وتَوْحيدِ أَجْزائِهِ.

 

ومُنْذُ ذَلِكَ الحَدَثِ التَّارِيخِيِّ بَدَأَ المَلِكُ عبدُ العَزيزِ في وَضْعِ الأَساسِ التَّنْظيمِيِّ المُعاصِرِ لِلْمَمْلَكَةِ، وقامَ بتَوْزيعِ المسؤولِيَّاتِ، وأَنْشَأَ عَددًا مِنَ الوِزاراتِ، وأَقامَ عَلاقاتٍ دِبْلوماسِيَّةً معَ عَدَدٍ من الدُّوَلِ الّتي اعْتَرَفَتْ بالمَمْلَكَةِ بعد انْضمامِها إلَى عُضْوِيَّةِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةَ وجامِعَةِ الدُّوَلِ العَرَبِيَّة.

ومِمَّا يُذْكَرُ في سِجِلِّ أَعْمالِهِ الجَليلَةِ أنَّه اهْتَمَّ كثيرًا بِدَعْمِ الحَرَكاتِ التَّحَرُّرِيَّةِ العَرَبِيَّةِ والإسْلامِيَّةِ.

وواجَهَ الملكُ عبدُ العزيزِ في فَتْرَةِ ما بَعْدَ تأسيسِ المَمْلَكَةِ كثيرًا من التَّحَدِّياتِ بِسَبَبِ نَقْصِ المَوارِدِ وانْعدامِ الأَمْنِ، إلاَّ أنَّ إرادَةَ اللهِ تَشَاءُ أَنْ تَتَبَدَّلَ أَحْوالُ المَمْلَكَة علَى يَد المَلِكِ عَبْدِ العزيزِ بَعْدَ أَنْ تَمَّ اكتشافُ النِّفْطِ في عام 1357هـ (1938) في المِنْطَقَةِ الشَّـرْقِيَّةِ مِنَ المَمْلَكَة.

 

إذْ قامَ بِتَوظيفِ دَخْلِه في تَطويرِ الحَياةِ والنَّاسِ. وتَطَوَّرَتْ البلادُ كثيرًا وأَصْبَحَ لها كِيانُها السِّياسِيُّ والاقْتصادِيُّ، بَعْدَ أَنْ قامَ، رَحِمَهُ اللهُ، بتطويرِ التَّعْليمِ والزِّراعَةِ والاهْتمامِ بإِنْشاءِ شَبَكَةِ الطُّرُقِ الّتي رَبَطَتْ بَيْنَ مُخْتَلِفِ أَجْزاءِ المَمْلَكَةِ.

ومِنْ مآثِرِه الكَثيرَةِ اهْتِمامُهُ بشبابِ المَمْلَكَةِ الّذي يَحْرِصُ علَى مُخَاطَبَتِهِم دَوْمًا قائِلاً: أَيُّها الأَبْناءُ، «إنَّكُمْ ثَمَرَةُ غَرْسِنَا الّذي غَرَسْناه، فاعْرِفوا قَدْرَ ما تَتَلَقَّوْنَه مِنْ العِلْمِ، واعْلموا أَنَّ العِلْمَ بلا عَمَلٍ كَشَجَرَةٍ بلا ثَمَرٍ».

وفي عامِ 1373هـ (1953م) تُوُفِّيَ المَلِكُ عبدُ العزيزِ تَغَمَّدَهُ اللهُ بِرَحْمَتِهِ بِمَدينَةِ الطَّائِفِ، عَنْ عُمْرٍ يناهز 78 سنةً، ونُقِلَ جُثْمانُه إلَى مَدينَةِ الرِّياضِ حَيْثُ دُفِنَ مَعَ أَسْلافِهِ مِنْ آلِ سعود.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى