إسلاميات

نبذة عن حياة شاعر الرسول “حسان بن ثابت”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حسان بن ثابت شاعر الرسول إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

هو حسَّانُ بنُ ثابتٍ بن المُنذر، من بني النجار – أخوالِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وبنو النجار فِرعُ من قبيلة الخزرجِ، التي كانت تسكُنُ المدينةَ بعد نُزوحها مع الأوْسِ من اليمن.

ونشأ حسانُ بين قومِه من الخزرج، وكان لأسرتِه مركزٌ مهمٌ في الجاهلية والإسلام، فأبوه كان حَكماً في حربٍ بين الأوس والخزرج، وأمه من أشراف الخزرج، وكان له أخوان هما: أوسُ – واستشهد في غزوة احُد، وأُبيَّ – واستشهد في موقعة بئر معونةٍ.

ومن أخواتِهِ: كبشة ولبني وخولة وفارعة. وزوجاتُه: عمْرة، وشعثاء، وسيرين– أخت مارية زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم – وأبناؤهُ وبناتُه : أمُّ فراسٍ، وليلى، وعبدُ الرحمن (من زوجتهِ) سيرين.

 

قيلَ أنه عاش 120 سنةً؛ نصفُها في الجاهليةِ  ونصفُها في الإسلام. وتُعدُّ أسرةُ حسانَ من البيوتِ العريقةِ في قَوْلِ الشِّعرِ، فجدُّهُ وأبوهُ وهو وابنُهُ عبدالرحمن وحفيدُهُ سعيدُ كانوا شُعراء.

ولأنه لم يُشاركْ في المعاركِ الحربية، فقد اتُّهم بالجُبْنِ، لكن يبدو أنه كان مصاباً بعلّةٍ في يَدِهِ، تمنعهُ من حملِ السلاح، أو لأنه كان متقدماً في السنَّ. وعلى كل حال، فحسان فارسٌ لا يُشقُّ لهُ غُبارٌ في مَيدان الشَّعرِ.

عاشَ حسان في الجاهلية، كما عاشَ أمثالُهُ من الفتيان، وكانت له مشاركةٌ في الحياةِ الأدبيةِ، وتردّد على أقربائه الغساسنة ملوك الشام ومَدَحَهم ونال جوائزِهِم.

 

وكان على صلةٍ أيضاً بالشعُراءِ الذين يَفدون على سوق عُكاظ في المواسِم، ومنهُم النابغة الذبياني والخنساء والأعشى، فسمع منهُم وسمعوا منه.

وكان ظُهورُ الإسلامِ فاتحةَ عهدٍ جَديدٍ في حياةِ حسانَ، إذ سرعانَ ما دخلَ حسانُ في الإسلام مع من دخلهُ من قومهِ.

وبعدَ هِجرةِ النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أطلق شعراءُ المشركين ألسنتهم بهجاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وبهجاء المسلمين، وبالصّدِّ عن سبيلِ الله، الأمرُ الذي أغضبَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم، وذلك لمعرفته صلى الله عليه وسلم بما للشعر من انتشار ومكانةٍ وتأثيرٍ في القبائلِ العربيةِ.

 

فقال صلى الله عليه وسلم للأنصار: ما يمنعُ القوم الذين نَصروا رسول الله بسلاحِهم أن ينْصُروهُ بألسنتهم؟ فأجابَهُ إلى ذلك حسانُ بنُ ثابتٍ وكَعْب بنُ مالكٍ وعبدالله بن رواحةٍ، فانشرح صدرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، وطلب منهم أن يردوا عنه شُعراءَ المشركين.

وقد حكم النبيّ صلى الله عليه وسلم بتفّوقِ حسانَ على رفيقيْهِ بعدما سمع أشعارهم، وهذه شهادةٌ قيَّمة بشاعرية حسان.

وهكذا اختاره النبيّ صلى الله عليه وسلم ليكونَ شاعرهُ المفضل. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُدركُ صعوبةَ أن يهجو الشاعر قريشاً دون أن يصيبه صلى الله عليه وسلم من ذلك شيء، فقال لحسانَ، مختبراً له: إن لي فيهِم نَسباً، فأتِ أبا بكرٍ، فإنه أعلمُ قريشٍ بأنسابها، فيُخلَّصُ لك نسبي. قال حسانْ: والذي بعثك بالحق لأسلَّنك منهم ونسبك سلَّ الشعرةِ من العجين!! .

 

ويقولُ النبي صلى الله عليه وسلم مُشجعاً له: اهجُهُم أنتَ وجبريلُ معك!.  وقال صلى الله عليه وسلم لما سمع بعضَ شعر حسانَ فيهم: والله، لَشِعْرُكَ أشدُّ عليهم من وقعِ السَّهامِ في غَبَشِ الظلامِ.

ولم يكن حسانُ يهجو المشركين بالكفر والشرك، مثلما فعل غيرهُ من الشعراء، فبالنسبةِ للمشركين لا أهمية لهجائهم بالكفر والشرك، وإنما هجاهم حسانُ بالمعارك التي هُزموا فيها، وعيَّرَهم بالمثالبِ (الجوانبِ السلبية فيهم)، لذلك أثَّرَ هجاؤه فيهم تأثيراً كبيراً.

ومنذُ أن أصبحَ حسانُ شاعرَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، أصبَحَ شعرُهُ دفاعاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين، وحرباً على أعدائهِ وأعداء المسلمين، وردَّا على هجاءِ المشركين.

 

وتسجيلاً لما حدثَ في عهدِ الرسولِ من غَزواتٍ وأحداثٍ، ومفاخرةً لشعراء الوفودِ التي كانت تَقْدِم على الرسول، ورثاءٍ لمن يستشهدُ من المسلمين إبَّانِ الوقائعِ، فكان شعره في تلك الفترةِ سجلاً لجميعِ الأحداثِ التي توالتْ على المسلمينَ، وغَلبَ منذ ذلك الحين الطابعُ الإسلامي على موضوعاتِ شعرِهِ.

وشعرُ حسانَ مهم لأنه يعتبرُ مصدرا من مصادر التاريخ الإسلامي.

وكانت لحسان منزلُة رفيعةُ يُحسدُ عليها، فقد كان الرسولُ يُظلُّهُ بجِناح رِعايته، ويَبسُطُ عليه حمايته، ويُظهرُ إعجابَهُ بشعرِهِ ويكافِئُهُ عليه.. ولا عَجَبَ ،فقد كان حسانُ مُجاهداً بلسانِهِ وشِعْره، وهذا لا يقلُّ عن الجهاد بالسيوفِ والرماحٍ إن لم يَزد عليه أحياناً.

 

فلما تُوفي الرسولُ صلى الله عليه وسلم فقدَ المنزلةَ التي كان يَحظى بها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأ يقلُّ إقبالُ الناسِ على شِعرِهِ حين خفَّ الصراعُ بين المسلمين والمشركين لأنَ أكثرَ العربِ اعتنقوا الإسلام.

وزَهِدَ حسانُ في الشعر إلا في المناسبات، وأصيبَ بالعمى، وامتد بهِ العمرُ إلى أن مات سنة 40 للهجرة وقيل 50ه.

 

أما شعرُهُ فقسمانِ: جاهلي وإسلامي:

شِعْرُهُ الجاهلي: وهو قليلٌ، ويؤدي فيه حسانُ مهمةَ شاعرِ القبيلةِ. ومن أشهر موضوعاتِ شِعره في هذه الفترة:

 

1- الملاحِمُ الهِجائيةُ بينهُ وبين قيس بن الخطيم، شاعِر الأوسِ.

2- الفخرُ الشخصي، والفخرُ بقبيلتِه الخزرج.

 

3- المدحُ: وهو في مدحِ مُلوكِ الغساسِنةِ.

4- شِعرُهُ الإسلامي: وقد قاله متأثراً بالعقيدة الجديدةِ التي عمرتُ قَلبَهُ، وألهَبَتْ شاعريَتَهُ. ومن أشهر موضوعات شِعرِهِ في هذه الفترة.

 

5- هجاءُ المشركين الذين آذوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وآذوا المسلمين بلسانِهم (نصف ديوانه تقريباً).

6- الفخرُ: وأصبحَ يدورُ في فَلَك القِيَم الإسلامية والقِيَم الجاهليةُ التي اقرَّها الإسلام، مثل: الجود والشجاعة وحماية الجار … الخ .

 

7- المديحُ: ومديحُهُ للرسولِ صلى الله عليه وسلم يدور على المعاني الإسلامية وحدَها : كنبي ارسله الله لهدايةِ الناسِ؛ فهو مُباركٌ، ماجدٌ، عَّف، رؤوفٌ بالناس…الخ.

8- الرِّثاءُ: رثى حسانُ شهداء المسلمين، ومَنْ مات من الرجال البارزين.. فلما توفي رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) رثاه بطائفةٍ من القصائدِ والمقطعاتِ التي تفيضُ لوعةً وحَسْرة. كذلك رثى أبا بكر وعمرَ وعثمانَ، ويغلبُ على رِثائِهِ المعاني الدينيةُ والقيمُ الإسلامية.

 

وتناول حسانُ مواضيعَ أخرى، كالغزل والوصْفَ والحِكَم والمواعظِ. وشعرُ حسانَ الإسلامي يمثلُ سِجّلاً يؤرخُ حياةَ الدعوةِ الإسلامية والمراحلَ التي مّرت بها .

ومن هنا، أصبحَ لشعرهِ قيمةٌ تاريخيةٌ إلى جانبِ قيمتهِ الأدبية؛ فقد سجّل الأحداثَ التي ألمت بالمسلمين، والمعارك التي كانوا يخوضونَها .

 

ومن الخصائص الفنيةِ لشعرِهِ :

– أن أسلوبه ليس واحداً في جميعِ موضوعاتِه.

– أنه تغلب على أسلوبه الرقةُ والسلاسةُ.

– أن أثرَ القرآنُ في معانيه أبرزَ من أثرهِ في اسلوبِه.

– أن حظَّ شِعْرِهِ من قُوة العاطفة والخيال يختلفُ باختلاف الموضوعات قوةً وضعفاً.

– إن قصائدَهُ ليست طويلةً.

 

وخلاصة القول:

– إن حسان بن ثابتٍ شاعرُ هجاءٍ وفَخْرٍ، لا  يُشقُّ له غُبارٌ، وشِعرُه في سائرِ الموضوعاتِ لا يخلو من إجادةٍ.

– إنه شاعرُ الدعوة الذي أرَّخَ بِشِعرِهِ مراحِلها وأطوارِها، وهو شاعرُ الرسول صلى الله عليه وسلم المنافحُ عنه، وبذلك كان واضع اسس الشعر السياسي الديني في الإسلام.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى