شخصيّات

نبذة عن حياة الفيلسوف “الفارابي”

2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفيلسوف الفارابي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

الفارابي فيلسوف إسلامي عظيم. لقب بالمعلم الثاني في مقابل أرسطو الملقب بالمعلم الأول. اسمه: محمد بن محمد بن طرخان.

وكنيته: أبو نصر. ولد في بلدة وسيج في إقليم فاراب من خراسان (في تركيا الآن) سنة 255 للهجرة الموافق 870 للميلاد. وتوفي سنة 335 للهجرة الموافق 950 للميلاد.

أقبل على دراسة المنطق والعلوم الفلسفية، مثل: ما بعد الطبيعة، والأخلاق، والسياسة، وعلم النفس، في مدينة حران التي رحل إليها في سن يافعة ثم في مدينة بغداد التي كانت مركزا علميا وثقافيا في ذلك الوقت، وسافر إلى دمشق ومصر.

 

كان يتكلم لغات متعددة، منها التركية والفارسية، وتعلم اليونانية، وأتقن اللغة العربية، وكان تقيا، أبي النفس، متواضعا، زاهدا في كثير من مشاغل الدنيا.

نبغ الفارابي في علوم كثيرة ولكن أهم مساهماته كانت في الموسيقى والمنطق والشروح الفلسفية التي قدمها لمؤلفات أفلاطون وأرسطو من فلاسفة اليونان، ومحاولاته الدؤوب في الجمع بين آرائهما في شتى القضايا الفلسفية، بيد أن كثيرا من مؤلفاته قد فقد.

ألف الفارابي كتابا في تعريف المصطلحات الفلسفية سماه «الحروف». ويعتبر هذا الكتاب بالمقاييس المعاصرة مؤلفا أصيلا في فلسفة اللغة التي تشكل أهم المباحث الفلسفية المعاصرة.

 

وقام الفارابي في هذا الكتاب بتحليل المفاهيم الفلسفية، مثل «الوجود» و«الجوهر» و«الماهية» و«العرض»، وباقي أسماء المقولات التي وردت في كتاب أرسطو «المقولات».

واستعمل الفارابي في تحليله منهجا لغويا ومنطقيا، فشرح أولا الأصل اللغوي لاستعمال الكلمة عند العرب، وأتبع ذلك بإضافة المعاني المتضمنة في المقابل اليوناني الذي جاءت به فلسفة اليونان.

وألف الفارابي في المنطق مجموعة من الرسائل والشروح والكتب مثل «الألفاظ المستعملة في المنطق».

 

ويعد هذا الكتاب بالمقاييس المعاصرة مؤلفا أصيلا في فلسفة المنطق، شرح فيه الفارابي الفرق بين معاني الألفاظ عند العامة من الناس، وسماهم «الجمهور»، وبين معاني الألفاظ عند أصحاب العلم من المشتغلين بصناعة المنطق.

وقدم في هذا الكتاب تحليلا دقيقا لمعاني الألفاظ المنطقية مثل «الكليات» و«الموضوع» و«المحمول» و«الحد» و«النوع» و«الجنس».

وبذلك وضع الفارابي البذور الأولى لشجرة المعرفة في علم المنطق بتأسيس المصطلحات المنطقية باللغة العربية لتؤدي المفهوم المقصود في اللغة اليونانية دون أن يخل بما تؤديه الألفاظ من معنى مفهوم عند العرب.

 

وألف الفارابي في الفلسفة اليونانية كتبا وشروحا ومقالات كثيرة أهمها: كتاب «الجمع بين الحكيمين»، والمقصود بالحكيمين أفلاطون وأرسطو.

سعى الفارابي في هذا الكتاب إلى التوفيق بين آراء الفيلسوفين اليونانيين في مسائل عديدة، مثل: معنى الفلسفة، وهل تشتمل على كل العلوم، وطريقة استخدام البرهان، ومعنى «الجوهر»، وأمر الأخلاق: هل تتغير أم إنها طبيعة ثابتة، ومسألة العالم: هل هو قديم أم حديث، ومسألة النفس ومعرفتها ومصيرها.

وألف الفارابي أيضا في الأخلاق والسياسة مؤلفات عديدة أهمها: «مبادئ أهل المدينة الفاضلة» الذي يتضمن بعض المبادئ التي التزم بها أفلاطون في كتاب «الجمهورية»، مثل الصفات التي يجب أن يتحلى بها حاكم الدولة من حب للحق والعلم.

 

كما يقسم الفارابي في هذا الكتاب المجتمعات إلى نوعين: الأول المدينة الفاضلة وفيها يكثر الخير والفضيلة والسعادة، والثاني يتضمن المدن الفاسقة، والجاهلة، والمبتذلة والضالة.

ومن الكتب المهمة التي ألفها الفارابي كتاب «إحصاء العلوم»، الذي رتب فيه العلوم، وتتبعها علما علما، معرفا بها، وشارحا أغراضها. وهو عمل لم يسبقه إليه أحد.

 

ومن أعظم أعماله شأنا كتاب «الموسيقى الكبير»، الذي ألفه للوزير أبي جعفر المنصور. وهذا الكتاب يعد بحق أعظم مؤلف في علم الموسيقى وضعه العرب منذ فجر الإسلام.

وقد حظي كثير من كتب الفارابي بعناية العلماء في الغرب، فنشروا  بعضها في أوروبا، وترجموا بعضها الآخر إلى الألمانية أو الفرنسية أو الإنجليزية. ومن هذه الكتب: «إحصاء العلوم» و«كتاب الموسيقى الكبير».

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى