شخصيّات

نبذة عن حياة الشيخ “محمد عبده”

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشيخ محمد عبده شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

ولد الشيخ محمد عبده حسن خير الله في قرية «محلة نصر» بمصر في سنة 1849 (1266هـ).

وهو ينحدر من أسرة كريمة قوية، قاومت الظلم وكافحت من أجل الحق. عاش في بيئة متدينة فيها الأصالة والقيم والفضيلة، فكانت حصيلة ذلك اكتسابه أخلاقا سامية رفيعة المستوى.

بدأ تعليمه الديني صغيرا جدا، فدرس القرآن الكريم وحفظه وهو في السابعة من عمره، ثم تعلم تجويد القرآن في الجامع الأحمدي بالقرية سنة 1862.

 

انتقل إلى الأزهر في سنة 1864، ودرس فيه مدة عام، ثم عاد إلى القرية وتزوج وعمل بالزراعة. ولكن أباه شجعه على مواصلة التعليم، فعاد إلى الجامع الأحمدي بالقرية.

درس الصوفية على يد الشيخ درويش خضر، ثم عاود دراسته في الأزهر سنة 1866. وحضر الدروس الدينية لكثير من المشايخ أمثال: عليش، والرفاعي، والجيزاوي، والطرابلسي، والبحراوي.

وتأثر محمد عبده كثيرا بالشيخ جمال الدين الأفغاني ولازم مجلسه في سنة 1871، فترك دروس الأزهر وأصبح ينهل العلم والمعرفة على يد الأفغاني.

 

أول كتاباته المنشورة كانت في جريدة الأهرام سنة 1876، وكان يبلغ من العمر سبعة وعشرين عاما. درس كثيرا من العلوم إضافة إلى العلوم الدينية مثل المنطق والفلسفة وعلم الكلام.

تقلد مناصب التدريس في مدرستي دار العلوم والألسن، ولكنه عزل منها بعد أن نفي الأفغاني من مصر سنة 1879.

وفي سنة 1880 عين رئيسا لتحرير صحيفة «الوقائع المحلية»، فتولى عملية الرقابة على المطبوعات.

 

انضم إلى الحزب الوطني والثوار في سنة 1881، وبدأ في مقاومة الاستعمار الإنجليزي – الفرنسي، وظل مسؤولا عن الثوار حتى سقوط الثورة سنة 1882، وسجن بعد الثورة ثلاثة أشهر. 

ومن ثم صدر عليه حكم بالنفي خارج مصر مدة ثلاثة سنوات، ولكنها استمرت إلى ست سنين.

من أهم أعماله في هذه المرحلة، والتي نشر معظمها في صحيفة «الوقائع المصرية»: «اختلاف القوانين باختلاف أحوال الأرض»، و«حاجة الإنسان إلى الزواج»، و«حكم الشريعة في تعدد الزوجات»، و«الحياة السياسية»، و«القوة والقانون»، و«الوطنية». 

وكثير من المقالات الأخرى التي بحث فيها محمد عبده الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية والأخلاقية في المجتمع المصري.

 

عاش في المنفى ببيروت مدة عام، ثم انتقل إلى باريس بعد أن دعاه أستاذه الأفغاني، وأنجز الكثير من الأعمال الفكرية مع الأفغاني، مثل: تأسيس جريدة «العروة الوثقى» وعمل فيها رئيسا للتحرير. جاهد في الخارج وكافح من أجل تحرير مصر، فذهب إلى لندن ليطالب بخروج الإنجليز من مصر.

وفي بيروت كان من أهم كتاباته: «لائحة إصلاح التعليم العثماني»، و«لائحة إصلاح القطر السوري»، و«لائحة إصلاح التربية في مصر».

وبحث محمد عبده كثيرا في كتب التراث العربي الإسلامي، فدرس «مقامات بديع الزمان الهمذاني»، و«نهج البلاغة»، ثم عاد إلى مصر سنة 1889.

 

ومن أهم منجزاته أنه اشترك في تأسيس «الجمعية الخيرية الإسلامية» سنة 1892، وعين مفتيا للديار المصرية سنة 1889، وأصبح عضوا في «مجلس الأوقاف الأعلى». وعين في السنة نفسها عضوا في «مجلس شورى القوانين»، وأسس «جمعية إحياء العلوم العربية» سنة 1900.

كان الإمام محمد عبده كثير السفر والترحال، فخرج إلى كثير من الدول العربية والأوروبية؛ وكان يحمل معه دائما فكرا ثقافيا إسلاميا رفيع المستوى.

فكان من أبرز أعماله الفكرية في هذه الفترة: «رسالة التوحيد»، وتفسير وشرح «البصائر النصيرية للطوسي»، وتفسير وشرح «دلائل الإعجاز» و«أسرار البلاغة» للجرجاتي. وشارك بكتابة فصول في كتاب «تحرير المرأة» لقاسم أمين سنة 1899.

 

ولقد وصفه الشيخ رشيد رضا كما يلي: «ربع القامة، أسمر اللون، مع وضاءة. عظيم الهامة في اعتدال، عالي الجبهة، كبير الدماغ، أسود العينين براقهما، كأنهما مصباحان أو شرارتان…».

وتوفي الشيخ محمد عبده سنة 1905م (1323هـ) عن عمر يناهز سبعا وخمسين عاما. وكان له ثلاث بنات.

وترك للعالم الإسلامي تراثا فكريا ثقافيا متكاملا وشاملا يهدف إلى الإصلاح الديني، واعتمد على منهجية فكرية غنية بالجوانب الجمالية. وكانت جهوده الإصلاحية واضحة المعالم في الجوانب التربوية والسياسية والاقتصادية، ولقد كان من العقول المستنيرة ذات الرؤية المستقبلية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى