شخصيّات

نبذة عن حياة السيدة “بلاجينا فاسيليفا” وإنجازاتها

1995 نساء مخترعات

الأستاذ فرج موسى

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

السيدة بلاجينا فاسيليفا إنجازات السيدة بلاجينا فاسيليفا شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

((كان اختياري النهائي لدراسة الكيمياء يعود جزئيا إلى الصدفة، ولكنه قبل كل شيء كان استجابة لنوع من التحدي.

فقد كان حلمي هو دراسة فقه اللغة، لأنني كنت متحمسة للأدب والشعر. ولكن حدث ذات يوم أن أثارني أخي الأصغر، الذي كان يدرس في جامعة صوفيا Sofia

وقال: ((هل تعلمين أنّ الكيمياء، هي أصعب الدراسات الجامعية، وخاصة الكيمياء العضوية.)) فما كان مني إلا أن بلعت الطعم.

 

وقلت لنفسي: إذا كانت هذه الدراسات غاية في الصعوبة، فلا بد وأنها أيضا غاية في الإثارة. وهكذا كانت بدايتي في الانغماس في دراسة الكيمياء.))

ولدت ((بلاجينا فاسيليفا Blagina Vassileva))، في 23 اكتوبر عام 1930، في عائلة عمال. ودرست الهندسة الكيميائية في جامعات بتشيكوسلوفاكيا وفي وطنها بلغاريا، في أوائل الخمسينات.

وبعد أن عملت في البداية مدة 11 عاما في مصنع، انتقلت للعمل في معهد أبحاث، وحصلت على شهادة الدكتوراه في العلوم الفنية من معهد الفنون التطبيقية في «Gdansk» (جدانسك) في بولندا.

 

وتشغل السيدة ()بلاجينا فاسيليفا)) الآن وظيفة رئيسة قسم المضادات الحيوية في معهد الأبحاث الكيميائية والصيدلانية بمدينة صوفيا منذ عام 1972، وتعد اليوم شخصية وطنية مبرزة في بلدها.

ومن أبرز المنح والجوائز الكثيرة التي حصلت عليها، جائزة ديمتروف ((Dimitrov)) عام 1982، وجائزة أميز امرأة مخترعة في بلغاريا عام 1985.

لا تعرف ((بلاجينا)) بأنها مؤلفة لأكثر من 50 بحثا علميا منشورا وحسب، لكنها تعرف أيضا بأنها مخترعة رصيدها 25 اختراعا، تم تصنيع الكثير منها وتسويقه.

 

وجميع اختراعاتها مرتبطة بالمضادات الحيوية، وطرق تصنيعها. فقد ركزت أبحاثها دائما على المضادات الحيوية، ووسائل تطويرها في مجالات الطب البشري والبيطري. وذات يوم قادتها الصدفة إلى اتجاه جديد تماما له علاقة ببقائها في موسكو.

((تقابلت هناك مع باحثين سوفيت، يعملون في مجال المضادات الحيوية الخاصة بوقاية النباتات. وقد أثار مجال هذا البحث فضولي واهتمامي.

فقد رأيت فيه وسيلة للحرب ضد الأمراض التي تصيب المحاصيل الزراعية، وتدمر أشجار فواكهنا، وأوراق التبغ، التي يتم زراعتها على نطاق واسع في بلغاريا. وعند عودتي إلى صوفيا، أحضرت معي المضاد الحيوي (741) المعروف باسم (Lavendothricin))).

 

واختبرت ((بلاجينا)) المضاد (741) في مصنع تجريبي يتبع معهد أبحاثها في صوفيا، وكانت النتائج أكثر من مرضية. وقد ثبتت فاعلية هذا المضاد الحيوي ضد العفن الفطري، للتبغ، والتفاح، والكمثرى.

كما اكتشفت أيضا أن هذا المضاد يحمل تأثيرا إيجابيا على نمو النباتات، وعلى تأصيل جذور نبات القرنفل ونموه على سبيل المثال.

((أضف إلى ذلك أن اختباراتنا قد أظهرت أن هذه المضادات كانت غير ضارة لكل من الإنسان والحيوان، كما أنها لم تترك أي أثر سلبي على الفواكه التي عوملت بها. وهذا أمر في غاية الأهمية.))

 

وعندما سأَلت ((بلاجينا)) أن تتحدث عن اختراعاتها العديدة، قالت بتواضع: ((إن الكيمياء العضوية غاية في التعقيد، حتى بالنسبة للمتخصصين، لدرجة أنني أخشى ألا تفهم شيئا))!

وتضيف السيدة ((بلاجينا)) من فورها: ((أرجو أن تلاحظ أنني لست المخترعة الوحيدة، فقط طور اختراعاتي فريق من الباحثيين، معظمه من النساء))، حيث تشكل النساء مابين 90% إلى 95% من الباحثين البالغ عددهم 280 الذين يعملون في المبنى المكون من تسعة طوابق، أعني مبنى معهد الأبحاث الكيميائية والصيدلانية في مدينة صوفيا)).

و((بلاجينا)) مديرة قسم المضادات الحيوية – هي الأكثر شهرة بينه،, لها مكتب صغير مكتظ بالكتب والنباتات الخضراء.

 

وعندما تتحدث بلغة غير لغتها البلغارية، فإنها تتكلم ببطء ويسر بلغة تشيكية، وبولندية، وروسية، وقليل من الإنجليزية. ويمكنك أن تستشف في عينيها ذكاءها الحاد، وصلابتها التي تحمل في نفس الوقت الطيبة والرقة.

ولم يكن لدى ((بلاجينا)) أطفال, وقد توفي زوجها – الذي كان يعمل كيميائيا أيضا – في عام 1982. ويرجع الفضل إلى ناظرة مدرستها التي قامت بأهم دور في تكوين شخصيتها. وقد حدث ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية:

((لقد كانت ناظرتنا امرأة رائعة. فقد خلقت جوا من الاستقامة، أسهم في تزويدنا بالشجاعة.

 

وكانت تعاملنا من البداية على اننا كبار، وغرست في كل منا شعورا قويا بالمسؤولية. وما قالته لنا ترك انطباعا دائما ومستمرا لديّ، فقد اعتادت أن تقول: إن الحياة تجربة جادة.))

وهكذا كانت ((الجدية)) صفة ((بلاجينا)) طوال حياتها. فقد كان والدها بناء بالآجر. وكانت تبلغ الخامسة من العمر وحسب، حين وافته المنية، واضطرت أمها للعمل في أحد المصانع.

 

واضطرت ((بلاجينا))، كباقي أفراد الأسرة إلى الكفاح طوال سنوات عجاف، ولكنهم في النهاية توجوا بالنجاح، فأصبح أخواها الكبيران طيارين، وأخوها الأصغر مهندسا في (علم المياه).

ولم يكن هناك سبب لأن تحسد ((بلاجينا)) إخوانها. فقد كانت – هي ذاتها – شخصية شهيرة ومرموقة بمعنى الكلمة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى