شخصيّات

نبذة عن حياة السلطان “الظاهر بيبرس”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

السلطان الظاهر بيبرس شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

الظَّاهِرُ بيبَرْسُ هو أحدُ السّلاطينِ المَماليكِ الّذينَ عُرِفوا بفُروسِيَّتِهِم وشجاعَتِهِمْ الّتي سَجَّلَ التّاريخُ جانِبًا كبيرًا من صَفَحاتِها.

وقَدْ لَعِبَ دورًا كبيرًا قَبْلَ تَوَلِّيهِ الحُكْمَ في مَوْقِعَةِ عَيْنِ جالوتَ سنةَ 658هـ: 1260م ضدَّ عُدوانِ التَّتارِ علَى بلادِ الشَّامِ.

ويُعَدُّ الظَّاهِرُ بيبَرْسُ من أعظمِ سلاطينِ المماليكِ فقَدْ عُرِفَ عنه أنّه كانَ عادِلاً، فارِسًا، شجاعًا. كما أُقيمَتْ في عهدِهِ الخلافةُ العبّاسِيَّةُ في القاهِرَةِ سنةَ 659هـ: 1260م بعدَ أنْ قضَى عليها التتارُ في بغدادَ سنة 656هـ: 1258م.

 

وبإحيائِها اكْتَسَبَ حكمُ الظَّاهِرُ بيبرْس صِفَةً شَرْعِيَّةً، حيث حَصَلَ بيبرْس من الخليفةِ العباسِيِّ على تقليدِ الخِلافَةِ في حُكْمِ الدَّوْلَةِ الإسْلامِيَّةِ.

وسَنَّ الظَّاهِرُ بيبرْس وِلايَةَ العَهْدِ في سَلْطَنَةِ المماليكِ عِنْدَما عيَّنَ ابْنَهُ مُحَمَّد بَرَكَة خان، الّذي عُرِفَ فيما بعدُ بالمَلِكِ السَّعيدِ، وليًّا للعَهْدِ لِكَيْ يَحْكُمَ مِنْ بَعْدِهِ.

كانَ بيبرْس إداريًّا مُحَنَّكًا فَحَفَر التُّرَعَ، وأَصْلَحَ الحُصونَ، وعَمِلَ علَى اسْتِتْبابِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ في البلادِ. وأَوْجَدَ نظامًا قضائيًّا جديدًا عِنْدَما عيَّنَ أَرْبَعَةَ قُضَاةٍ للمَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأَرْبَعَةِ: الشَّافِعِيِّ، والحَنْبَلِيِّ، والحَنَفِيِّ، والمَالِكِيِّ.

 

وبنَى الظَّاهِرُ بيبرْس في سنةَ 665هـ: 1266م مسجدَه المعروفَ باسْمِه في القاهِرَةِ، وجَلَبَ في سبيلِ ذَلِكَ الرُّخامَ والأَخْشابَ من مُخْتَلِفِ البلادِ.

كذلِكَ بنَى الظَّاهِرُ بيبرْس بُرْجًا بقلعةِ الجَبَلِ، كما شيَّدَ قناطِرَ السِّباعِ علَى الخليجِ المِصْـرِيِّ (وسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأنَّه نَصَبَ عليها تماثيلَ من الحِجارَةِ علَى شَكل سِباع).

ولَعِبَ بيبرْس دورًا كبيرًا في مُحارَبَةِ الصليبيِّين وطَرْدِهِم من بلادِ الشَّامِ، ففي سَنَةِ 661هـ: 1262م حاصرَ مدينَةَ قِيسارِيَّةَ وفَتَحَها، ثم فتحَ قلعةَ أرسوفو وكذلِكَ صَفَد سنة 665هـ: 1266م، وشقيف سنة 666هـ: 1268م، وعثليث. ثمَّ أَتَمَّ فَتْحَ مدينَةِ أَنطاكِيَةَ سنةَ 666هـ: 1268م الّتي كانَتْ من أَكْبَرِ المَعاقِلِ الصَّليبِيَّةِ في ساحِلِ الشامِ.

 

كذلِكَ كانَتْ لبيبرْس عَلاقاتٌ واسعةٌ معَ مغولِ القَفْجاقِ، وتَزَوَّجَ من إحدَى أميراتِهِمْ، وعَمِلَ علَى نَشْرِ الإسلامِ بَيْنَهُم، وأَرْسَلَ إليْهِم الدُّعاةَ والقُضاةَ لِتَأْكيدِ شَعائِرِ الدِّيانَةِ الإسلامِيَّةِ في مُجْتَمَعِهم.

وقَدْ اتَّخَذَ بيبرْس لِنَفْسِه لَقَبًا جديدًا هو «قسيمُ أميرِ المُؤمِنينَ» تأكيدًا لمشارَكَتِه الخليفةَ العبّاسِيَّ في حُكْمِ سَلْطَنَةِ المماليكِ.

في حينَ أنَّهُ انْفَرَدَ فِعْلِيًّا في حُكْمِ سَلْطَنَةِ المماليكِ، وكانَ الخليفةُ العبّاسِيُّ مُجَرَّدَ رَمْزٍ للشَّرْعِيَّةِ مع تَمَتُّعِهِ باحترامٍ وتقديرٍ كبيرَيْن.

 

إضافةً إلى ذلِكَ أَقامَتْ سَلْطَنَةُ المماليكِ في عَهْدِ حكمِ الظَّاهِرِ بيبرْسَ عَلاقاتٍ متينةً مع الإمبراطورِيَّةِ البيزَنْطِيَّةِ في عَهْد الإمبراطورِ ميخائيلَ الثَّامِنِ باليولوجوس (1259 – 1282م).

كما حَرَصَ الظَّاهِرُ بيبرْس علَى تَجْديدِ جامِعٍ إسلامِيٍّ كبيرٍ في القُسْطَنْطينِيَّةِ وعَمِلَ علَى تَأثيثهِ بالكامل. كذلِكَ كانَتْ له عَلاقَةٌ قَوِيَّةٌ مع المَلِكِ شَارْل آنجو مَلِكِ صَقَلِّيَةَ، وتَمَّ تبادُلُ السِّفاراتِ والهَدايا بَيْنَهُما.

لقَدْ كانَ حُكْمُ الظَّاهِرِ بيبرْسَ يُمَثِّلُ مَرْحَلَةَ التّأسيسِ القَوِيِّ والبناءِ في سَلْطَنَةِ المَماليكِ في مِصْرَ والشَّامِ والحِجازِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى