شخصيّات

نبذة عن حياة الإمام “أبو حَنيفَةَ النُّعْمَان”

1987 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الأول

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الإمام أبو حنيفة النعمان شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

هو الأمامُ أبو حنيفةَ النعمان بن ثابت الكوفي. وُلِد في الكوفة في العراق سنة ثمانين للهجرة، وقد التقى بأحدِ أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو أَنَس بن مالك، رضي الله عنه، والتقى كثيراً مـــن علماء عصـره، فأخذ عنهم عِلْم الفقهِ والحديثِ والتفسير واللغة.

وقد شهد له علماءُ عصره من الأئمة بمَكانته وعِلمه وفضلِه، واشتهر بعد ذلك بين الناسِ وطلابِ العلمِ والعلماءِ في العراقِ، وفي أنحاء العالم الإسلامي. وكان له تلاميذُ كثيرون من أشهرهم الإمام مالك بن أنس.

ويُعَدُّ الأمام أبو حنيفة أوَّلَ الأئمةِ أصحابِ المذاهب الأربعةِ وهم أبو حنيفةُ، ومالكُ، والشافعي وابنُ حنبل، رحمهم الله جميعاً ورضي عنهم.

 

وكان الأمامُ الشافعي يقول: الناسُ في الفقه عِيَالٌ على أبي حنيفة. أي أن الناس وطلاب العلم والعلماء يحتاجون إلى علم أبي حنيفة ولا يستغنون عنه. وقد أصبح له مذهب يُنْسب إليه يقالُ له مذهب الحنيفة – وهو أولُ مذاهب الفقه الإسلامي.

وكان الولاةُ في كثير من البلاد يريدون أن يتقرَّبوا إليه، فيبعثون لَه الهدايا فكان يتورع عن أخذها، ولا يقبلُ إلا ما يأخذه من أجر مِنْ عمل يده، وكان له بيتٌ كبير يَصْنَعُ فيه الثياب ثم يبيعها وعنده عمالٌ يساعدونه في ذلك.

وقد تعرَّض الإمام أبو حنيفة للابتلاءِ في حياته، ففي يومٍ من الأيام طلبه أميرُ المؤمنين أبو جعفر المنصور وعرض عليه أن يتولى القضاء لمدينة الرَصَافة في العراق، فقال أبو حنيفة: لا أقبلُ أن أكون قاضيا. فَحَلِف أبو جعفر المنصور فقال: والله لَتَفْعَلَنَّ (أي لتتوليَنَّ القضاء).

 

فقال أبو حنيفة: والله لا أفعلُ (أي لا أقبل القضاء)، وما أنا مأمونُ الرِضى، فأنت لَنْ ترضى عني حينما أكونُ قاضيا فأقضي على خلافِ ما تريدُ، فكيفَ أكونُ آمناً أنك لَن تغضبَ إذا أصدرتُ حكماً لا توافقُ عليه.

ولذا لو هَدَّدتني أن تُغْرِقَني في نهرِ الفُرات أو أقبَل بهذا المَنْصِب فأكوننَ قاضياً عندَكَ لاخترتُ أن تغرقِني. ثم قال: إنني لا أصلح لهذا المَنصب.

فقال له أبو جعفر المنصور: كذبتَ. فقال أبو حنيفة: قد حَكَم أميرُ المؤمنين عَلّيَّ أني لا أصلح، فإنْ كنتُ كاذباً فلا أصلحُ فكيف تَوُلِّي قاضياً وهو كذَاب، وإن كنتُ صادقاً فقد أخبرتُك أني لا أصلح. فأمر به فأُخِذَ إلى السجن.

 

وهكذا كان الإمامُ أبو حنيفة، عَالِما قُدوةً تَقِياً وَرِعاً شُجاعاً في الحق، لا يخشـى في الله لومة لائم، وقَد بارك الله في عِلمه فَكَثُرَ تلاميذُه وطلابُ العلم والعلماءُ الذين حَمَلُوا علمَه بعد وفاتِه ونشروه في أنحاءِ العالَمِ الإسلامي، خصوصاً في العِراق ومصر والهِنْدَ وتركيا وأفغانستان وغيرِها من البلاد.

وأصبح له مذهب يُنْسب إليه يقال له: مَذْهب الحنيفة وهو أَوَّلُ مذاهِب الفقه الإسلامي كما ذَكَرْنا.

وبعدَ حياةٍ علميةٍ حافلة بالعَمَل والمثابرةِ والاجتهاد تُوُفَّي الإمامُ أبو حنيفة في بغداد بعد ان مَرِض، وكان موتُه سنة 150 هـ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى