النباتات والزراعة

نبذة تعريفية عن نبات “الذُرة”

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

نبات الذُرة النباتات والزراعة الزراعة

يُطلقُ لفظُ «ذُرَةٍ» على أجناسٍ وأنواعَ مختلفةٍ، ولكنَّ الشائعَ منها في الزِّراعةِ والاستعمال هما: الذرةُ الشامِيَّة، والذُّرَةُ الرفيعَةُ (العُوَيْجَة).

أما الذُّرةُ الشاميَّةُ فموطِنُها الأصليُّ المكسيك (أمريكا الجنوبية)، ولا يُعرفُ لها أصلٌ بري. وكان نباتُ الذُّرةِ يُزْرَعُ في مِنْطَقَةِ شيلي لاستخدامِهِ خُبْزاً في الوقتِ الذي اكتَشَفَ فيه الأوروبيونَ قارَّةَ أمريكا.

أيْ إنّ الذرةَ لم تَكُنْ معروفةً حتَّى هذا الوقتِ في العالَمِ القديم (بَقِيَّةِ القاراتِ). وقد وجدها الرحّالةُ كولمبوس (مكتشفُ أمريكا) مزروعةً في جزيرة هايْتي وعادَ بها إلى أوروبا من رحلتهِ الأولَى عام 1493.

 

ومنذُ ذلكَ التاريخِ انتشرتْ زراعَةُ نباتِ الذرةِ في أوروبا في الحدائِقِ، وأيضاً كأحدِ نباتاتِ المحاصيلِ. ثم وصلَتْ الذرةُ إلى شمالٍ أفريقيا، ويُظَنُّ أنها دخلَتْ مصرَ عامَ 1517 في أثناءِ الحكمِ التُّرْكِيِّ.

ويبدو أن بذورها (حُبُوبَها) قد جُلِبَتْ من سوريا وتُركيا واليونانِ ومناطقَ أخرَى في أوروربا، ولذلك تسمَّى في مصرَ «ذرة شاميَّةً»، و «ذرة تركيَّةً» و «ذُرَةً موريَّةُ» نسبــة إلى مُوريا في جنوب اليونان.

والذُّرةُ الشاميّةُ نوعٌ نباتيٌ واحدٌ لكنَّ له أصنافاً زراعيةً كثيرةً. وللأصنافِ الزراعيّةِ أسماءٌ محلية كثيرةٌ منها «نابُ الجمل» وهو أشْيَعُها في الزِّراعة، و«بَلَدِي عادة»، و«بَلَدي فَيُّومِيّ» (نسبة إلى مدينةِ الفيوم)، و«مَنْيَلاوي» (نسبة إلى جزيرة المَنْيَل بالقاهرة)، وغيرها.

 

ويحتاجُ النباتُ مياهاً وفيرةً ومُناخاً معتدلاً. وأحسنُ ما تكونُ زراعتُهُ في فصلِ الصيفِ، ويشغَلُ الأرضَ نحوَ 4 شهور ويعطي محصولَهُ في أكتوبر ونوفمبر.

ويصلُ ارتفاعُ نباتِ الذُّرة إلى ما يقربُ من مترينْ، وله مجموعٌ جذريٌّ عرضي ليفيٌّ تحتَ سطحِ الأرض، وجذورٌ دِعاميَّة تخرجُ من أسفلِ الساقِ وَتَتَّجِهُ للأرضِ لتزيدَ تثبيتَهُ.  

والساقُ عشبيةٌ مصْمَتَةٌ غيرُ متفرِّعَةٍ مقسمةٌ إلى عُقَدٍ تحملُ الأوراق، وسُلامَياتٍ طويلةٍ هي المناطقُ بين العقد.

 

والأوراقُ متبادِلَةُ الوضع على الساقِ، وتنمو ورقةٌ واحدةٌ عند كلِّ عقدة، وللورقةِ قاعدةٌ غِمْديةٌ تُغَلِّفُ السُّلامَى التي تعلوها، ونصلٌ شريطيٌّ طويلٌ.

ونَوْراتُ نباتِ الذُّرَة وحيدةُ الجنس؛ أي إما مُذكَّرة وإما مُؤنَّثة النورةُ المذكرة طرفيةٌ، أي على نهايةِ الساقِ وتسمَّى «الشُّوشَةَ»، أما الأزهارُ المؤنثةُ فتُوجَدُ في نورةٍ جانبيةٍ تسمَّى الكوزَ (أو المُطْر).

ويحملُ النباتُ نورةً مذكرةً واحدةً ولكن قد يوجدُ نورتان مؤنَّثتان أو ثلاثٌ. والنباتُ أحاديُّ المسكن لأنَّ النورتين المذكرةَ والمؤنثةَ تُحملانِ على نفس النبات (بخلاف نخلِ البلحِ، مثلاً، فهو ثنائيُّ المسكن فهناكَ النخلةُ الذكرُ والنخلةُ الأنثَى).

 

وتوصَفُ النَّورةُ المذكَّرَةُ للذرةِ بأنَّها سُنْبُلَةٌ مركبةٌ لأنَّ المحورَ الرئيسيَّ لها يتفرَّعُ كثيراً لحملَ السُّنَيْبِلات، وتوصَفُ نورتُهُ المؤنثة بأنها سنبلةٌ بسيطةٌ لأنَّ محورَها لا يتفرَّعُ ويسمّى القَوْلَحَةَ التي تحملُ الأزهارَ المؤنثة في صفوفٍ طويلة.

وللقَوْلحةِ عنقٌ قصيرٌ تنمو عليه أوراقٌ متزاحمةٌ تغيبُ أنصالُها وتبقى أغمادُها لتُغَلِّفَ القولحةَ وما تحملُه من أزهار وتسمَّى غلافَ المُطر(الكوز).

ويخرجُ من غلافِ الكوزِ عند قِمَّتِهِ خيوطٌ رفيعةٌ بيضاءٌ تميلُ إلى الاحمرارِ عند النضج، وهذهِ الخيوطُ هي الأقلامُ والمياسمُ الخاصَّةُ بالمبيضِ وتسمَّى شُرَّابةَ الذرةِ.

 

وللذُّرة الشَّاميةِ منافعُ كثيرة؛ فيُصنعُ الخبزُ من دقيقِ حبوبِها منفردةً، أو بخَلْطها مع دقيقِ القمحِ أو الشَّعيرِ أو الحِلْبَةِ، وتُسْتَخْدَمُ أوراقُهُ الخضراءُ عَلَفاً للماشية.

وقد يُقطَعُ النباتُ بأكملِهِ قبلَ أن يَنْضُجَ ويُزْهِرَ ليكون علفاً للماشية. وتُسْتَخْدَمُ السوقُ الجافَّةُ وقوداً ومصدّاتٍ للرياحِ حولَ المحاصيلِ الأخرى ولتغطيةِ أسطُحِ الأكواخِ.

وتُسْتَخْدَمُ القوالحُ وقوداً للطهْي أو للتدفِئَةِ في فصلِ الشتاءِ بدلاً من الفَحْم. وتُسْتَخْدَمُ شُرَّابَةُ الذرةِ في الطبِّ الشعبيِّ عندَ القرويينَ بعدَ غليِها في الماء مُفْرَدَةَ أو مخلوطةً بأوراقِ الجَزَر،ِ وذلك لإدرارِ البول.

 

يُستخدم نَشَا الذُّرة في صناعةِ موادِّ التجميلِ والموادِّ اللاَّصِقة، وفي صناعةِ سُكّرِ الجُلُوكوز. ويُستخرجُ زيتُ الذرةِ من الجنينِ ويستخدمُ في السلاطِة والطهوِ وصناعةِ الورنيشات والبوياتِ والأصباغ والصابونِ والجلسرين.

أم كيزانُ الذُّرة الخضراءُ فتؤكلُ إما مسلوقةً في أوروبا وأمريكا وصعيدِ مصرَ، أو مشويةً كما في كثير من بلادِنا العربيَّة. وكلُّنا يعرف «ذرةَ الفيشار» وهو صِنْف زراعيٌّ حَبَّتُه صفراءُ طويلة وصُلْبَة جداً وبها إنْدوسْبِرْم كثيرٌ (والإندوسبرم غذاءٌ مُخْتَزَن، عبارة عن موادّ نَشَويّة).

وعند تَعَرُّض الحبَة للحرارة العالية لوقتٍ قصيرٍ يتمدَّد الإندوسبرم وينتفخُ فجأةً ويخرجُ من الحبة على صورة كتلةٍ بيضاءَ هَشَّةٍ لذيذة الطعم يُحِبُّها الصغارُ والكبارُ.

 

أما الذُّرة الرفيعةُ، وتسمَّى أيضاً الذرةَ الُعْويْجَة، فموطنُها الأصليُّ أفريقيا وآسيا، وزُرِعَتْ في مصرِ قبلَ سنة 2200 ق.م، وبقيَتْ محصولاً هاماً بها منذ ذلك الوقت. وتُزرعُ حالياً في صعيدِ مصرِ ومصرِ الوُسْطَى، بما فيها الفيوم.

والنباتُ طويلٌ خَشِنٌ، وقريبُ الشبهِ بالذرةِ الشاميّة، نَوْرَتُه سنبلةٌ غزيرةٌ أو مفكَّكَة، وحبوبُهُ أصغرُ حجماً، وأكثرُ استدارةً.

ويستعملُ في صعيد مصر في صناعةِ الخبز، وتُستعملُ سوقُه سياجاً حول المحاصيلِ الأخرى وفي الوقودِ، وعلفاً للماشيةِ، وفي بعضِ بلدانِ أفريقيا تستعملُ أغمادُ أوراقهِ في الصِّباغة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى