الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن ظاهرة “المشاكهة” لدى الحيوانات

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

ظاهرة المشاكهة الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

تلجأ الحيوانات إلى وسائل كثيرة للحفاظ على حياتها وسلامتها.

ومن هذه الوسائل تخفي الحيوان باتخاذه شكلا أو لونا يحاكي بعض ما في البيئة المحيطة به أو ما يعيش بها من كائنات حية أخرى. وهذا هو معنى «المشاكهة»؛ وهي ظاهرة شائعة في عالم الحيوان.

فمن المشاهدات المألوفة أن حيوانات الصحاري يغلب عليها اللون الأصفر، في حين تغلب الخضرة أو ما يقاربها على جلود الزواحف وغيرها من الحيوانات التي تعيش في الغابات وبين المزروعات.

 

أما الحيوانات المرقطة فيسهل عليها الاستخفاء في ظلال الأغصان المتشابكة التي تتخللها بقع مشمسة.

وهذه المشاكهة تنفع الحيوان إن كان مفترسا إذ إنها تجعل الفرائس لا تنتبه إلى وجوده فتأخذه على غرة، كما أنها تخفي الفرائس الضعيفة عن أعين أعدائها.

ومن أمثلة المفترسات حشرة «فرس النبي» التي تتربص بلونها الأخضر بين الأغصان حتى تقترب منها فريستها.

 

وكذلك الحرباء التي يضرب بها المثل في التلون بكل لون ولكن لعل الحشرات الورقية والعصوية هي خير أمثلة على استخفاء الفرائس الضعيفة بين أغصان النباتات وأوراقها.

وكذلك في البيئات المائية نجد الأسماك المفلطحة لا تكاد ترى وهي راقدة على قعور البحار والمحيطات. 

في حين أن الأسماك وغيرها من الكائنات التي تعيش في الشعاب المرجانية تكون زاهية الألوان

 

أما السمكة الأنبوبية الطويلة النحيلة فتشبه طحلب الأنكليس (الذي سمي بهذا الاسم لأنه طويل نحيل يشبه سمكة الأنكليس).

بل إن السمكة الأنبوبية تتخذ الوضع الذي تتخذه أنصال هذا الطحلب في الماء؛ وبهذا لا تلتقطها عيون الأسماك المفترسة.

ولبعض الحيوانات طعوم مقززة أو روائح منفرة أو به مواد سامة؛ وهذا يجعل أعداءها تتجنب اصطيادها والتهامها أو تبتعد عن طريقها حتى لا يصيبها أذاها.

 

ولكن العجيب أن هذه الحيوانات الكريهة كثيرا ما تكون لها ألوان زاهية أو قوية لافتة للنظر.

ولهذا حكمة بالغة إذ إن إعلان هذه الحيوانات عن نفسها يكفي أعداءها شرور التعرض لها، كما إنه يكفيها متاعب تحرش الأعداء بها.

فهذه الأعداء التي تكون قد جربتها مرة تبتعد عنها إلى الأبد، لأنها دائما ظاهرة وكأنها تقول: هاأنذا وأنتم تعرفون شري، فابتعدوا عني!

 

ولهذا تسمى هذه الظاهرة «التلون التحذيري» أو «التلون الإنذاري». وهو مشاهد في الضفادع والثعابين السامة؛ ومن أمثلته البالغة أيضا تلون الظرابين

ولكن ما زال هناك ما هو أعجب! فبعض الحيوانات الوديعة والتي تعد لقمة سائغة، تتخذ من الحيوانات الكريهة ذات الألوان التحذيرية نموذجا تحاكيه وتقلده.

وهذا يحميها من أعدائها التي تخدع بمظهرها فتتجنبها على أنها هي النماذج المرهوبة.

 

وهذا الطراز من المشاكهة المقلدة يسمى «مشاكهة باتيسية» نسبة إلى العالم الإنجليزي هنري بيتس (1825 – 1829) الذي اكتشفها.

ومن أمثلة هذه الظاهرة محاكاة بعض الذباب للزنابير اللادغة، ومحاكاة بعض الثعابين البحرية غير السامة بأنواع سامة.

بيد أن العالم الألماني فريتز مولر (المعاصر لبيتس، والمتوفى عام 1897) اكتشف طرازا آخر من المشاكهة. وذلك أن حيوانين كريهين أو مؤذيين يشبه كل منهما الآخر.

 

وهنا تكون الفائدة مشتركة إذ إن العدو الذي يعرف أحدهما يتجنب النوع المشابه له أيضا، حتى دون أن يتعرض لتجربة شخصية معه.

وكان من الطبيعي أن تسمى هذه الظاهرة «مشاكهة مولرية»؛ ومن أمثلتها المشهورة نوعان من حشرات أبي دقيق، يسمى أحدهما «الملك» ويسمى الآخر «نائب الملك»!

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى