الفيزياء

نبذة تعريفية عن “سعة الموجة” وكيفية قياسها

2011 مكتبة الفيزياء خواص وسلوك الموجات

أبريل أيزاكس

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

سعة الموجة كيفية قياس سعة الموجة الفيزياء

درسنا في الفصل السابق الموجات المُستعرِضة، وقمنا بمقارنة حركتها الصاعدة والهابطة بالهضاب والوديان المتناوبة المعروفة باسم «القمم» (الهضاب) و «القيعان» (الوديان).

تمثل «قمة» الموجة نقطة الانزياح القصوى باتجاه الأعلى (أو الانزياح الموجب) على امتداد الموجة.

بعبارة أخرى، تشكل قمة الموجة النقطة القصوى التي يُزاح عندها الوسط نحو الأعلى من وضع السكون.

 

أما «قاع» الموجة فهو نقطة الانزياح القصوى باتجاه الأسفل (أو الانزياح السالب) على امتداد الموجة، والمقصود بذلك أن قاع الموجة هو أعلى نقطة يُزاح عندها الوسط باتجاه الأسفل من وضع السكون أو الاتزان.

تمثل قمة الموجة وقاعها وجود اضطراب داخل الوسط، وقد تعلمنا سابقاً أننا عندما نمدّ حبلاً بشكل مستقيم في وضع السكون، لن يكون هناك وجود لأي موجات في الحبل، لكن عندما حركنا الحبل نحو الأعلى والأسفل، لاحظنا أن اضطراباً قد انتشر على امتداد هذا الحبل.

كيف نستطيع قياس هذا الاضطراب الذي يتحرك عبر الحبل؟ إذا قمنا بتحريك الحبل عن طريق إحداث حركات قصيرة نحو الأعلى والأسفل تصبح قمم وقيعان الموجات في الحبل أصغر.

 

لكن إذا حركنا الحبل بحركات طويلة نحو الأعلى والأسفل، فإن قمم وقيعان الموجات تصبح أكبر، وكي نقيس مستوى الاضطراب في الموجة المُستعرِضة.

نقوم بقياس ارتفاع قمة الموجة (أو عمق قاعها) من وضع السكون، ويُطلق على هذه المسافة اسم «سعة الموجة» التي تمثل إحدى طرق قياس الموجات.

 

سعة الموجة والطول الموجي

كي نحدد سعة موجة ما يجب قياس المسافة القصوى التي تقطعها الموجة من مستوى اتزانها أو وضع سكونها. إن الطول الموجي (أو طول دورة موجية كاملة) في الموجة المُستعرِضة، هو المسافة بين قمة الموجة والقمة التي تليها، أو بين قاع الموجة والقاع الذي يليه، ويُرمز إلى الطول الموجي أحياناً بالحرف اليوناني 

إذن، كيف نقيس سعة الموجة الطولية التي تحتوي على مناطق انضغاط وتخلخل بدلاً من قمم وقيعان الموجة؟ إن سعة الموجة في الموجة الطولية (الموجة الصوتية مثلاً) هي المسافة القصوى التي يندفع عبرها الجسيم (بسبب الانضغاط) أو ينجذب (بسبب التخلخل) من وضع اتزانه، ويقاس ذلك عادة كمقدار انحراف الضغط تحت الضغط الجوي وفوقه.

ويُطلق على وحدة الضغط اسم «باسكال»، وهناك أنواع مختلفة من أجهزة القياس المستخدمة لقياس الضغط، و «البارومتر» هو أحد أمثلة الأجهزة المستخدمة لقياس ضغط الهواء، إذ يستطيع هذا الجهاز قياس التغيرات البسيطة التي تطرأ على الضغط الجوي وتشير إلى أحوال الطقس وتقلباته.

 

عندما بدأ العلماء دراسة الصوت وعلاقته بالأذن البشرية وقدرتها على قياس جهاز الصوت وجدوا أن  أذن الإنسان تستطيع تحديد مجال واسع من المستويات الصوتية.

فقد عمل العالم الأمريكي، المولود في اسكتلندا، الكسندر غراهام بل (1847 – 1922) مع أشخاص صم أو يعانون من إعاقات سمعية، وقام بتطوير نظام استطلاع من خلاله قياس جهارة الصوت مكّنه من تحديد مجال السمع لدى الأشخاص بسهولة.

ثم أُطلق على وحدة القياس في هذا النظام اسم «بل» نسبة إلى هذا العالم، فوحدة «الديسيبل» تساوي عُشر «بل» ويُشار إليها بالرمز (dB)، ومن الأمثلة على كيفية استخدام هذا النظام لقياس الصوت ما يلي:

 

يتم تحديد مستوى مرجعي للصوت قيمته (0 dB) يتناسب مع ضغط (20 ميكروباسكال) أي، وتساوي هذه الشدة في دفق الطاقة لوحدة المساحة القيمة التالية: ويمثل ذلك المستوى الصوتي الذي يستطيع أي شخص يملك قدرة سمعية طبيعية أن يسمعه بصعوبة.

إن المستوى الصوتي الذي يزيد جهارة عشر مرات على المستوى المرجعي يساوي (10 dB)، والمستوى الصوتي الذي يزيد جهـارة مئـة مـرة علـى المستـوى المـرجـعـي يســــاوي (20 dB)، والذي يزيد جهارة ألف مرة على المـستـوى المـرجـعـي يـســـاوي (30 dB).

يُستــخدم مــقيــاس الديسيبل لقياس درجة جهارة الصوت، وهو مقياس لوغاريتمي؛ لأن كل زيادة بمقدار (10 dB) تعني أن الصوت أعلى أو أكثر جهارة بعشر مرات. وبالنسبة للمرجع فإن مستوى الصوت الذي يتراوح بين (120 و 140 ديسيبل) يُعدّ عتبة الإحساس بالألم.

 

وطبقاً لمثالنا فإن هذا المستوى للإحساس بالألم يماثل مستوى صوتياً يقارب (100.000.000.000.000) أي (100 تريليون) مرة المستوى المرجعي. 

وبالتالي يُعدّ نظام الديسيبل (dB) لقياس جهارة الصوت إحدى الطرق السهلة التي تجنبنا التعامل مع الأرقام الكبيرة. أدت دراسة بل للصوت في نهاية المطاف إلى تطوير أكثر مخترعاته شهرة وهو الهاتف (التلفون).

وعندما نقيس سعة الموجة فإننا نقيس مستوى الاضطراب في الوسط، ولو شددنا الحبل بلطف في تجربتنا سيكون مستوى الاضطراب منخفضاً، أما إذا شددنا الحبل بقوة فسيصبح الاضطراب أكثر ارتفاعاً. إن مقدار (ارتفاع أو عمق) الاضطراب يرتبط مباشرة بمستوى القوة المستخدمة لإحداث هذا الاضطراب.

 

وعلى سبيل المثال لو همست سراً في أذن أحد زملاء صفك ستكون شدة الاضطراب المبدئية في الموجة الصوتية منخفضة، لكن إذا كنا نقود سيارتنا في أحد الشوارع بينما يدوي صوت الموسيقى من مكبرات الصوت الحديثة داخل السيارة، فإن الاضطراب الذي ينتقل عبر الوسط (الهواء) يكون مرتفعاً.

وفي كل مرة نقيس سعة الموجة الميكانيكية فإننا نقيس عادة مستوى انزياحها مقدراً بوحدات الطول (أي بالبوصة أو القدم أو الأمتار… إلخ)، أو وحدات الضغط (الباسكال أو الديسيبل).

يمكن أن يكون الانزياح مُستعرِضاً (متعامداً مع اتجاه سير الموجة) أو طولياً (باتجاه انتشار الموجة). على عكس الموجات الميكانيكية لا تحتاح الموجات الكهرومغناطيسية إلى وسط تنتشر من خلاله؛ لذلك عندما نقوم بقياس سعة الموجة الكهرومغناطيسية، نقيس مجالها الكهربائي أو شدة إشعاعها.

 

وبالنسبة للموجات الضوئية، والتي هي عبارة عن موجات كهرومغناطيسية، يمكننا ربط سعة الموجة بشدة الضوء، وعلى سبيل المثال إن شدة الضوء المنبعث عن مصباح كهربائي عادي تُقاس بوحدات «لُومِن» (وحدات قياس التدفق الضوئي).

أما سعة الموجات اللاسلكية (موجات الراديو) يمكن ربطها بالطاقة الإشعاعية، وتقاس قوة المحطة اللاسلكية (محطة الراديو) قرب برج الإرسال الخاص بها بالكيلوواط (وحدات مؤلفة من 1000 واط).

وعندما تبلغ الموجات اللاسلكية جهاز الراديو تصبح ضعيفة جداً بحيث يتم قياسها بالميللي واط (جزء من ألف من الواط).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى