الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن حيوان القُراد

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حيوان القُراد الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

القُرادُ مَجْموعَةٌ مِنَ «العَنْكَبِيَاتِ» الصَّغيرَةِ تَعيشُ مُتَطَفِّلَةً علَى أَسْطُحِ أجْسامِ العَديد مِنَ الحَيوانات الفَقَارِيَّةِ، وبِخَاصَّةٍ الثَّدْييَّاتُ والطّيورُ، وبَعْضُ الزَّواحِفِ والبَرَّمائِيَّاتِ، حيثُ تمتَصُّ دِماءَها، وقَدْ تَنْقِلُ إلَيْها الجراثيمَ المسبِّبَةَ لِبَعْضِ الأَمْراضِ والحُمَّياتِ الخطيرَةِ (وتَضُمُّ «العَنْكَبيَّاتُ» أَيْضاً: الحَلَمَ، والعناكبَ، والعقارِبَ)

ويَشْتَرِكُ القُرادُ مَعَ الحَلَمِ في رُتْبَةٍ واحِدَةٍ تُعْرَفُ باسْمِ «القُرادِيَّاتِ»، تَتَمَيَّزُ أجْسامُها بالاسْتِدارَةِ والتَفَلْطُحِ، إِذْ يَتَّحِدُ الصَّدْرُ مَعَ البَطْنِ في جِذْعٍ بَيْضاوِيٍّ غَيْرِ مُقَسَّمٍ – يَحْمِلُ رَأساً كاذِبَةً تُعْرَفُ بالرُّؤَيْسِ، كما يَحْمِلُ علَى الجانِبَيْنِ أرْبَعَةَ أَزْواجٍ مِنَ أَرْجُلِ التَّعَلُّقِ المُعَقَّلَةِ.

ويُعْرَفُ مِنَ القُرادِ أكْثَرُ من أَلْفِ نَوعٍ، كُلُّها مُتَكَيِّفٌ لِلْتَّعَلُّقِ بِعَوائِلِه، وثَقْبِ جُلودِها لامْتِصاصِ دَمِها، الّذي تَتَغذَّى بِهِ. ومِنْ تِلْكَ التَكَيُّفاتِ ما يَحْمِلُه الرُّؤَيْسُ منْ زَوائِدَ مُتَخَصِّصَةٍ لِثَقْبِ الجِلْدِ وامْتِصاصِ الدَّمِ.

 

ومِنْها أَيْضاً وجودُ بُلْعومٍ عَضَلِيٍّ للدَّمِ، الّذي يُفَرِغُهُ في مَرىءٍ قَصيرٍ، يُؤَدِّي إلَى مَعِدَةٍ كبيرَةٍ، ذات جيوب متسعة تمكنها من استقبال كمية كبيرة مِنَ الدَّمِ تُعادِلُ وَزْنَ الجِسْمِ كُلِّه عِدَّةَ مَرَّاتٍ، وتَكْفِي حاجَةَ القُرَادَةِ لِعِدَّةِ أَّشْهَرٍ.

بَلْ إِنَّ بعضَ القُرادِ يَتَحَمَّلُ البَقاءَ سَنواتٍ دونَ غِذاءٍ، حتَّى يَعْثُرَ علَى العائِلِ المُناسِبِ.

ولِلْقُرادِ أَرْبَعَةُ أَطْوارٍ في دَوْرَةِ الحَياةِ، هي: البَيْضَةُ، فاليَرَقَةُ، ثُمَّ الحُورِيَّةُ، فالطَّوْرُ البالِغُ. وقَدْ يُوضَعُ البَيْضُ بأَعْدادٍ مَحدودةٍ أو كُتلٍ تَضُمُّ المِئاتِ.

 

يُفْقَسْ البيضُ بَعْدَ بِضْعَةِ أَيّامٍ عَنْ يَرَقَةٍ سُداسِيَّةِ الأَرْجُلِ، تَنْسَلِخُ وتَنْمو إلَى حوريَّةٍ ذاتِ ثَمانِيَةِ أَرْجُلَ، وهذه تَنْسَلِخُ وتَنْمو إلَى الطّورِ البالِغ. وقَدْ تَسْتَغْرِقُ دَوْرَةُ الحَياةِ سَنَةً أو تَمْتَدُّ لِسَنَتَيْنِ في بَعْضِ الأَنْواعِ

ويتَمَيَّزُ القُرادُ إلَى فَصيلَتَيْن: في إِحْداهُما يَكْسُو أفْرادَها البالِغَةَ دِرْعٌ كَيْتينيٌّ مُتَصَلِّبٍ ولذا تُعْرَفُ بالقُرادِ الجامِدِ، ويَبْرزُ الرُّؤيْسُ أمامَ الجِسْمِ.

أما في الفَصيلَةِ الثانِيَةِ فلا وجودَ لِذَلِكَ الدَّرعِ وإِنما يَغَلَّفُ الجِسْمُ بغِلافٍ جِلْدِيٍّ لَيِّنٍ، ولذا تُعْرَفُ بالقُرادِ اللَّيِّن، وفيها لا يبرزُ الرُّؤَيْسُ أمامَ الجِسْمِ، بلَ يَتَّصِلُ بِمقَدِّم البَطْنِ من أَسْفَلَ.

 

ويَضُمُّ القُرادُ الجَامِدُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمانِمِئَةِ نَوْعٍ، ويمتَدُّ الدِّرْعُ المُتَصَلِّبُ، فَوْقَ ظَهْر الجِسْمِ كُلِّهِ في الذَّكَرِ، لكنَّه يَنْكَمِشُ إلَى جزءٍ أمامِيٍّ في الأُنْثَى أو الحُورِيَّةِ، وبذا يَسْهلُ تمييزُ الجِنْسَيْن، فضلاً علَى كِبَرِ حَجْمِ الأُنْثَى عَن الذَّكَرِ. ويَحْمِلُ الدَّرْعُ علَى كلٍّ مِنْ جانِبَيْهِ عَيْناً مائِلَةً.

وتَقْطُنُ بَعْضُ أَنْواعِ القُرادِ الجامِدِ في أَعْشاشٍ بِقُرْبِ مَأوَى عَوائِلِها. ويَتَغَذَّى كُلٌّ مِنَ اليَرَقَةِ والحوريَّةِ والطَّوْرِ البالِغِ مَرَّةً واحِدَةً، لكنَّها قَدْ تَمْتَدُّ عِدَّةَ أَيّامِ.

وبَعْدَ أَنْ تَتَغَذَّى الأُنْثَى وتَتَزاوَجُ مَعَ الذَّكَرِ تَسْقُطُ علَى الأَرْضِ، وتَضَعُ كُتْلَةَ البَيْضِ، الّذي يُفْقَسُ بَعْدَ فَتْرَةٍ وجيزَةٍ عنْ يَرَقاتٍ تَبْحَثُ للتَّعَلُّقِ بِعائِلٍ جديدٍ، وبَعْدَ أَن تَمْتَصَّ منْ دَمِهِ تَسْقُطُ علَى التُّرْبَةِ وتَنْسَلِخُ مَرَّتَيْن، وتَنْمُو إلَى الحورِيَّةِ، الّتي قَدْ تَبْحَثُ عن عائِلٍ آخَرَ تَتَعلَّق بِهِ.

 

وبَعْدَ أَنْ تَتَغَذَّى الحورِيَّةُ مِنْه تَسقط علَى الأَرْضِ وتَنْسَلِخُ إلَى الطَّوْرِ البالِغِ الّذي يتعلَّقُ بعائِلٍ جَديدٍ ويعيدُ دَوْرَةَ الحياةِ. ولكنَّ بَعْضَ الأَنواعِ قَدْ يَقْضِيِ تِلْكَ الأَطْوارَ علَى عائِلَيْن أو حتَّى على عائِلٍ واحِدٍ فَقَطْ.

ومِنَ القُرادِ الجامِدِ أَنْواعٌ مُتَعَدِّدَةٌ تَتَطَفَّلُ علَى كثيرٍ من الثَّدْييَّاتِ، كالماشِيَةِ والأَغْنامِ والكِلابِ. ومِنْها ما يمتصُّ دَمَ الإنْسانِ لو سَنحَت له الفُرْصَةُ.

وأَشْهَرُ أَنْواعِها قُرادُ بَيْتِ الكَلْبِ الّذي يَتَطَفَّلُ علَى الكلابِ وغيرِها من الثَّدْييَّاتِ والطّيورِ المُسْتأْنَسَةِ والبَرِّيَّةِ.

 

ولذا فإنَّ لِتِلْكَ الأَنْواعِ أهَمِّيَّةً طِبِّيَّةً وبَيْطَرِيَّةً كبيرَةً نَظَراً لِما تَنْقِلُه من أَمْراضٍ وحُمَّياتٍ خطيرَةٍ لِلْحيواناتِ والإنْسانِ، بِسَبَبِ ما تحَقِنُه في جِسْمِ العائِلِ من جراثيمَ مَرَضِيَّةٍ، أو من  إِفْرازاتٍ سامَّةٍ في لُعابِها المانِعِ لِتَجَلُّطِ الدَّم، والّذي قَدْ يُسبِّب نوعاً من الشَّللِ العَصَبِيِّ الَّذي قَدْ يًؤدِي بِحَياةِ الثَّدييَّاتِ الصَّغيرَةِ.

أمَّا القُرادُ اللَّيِّنُ فيَضُمُّ أكْثَرَ مِنْ مِئَتَيْ نَوْعٍ – يَقطنُ مُعْظَمُها في مَأْوى عَوائِلِه الّتي يَتَطَفَّل عَلَيْها. وبعضُ أنواعِهِ يَتَغَذَّى بِدَمِ الإنْسانِ أو الطّيورِ والخَفافيشِ والثَّدْييَّاتِ الصَّغيرَةِ.

ويَسْتَطيعُ بَعْضُ الأَنْواعِ البقاءَ دُونَ غذاءٍ لِفتراتٍ طويلَةٍ قَدْ تَمْتَدُّ سَنَواتٍ. وتوجدُ سجلَّات لأَنْواعٍ مِنْها ظَلَّتْ حَيَّةً أَرْبَعينَ سَنَةً، وكانَتْ تَتَغَذَّى خلالَها مَرَّةً كلَّ خَمْسِ سَنَواتٍ!

 

والقُرادُ اللَّيِّنُ يَتَغذَّى علَى فَتَراتٍ مُتَقَطِّعَةٍ. ويُوضَعُ البيضُ بأَعْدادٍ قليلَةٍ كُلَّما وَجَدَتْ الأُنْثَى مَأْواها المُناسِبَ.

وعِنْدَما يُفْقَسُ البَيْضُ – تَصِلُ اليَرَقاتُ إلَى عَوائِلِها حَيْثُ يمتدُّ غذَاؤُها مِنْ بِضْعِ دقائِقَ إلَى عِدَّةِ أَيّامٍ، وتَنْسَلِخُ بعدَ ذَلِكَ إَلى الحُورِيَّةِ فالطّوْرِ البالِغِ خلالَ تَنَقُّلِها بَيْنَ العَوائِلِ.

 

ومِنَ القُرادِ اللِّيِّنِ أنواعٌ لها أهَمِّيَّةٌ طِبِّيَّةٌ وبَيْطَرِيَّةٌ عالِيَةٌ، مثل قرادِ الدَّجاجِ الّذي يُشَكِّل آفةً خطيرَةً تُهَدِّدُ الثَّرْوَةَ الدِّاجِنَةَ في العالَمِ، بِما تَنْقِلُه إلَيْها من أَمْراضٍ خَطيرَةٍ.

وهناكَ القُرادُ الشَّوْكِيُّ الّذي يَتَطَفَّل علَى آذانِ الحَيواناتِ المَسْتَأنَسَةِ والبَرِّيَّةِ في المناطِقِ شِبْهِ الجافَّةِ من العالَمِ. 

كما يَنْقِلُ بَعْضُها الحُمَّى الرَّاجِعَة للإنْسانِ، بَلْ قَدْ تُسَبِّبُ لَدَغاتُ بَعْضِ الأَنْواعِ تفاعلاتٍ مَوْضِعَيَّةً شديدَةَ الإيلامِ للإنْسانِ والحَيوانِ، بِما تَحْقِنُه من إِفْرازاتٍ سَامَّةٍ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى