إسلاميات

نبذة تعريفية عن المهاجرين

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

المهاجرين إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

في نشأة الإسلام هجرتان: أولاهما كانت لأرض الحبشة، والثانية كانت ليثرب (المدينة)، وكلتاهما كانت فرارا من أذى القرشيين الذين بالغوا في تعذيب من آمن بالإسلام وإهانتهم والتضييق عليهم. ولكن

لفظ «المهاجرين» إذا أطلق فإنما يعني أولئك الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتقلوا من مكة إلى يثرب قبل وبعد هجرة الرسول إليها.

ولذلك يقترن بلفظ «المهاجرين» لفظ آخر هو «الأنصار»، أي السابقون إلى الإسلام من أهل المدينة.

 

لقد ترك المهاجرون ديارهم في مكة، وكل ممتلكاتهم. ومكة هي موطنهم وموطن أجدادهم، وبها أهلوهم وأقاربهم وأصدقاؤهم، وفي ربوعها كل ذكرياتهم، لذلك كان خروجهم منها محزنا ومؤلما.

ثم وصلوا إلى يثرب حيث لا دور ولا أموال ولا أهلين، فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى «المؤاخاة» بينهم وبين الأنصار، لتنشأ رابطة جديدة تعوض المهاجرين ما فقدوه من روابط النسب والقربى.

فلكل مهاجر أخ من الأنصار، وبهذه الأخوة كانوا يتوارثون دون ذوي الأرحام وكان من آمن ولم يهاجر لا يرث قريبه المهاجر (راجع الآية 72 من سورة الأنفال).

 

ثم إن الأنصار بذلوا أقصى ما يستطيعون لتعويض المهاجرين ما فقدوه بالهجرة، فوفروا لهم مساكن تؤويهم، وواسوهم بشيء من المال سمح لهم بضرورات المعيشة، كما أن بعض المهاجرين عملوا في مزارع الأنصار، وبعضهم مارس بعض المهن كالاحتطاب والعمل كحمالين، ومنهم من كان يؤجر نفسه ويعمل عند اليهود لقاء أجر زهيد جدا.

وتعتبر هذه المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار بداية بناء الدولة الإسلامية في المدينة، كما أنها ما زالت من أقوى الروابط بين أبناء الأمة الإسلامية منذ ظهور الإسلام إلى وقتنا الحالي.

 

ويجد القارئ في أوائل سورة الحشر وصفا لكلا الفريقين: المهاجرين والأنصار، إذ يقول سبحانه (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر: 8-9).

 

ولقد حاول الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعد أن توافرت لديه بعض الأموال تعويض المهاجرين بشتى الوسائل، وكان هذا الصنيع برضى من الأنصار وطيب من أنفسهم، وهذا معنى الآية ( وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا ) والحديث عن الأنصار.

بقي أن نشير إلى أن القرآن الكريم سجل للمهاجرين رجالا ونساء ما بذلوه في سبيل إيمانهم، ووعدهم الأجر الجزيل في الدنيا والآخرة (البقرة: 218؛ آل عمران: 195؛ النساء: 100؛ التوبة: 100؛ النحل، 41، 110، الحج: 58؛ الممتحنة: 10).

كما أن الهجرة بهذا المعنى قد انقطعت بعد فتح مكة لقوله – عليه الصلاة والسلام – «لا هجرة بعد الفتح» رواه البخاري. وألغي التوارث بالتآخي، إذ قال سبحانه (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَٰئِكَ مِنكُمْ ۚ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (الأنفال: 75)، وراجع (سورة الأحزاب: 6).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى