علم الفلك

نبذة تعريفية عن “الكوكبة”

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الكوكبة علم الفلك

الكَوْكَبَةُ مَجْموعَةٌ من النُّجومِ المُتَجاوِرَةِ ظاهِرِيًّا رَغْمَ اخْتلافِ مَواقِعِ أَفْرادِها. فَمِنَ المَعْروفِ أنَّ كلَّ الأَجْرامِ السَّماوِيَّةِ تَظْهَرُ لَنَا وكَأَنَّها مَوْجودَةٌ علَى السَّطْحِ الدَّاخِلِيِّ لِقُبَّةٍ شَفَّافَةٍ.

ولا يَسْتَطيعُ مَنْ يَرْقُبُ السَّماءَ أَنْ يُمَيِّزَ بالنَّظَرِ أَيَّ الأَجْرامِ قريبٌ مِنَّا وأَيُّها بعيدٌ في أَعْماقِ الفَضَاءِ، إِلاَّ أَنَّه يَسْهُلُ تمييزُ اتِّجاهاتِ مَواقِعِ الأَجْرامِ المُخْتَلِفَةِ وتَحْديدُ ما يَتَجاوَرُ مِنْها ظاهِرِيًّا.

ولَقَدْ عَمَدَ الفَلَكِيُّونَ القدماءُ إلَى تشبيهِ هذه المجموعاتِ من النُّجومِ الَّتي تَظْهَرُ متقارِبَةً في السَّماءِ بأَشْكلِ بَعْضِ الأَشْخاصِ، أو الحيواناتِ والطُّيور، أو الأَدَواتِ، حتَّى يَسْهُلَ الاسْتِدْلالُ عَلَيْها، ولِكَيْ يمْكُنَ تَعَرُّفُ مَواقِعِ الأَجْرامِ السَّيَّارَةِ (أي: الكواكب) اسْتِنادًا إلَى مواقِعِ هذه المجموعاتِ النَّجْمِيَّةِ.

 

ولَقَدْ أشارَ هوميروسُ في أشْعارِهِ إلَى كَوْكَبَةِ «الجَبَّارِ»، أَيْ الصَّيَّادِ القَوِيِّ، وإلَى جانِبِهِ «الكَلْبُ الكبيرُ»، ومِنْ وَرائِهِ «الكَلْبُ الصَّغيرُ».

ولما كانَتْ عمليَّةُ الصَّيْدِ تَتَضَمَّنُ مُطارَدَةَ بَعْضِ الثِّيرانِ البَرِّيَّةِ، فَقَدْ تَمَثَّلُ القُدماءُ مجموعاتِ النُّجومِ المُجاوِرَةِ للصَّيَّادِ علَى هَيْئَةِ ثَوْرٍ، فسُمِّيَتْ كَوْكَبَةَ «الثَّوْرِ».

وأُطْلِقَتْ أسماءُ كوكباتِ «الأَسَدِ»، و«الدُّبِّ الأَكْبَرِ»، و«الدُّبِّ الأَصْغَرِ» علَى مجموعاتٍ نَجْمِيَّةٍ تَمَثَلَّها قُدماءُ الفَلَكِيُّونَ علَى هَيْئَةِ هذه الحيواناتِ، كما أُطْلِقَتْ أَسْماءُ «القَوْسِ» و«الدَّلْوِ» و«الميزانِ» علَى كَوْكَباتٍ تَصَوَّرَ القُدماءُ توزيعاتِ نجومِها في السَّماءِ علَى هَيْئَةِ هذه الأَدَواتِ.

 

ونَظَرًا لأَنَّ الأَرْضَ تُتِمُّ دَوْرَةً كامِلَةً حَوْلَ الشَّمْسِ في كلِّ عامٍ، فإِنَّها تَنْتَقِلُ في مدارِها بِمُعَدَّلٍ يَقْرُبُ من دَرَجَةٍ قَوْسِيَّةٍ واحِدَةٍ في اليَوْمِ.

ولِهَذا تَتَحَرَّكُ الشَّمْسُ ظاهِرِيًّا بهذا المُعَدَّلِ نفسِه. ويَسْتَتْبِعُ ذَلِكَ أَنْ تَتَغَيَّرَ مِنْ يومٍ لآخَر مجموعاتُ النُّجومِ الّتي توجدُ خَلْفَ الأَرْضِ، كما تَتَغَيَّرُ المجموعاتُ الّتي توجدُ خَلْفَ الشَّمْسِ.

ولَقَدْ تَمَكَّنَ القدماءُ من تمييزِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ مجموعَةً يَخْتَلِفُ بعضُها عن البَعْضِ اخْتِلافًا واضِحًا.

 

ولاحَظوا أنَّ النُّجوم اللاَّمِعَةِ في إِحْدَى الكَوْكباتِ تَظْهَرُ ناحِيَةَ الشَّرْ قِ فَ جْرًا ثمَّ تَرْتَفِعُ في السَّماءِ  تدريجِيًّا إلَى أَنْ تُشْرِقَ الشَّمْسُ فيُغَطِّيَ ضَوْؤُها علَى أَضْواءِ النُّجومِ الّتي حَوْلَها، وكأَنَّها أَحَدُ أَفْرادِ الكَوْكَبَةِ، أو كَأَنَّها تَسْكُنُ في وَسَطِ هذه المَجْموعَةِ.

ويَتَكَرَّرُ ذَلِكَ في صباحِ عِدَّةِ أَيَّامِ تَمْتَدُّ حتَّى الشَّهْرِ. ثمَّ تبدأُ نجومُ كوكبَةٍ أُخْرَى في الظُّهورِ فجرًا، ويَتَكَرَّرُ الأَمْر ُ وكَأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ انْتَقَلَتْ مِنْ مَنْزِلِها في المجموعَةِ الأُولَى إلَى مَنْزِلِها في المجموعَةِ الثّانِيَةِ.

 

ولَقَدْ سُمِّيَتْ الكوكباتُ الّتي تَنْزِلُ الشَّمْسُ بِكُلٍّ مِنْها مُدَّةَ ثلاثينَ يومًا تقريبًا باسْمِ البُروج، وعَدَدُها اثْنا عَشَرَ بُرجًا هي: الحَمَلُ، والثَّوْرُ، والجَوْزاءُ، والسَّرَطانُ، والأَسَدُ، والسُّنْبُلَةُ (أو: العَذراءُ)، والميزانُ، والعَقْرَبُ، والقَوْسُ (أو: الرَّامِي)، والجَدْيُ، والدَّلْوُ (أو: السَّاقِي)، والحُوتُ (أو: السَّمكتان). وذَلِكَ بدءًا من الاعْتِدالِ الرَّبيعِيِّ الّذي يُحَدَّدُ حالِيًّا بيومِ 21 مارس من كلِّ عامٍ

ومِنْ الصِّفاتِ الخاصَّةِ لِبَعْضِ الكَوْكباتِ وجودُ نجومٍ مُمَيَّزَةٍ فيها؛ ففي كَوْكَبَةِ «قُنْطورِسْ» يوجدُ النَّجْمُ «أَلْفا» الّذي يُعَدُّ أَقْرَبَ نَجْمٍ لَنَا، وهو في الواقِعِ مُكَوَّنٌ من ثَلاثَةِ نجومٍ تَدورُ حَوْلَ بعضِها البَعْضِ، وأَكْثَرُها تَأَلُّقًا يُعادِلُ الشَّمْسَ في كُتْلَتِها وحَجْمِها ولَمَعانِها ودَرَجَةِ حرارَتِها.

 

وفي كَوْكَبَةِ السُّنْبُلَةِ (أو: العذراءِ) نَجْمٌ يمكنُ رؤيتُهُ بالعَيْنِ المُجَرَّدَةِ، ولو اسْتَخْدَمنا منظارًا صغيراً لَوَجَدْناه مكوّنًا من نَجْمَيْن مُتَشابِهَيْن يَدور أَحَدُهُما حَوْلَ الآخَرِ بِبُطءٍ شديدٍ. وعِنْدَ تَتَبُّعِ حَرَكَتِهِ وُجِدَ أَنَّهُ يُتِمُّ دَوْرَتَهُ كلَّ مِئَتَيْ عامٍ.

وفي كوكَبَةِ السِّلياقِ (كلابِ الصَّيْدِ) يظهرُ النَّجْمُ الخامِسُ وكَأَنَّهُ نقطتان صغيرتان متجاورتان، لكنَّ كلاًّ مِنْهُما هو في الواقِعِ زَوْجٌ من النُّجومِ، ومِنْ ثَمَّ يتكوَّنُ النَّجْمُ المشارُ إِلَيْه من أَرْبَعَةِ أفرادٍ تَتَحَرَّكُ في مَداراتِها بِشَكْلٍ عجيبٍ.

أمَّا في كَوْكَبَةِ الجَوْزاءِ، فإنَّ النَّجْمَ اللاَّمِعَ الموجودَ عِنْدَ مِنْطَقَةِ الرَّأْسِ هو في واقِعِ الأَمْرِ ثلاثةُ أَفْرادٍ يَصْطَحِبُ كلَّ فردٍ مِنْها رفيقٌ له بِحَيْثُ يُصْبِحُ مجموعُ الأَفْرادِ سِتَّةَ نجومٍ يدورُ بعضُها حَوْلَ بَعْضٍ في نَسَقٍ هَنْدَسِيٍّ بَديعٍ.

 

وتَتَأَلَّقُ في السَّماءِ أَسماءٌ عَرَبِيَّةٌ كثيرَةٌ، خَلَّدَها عُلَماءُ الفَلَكِ المُسلمونَ في العَصْرِ الذَّهَبِيِّ للحضارَةِ الإسْلامِيَّةِ ، وإنْ كانَ بعضُها قَدْ تَحَرَّفَ عِنْدَما دَخَلَ العِلْمُ الحديثَ باللُّغَةِ اللاَّتينِيَّةِ فيما بعدُ.

ومِنْ تِلْكَ الأَسْماءُ: «الطّائر» (في كوكبةِ النَّسْرِ)، و«المَركِب» و«سُهَيْل» (في كوكبةِ السفينةِ آرجو)، و«الهامِل» – أي: الحَمَل (في كوكبةِ الحَمَل)، ورِجِل قُنْطورُسْ (في كوكبةِ قُنطورُس)، و«الجيناه» – أي: الجَناح (في كوكبةِ الغُراب)، و«التَّانين» – أي: التِّنِّين (في كوكبةِ التِّنِّين).

 

و«الذِّنِبِ» – أي: الذَّنَب (في كوكبةِ التِّمِّ أو البجعَ)، و«الزَّوْرق» (في كوكبةِ النهرِ إريدانوس)، و«الكِفَّة» (في كوكبةِ الميزانِ)، و«بتِلْجيز» – أي: «إبط الجوزاءِ» – و «الرِّجِل» و«المَنْطِقَة» (في كوكبةِ الجبَّار).

و«المِرْفَق» و«الغول» (في كوكبةِ بِرْساوُس أو البطلِ)، و«فُمِلْهوت» – أي: فَمُ الحُوت (في كوكبةِ الحوتِ)، و«الدِّبَرَان» (في كوكبةِ الثَّوْرِ)، و«الدُّب» (في كوكبةِ الدُّبِّ الأَكْبَرِ).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى