علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عن “الدلتا” وكيفية نموّها

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثالث

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الدلتا كيفية نموّ الدلتا علوم الأرض والجيولوجيا

هي الرواسب الطميية التي تتجمع عند مصبات الأنهار، سواء التي تصب منها في البحار والمحيطات والخلجان أم البحيرات.

ولقد كان هيرودوت (Herodotus)، الإغريقي أول من أطلق كلمة دلتا على الرواسب التي تتراكم عند مصب نهر النيل، والتي تعتبر أوضح مثال للدالات الحقيقية التي تتخذ شكلاً مثلثياً يتشابه مع الحرف الإغريقي  «دلتا».

وقد تبين من الدراسات الجيوفيزيقية أن معظم الدلتات (دالات) مرتبطة بنوع معين من الصدوع تسمى صدوع النمو (Growth faults)، لذلك فليس من الضروري أن تكون الدلتا على شكل الحرف اليوناني (  ).

 

نمو الدالات: 

على الرغم من أن هناك حوالي 150 دلتا رئيسية موزعة على مستوى العالم، إلا أن أغلب الأنهار، بل وحتى الكبيرة منها لا يوجد لها دالات.

ويرجع هذا إلى ارتفاع منسوب البحار والمحيطات بعد انتهاء العصر الجليدي البلايستوسيني، والذي نتج عنه كثير من الخلجان العميقة في أجزاء كثيرة من العالم ما زالت لم تملأ بعد بالرواسب مثل مصب الأمازون (Amazon estuary).

يتفاوت سمك الدالات كثيراً من نهر لآخر، فنهر النيل كون دلتاه بسمك يبلغ أكثر من 15 متراً في بحر ضحل. 

 

في حين بني نهر المسيسيبي دلتاه في مياه خليج أكثر عمقاً وبسمك يبلغ أكثر من 250 متراً. ويتوقف نمو الدالات وسمكها بصفة عامة على طبيعة وتفاعل عاملين هما:

1- كمية الرواسب التي يجلبها النهر.

2– طبيعة المسطح المائي الذي يلقى النهر فيه حمولته وبخاصة العمق، الأمواج، التيارات البحرية، حركة المد والجزر والملوحة.

وأحياناً ما يسود العامل الأول على العامل الثاني أو العكس، وينعكس هذا بالطبع على شكل وتركيب الدلتا ومعدل نموها.

 

فإذا ما وصل النهر إلى مسطح مائي قليل العمق لا يتعرض لأمواج ولتيارات بحرية شديدة، أو لموجات من طغيان المد والجزر.

فإن قدرته على الحمل تقل فجأة ويلقى بمعظم ما يحمله من رواسب في هذا البحر الضحل فتتكون الدلتا وتنمو نمو مستمراً على حساب البحر، مع شرط توافر كميات كافية من الرواسب (شكل 1).

 

كما أن لملوحة مياه البحر دوراً كبيراً في نمو الدالات، فهي تعمل على تكتل واندماج (Coagulate) حبيبات الطمي لتجمعها بعضها إلى بعض، فتنتقل ويستحيل بقاؤها عالقة بالماء فتستقر على القاع، ولهذا نجد أن الدالات تنمو في المياه المالحة بسرعة تفوق نموها وتقدمها في مياه البحيرات العذبة.

أما إذا ألقت مياه النهر برواسبها في منطقة ساحلية شديدة العمق، أو كانت التيارات البحرية والأمواج عظيمة النشاط، وكذلك حركة المد والجزر، فإن هذا كله يعمل على التطهير المستمر لمصب النهر من الرواسب ومن ثم لا تمنح لها الفرصة لكي تتشكل وتتراكم أمام مصب النهر وتكون دلتا.

 

كما أن هذه التيارات والأمواج القوية تعمل على إعادة توزيع الرواسب على مساحة كبيرة جداً وبعيداً عن مصب النهر نفسه، فيتأخر بذلك نمو الدلتا وتتضاءل مساحتها، وهذا ما يحدث للرواسب التي ينقلها نهر الأمازون.

إذ أثبتت الدراسات أن نصف كمية الرواسب التي يلقيها هذا النهر في المحيط يتم ترسيبها بعيداً عن مصبه بمسافة أكثر من 1600 كم بالقرب من دلتا نهر أورنيكو (Orinoco) في جنوب شرق البحر الكاريبي.

وبالإضافة إلى هذا، فالمناطق الساحلية التي تتعرض للهبوط التوازني، لا تنمو فيها دالات لأن معدل هبوط قاع البحر يتفوق على معدل الترسيب. 

ومن ثم يحدث طغيان لمياه البحر على جزء من المجرى الأدنى للنهر الذي يخترق مثل هذه المنطقة الساحلية ويتكون ما يعرف بالمصب الخليجي بدلاً من الدلتا.

 

كما أن لظروف المناخ التي تسود المجاري الدنيا للأنهار أثراً كبيراً على نمو دالاتها، فالمجاري الدنيا للأنهار التي تخترق مناطق صحراوية جافة كالنيل ولكلورادو، تتميز بعدم التقائها بروافد من أي نوع.

لذا فإنها تتقدم ببطء في مياه البحر بمعدل يتراوح بين 3 – 4,5 متراً سنوياً، بينما الأنهار التي تخترق مناطق رطبة تنمو دالاتها بسرعة كبيرة كما هو الحال في دلتا نهر البو (Po) في شمال إيطاليا التي تتقدم في البحر الأدرياتي بمعدل 13 متراً في السنة.

 

وتعتبر البحيرات الداخلية والبحار المغلقة مناطق مثالية لنمو الدالات خاصة إذا صاحب هذا ارتفاع نسبة الملوحة وقل وجود التيارات البحرية القوية.

كما هو الحال في دلتا نهر الفولجا (Volga) الذي يصب في بحر قزوين المغلق والذي تتقدم دلتاه بمعدل سريع يصل إلى 300 متراً سنوياً..

 

ومما تجدر ملاحظته أن عملية نمو الدالات بدأت تتعرض لبعض التغيرات نتيجة تدخل الإنسان وتحكمه في مائية الأنهار عن طريق بناء السدود والخزانات.

فقد أدى تدخل الإنسان هذا إلى تدهور العديد من الدالات وتقدم مياه البحر على حساب الدلتا، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث لدلتا نهر النيل بعد إنشاء السد العالي.

فقد أدى حجز معظم الرواسب التي يحملها نهر النيل أمام السد العالي (Upstream) إلى قلة ما يصل من هذه الرواسب إلى ساحل الدلتا الشمالي ومن ثم بدأت هذه المناطق الساحلية تتراجع بصورة واضحة وبخاصة عند مصبي فرع دمياط ورشيد.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى