علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عن أنواع الرياح وكيفية انتقالها ومدى أهميتها في الحياة

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

أنواع الرياح كيفية انتقال الرياح أهمية الرياح الرياح علوم الأرض والجيولوجيا

نحنُ لا نستطيع أن نرى الهواءَ بأَعْينِنا، ولكنّنا نَشعُر بهِ عِنْدما يتحرّكُ ويُلامِسُ وُجُوهَنا أو يَهزُّ الأشْجارَ أو يثيرُ الغُبارَ. ويسمّى الهواءُ المتحرِّكُ بالرّياح. فلماذا يتَحرَّكُ الهواء؟

الواقعِ أنّ الهواءَ يتحرّكُ من مكانٍ إلى آخرَ بسببِ اخْتِلاف درجاتِ الحرارةِ بينهما. إذ إن الهواءِ ينتقلُ من المناطِق الباردةِ إلى المناطق الأدْفَأِ منها.

والسبب في ذلك أن الضغطَ الجويَّ في المناطقِ البارِدَة يكونَ أعلى من الضّغط الجويّ في المناطقِ الدافئَةِ.

 

ولا يتحرَّك الهواءُ مِن مناطقِ الضَّغظِ الجويِّ المُرْتَفع إلى مناطقِ الجويّ المُنْخَفضِ في خطِّ مستقيم وإنما ينحرِفُ إلى يمينِ اتجاهِهِ في نصْفِ الكُرَةِ الشِّماليّ، وإلى يسارِ اتِّجاههِ في نصف الكُرة الجنوبيِّ، متأثراً بدَوَرَانِ الكرةِ الأرضيّةِ حَوْلَ نَفسِها.

ويعتمدُ وصفُ اتجاهِ الرِّياح على الجهةِ الآتيةِ منها الرياحُ، فعندما نقولُ إن أغلبُ الرِّياحِ التي تهُبّ على دولِ الخليجِ العربيِّ في فَصْل الصيفِ هي شماليةٌ غربية، فهذا يعْني أنها آتيةٌ من الشَّمالِ الغَرْبيّ.

ويُستخدَمُ جهازٌ يُسمَّى دوّارةَ الرياح لمعرفةِ اتجاهِ الرِّياح، وهو عبارةٌ عن سهْم متحرّكٍ يشيرُ رأسُه إلى الجهة التي تُهُبُّ منها الرّياحُ.

 

أما سرعةُ الرياحِ فيُستخدَمُ في قياسِها جهازٌ يُسمَّى الأنيموميتر، وهو عبارةٌ عن مجموعةِ فناجينَ معدنيةٍ تدوّرُها الرياح، وكلما اشتدت الرّيحُ زادت سُرعةُ دوَرَانِ الفناجين.

وإذا كانت الرياحُ ساكنةً تماماً تتوقّفُ الفناجينُ عن الدّوران، ولكنّ هذه الحالةَ قليلاً ما تحْدُث، وفي العادةِ تعرَفُ سرعةُ الرِّياحِ بعددِ الكيلومترات التي تقطعُها في الساعة، ويمكن أيضاً وصفها بأنها خفيفةٌ أو نشيطةٌ أو هَوْجاء.

وقد تزيد سُرعةُ الرياح عن 100 كيلومتر في الساعة، وفي هذه الحالة تُسمّى عاصفةً وتسبّبُ دماراً شديداً خاصة عندما يُصاحبها مطرٌ غزير.

 

ويوجَدُ نظامٌ شِبْه ثابتٍ لتوزيع مناطقِ الضَّغطِ المرْتفعِ والمنْخفضِ على سَطْحِ الأرضِ بالشكلِ التالي:

1- مَنطقة للضغْطِ المُنخفضِ عند الاستواء.

2- منطقتان للضغْطِ المرتفعِ في المنطقة شِبْه المداريّة شمالَ وجنوبَ الاستواء.

3- منطقتان للضغطِ المنخفضِ في المنطقةِ شبهِ القطبيةِ بالقرْبِ من القطْبِ الشماليِّ والقطب الجنوبيّ.

4- منطقتان للضغظِ المرتفع عن القُطْبين الشَّمالي والجنوبي.

 

وتتحرَّكُ الرّياحُ بينَ هذهِ المناطقِ في حركةٍ دائمةٍ ومعروفةٍ تُسمى بالدَّوْرةِ العامَّةِ للرياح. ويُطلَقُ على الرياحِ التي تنتقلُ إلى المنطقة الأولى من المنطقة الثانية اسمُ الرياح التجاريةِ لأنّ السّفنَ الشراعيةَ كانت تَعْتمد عليها في الإبحار قبل اختراع الآلات البُخاريّة.

ويكونُ اتجاهُ الرياح التجاريةِ شمالياً شرقياً في نصفِ الكرة الشمالي، وجنوبياً شرقياً في نصفِ الكرةِ الجنوبي.

ويُطلَقُ على الرياحِ التي تنتقلُ من المنطقةِ الثانيةِ إلى المنطقة الثالثة اسمُ الرياح العكسية، وهي غربية الاتجاه في نصفي الكُرة الأرضية. أما الرياحُ التي تنتقلُ من المنطقةِ الرابعةِ إلى المنطقة الثالثة فتسمّى الرياحَ القطبيَةَ، واتّجاهُها شرقيٌّ سواءً في النصفِ الشماليّ أو النصف الجنوبيّ من الأرض.

 

ولكنّ حركة الرياح لَيْست دائماً منتظمةً بهذا الشكل، فكثيراً ما تتغيّر وتتحوّلُ عن مساراتها المعروفةِ لأسبابٍ متعدِّدة.

كذلك توجَدُ أنواعٌ من الرياحِ التي تنشأُ في مناطقِ صغيرةِ المساحةِ، لا عَلاقةَ لها بالرّياح الدائمةِ السابقة. ولا تستمر هذه الرياحُ إلا لفترةٍ زمنيةٍ محدودة، ويُعرفُ هذا النوعُ بالرياحِ المحلِّيَةِ.

كما تطلَقُ عليه أسماءٌ أخرى في بعض الأحيانِ. ففي المناطقِ الساحليةِ يتحرَّكُ الهواءُ مِنَ البحْرِ إلى الشاطئِ أثناءَ النهار فيُسَمَّى نسيمَ البحْرِ، ثم يعكسُ حركتَه في أثناءِ الليل. فيُسمّى نسيمَ البرِّ.

 

وفي المناطق الجبليةِ ينحدرُ الهواءُ على سفوحِ الجِبالِ نازلاً إلى الوادي في أثناءِ الليل فيسمَّى نسيمَ الوادي. أما في النهارِ فيرتفعُ من الواديَ صاعداً إلى قممِ الجبال فيُسمى نسيمَ الجبل.

ومِنْ هذه الأنواعِ أيضاً الرّياحُ القويَّةُ المحمَّلةُ بالأتربةِ والرّمالِ والتي تُسمى «الطوز» في الخليجِ العربيِّ و «الخماسين» في مصْرَ و«السَّمومَ» في الشامِ.

كما تأخذ الأعاصيرُ أسماءً كثيرةً على الرغم من تشابُهِ صِفاتِها مثل التورنادَو في الولايات المتحدة، والهاريكان في أمريكا الوسطى والتيفون في الصين.

 

وهناك أنواعٌ من الرياحِ تحدُثُ في منطقةٍ معيّنةٍ في وقتٍ معروفٍ من السنة، وتُسمّى هذه الرياحُ بالرياحِ الموْسميَة.

وأشهرْها تلك التي تَهُبُّ على جنوب شرقِ آسيا في فصلِ الصيفِ والتي تتسبَّبُ في سقوطِ أمطارٍ غزيرةٍ على هذا الإقليمِ بعدَ فترةِ جفافٍ طويلة.

وتلعبُ الرّياحُ دوراً عظيماً في استمرارِ الحياةِ على سطْح الأرضِ.

 

قال تعالى(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الروم (46)، فهي تعمَلُ على تجَانسِ درجاتِ الحرارةِ على الأرْضِ، ولولاها لاحترقتِ الكائناتُ الحيَّةُ مِنْ شدَّةِ الحرارةِ في أثناءِ النهارِ وتجمَّدتْ مِنْ شِدَّةِ البُرودَةِ في أثناءِ الليلِ.

كما أنها تُحرّكُ السحابَ ليُسْقِطَ أمطارَه على أجزاءٍ كثيرةٍ من سطْحِ الأرضَ، وهي تساعِدُ الطائراتِ وكذلك الطيورَ والحشرات على الطَيرانَ في الْجَوَ، وتدفعُ السُّفنَ الشراعية في البحرِ، وتنقِلُ حبوبَ اللَّقاحِ من الزُّهورِ لكي تُثمِرَ النباتات.

 

كما تنثرُ البذورَ على الأرضِ لكيْ تنبِّتَ الزرع. وقَدْ بدأَ الإنسانَ في السنواتِ الأخيرةِ في الاستفادةِ من حركةِ الرياحِ في تَوليدِ طاقةٍ مجّانيةٍ ونظيفة.

ولكن في الوقت نفسِهِ تتسَبَّبُ الرياحُ أحياناً في الإضْرارِ بالإنْسانِ والبيئةِ مثل الأعاصيرِ والفياضاناتِ والعواصفِ الرّملية، التي تُدمِّر المنشآتِ وتقتلعُ الأشجارَ وتُغْرِقُ السّفنَ وتُسقطَ الطائراتِ.

وصدق الله العظيم حين قال: قال تعالى(أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) الإسراء (69).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى