علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة حول “الصخور الرسوبية”

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثالث

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الصخور الرسوبية علوم الأرض والجيولوجيا

تتكون القشرة الأرضية من ثلاثة أنواع من الصخور: صخور نارية وصخور رسوبية وصخور متحولة.

وتغطي الصخور الرسوبية حوالي ثلاثة أرباع سطح الأرض، بينما لا تشكل أكثر من 5% بالوزن من القشرة الأرضية.

وتتميز الصخور الرسوبية باحتوائها على كميات هائلة من الخامات الاقتصادية مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم والفوسفات والكبريت والجبس والحجر الجيري والحديد والمنجنيز واليورانيوم، ومواد البناء كالرمال والحصى والطين وأحجار البناء المختلفة.

 

وقد ساهمت دراسة الصخور الرسوبية بشكل رئيسي في تفهم تطور الحياة وتقسيم العمود الجيولوجي وظهور ما يعرف بعلم الجيولوجيا التاريخية.

وتتميز الصخور الرسوبية عن نوعي الصخور الأخرى النارية والمتحولة بوجودها في هيئة طبقات متراصة تعلو كل منها الأخرى، واحتواء بعضها على أحافير بالرغم من وجود بقايا تطبق ترسيبي لبعض الصخور المتحولة عن أصل رسوبي.

ويمكن التفريق بين الصخور الرسوبية وكل من الصخور النارية والصخور المتحولة (الصخور المتبلورة)، إذا تعرفنا على نشأة كل من هذه الصخور.

 

فالصخور الرسوبية تتكون بعمليات خارجية جيولوجية تحت الظروف الفيزيوكيميائية السائدة على سطح الأرض بينما تتكون الصخور النارية والمتحولة بعمليات جيولوجية داخلية.

فالأولى تنشأ عن برودة الصهير والثانية نتيجة لارتفاع كبير في الضغط أو درجة الحرارة على الصخور أو كليهما معاً.

وهناك بعض التداخلات بين أنواع الصخور الثلاثة (الرسوبية والنارية والمتحولة)، فعلى سبيل المثال فإنه من الصعب تصنيف الرماد البركاني الناري النشأة والذي ينتقل ويتداخل مع الرواسب العادية. 

 

كما أنه يصعب أحياناً التفرقة بين صخر رسوبي تضاغط بشدة وآخر متحول تحولاً ضعيفاً، وبالرغم من أن الصخور الرسوبية تشكل 5% فقط من الغلالة الخارجية للقشرة الأرضية، فإنها تغطي حوالي  سطح الأرض.

معنى هذا أن الصخور الرسوبية، بشكل عام، تكون طبقة رقيقة السمك على سطح القشرة الأرضية.

ويتفاوت سمك الرواسب والصخور الرسوبية تفاوتاً كبيراً من مكان لآخر، فبينما نجد أنه لا يتعدى بضعة أمتار عند حواف بعض كتل الجبال النارية كجبال أوزارك أديرونداك فإنه يتجاوز 9000 متر عند دلتا نهر المسيسبي.

 

المنشأ (الأصل):

تنشأ الصخور الرسوبية من تفتيت وتحطيم صخور أخرى موجودة من قبل (صخور مصدرية) بفعل المياه والرياح والجمد والتحليل العضوي.

فتنشطر الصخور المصدرية إلى فتات أصغر حجماً، بينما تذوب بعض المكونات الأخرى في مياه الأمطار ومياه التربة. يعقب ذلك انتقال المفتتات الصلبة والأيونات الذائبة والغرويات العالقة بواسطة عوامل النقل المختلفة لمسافات قصيرة أو طويلة حتى تصل إلى بيئة الترسيب.

وأهم هذه العوامل مياه الأنهار الجارية، يلي ذلك المياه الجوفية والرياح والمثالج وأحياناً يتوقف نقل الفتات مؤقتاً لتترسب الرواسب غير الفتاتية في الأنهار والبحيرات.

 

وينشأ عن تراكم الرواسب الفتاتية تكون الحواجز والمراوح النهرية ودلتاوات البحيرات.

وتشكل الرواسب البحرية حوالي 92% من الصخور الرسوبية بينما لا تشكل الرواسب القارية سوى حوالي 8%، ونتيجة لاستمرار عمليات الترسيب فإن الطين يغطي الرمل وتتضاغط الطبقات مما يؤدي إلى طرد المياه التي تملأ مسامات الرواسب، وبالتالي تتماسك وتتلاحم وتؤدي التغيرات الكيميائية إلى ازدياد تلاحمها وتماسكها.

 

تقسم الصخور الرسوبية إلى مجموعتين رئيسيتين اعتماداً على اختلاف منشأ كل منها:

– فتاتية

– غير فتاتية (كيميائية – حيوية)

تتكون الصخور الرسوبية الفتاتية نتيجة لتراكم المعادن وفتات الصخور الناتج عن تهشم وتفتت الصخور المصدرية ونقلها على صورة صلبة – بينما تتكون الصخور الرسوبية غير الفتاتية نتيجة لترسب كيميائي غير عضوي من محاليل فوق مشبعة، أو بفعل كيميائي حيوي لبعض الكائنات الحية.

ومن أمثلة ذلك ترسب الجير على هيئة أصداف لقبيلة الرخويات.

 

وتوجد الرواسب في الطبيعة على هيئة مخلوط من الرواسب الفتاتية وغير الفتاتية.

ويندر أن يوجد أي نوع منهما نقياً وخالياً من قدر ولو يسير من النوع الآخر. فمثلاً تحتوي صخور الحجر الجيري المتكونة كيميائياً على حبيبات دقيقة من الكوارتز ومعادن الطين.

 

والمعتقد أنها تكونت بتذرية الرياح. كما أن الصخور الفتاتية كالحجر الرملي والطفل تحتوي على قدر من كربونات الكالسيوم والسيليكا وأكاسيد الحديد المترسبة كيميائياً. إما أثناء تراكم الفتات أو بعد الترسيب في عمليات ما بعد النشأة.

يشكل الطفل والحجر الرملي والحجر الجيري أكثر من 95% من الصخور الرسوبية، ويمثل الحجر الجيري وحده حوالي 15% من الحجم الكلي للرسوبيات. وتختلف التقديرات حول انتشار الطفل والحجر الرملي، ويبدو أن انتشار الطفل يفوق الحجر الرملي مرتين أو ثلاث مرات.

 

المميزات النسيجية: 

نتيجة لوجود الرواسب على هيئة مخلوط طبيعي من فتات المعادن والصخور، بالإضافة إلى بعض المواد الغروية كالطين والترسبات الكيميائية والحيوية، فإنه يلزم تعيين الصفات الشكلية والهندسية لكل نوع على حدة وعلاقة كل منها بالآخر.

ويؤدي تحليل نسيج الصخر الفتاتي إلى معرفة كاملة بالوسط الذي ترسب فيه الفتات وما إذا كان مائياً أو هوائياً. فنسيج الصخر يتحدد بصورة مباشرة من خلال هيدروديناميكية وسط الترسيب.

 

حجم الحبيبات: 

ربما يكون حجم الفتات وتوزيعه من أهم الخصائص النسيجية للصخر الفتاتي.

وتبعاً لحجم الفتات تصنف الرواسب والصخور الفتاتية إلى وحل وحجر وحلي أقل من 72 ميكرون ورمل وحجر رملي (62 ميكرون – 2 مم)، حصى وكونجلوميرات وبريشيا (أكبر من 2 مم).

وحيث أن قياس قطر كل فتيتة منفردة من الصخر الرسوبي غير ممكن عملياً، فإنه يستعان بطرق الإحصاء في حساب معاملات حجمية للصخر الفتاتي.

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يستدل على حجم الحبيبات من قياس أقطارها بتحليلها ميكانيكياً على افتراض أن جميع الحبيبات كروية الشكل. ومن أهم هذه المعاملات الحجمية ما يلي:-

1- تعيين متوسط قطر الحبيبات إما بحساب متوسط الحجم الحبيبي (Mean)، محسوباً لأقطار الحبيبات أو بتعيين الحجم الحبيبي الوسيط (Median).

 

2- تعيين معامل التصنيف البياني الشامل، ويمكن حساب ذلك بطريقة الأرباع حيث أن:

معامل التصنيف =  كما هو موضح بشكل (1).

س1 = قطر حبيبات الربع الأنعم

س2 = القطر الوسيط

س3 = قطر حبيبات الربع الأخشن

 

3– معامل الحيود أو الالتواء. ويوضح حيود الانتشار على جانبي الحجم الوسيط وما إذا كانت الحبيبات الأصغر تساوي الحبيبات الأكبر من الحجم الوسيط (متماثل)، أم أن الحبيبات الأكبر والحبيبات الأصغر من الحجم الوسيط غير متساوية، وبالتالي غير متماثلة ويحسب بالمعادلة

معامل الحيود =  

 

4- معامل التفرطح ويقيس نسبة تصنيف حبيبات المنطقة الوسطى في العينة إلى حبيبات المنطقتين الطرفيتين (الذيلين) في العينة ويوضح درجة تحدب المنحنى الناتج عن أغلبية رتب أحجام عينة الراسب.

معامل التفرطح = 

 

ويمكن التعرف على شدة تيارات نقل الرواسب من متوسط حجم حبيباته، فالحبيبات الأخشن تنقل بتيارات قوية والعكس صحيح.

ويمكن التفريق بين رمال الشواطئ ورمال الأنهار ورمال الكثبان باستخدام معامل التصنيف منفرداً، أو بالاستعانة ببعض المعاملات الأخرى.

فجودة التصنيف تتناقص من رمال الكثبان إلى رمال الشواطيء إلى رمال الأنهار، وتأتي في المرتبة الأخيرة رمال المثالج، ولكن يبقى هناك كثير من التحفظات على استخدام المعاملات الحجمية للرواسب في التعرف على بيئات ترسيبها.

 

وقد أثبتت الدراسات الترسيبية الحديثة أن استخدام البنيات الترسيبية في استنتاج بيئة الترسيب أدق وسيلة لذلك، بالإضافة إلى المحتوى الأحفوري إن وجد.

والآن باستخدام الحاسوب أمكن حساب معاملات حجمية أكثر تعقيداً، كما رسمت مخططات كثيرة ولكن ليس لتعيين بيئة الترسيب في المرتبة الأولى، وإنما لاستنتاج وتوضيح الخواص الهيدروليكية لتيار الترسيب.

 

الشكل والاستدارة: 

تشكل دراسة شكل الحبيبات واستدارتها كعناصر نسيجية أهمية بالغة. ويجب التمييز بين التكور والاستدارة، ويعرف شكل الحبيبة بمقدار تكورها أو قربها من الشكل الكروي – بينما تعرف الاستدارة بدرجة حدة انحناء أركان وحواف الحبيبة.

ويمكن لحبيبة حادة الحواف والأركان أن تكون كروية الشكل، وعلى العكس من ذلك يمكن لحبيبة قضيبية طويلة أبعد ما تكون عن الشكل الكروي، وفي نفس الوقت تكون كاملة الاستدارة وخالية من أية تعرجات أو زوايا حادة (شكل 2)

ويعتمد التكور والاستدارة إلى حد كبير على البري الميكانيكي للفتات أثناء النقل قبل الترسيب، بالإضافة إلى الخواص الفيزيائية للفتات المنقول صخوره المصدرية.

 

النسيج السطحي للحبيبات: 

يقصد به العلامات الدقيقة المنتشرة على سطح الحبيبات، والتي تتمثل في البريق السطحي للحبيبات والخدوش السطحية.

ويتمثل ذلك في عتمة وانطفاء سطح الحبيبات المنقولة بالهواء نتيجة للعمليات الميكانيكية أثناء النقل، من اصطدام وبري وتآكل لسطحها، بينما نجد أن ذلك غير موجود في الرمال المائية (المنقولة بالماء)، وذلك لأن الوسط المائي يحول بين اصطدام الحبيبات.

 

وقد عزى فيليب كرينين عتم الرمال الريحية إلى أثر الضباب الكيميائي، والأسطح اللامعة والمصقولة لحبيبات رواسب الأنهار والشواطئ إلى عمليات كيميائية مختلفة تحدث في الماء.

وجدير بالذكر أن الرمال الريحية المعتمة بجنوب روديسيا بصحراء كالهاري تفقد عتمتها بعد انتقالها لمسافة 60 كم في مياه نهر الزمبيزي. ودراسة النسيج السطحي للحبيبات يتطلب الفحص بواسطة المجهر، وفي بعض الأحيان لا بد من استخدام المجهر الماسح الإلكتروني.

 

تحليل رص وتآلف الصخر: 

ترتبط عملية الرص بطريقة ترتيب الحبيبات المكونة للصخر الرسوبي، وتعتمد كثافة الرص على سمك ووزن الطبقات التي تعلو الصخر، بالإضافة إلى التضاغط الجانبي أثناء الحركات البانية للجبال. ويهتم تآلف الصخر بإعادة بناء اتجاه التيار السائد أثناء ترسيب الفتات.

ويعتمد ذلك على معرفة ما إذا كانت الحبيبات القضيبية مرتبة بحيث يكون طول الحبيبات في اتجاه واحد من عدمه. ويبين الاتجاه الموحد لحبيبات الصخر اتجاه التيار أثناء الترسيب.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى