النباتات والزراعة

نبات الشَّورى

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

نبات الشَّورى النباتات والزراعة الزراعة

نباتُ الشُّورَى اسمُهُ العِلْمِيُّ اللاَّتينِيُّ: «أَفِيسيْنيا مارينا» وتَرْجَمَتُهُ بالعربيَّةِ «نباتُ ابنِ سينا البَحْرِيّ»، أيْ الذي يَنْمو قريبًا من البَحْرِ.

وقد أطلق هذا الاسمُ تكريمًا للفَيْلَسوفِ ابن سينا واعترافًا بفَضْلِهِ على الفَلْسَفَةِ والطِّبِّ والعِلْمِ؛ ويُعْرَفُ النباتُ أيضًا باسمِ «القَرُومِ».

ونباتُ الشورَى أَحَدُ أَرْبَعَةِ أنواعٍ رئيسيَّةٍ تكوِّن جميعُها ما يُعْرف بغاباتِ «المانجروف». وهي غاباتٌ لا توجدُ إلا في المناطِقِ الاسْتِوائِيَّةِ الحارَّةِ.

 

وهي نباتاتٌ مُزْهِرَةٌ، أشجارٌ أو شُجَيْراتٌ كبيرَةٌ، تَنْمو في البيئاتِ السَّاحِلِيَّةِ الّتي تُغَطِّيها المياهُ إما بصفةٍ دائمةٍ وإمَّا في أوقاتِ المدِّ.

وهذه البيئاتُ الساحليَّةُ مَحْمِيَّةٌ من الأمواجِ لِوجُودِ الشِّعابِ المَرْجانِيَّةِ الّتي تعملُ كحاجزٍ يَكْسِرُ الأمواجَ ويُقَلِّلُ من شِدَّتِها.

والتُّرْبَةُ في هذهِ البيئاتِ تربةٌ ناعِمَةٌ يزيدُ فيها الطَّمْيُ والطِّينُ على 90%، لونُها أسودُ أدْكَنُ، رديئةُ التهويَةِ، كريهَةُ الرَّائِحَةِ، وتكثرُ بها الموادُّ العضويَّةُ الّتي تَنْشَأُ من تحلُّلِ البَقايا النباتيَّةِ. ومن الطبيعِيّ أن تكونَ مُلوحَتُها عالِيَةً بسبَبِ البَحْر.

 

وهي تربةٌ سائِبَةٌ لَزِجَةَ يغوصُ الإنسانُ فيها بقدمَيْهِ إذا سارَ عَلَيْها، ويصيرُ مُعَرَّضًا للهلاكِ إذا ما توغَّل فيها نَحْوَ البَحْرِ. لذلك سُمِّيَتْ «غاباتِ مقابرِ الإنسانِ».

وفي مِنْطَقَتِنا العَرَبِيَّةِ يكوِّنُ نباتُ الشورَى هذه الغاباتِ التي توجدُ على سواحلِ البَحْرِ الأَحْمَرِ وشَوَاطِئ الخليجِ العربيِّ المتميِّزَةِ بوجودِ الشِّعابِ المَرْجانيَّةِ.

يَنْتَمي نباتُ الشُّورَى إلى الفصيلَةِ الفربينيَّةِ من مُلْتَحِمَةِ البِتِلاَتِ، التَّابِعَةِ لذواتِ الفِلْقَتَيْن وهو شجرةٌ أو شُجَيْرَةٌ كبيرةٌ لها مجموعٌ جذريٌّ قَوِيٌّ.

وإضافةً إلى المجموعِ الجذرِيِّ العادِيِّ، للنباتِ جذورٌ أخرَى تسمَّى الجذورَ التَّنَفِّسِّيَّةَ. كَما ذَكَرْنا، التربةُ رديئةُ التهويَةِ وفقيرةٌ في الأكسيجين، لذلك تَتَّجِهُ بعضُ الجذورِ من أسفلِ التُّرْبَةِ إلى أعلاها لتبرزَ في الهواءِ وتعلو إلى حَوالَيْ نِصْفِ مِتْرٍ.

 

وهذه الجذورُ مُزَوَّدَةٌ بثقوبٍ على أَسْطُحِها تَسْمَحُ بتبادُلِ الغازاتِ بينَ النباتِ والوَسَطِ الخارجِيِّ، وبذلك تحصُلُ الجذورُ على أكسيجين الهواء. كذلك تحتوي أنسجةُ هذه الجذورِ على فراغاتٍ واسعَةٍ لتخزينِ هذا الأكسيجين.

وتحملُ الفروعُ أوراقًا بسيطَةً متبادِلَةَ الوَضْعِ لها أعناقٌ قصيرةٌ. والوَرَقَةُ جِلْدِيَّةُ المَلْمَسِ سَطْحُها العُلْوِيُّ أخضرُ اللّونِ، أمّا السطحُ السفليُّ فيميلُ إلى البياضِ لتَجَمُّعِ الأَمْلاحِ عليه. وتفرزُ الأوراقُ هذا المِلْحَ من غُدَدِ خاصَّة تسمَّى الغددَ المِلْحِيَّةَ.

وتنتظمُ الأزهارُ في نوراتٍ كثيفةٍ، إمَّا عِندَ أطرافِ الفروعِ وإما في آباطِ الأوراقِ.

 

وثَمَرَةُ الشورَى لَحْمِيَّةٌ إلى حدٍّ ما، مستديرةٌ ومُنضَغِطةٌ، وتنفتخُ بِمِصْرَاعَيْن عند نُضْجِها، وتبقَى بها بذرةٌ واحِدَةٌ بعد أن تتلاشَى جميعُ البذورِ الأخرَى.

وطريقةُ الإنباتِ في نباتِ الشُّورَى طريقةٌ عجيبةٌ تختَلِفُ عمَّا يحدثُ في جميعِ النباتاتِ المُزْهِرَةِ الأخرَى.

فالمعروفُ أن التكاثُرَ الجنسِيَّ في النباتاتِ المُزْهِرَةِ ينتهي بتكوينِ بِذْرَةٍ لا تَنْبُتُ مباشَرَةً، ولكنْ عليها أن تُمْضِيَ فترةً من الوَقْتِ، تتراوحُ بينَ أيامٍ وعشراتِ السِّنينَ، ويكونُ الجنينُ فيها في طَوْرِ السُّكون أو الكُمُونِ.

 

أمّا في نباتِ الشُّورَى فينمو الجنينُ في داخِلِ البِذْرَةِ مباشَرَةً عَقِبَ تَمَامِ عَمَلِيَّةِ الإخصابِ، ويستمرُّ النموُّ داخلَ البذرةِ حتَّى تَصِلَ البادرةُ إلى حوالَيْ أربعةِ سنتيمتراتٍ.

ويكونُ ذلك والبذرةُ محمولةٌ علَى الشجرَةِ الأمِّ. ثم تسقطُ البادِرَةُ في النهايَةِ، فإذا ما كانَ سقوطُها عمودِيًّا ثَبَّتَتْ نَفْسَها في التُّرْبَةِ لتواصِلَ نموَّها إلى النباتِ البالِغ.

أما إذا كان سقوطُها أُفقِيًّا وتصادَفَ وجودُ مياهِ المَدِّ فإن ذلكَ يكونُ وسيلةَ انتشارِ النباتِ حيث تنمُو البادرةُ في مكانٍ قريبٍ أو بعيدٍ عن النباتِ الأمِّ.

 

هذه الطّريقةُ للإنباتِ تُمَيِّز نباتَ الشُّورَى، ولأنَّ الجنينَ لا كمونَ له فإن النباتَ يوصفُ بالنباتِ الوَلُودِ أيْ الذي يَلِدُ مِثْلَ مَا يَحْدُثُ في عَالَمِ الحَيَوانِ.

ولنباتِ الشُّورَى فائدةٌ اقتصادِيَّةٌ، لأنَّ قِلْفَ الشَّجَرَةِ يحتوِي على موادَّ دِباغيَّةٍ تستعملُ في دبَاغَةِ جلودِ الحيواناتِ قبل تصنيعِها إلى أحذيةٍ وحقائبَ وغيرها من المصنوعاتِ الجلديَّةِ. كما أن الأوراقَ بها موادُّ تُسَبِّبُ الإجهاضَ للسَّيدَاتِ، أي أن يَلِدْنَ أجنَّتَهُنَّ قبلَ تمامِ تكوينِها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى