من أين أتت طبقة الأوزون؟
الطبقة غير المرئية في الغلاف الجوي التي تحمينا من الإشعاع القاتل تشكلت منذ بلايين السنين
اكتشف العالمان الفرنسيان
شارل فابري Charles Fabry
وهنري بويسون Henri Buisson
طبقة الأوزون في عام 1913.
على ارتفاع يتراوح بين 10 إلى 25 ميلاً فوق رؤوسنا، في طبقة الستراتوسفير Stratosphere، توجد طبقة من الأكسجين مخصصة لمنع الأشكال الخطيرة من الإشعاع الشمسي، تسمى طبقة الأوزون Ozone Layer. إلى جانب الضوء المرئي، تبعث الشمس أيضاً إشعاعات على شكل ضوء فوق بنفسجي Ultraviolet Light (اختصارا: الأشعة Uv ). بداخل الضوء فوق البنفسجي 3 أطوال موجية مختلفة من الضوء، يشار إليها عادة باسم Uva وuvb وuvc، ولكل منها مستويات مختلفة من الطاقة Uva. هو الضوء الأقل نشاطاً، في حين يقع Uvb في المنتصف أما Uvc فهو أنشطها. في رحلتها من الشمس إلى الغلاف الجوي للأرض، تمتص جزيئات الأكسجين التي تشكل طبقة الأوزون الطاقة العالية للضوء فوق البنفسجي. ولكن الأطوال الموجية ذات الطاقة المنخفضة لنوعي الضوء فوق البنفسجي Uva و uvb يمكن أن تمر عبر الأوزون وتصل إلى سطح الأرض. نحو %95 من الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الأرض هي Uva، والـ %5 المتبقية هي Uvb.
قبل أن تتمتع الأرض بحماية طبقة الأوزون، كانت الحياة مقتصرة على المحيطات في المياه العميقة بما يكفي لحمايتها من الأشعة فوق البنفسجية الضارة للشمس. بفضل الكائنات الحية الصغيرة المتعددة الخلايا المعروفة بالطحالب Algae، تمكنت الحياة من ترك الماء والانتشار على الأرض. منذ بلايين السنين، طرحت الطحالبُ بالأكسجين في الغلاف الجوي من خلال عملية البناء (التمثيل الضوئي) Photosynthesis، حيث يُستخدم ضوء الشمس لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى طعام، إضافة إلى إنتاج الأكسجين كمنتج ثانوي. قبل نحو 600 مليون سنة، خلال الدهر ما قبل الكمبري Precambrian Era، كان تركيز الأكسجين نحو %10 فقط من مستوياته في العصر الحديث، وتشكلت طبقة الأوزون – المكونة من 3 جزيئات أكسجين – في الستراتوسفير. وبعد نحو 150 مليون سنة، وبفضل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية التي وفرتها طبقة الأوزون، ظهرت أولى النباتات الأرضية في العالم، وضخت المزيد من الأكسجين في الغلاف الجوي فبدأت رحلة الحياة على الأرض.
من دون طبقة الأوزون التي تمتص غالبية الأشعة فوق البنفسجية، سيتعرض كوكبنا لأشعة عالية الطاقة، مما سيؤدي إلى تدمير جميع أشكال الحياة على الأرض. ويؤدي التعرض غير المحمي للأشعة فوق البنفسجية الطويلة والمتوسطة، مثلما يحدث عندما لا تستخدم كريم الوقاية من أشعة الشمس، إلى حروق جلدية بسبب الشمس، كما قد يسبب أيضاً طفرات في الحمض النووي Dna للخلايا الجلدية، مما يسبب السرطان. عندما كشف عالمان من جامعة كاليفورنيا في عام 1974 أن المواد الكيميائية الشائعة الاستخدام، التي تسمى مركبات الكلوروفلوروكربون Chlorofluorocarbons (اختصاراً: مركبات Cfcs)، تدمّر طبقة الأوزون، بدأ العالم بالتخلص منها تدريجياً. استُخدمت مركبات الكلوروفلوروكربون على نطاق واسع في الثلاجات وكمواد دافعة في علب الأيروسول Aerosol Cans. عند إطلاقها في الغلاف الجوي، يمكن لمركبات الكلوروفلوروكربون أن تفكك جزيئات الأكسجين التي تشكل طبقة الأوزون، مما يؤدي إلى تكوين ثقوب هائلة في هذه الطبقة من الغلاف الجوي، ومن ثمَّ تمهيد الطريق للأشعة فوق البنفسجية الضارة للوصول إلى سطح الأرض.
تشكيل الدرع
لطبقة الأوزون علاقة ذات شقين بالأشعة فوق البنفسجية. من ناحية، تعمل الدرع الجوية على حجب الأشعة الضارة، لكنها من الناحية الأخرى، تحتاج إلى الأشعة فوق البنفسجية لبناء أو إصلاح نفسها. عندما تتفاعل الأطوال الموجية للإشعاع الشمسي مع الأكسجين الجوي، الذي يحمل جزيئين من الأكسجين، فإنها تفتتهما. تجد الذرتان الوحيدتان بسرعة جزيء من الأكسجين الجوي وترتبطان به لتشكل 3 ذرات أكسجين متحدة. العديد من العمليات الطبيعية، مثل البقع الشمسية Sunspots والرياح الستراتوسفيرية وحتى الانفجارات البركانية، تستنزف طبقة الأوزون، وتديم دورة التشكّل والاستنفاد Formation And Depletion Cycle. ولكن عندما يختل التوازن، كما يحدث مع إطلاق مركبات الكلوروفلوروكربون، تُفقد كمية من الأوزون أكبر مما يمكن أن تراكمه الأشعة فوق البنفسجية للشمس، وتتشكل الثقوب.
إصلاح الثقوب في الأوزون
منذ اعتماد بروتوكول مونتريال Montreal Protocol لعام 1989، وهو اتفاق دولي لتخليص العالم من المواد الكيميائية المستنفدة للأوزون مثل مركبات الكلوروفلوروكربون، تقرر أن تنغلق الثقوب العملاقة فوق المناطق القطبية بحلول عام 2045. وجد تقييم أجرته الأمم المتحدة أن ثقب الأوزون فوق القطب الشمالي يمكن أن يلتئم في السنوات الـ 11 المقبلة، كما ستنغلق الطبقة فوق القارة القطبية الجنوبية بحلول عام 2066. ببساطة بمنع استخدام المواد الكيميائية المستنفدة للأوزون، تمكنت العملية الطبيعية لتشكّل الأوزون من عكس ترقق طبقة الأوزون تدريجياً وسد ثقوبها. في الوقت الحاضر، يبلغ الحد الأقصى لمساحة ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية نحو 10 ملايين ميل2. ففي عام 2000 بلغ الثقب أكبر حجم له، عندما بلغ نحو 11 مليون ميل2.