البيئة

مصادر الاختلال في النظم الإيكولوجية

2010 تدهور الأراضي في دولة الكويت

د. علي محمد الدوسري ود. جاسم محمد العوضي

KFAS

الاختلال في النظم الإيكولوجية البيئة الزراعة

ومصادر الاختلال في النظم الأيكولوجية متعددة ويمكن تعدد أهمها فيما يلي:

1- إضافة عنصر أو أكثر إلى النظام الأيكولوجي:

وهذا ما يعبر عنه بمفهوم التلوث، حيث أن التلوث يصحبه إدخال عناصر جديدة غير موجودة في النظام البيئي فيؤدي إلى اختلال الاتزان في البيئة. 

فإلقاء النفايات الصلبة او السائلة على اليابسة، على سبيل المثال، يؤدي إلى تلوث البيئة واختلال اتزانها، نظراً لدخول عنصر غريب على النظام البيئي بشكل يفوق قدرة هذا النظام على احتوائه. 

فالنشاط البشري الذي يبعث على القلق يتجلى بالتغيرات التي يدخلها الإنسان على سطح الأرض عن طريق إزالة الاحراج والغطاء النباتي.  فمثل هذه النشاطات بإمكانها أن تزيد من مساحة الألبيدو الأرضي، أي نزوع الأرض للعمل سطحاً عاكساً لضوء الشمس، مما يؤدي إلى امتصاص أقل لضوء الشمس، ومن ثم إلى جعل هذا السطح أكثر برودة. 

ويؤدي هذا التأثير إلى إحداث تغيرات في الطبقة الدنيا من الغلاف الجوي، يكون معها الهواء باردا عند سطح الأرض وأكثر دفئا فوقها، مما ينتج عنه انخفاض في فعالية عمليات الانتقال بالحمل في الاتجاه الرأسي في الغلاف الجوي، ومن ثم فوات إمكانيات تكون الغيوم وتساقط المطر.

 

2- نقصان عنصر أو أكثر من النظام البيئي

يؤثر نقصان أحد العناصر البيئية في الحركة التوافقية التي تتم بين عناصر النظام البيئي.  ولعل المثال الجلي على ذلك هو نقص كمية الغطاء النباتي، الذي يمكن أن تكون له نتائج بيئية واقتصادية واجتماعية سلبية.

حيث أن الغطاء النباتي يعمل على تثبيت التربة ومنع زحف الرمال وجذب الحيوانات والطيور.  ولا شك أن النقص في هذا العنصر سيؤدي إلى اختلال في التنوع البيولوجي.

 

3- الأسمدة ومحسنات التربة:

مما لا شك فيه أن حسن استخدام التكنولوجيا يؤدي إلى رفع كفاءة العناصر البيئية، ولكن الإخلال في استخدام التكنولوجيا بشكل مدروس يؤدي إلى انخفاض كفاءة العناصر البيئية. 

فعلى سبيل المثال سوء استخدام الأسمدة الكيميائية في الأراضي الزراعية قد يؤدي إلى تلوث التربة وفقدانها القدرة البيولوجية، كما أن تساقط الأمطار الحمضية على بعض الأراضي الزراعية قد يؤدي إلى تلف أو استنزاف العناصر البيئية الطبيعية ويساعد على اتساع نطاق الأراضي المتدهورة في العالم

ومن هنا نجد أن التكنولوجيا الحديثة سلاح ذو حدين، يمكن أن يرفع كفاءة العناصر البيئية ويعيد الاتزان البئي، إذا أحسن الإنسان استغلالها، أو يعمل على تدهور واستنزاف العناصر البيئية وإحداث خلل في الاتزان البيئي إذا أساء الإنسان استغلالها. 

 

إن كمية بعض العناصر الغذائية في الأتربة تكون محدودة جداً، لا سيما الأزوت، وأحياناً الفسفور، وهذا يعود إلى نقص المواد العضوية في التربة والتفكك السريع الذي يصيبها.

 وإن هذه الخاصة يجب أن تؤخذ في الحسبان عندما يراد استغلال هذه الأنظمة، ولا سيما عند تطبيق التكنولوجيا المستوردة من مناطق رطبة على المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة.

مما سبق يتضح أن الأنظمة الإيكولوجية في المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة تتصف بتوازن طبيعي سريع التدهور ويمكن أن يختل بسهولة تحت تأثير سوء إدارة واستغلال الموارد الطبيعية من نبت ومياه وأتربة، لا سيما عند حدوث فترات جفاف.  إن هذا الاختلال في التوازن الطبيعي للأنظمة الإيكولوجية هو الذي يولد المزيد من التدهور للأراضي. 

فسوء استغلال الغطاء النباتي في مناطق الغابات الطبيعية يؤدي مع مرور الزمن إلى تعرية التربة وتعريضها إلى الانجراف المائي والريحي، وينتج عن ذلك انسياب مياه الأمطار خاصة على المنحدرات وانخفاض معدل تسربها داخل التربة.

 

مما يحد من استفادة التربة والنباتات من مياه الامطار ومن تغذية المياه الجوفية، وبالتالي يولد سيولا جارفة تزيل المادة العضوية في  بنية التربة ويخفض تماسك حبيباتها لتصبح أكثر عرضة للانجرافين الريحي والمائي. 

ومع الزمن تصبح الظروف البيئية المحلية أكثر جفافا ويتضاءل الغطاء النباتي أكثر فأكثر.  وهكذا يستعاض تدريجياً عن النبت الأصلي ينبت أقل كثافة وأكثر جفافا.

وبهذه الطريقة تتدهور الأنظمة الايكولوجية وتتحول في المناطق شبه الرطبة إلى حالة شبه جافة، وفي المناطق شبه الجافة إلى حالة جافة، وفي المناطق الجافة إلى شديدة الجفاف، وفي المناطق شديدة الجفاف إلى شبه صحراوية أو إلى صحارى فعلية، حيث يكون التدهور كليا تقريباً.

 

إن العلاقات الدقيقة والمتداخلة بين مختلف العناصر الاحيائية في النظام البيئي وتفاعلها مع العناصر الفيزيائية والكيميائية تضمن للنظام البيئي الاستمرارية والتنظيم الذاتي بإصلاح ما قد يحصل من خلل في التوازن.

فالأنظمة البيئية ذات قابلية وبدرجات متفاوتة على مقاومة التغيرات والتحورات التي قد تطرأ عليها وتتكيف مع المتغيرات الطبعية، ولكن قد تصل لدرجة من التغير والتحور والتكيف إلى الحد الذي يفقد معه النظام البيئي القابلية على التنظيم الذاتي والتكيف مع الظروف الجديدة.

إن النظم البئية في المناطق الجافة وشبه الجافة – التي نعيش فيها – هي بطبيعتها وبما يحيط بها من ظروف مناخية قاسية، أنظمة حساسة وهشة لا تحمل الكثير من التغيرات والتحورات.  فالمجموعات النباتات لمثل هذه الأنظمة على سبيل المثال ليست على درجة من الكثافة وسرعة النمو، بحيث يمكنها أن تتحمل الضغط الشديد كالرعي الجائر والمبكر والتحطيب الجائر الذي يصل إلى حد خلع الجذور من باطن الارض.

 

وكما تم ذكره آنفاً فإنه مع انخفاض نسبة التغطية النباتية أو إزالة الغطاء النباتي يرتفع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون وهو غاز يعتقد أنه سبب رئيسي في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، إضافة إلى غازات أخرى، لأن النبات يستخدمه في تصنيع مادته العضوية بعملية التمثيل الضوئي. 

ويبلغ معدل إنتاج المواد العضوية بالتمثيل الضوئي في الغابات حوالي 2 – 3 أمثال معدل إنتاجها في الأراضي الزراعية والرعوية.  إن المحافظة على الغطاء النباتي من التدهور يمكن أن تساعد على توفير الغذاء للبشر والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي التي يحتمل أنها قد تحدث تغيرات مناخية ذات آثار سلبية لأغلب مناطق الكرة الأرضية. 

 

وغياب زوال النبات يزيد من نسبة انعكاس أشعة الشمس (الالبيدو)، وهذا يؤثر في إعادة دوران الرطوبة وما يترتب على ذلك من زيادة فترات الجفاف. 

فالأرض الجرداء تعكس نسبة أكبر من الإشعاع الشمس.  فألبيدو الصحراء يعادل ما بين 20 إلى 40%، بينما للغابات فهو 5 إلى 20% (برامج الأمم المتحدة للبيئة، 2004).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى