علوم الأرض والجيولوجيا

مراحل عمليات ما بعد الترسيب

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الرابع

KFAS

مراحل عمليات ما بعد الترسيب الترسيب علوم الأرض والجيولوجيا

استخدم هذا المصطلح لأول مرة جيمبل (Gumbel) في عام 1868 م، غير أن وولتر (Walther) هو الأب الحقيقي لهذا الفرع من علم الصخور الرسوبية.

وقد عرّفه تعريفاً دقيقاً في عام 1893– 1894 م بأنه مجموعة العمليات الكيميائية والفيزيائية والحيوية التي تؤدي إلى تغيير نسيج أو بنية أو معادن الرواسب فور ترسبها وتراكمها وبعد اندفانها.

وتؤدي هذه العمليات مجتمعة أو متفرقة إلى تصخّر الرواسب المفككة لتصبح صخوراً رسوبية متماسكة. 

 

ولا يدخل في هذه العمليات تلك التي تتطلب زيادة كبيرة في الضغط ودرجة الحرارة والمؤدية إلى تكون الصخور المتحولة.

ويمكن القول بأن الظروف التي تتم في ظلها عمليات ما بعد النشأة من ضغط ودرجة حرارة وسط بين ما يسود عمليات التجوية على سطح الأرض وتلك المؤدية إلى تحول الصخور عميقاً في جوف الأرض.

أي أن عمليات ما بعد النشأة تتم تحت الظروف العادية السائدة في الجزء السطحي من القشرة الأرضية، والذي لا يزيد الضغط بها عن كيلو واحد بار ودرجة الحرارة عن 100– 300ºس.

 

ومثال عمليات ما بعد النشأة الفيزيائية البحتة «الخالصة» عمليات التضاغط والدمج والتشقق وتشوه الرواسب اللينة.

بينما تتمثل العمليات الفيزيوكيميائية في ذوبان حبيبات الرواسب وتآكلها وعمليات الاختزال والتأكسد والتميؤ والتغير البلوري وإعادة البَلْوَرة، واللحام (السمنتة) وإزالة اللحام والنمو المعدني المكاني والإحلال المعدني.

 

ومن أمثلة العمليات البيوكيميائية والعضوية نزوح (هجرة) الحطام والتجلط ومزج وخلط الرواسب والتثقيب والتخليق العضوي وفعل البكتريا.

وتؤدي العمليات الكيميائية إلى إحلال نوع من الاتزان الكيميائي بين المكونات المعدنية للرسوبيات وما تحتويه من أحياء وأصداف وسوائل ومحاليل المسامات (الفراغات البينية) على مدى مراحل ثلاثة منفصلة من تاريخ الصخر الرسوبي (شكل 1) وهذه المراحل هي:

 

(1) المرحلة الأولية للترسيب أو مرحلة بدء الترسيب:

تتغير الرواسب في بداية هذه الفترة بفعل عمليات ما بعد الترسيب، والتي يتحكم في عملها الظروف البيئية للسطح الفاصل بين الرواسب ومياه الترسيب.

وتعتبر ملوحة مياه الترسيب وحمضيتها أهم العوامل التي تتحكم في عمليات ما بعد النشأة لهذه المرحلة، إضافة إلى بعض العوامل الأخرى الثانوية التأثير، مثل عمل الأحياء الموجودة، وعمق مياه الترسيب وشدة التيار.

وحيث أن نظام الترسيب مفتوح غير مغلق، فإن التفاعلات بين الرواسب والمياه لا تصل إطلاقاً إلى درجة الاتزان.

 

وتؤدي مثل هذه التفاعلات إلى تكوين نواتج معدنية بسيطة شديدة الثبات كتركيز الكوارتز والأوبال ومعادن الطين والجير.

كما تتحلل وتتكسر بعض معادن الطين المتكونة بالتحلل المائي. ويتكرر ذلك بشكل عكسي وتتكون معادن طينية أخرى مكانية النشأة، ومثال ذلك تحلل الزجاج البركاني إلى مونتمورولونيت والإليت إلى مونتمورولونيت وجلوكونيت وتتكون معادن الزيوليت إذا ما كان البخر شديداً ومؤثراً.

 

(2)  المرحلة المتوسطة أو مرحلة بداية الدفن والتغطية:

تتم عمليات ما بعد النشأة لهذه المرحلة داخل نظام شبه مغلق.

يتميز بعوامل كيميائية هامة ناشئة عن وجود مواد عضوية وأحياء ثابتة وثاقبة للرواسب، وسوائل بطيئة الانسياب خلال مسام الرواسب بفعل التضاغط والعصر، وأحياناً تبقى هذه السوائل ملاصقة لبعض المعادن فترة كافية مما يؤدي إلى تفاعل بعضها مع بعض.

والتغيرات الما بعد ترسيبية لهذه المرحلة تعتبر مرحلة وسط (انتقالية) بين مرحلة بدء الترسيب ومرحلة التصخر الكامل وتتم في الجزء العلوي من الركام الذي لا يتجاوز بضعة أقدام.

 

ويؤدي ذلك إلى تغير شامل في تطبق ونسيج الرواسب بينما لا يشكل التغيير المعدني إلا قدراً يسيراً، ويتمثل ذلك في بدء عملية لحام الرواسب (السمنتة) (شكل 2) والتي تكتمل في المرحلة اللاحقة.

ويؤدي التضاغط والدمج الناشئ عن ازدياد ثقل الركام على الرواسب المدفونة إلى زيادة وضوح التطبق بالصخور المدفونة، وإلى تبلور معادن مكانية النشأة كالبيريت إذا ما كان الوسط مختزلاً لوجود مواد عضوية، وأكاسيد الحديد إذا كان الوسط مؤكسداً، كما تترسب السليكا عضوياً على هيئة كريستوبليت ضعيف التوجه. 

ويعاد تبلور الاراجونيت على هيئة كالسيت فقير بالماغنسيوم.

وتميل معادن الطين إلى التجمع في مجموعات متلاحقة غير متعادلة الشحنة الكهربائية، كما تنمو معادن طين غير عادية كالباليجورسكيت من معادن الطين الأخرى، ويحددث نمو فوقي على معادن محددة مثل الكوارتز (شكل 3). وتعتبر كل العمليات السالفة الذكر بداية لحام الرواسب (سمنتة) أو ما يعرف بالتصخر.

 

(3)  مرحلة الدفن المتقدمة أو مرحلة التغطية الأخيرة:

تعتبر أكثر مراحل عمليات ما بعد النشأة تقدما، ويتلوها مباشرة تحول الصخر الرسوبي إلى صخر متحول.

وتتميز هذه المرحلة بتغيرات واضحة في كل من التطبق والتشقق والمسامية وبلزمة معادن الطين واللحم، وتكون المعادن مكانية النشأة، نتيجة للظروف البيئية لهذه المرحلة المتميزة بدفن عميق تحت سمك كبير من الصخور الأحدث، مثل ارتفاع درجة الحرارة فوق درجة غليان الماء، وضغط يصل إلى آلاف الأرطال على البوصة المربعة.

كما أن تغيرات المرحلة تعكس امتداداً زمنياً طويلاً منذ بداية الترسيب، وحتى مرحلة الدفن المتأخر، مما يتيح وقتاً كافياً لإتمام بعض التغيرات الجديدة، والتي لم تحدث من قبل في المرحلة السابقة.

 

فمثلاً تبلور الكريستوباليت إلى كوارتز عملية ما بعد الترسيبية الشائعة في الرواسب الأقدم من العصر الثلاثي (Tertiary)، بينما لا تشاهد في الرواسب الحديثة للبحار العميقة.

ويسبب الطي وارتفاع درجة الحرارة تقدماً ملحوظاً في عمليات السمنتة بلحام شديد التبلور غير كامل حول حبيبات الكوارتز– إلى أن يصل إلى نمو فوقي (Overgrowth) كامل حول الحبيبات يتقابل من حبيبة إلى أخرى مكوناً حواف بينية مستوية.

ويؤدي ازدياد هذه العملية إلى تداخل حدود الحبيبات بعضها في بعض مما يؤدي إلى ذوبان التضاغط(Pressure Solution) على حواف البلورات خاصة إذا كانت أحادية المعدنية.

 

ويكثر ذوبان التضاغط بين حبيبات الكوارتز والكالسيت مما يؤدي إلى تناقص شديد في مسامية الصخر.

وتفقد معادن الطين مياهها في هذه المرحلة وتزداد درجة بلورتها، وغالباً ما يعاد ترتيب مكوناتها على هيئة تجمعات من الميكا، بينما تصبح بعض معادن الطين غير ثابتة كالمونتمورولونيت، تحت الظروف الجديدة من ضغط وحرارة مما يجعلها تتغير إلى معادن أكثر ثباتاً كالإليت.

 

وتبين التحورات والتغيرات لكل مرحلة من مراحل ما بعد النشأة السالفة الذكر، أن هناك نوعاً من التدرج في عمليات ما بعد النشأة.

ويمكن قياس واستنتاج كل مرحلة ما بعد الترسيبية اعتماداً على مدى التطور النسيجي والتركيب المعدني للصخر واللذين يعكسان إلى حد كبير الضغط والحرارة والتركيزات الأيونية لكل مرحلة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى