التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

لتصمّم عليك اتخاذ قرارات

2014 لنسامح التصميم

هنري بيتروكسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة

الواقع أن الجملة الأولى في مقدمة الكتاب الأول المقرّر للتصميم الذي استخدمتُه في الكلية يقرأ ببساطة، "لتصمّم عليك اتخاذ قرارات". ويضيف لاحقاً، "القرارات هي حلول وسط دائماً". وقد تطوّر هذا الكتاب المقرّر المباشر والواقعي: في طبعات متعددة عبر نصف القرن الذي تلى، والطبعة الثامنة التي صدرت في 2006، أخبرت الطلاب إن "التصميم الميكانيكي مهمة معقدة، تحتاج إلى مهارات متعددة". وقد تكون تلك طريقة الناشر لتبرير توسّع "شغلي" (Shigley)، كما كان يعرف الكتاب، من 523 صفحة إلى 1059 صفحة، وكذلك مضاعفة وزنه إلى 5 باوندات في هذه المرحلة، ولكن مهما تعقّد التصميم وتعددت مهاراته، فقد بقى بالمبدأ عبارة عن صنع خيارات وقرارات. وهذا هو السبب بالرغم من أن الجسر المعلق هو جسر معلق جسر معلق [التكرار للتأكيد]، لكن الجسر الذي صمَّمه أوثمار أمّان يبدو مختلفاً عن الجسر الذي صمَّمه ديفيد شتينمان. فالهيكلان ملتزمان بقوانين الفيزياء وكل منهما فيه الخصائص التي هي جلية بحيث لا يمكن الخطأ فيها للتعرّف عليه كجسر معلق، لكن المصمّم هو بالتفاصيل التي يستخدمها في التصميم، والتي تعكس الخيار. بصمة جسر أمّان كانت كونه صقيلاً، غير مثقل، عالي التقوّس ذا أبراج مفتوحة؛ فجسر شتينمان يظهر ذوقه في تفاصيل مكثّفة بعيداً عن التفاصيل الزخرفية.

يسمح أي شكل جسر بكثير من التعبير الذاتي غير المقيّد من قِبل رئيس مصمميه، لكن جوانب معيّنة لجسر الطرق السريعة فوق مياه ملاحية قد تُفرض من قبل ما يسمّون مصمّمي المقاعد الخلفية، وتحدَّد شرعة الحكومة لبناء الهيكل في المقاوم الأول السماحات العمودية والأفقية التي يجب أن يُلتزم بها لأغراض المسارب البحرية. وتفرض المواصفات التي تخصّ عرض، وأسيجة الحماية، والإنارة – لإنارة الطريق من الأعلى ولتوفِّر وسائل إنذار من أعالي الأبراج للطائرات المنخفضة ووسائل إنذار من أسفل للمراكب المائية – جوانب معينة في التصميم. ومن دون هذه التعليمات العملية والأمنية، قد تحدث فوضى على الأرض والبحر والجو.

شرعة المباني تحد من تصميم الهياكل المأهولة بنفس الطريقة. نظم منبهات الدخان والرش؛ الإنارة الاضطرارية؛ وسائل الخروج في حالة الحريق؛ المقاومة الهيكلية للزلازل؛ زجاج الشبابيك الذي يقاوم العواصف – مزايا الأمان هذه، حيثما تكون مهمة، قد أصبحت إجبارية في الإنشاءات الجديدة بسبب حالات الفشل التي حدثت في [الإنشاءات] القديمة. حوصر أناس في هجوم 2001 على البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي لنيويورك، في الطوابق فوق مواقع اصطدام الطائرة عندما لم يكن باستطاعتهم النزول مخترقين الأنقاض التي ملأت السلالم. وأُزهقت أرواح لأن مسلكي عمود سلالم الهروب البديلين كانا قريبين من بعضهما في قلب الهيكل، وهذا القرب عنى أن كليهما تعرّض إلى ضرر هيكلي وعوائق لاحقة، واقترحت [إدارة] المدينة في أعقاب المأساة، متطلبات جديدة لمسالك الهروب، تحتم بأن تحتوي التصاميم المستقبلية، إجباراً، أكثر من مسلكي هروب وأن تقع هذه المسالك على مسافات متباعدة عن بعضها قدر ما أمكن، بحيث يكون واحد منها على الأقل قابلاً للاستخدام في حالات الحريق أو الحالات الاضطرارية الأخرى، حتى إن كانت المسالك الأخرى غير ذلك، وهذا التغيّر في القواعد جوبه بمقاومة، مع ذلك، لأنه سيحتاج أن يصمم المعماريون ومالكي المباني بشكل يحرمهم من مساحات رئيسية يمكن توظيفها كمكاتب لصالح أعمدة سلالم لا تدرّ عليهم بعوائد.

قليل من الناس يشيرون لانهيار ناطحة السحاب التي اقتحمتها طائرة عن قصد على أنها حادث، ولكننا نستخدم الكلمة حادث، عادة، لوصف اصطدام سيارة بمبنى، أو بعمود كهرباء، أو بسيارة أخرى، أو حتى بأحد المشاة. كان يُخشى من حوداث كهذه منذ الأيام الأولى للمركبات ذات المحرّك، وقد تعرقل تطوير صناعة السيارات في بريطانيا بسبب متطلّب للعربات التي لا تجرها الخيول أن "يمشي رجل حاملاً علماً أحمر خلال النهار وفانوساً أحمر خلال الليل أمام أية أداة غريبة تظهر في طريق بريطاني"، وقد كان هناك خشية من السيارات الأولى، لكنها لم تكن أكثر من مكائن أشبه بعظام غير مكساة تُركب. ووفرت [هذه السيارات] خبرة خض للعظام بالرغم من أن هذه السيارات لم تستطع الإسراع، بسبب قدرتها المحدودة من ناحية ورداءة الطرق المصمّمة من ناحية أخرى – هذا إن كانت قد صمّمت فعلاً – لأغراض السير المرفه لعربات الخيول، وبمرور الزمن، تحسّنت الطرقات والمركبات، وأصبحت السرعة مرغوبة ومقدور تحققها – وأكثر خطورة كذلك، خاصة تلك التي حافظت على آلية قيادة مشابهة للعربات التي تجرّها الخيول، وبالطبع، فمع السرعة الأعلى أتت حوادث السرعات الأعلى كناتج عرضي لا مناص منه، وعدد قتلى الطرق الخارجية والإصابات ازداد بطبيعة الحال.

وصلت حوادث الطرق في المملكة المتحدة إلى عدد خسائر غير متجانس بالنسبة للمشاة وراكبي الدراجات البخارية، حيث شكّلت نسبتهم 85% من الوفيات عام 1930، وتضاعفت وفيات الطرق من جميع الأنواع في فترة العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، لتصل إلى ما يقارب 10000 سنوياً، ثم هبطت بشكل حاد خلال سنوات الحرب، لكي ترتفع ثانية في سنوات ما بعد الحرب، حتى منتصف الستينات من القرن الماضي عندما حققت مزايا السلامة العديدة وممارساتها هبوطاً جديداً ثابتاً. فمن ارتفاع عالٍ ما بعد الحرب لـ 8000 سنوياً في ستينات القرن الماضي، هبطت الوفيات من دون 4000 في أواسط تسعينات القرن الماضي.

بالطبع، فالموت على الطرقات السريعة كظاهرة لا تنفرد بها بريطانيا أو أميركا. فاليوم، في الاقتصادات الناهضة مثل الصين والهند، حيث ازداد عدد الطرقات والسيارات بوتائر عالية، أصبحت حوادث الطرق السريعة شائعة بشكل واسع. ففي الهند، ارتفع عدد الوفيات 40% خلال السنوات الخمس المنتهية في 2008، حيث كان هناك ما يقارب 120000 حالة وفاة [على الطرقات]، 70% منها لمشاة. فبالإضافة إلى مشاركة الطريق مع المشاة، على السائقين أن يُناوروا طريقهم ما بين الدراجات الهوائية والدراجات البخارية الصغيرة (Scooters) والأبقار، ولغاية 2010، كان جهاز السلامة الإجباري الوحيد [في السيارة] مقتصراً على أحزمة المقاعد، ولميزات سلامة إضافية، كأكياس الهواء (Airbags) والكابحات المضادة للإقفال(Anlilock Brakes) على المشترين دفع مبلغ إضافي، ووصف أحد المراقبين الظروف على الطريق في الهند كفوضى في أحسن الحالات: "في يوم قريب، جرّار يحمل حصىً كان يسوق عكس السير، عربة حليب توقفت في الطريق لكي يتبوّل السائق، واضطرت السيارات للانحراف عن الطريق لتحاشي عربة تجرّها دراجة هوائية مملوءة بمناضد خشبية في المسرب السريع، ويتكلّم السائقون على هواتفهم النقالة وهم يتمايلون ما بين المسارب يقودون السيارات ذات عصا تبديل السرعة اليدوي. المرايا الجانبية كثيراً ما تكون مطوية أو غير موجودة. الوضع على الطرقات في الهند يعزى إلى "الفشل الكامل من جانب الحكومة" التي اتهمت بالتخطيط غير المناسب والتساهل في تطبيق القوانين، مع زيادة في عدد السيارات، ومشغلين غير مدربين، وتوفرت رخص السياقة من خلال الرشوة. نظام المواصلات في الصين أكثر تنظيماً، وعدد قتلى الطرق السريعة انخفض للعقد المنتهي في 2008 عندما كان هناك 73500 حالة إصابة قاتلة. حاولت الصين والهند، بطريقة ما، اختصار التطوّر الذي حصل خلال القرن الماضي في بريطانيا وأميركا. وبالرفاه الذي حصل في فترة ما بعد الحرب وولادة نظام الطرق السريعة ما بين الولايات، فإن أعداداً متزايدة من السيارات بدأت تستخدم في طرق أميركا، ومع أُناس أكثر في سيارات يقطعون أميالاً أكثر بسرع متزايدة، يجب أن تقع الحوادث بوتائر متصاعدة. المذبحة على الطرق السريعة بدأت تأخذ أبعاد وباء متفشٍ. هل هناك شيء حول الطريقة التي تصمم بها السيارة لتزيد في الطين بلّة؟ المُدافع عن المستهلك رالف نادر اعتقد هكذا، وخلق وعياً متصاعداً لمشاكل السيارات لدى الرأي العام بكتابه عام 1965 "غير آمنة بأية سرعة: المخاطر المصممة في داخل السيارة الأميركية (Unsafe at Any Speed: The Designed – In Dangers and the American Automobile) التي بدأت مقدمته:

على مدى أكثر من نصف قرن جلبت السيارة لملايين الناس الموت، والإصابات، والكثير من الحزن واليأس الذي لا يمكن تقديرها، ومع كثافة جنونية (Medea–Like) بدأت هذه الصدمة الشاملة بالارتفاع بحدة خلال السنوات الأربع الماضية، لتعكس خراباً غير متوقّع بسبب المركبة ذات المحرّك. لقد تنبأ تقرير صدر عام 1959 من قِبل إدارة التجارة، إن 51000 شخص سيقتل بالسيارات في عام 1975، وهذا الرقم قد يتم الوصول له عام 1965، عقد قبل السنة المخطط لها.

وكان نادر مخطئاً بتنبؤه بمقدار سنة واحدة فقط؛ فقد تعدى عدد قتلى الطرق السريعة الأميركية 51000 عام 1966.

في نفس تلك السنة، وُصف الكتاب على غلاف طبعته الورقية غير آمن بأية سرعة أنه "أكثر كتب أفضل المبيعات انفجارية وتأثيراً لهذا العقد". لقد كان فعلاً اتهاماً ضاراً لصناعة السيارات، والتي وصفها نادر، عن اقتناع، أنها تهتم بالشكل أكثر من اهتمامها بهندسة السلامة، واستحضر عدداً هائلاً من الاثباتات، ليبيّن كيف أهمل صانعو السيارات في ديترويت مراراً وتكراراً إدخال أجهزة سلامة وتقليص الأذى في سياراتهم كسمات معيارية، بالرغم من توفّر التكنولوجيا للقيام بذلك. تمّ توفير مزايا للسلامة، مثل أحزمة الأمان ولوحة عدادات مبطّنة في السيارات الجديدة، ولكن فقط كـ "خيارات سلامة"، وجادل صانعو السيارات بأن الذين اختاروا هذه الخيارات الإضافية ليسوا بالعدد الكبير ليبرّر إدراجها في جميع المركبات. بعبارة أخرى، كانوا يقولون، إن لا وجود لطلب من الزبائن للسلامة، وأن مشتري السيارات لا يرغبون في دفع [الكلفة الإضافية]. ولكن، وكما صرّح نادر، إن كلفة إنتاج سيارة مختلفة بموديل مختلف سنوياً، تحتوي على تغييرات هائلة من التصاميم التجميلية مثل حواف ومؤخّرات مميزة من الكروم، قد تمّ تقديرها بـ 700 دولار لكل سيارة، التي يتحملها الزبون.

أدان نادر الصناعة بشكل مقنع لفشلها في تصميم داخل السيارات لتقليل أثر ما يسمّى تأثيرات الصدمة الثانية، والتي تحصل، عندما يلتقي الرجل بسيارة [ أي يصطدم بها] "بعد الصدمة الأولى مباشرة في حالة اصطدام عجلة بأخرى، أو عندما تصدم سيارة عائقاً ثابتاً مثل شجرة أو عمود. في الصدمة الثانية هذه، قد يرمى السائق والركاب تجاه جزء حادٍّ أو صلب من المركبة، مما ينتج من ذلك إصابات أو وفيات. إحدى المشاكل المتكرّرة التي في الإمكان إصلاحها من خلال التصميم هو عمود القيادة (Steering Column) الذي يمكن دفعه داخل السيارة عند حدوث صدمة أمامية، وفي بعض الأحيان يطعن السائق، وحتى في كتابه قليل الصور، خصّص نادر صفحة لرسومات مفاهيمية تبين كيف يعاد تصميم عمود القيادة ليحتوى على مبادئ تساعد على امتصاص الطاقة وتمنع الولوج، وبما تُضحّي بالآلة بدلاً من جسم الإنسان.

استمرت صناعة السيارات بادعاءاتها بأن سلوك السائق وتصميم الطرقات – بدلاً من تصميم المركبة بحدِّ ذاتها – هما المسؤولان عن الحوادث وبالتالي نتائجها، ومن الواضح أن نادر تمسّك بالرأي المعاكس، وأوضح قضيته مرات عديدة وبشكل مقنع في كتابه، وبين بمثال بعد مثال كيف قام صانعو السيارات بتجنّب التشريعات والتنظيمات الفيدرالية التي تفرض عليهم بعض التغييرات التصميمية الواضحة الفائدة التي تجعل السيارات أكثر سلامة لراكبيها – وكذلك للمشاة، التي تتفاقم إصاباتهم عادة بسبب الزخارف الحادة والمدببة في غطاء المحرّك وزعانف المؤخرة، وقد نجحت قوانين بعض الولايات في التقليل من آثار الصدمات الثانية، مطالبين بأشياء مثل الزجاج الآمن، ولكن كان من الصعوبة تحقيق أي تقدّم على المستوى الفيدرالي – لحين إمرار قانون عام 1964 الذي وجّه الإدارة العامة للخدمات (General Services Administration – GSA)، التي كانت تنوي شراء عشرات الآلاف من السيارات كل سنة للإسطول الفدرالي، لتؤكد على مزايا السلامة التي يجب أن تتوفر في كل سيارة تشيرها الحكومة. لكن متطلّبات السلامة للإدارة العامة للخدمات التي استطاعت الصمود أمام ضغوطات الصناعة والضغوطات السياسية كانت ضعيفة، وتحتاج أكثر من مشتريات الحكومة لتجعل صناعة السيارات تصمم بهدف الأمان، وسجلها في عدم التقيّد بذلك استمر بشكل لا يُغفر.

لم يكن نادر الوحيد الذي أصبح متحسّساً لحالة طرق الولايات المتحدة. فقد استطاع أن يطرح قضية مقنعة لتحسين التصميم لأنه كان بمقدوره أن يعتمد على تصريحات مثل تلك التي افتتحت بها مقالة في مجلة أميركان إنجنير (American Engineer): "من الصعب تخيّل أي شيء بالوسع الذي يُظهر رداءة هندسته كالسيارة الأميركية. فهي في الحقيقة ربما المثال الكلاسيكي لما لا يجب أن تكون عليه الهندسة". وكان الرابط [ في المقالة] ما بين حوادث السيارات وقضايا الصحة العامة التي عاد إليها نادر مرات ومرات. فقد وصف [نادر] عمل أحد الباحثين بأنه يحدد الأهداف التي تمنع المرض والحوادث بأنها "بالأساس مشاكل هندسية"، ملاحظاً أن "التركيز على البيئة المعادية – مستنقعات الملاريا أو داخل المركبة – هي بالعموم أكثر فعالية من محاولة تغيير سلوك الناس". إن المشكلة مرتبطة بشكل صريح بالفشل: "من منظور هندسي، عندما تحصل إصابة بسبب حادث، فهي نتيجة فشل للأجزاء التكنولوجية للمركبة والطريق السريع في التكيّف بشكل مناسب لقدرات السائق ومحدداته. هذا الفشل، فوق كل شيء هو تحدّ للهندسة المهنية، والتي في أحسن أعمالها لم تتردّد في استهداف السلامة التامة.

لحاقاً بخطى فضيحة نادر، وبعد القيام بدراسة بيانات حول حوادث من جميع الأنواع لمدة ثلاث سنوات، قامت لجنة من الأكاديمية الوطنية للعلوم بتقديم تقرير عن أعداد ما وصف بـ "المرض المهمل للمجتمع الحديث":

في عام 1965 سببت 52 مليون من إصابات الحوادث وفاة 107.000 إنسان، وأعاقت مؤقتاً ما يزيد على 10 مليون إنسان وأعاقت بشكل دائم 400.000 مواطن أميركي بكلفة تقدر بـ 18 مليار دولار، وهذا الوباء المهمل للمجتمع الحديث هو أهم مشكلة صحية بيئية بالنسبة للأمة. وهي السبب الأول للوفاة في النصف الأول من الحياة.

من مجموع الوفيات بسبب الحوادث من جميع الأنواع، كان ما يقارب النصف بسبب حوادث السيارات، وقد لا حظ نادر أنه بينما تقلّصت أعداد الوفيات بسبب "الأمراض القديمة" والتي قُصد بها أمراض مثل السل، وذات الرئة، والحمى الروماتيزية، فإن القتلى بسبب السيارات بازدياد. في الوقت الذي كتب [نادر] ذلك، كانت أحداث الطرق السبب الأول للوفاة بالنسبة للشباب وكذلك [السبب] الأول بشكل عام. ومن بين الأشخاص الذين أُدخلوا المستشفيات لإصابات من جميع الأنواع، ما يزيد على الثلث كان بسبب حوادث سيارات. وبينما ركزت التوصيات الخاصة لتقرير الأكاديمية الوطنية على  الاستجابة الطبية، فإن الأعداد الكبيرة المخيفة لضحايا الحوادث، والتي لم تكن فريدة بالنسبة للتقرير، قد جلبت، وهو أمر طبيعي، اهتمام المشرّعين. بالأخص، أولئك المهتمين بسلامة السيارات والطرق السريعة الذين كانوا قد تحسّسوا المشكلة. ففي حين أن نسبة الوفيات مقاساً بالأميال التي تقطعها كل مركبة في انحسار، انتقد نادر استخدام إحصائيات كهذه، مشيراً أنه عندما تقارن بمجموع السكان، فإن وفيات المرور قد بقيت حوالي 25 لكل 100.000 منذ 1940، وذكر إن ذلك يعنى أن "من المتوقّع للسائق السير مسافة أطول في أي سنة من دون أن يُقتل، ولكن الاحتمال هو نفس احتمال السنوات السابقة لكي يقتل ضمن تلك السنة".

الوعي المتصاعد للحالة على طرق العامة أدّى إلى إقرار مرسوم المرور وسلامة العربات الوطني (National Traffic and Motor Vehicle Safety Act) عام 1966، وقد وفر هذا التشريع "برنامجاً وطنياً منسّقاً للسلامة واعتماد معايير لسلامة المركبات في التجارة ما بين الولايات"، وأدّى ذلك للمتطلّب بأن تصبح سمات الإقلال من أثر الحوادث في السيارات إجبارية، من ضمنها ذلك أحزمة المقاعد لجميع الركاب؛ وأعمدة قيادة يمكنها امتصاص الضربة؛ ولوحات عدادات مبطنة؛ وزجاج أمامي مصنوع من زجاج آمن؛ ومرايا جانبية؛ وأبواب تبقى مقفلة في حالة وقوع حادث، وقادت التشريعات أيضاً إلى تشييد أسوار [على جانبي الطريق] وأضواء شوارع محسنة، وحماية وسط محسنة على الطرق السريعة، وهذه الإجراءات كانت منتظرة من زمن طويل، ولكن لا يمكن لوحدها حل جميع مشاكل الطرق السريعة للأمة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى