كيف غيّرت رواية سيد الخواتم الأدب الروائي؟
التاريخ المذهل وراء سلسلة كتب جيه آر آر تولكين J. R. R. Tolkien الخيالية المحبوبة
على اسم جبل الشؤم Mount Doom.
بقلم: نيكول روبنسون
بعد 70 سنة من نشرها لأول مرة، أصبحت ”سيد الخواتم“ Lord of the Rings واحدة من أشهر الروايات قاطبة، لكنها لم تكن أبداً الحكاية التي كان تولكين Tolkien ينوي سردها. لقد وضع في الأصل قلمه على الورق ليحكي أساطير خيالية عن إنجلترا – عمل حياته، والذي أشار إليه فيما بعد بـ”لجينداريوم“ [مجموعة الأساطير] Legendarium – ومن ثم شق الهوبيت Hobbits طريقهم ببساطة إلى عالمه الأوسع.
منذ عام 1914، شرع تولكين في تأليف قصص تدور أحداثها في ”الأرض الوسطى“ Middle-earth، لكن اندلاع الحرب العالمية الأولى أوقف كتاباته. انتهت فترته كجندي في الخطوط الأمامية عندما أدخل المستشفى لإصابته بحمى الخنادق Trench fever، لكن تجربته القصيرة في ساحة المعركة غيرته إلى الأبد. أثناء تعافيه، وجد تولكين متسعاً من الوقت للكتابة، وبدأت فكرة الأرض الوسطى تتبلور عبر روايات مختلفة. لكن عمله لم يكن مجرد كلمات، بل كان يرسم الخرائط ويخترع اللغات، مما منح عالمه إحساساً حقيقياً بالعمق والتاريخ.
في عام 1930، تغيرت حياته بجملة واحدة كتبها على ظهر ورقة امتحان: ”في حفرة في الأرض، عاش أحد الهوبيت“. قرر تولكين، الذي كان حينها أستاذ اللغات الأنغلوسكسونية في جامعة أكسفورد، أنه من الأفضل أن يعرف ماهية الهوبيت Hobbits. تطورت القصص الغريبة التي كان يرويها لأطفاله في وقت النوم إلى مغامرة بيلبو باغينز Bilbo Baggins، وهي قصة كتبت بشكل منفصل عن مجموعة الأساطير، لكنها تأثرت بها كثيراً. وجدت القصة طريقها إلى دار النشر جورج ألين وأونوين George Allen & Unwin بفضل أحد طلبة تولكين السابقين. وبعد بعض المراجعات، نُشرت الرواية في سبتمبر 1937. وبحلول عيد الميلاد، بيعت نسخها بالكامل.
دفع النجاح الهائل الذي حققه كتاب الهوبيت ناشر تولكين إلى طلب أجزاء تالية Sequel. اغتنم تولكين الفرصة لكتابة أساطيره حول الأرض الوسطى، والتي تسمى الآن كوينتا سيلماريليون Quenta Silmarillion، لكنها الناشرين رفضوا نشرها لكونها معقدة جداً. قيل له أن الجمهور يريد المزيد عن الهوبيت، وليس تقاليد الإلف Elven lore. بعد فترة قصيرة من التوقف عن الكتابة، بدأ العمل على تأليف ما سيصبح رواية سيد الخواتم. كانت تلك مزيجاً من إبداعاته – مسعى بطولي متشابك مع تلميحات لتاريخ أعمق. أصبحت لهجتها أكثر قتامة، حيث تناولت موضوعات الحرب وخطر السلطة.
”استغرق الأمر 12 سنة لإكمال الكتاب وإجراء كثير من التعديلات عليه“
ولد تولكين في جنوب
إفريقيا في عام 1892
الأرض الوسطى وميدلاندز
كان لنشأته في ريف ويست ميدلاندز West Midlands الخصيب تأثير عميق على تولكين، الذي نسج هذه المناظر الطبيعية في أعماله لاحقاً. انتقل تولكين إلى سارهول Sarehole في سن الرابعة تقريباً، فتجول عبر أرجاء القرية وطاحونة المياه والمساحات الخضراء المحيطة بها. كان يشعر دائماً بالحنين إلى طفولته، وشكلت ذكريات موطنه أساساً لمدينتي هوبيتون Hobbiton والشاير Shire – فحتى الاسم مستعار من لاحقتي وورسيسترشاير Worcestershire ووارويكشاير Warwickshire وما شابهها.
يُستشهد بمستنقع موسلي Moseley Bog القريب باعتباره مصدر إلهامه لغابات الأرض الوسطى، مثل الغابة القديمة التي تقع خلف حدود الشاير مباشرة، في حين أدى سيره لمسافات طويلة في تلال مالفيرن Malvern Hills في مرحلة لاحقة من حياته إلى ظهور الجبال البيضاء التي تفصل بين غوندور Gondor وروهان Rohan. في تناقض صارخ مع هذه الأماكن المليئة بالجمال الطبيعي، تمثل أيزنغارد Isengard وموردور Mordor تدمير الطبيعة بفعل التحضر والصناعة والحرب. حزن تولكين على فقدان المساحات الخضراء بسبب التصنيع، وشعر بحزن عميق بسبب التغيرات التي طرأت على سارهول عندما عاد إليها في عام 1933. وانعكس هذا في عودة فرودو إلى ”الشاير“ في نهاية رحلته، ليجد أن موطنه الذي كان بكراً فيما مضى قد دُمّر ودنّس.
بين الخرافة والأسطورة
حتى عندما كان تولكين صبياً، امتلك حباً كبيراً للأساطير، فركز دراساته ومسيرته الأكاديمية في نهاية المطاف على الملاحم الملحمية باللغة الإنجليزية القديمة والإسكندنافية القديمة والكلتية وغيرها. وأعرب عن أسفه لحقيقة أنه لم يتبي من أدبيات الفترة الأنغلوسكسونية سوى النزر اليسير، الأمر الذي أصبح القوة الدافعة وراء إعادة سرد روايته الخيالية للأساطير البريطانية التي ستتطور لاحقاً إلى الأرض الوسطى، مستعيراً من العديد من المصادر لملء الفراغات. اشتُق تعبير الأرض الوسطى Middle-earth من الكلمة الإنجليزية القديمة Middangeard نفسها، وهي ترجمة للكلمة الشمالية Nordic للأرض، ميدغارد Midgard.
بينما كان تولكين طالباً، قرأ ملحمة فولسونغا Völsunga الأيسلندية، والتي تبرز قصة خاتم خبيث يسمى أندفارانوت Andvaranaut – وهو تأثير محتمل على الخاتم الأوحد One Ring. استلهم تولكين فكرة الأقزام Dwarves من ملحمتي إيدا النثرية Prose Edda وإيدا الشعرية Poetic Edda، حتى إنه أخذ بعض أسمائهم من صفحاتها. على الرغم أن الملحمتين تناولتا الإلف Elves أيضاً، يُعتقد أنه تأثر بخصوصهم بالمثل بأسطورة توتا دي دانان Tuatha Dé Danann من الفولكلور الأيرلندي، وهي كائنات فائقة للطبيعة محصنة ضد الشيخوخة والمرض وتمتلك قوى سحرية. كان للملحمة الأسطورية الفنلندية كاليفالا Kalevala أيضاً تأثير كبير في تولكين، ولا سيما كوليرفو Kullervo، وهي قصة قد تبدو مألوفة لصراع الخير ضد الشر على شيء ذي قوة عظمى.
ومن التأثيرات التي لا يمكن إغفالها، نجد بيوولف Beowulf، التي تعتبر واحدة من أهم أعمال الأدب الإنجليزي القديم. قضى تولكين 6 سنوات في ترجمة القصيدة إلى اللغة الإنجليزية الحديثة، وألقى محاضرة عن الملحمة في عام 1936. وكرس جلّ حياته لدراسة بيوولف ولغتها، لذا فليس من المستغرب أن تسربت بعض الأسماء والوحوش والأفكار الاجتماعية إلى عالمه المتخيل الخاص.
حب اللغات
قبل وقت طويل من تفكيره في تأليف رواية الهوبيت، عكف تولكين على دراسة اللغات الحالية والقديمة، بل وتأليف لغاته الخاصة. كان لديه إيمان راسخ بأن سياق اللغة وتاريخ الناطقين بها لا يقل أهمية عن الكلمات نفسها، مما أصّل لغاته المخترعة في أساطيره الخاصة. في الواقع، ذكر تولكين أنه بدأ في صياغة الأرض الوسطى وتاريخها الواسع حتى تكون للغاته موطناً. وكتب قائلاً إن ”القصص تؤلّف لتوفير عالم للغات وليس العكس. في رأيي، يأتي الاسم أولاً، ثم تليه القصة“. أكثر لغات تولكين تطوراً هي تلك التي يتحدث بها الإلف. اشتُقا جذور لغة كوينيا Quenya من اللاتينية والفنلندية – وهي لغة مفضلة بشكل خاص لدى تولكين – في حين صمّمت لغة السندارين Sindarin الأكثر شيوعاً على غرار اللغة الويلزية. لكن لهذه أيضاً جذور أسطورية، حيث وضع لها تولكين تطوراً لغوياً كاملاً. وكما أن اللغة الإنجليزية هي لغة جرمانية تغيرت بمرور الزمن، فإن لغات الإلف التي اخترعها جاءت من مصدر مشترك، يسمى لغة الكوينديان البدائية Primitive Quendian. بصياغة مجموعة واسعة ومتنوعة من اللغات لأجناس وثقافات الأرض الوسطى، جلب تولكين عمقاً غير مسبوق إلى مجموعة أساطيره.
5 حقائق
عن شعوب الأرض الوسطى
1 الهوبيت Hobbits
يبلغ متوسط طول هذه المخلوقات الشبيهة بالبشر ذات الأقدام المشعرة متراً واحداً، وتعيش في منازل مبنية على جوانب التلال. وهم يفضلون حياة هادئة ويأكلون ما يصل إلى 7 وجبات يومياً.
2 الإلف Elves
يُطلق على الإلف أيضاً اسم كويندي Quendi، وهم خالدون – على الرغم أنهم قد يموتون في المعارك. يصل الإلف إلى مرحلة النضج عند عمر 50 سنة تقريباً ولا يبدو أنهم يتقدمون في السن بعدها.
3 الأقزام Dwarves
يتسم الأقزام بأجساد قوية وممتلئة وتزين وجوههم لحى مهيبة. يسكن الأقزام في الجبال المنحوتة، حيث يستخدمون خبرتهم في تصنيع المعادن المستخرجة إلى أسلحة ودروع.
4 الإنت Ents
تتمثل مهمة ”رعاة الأشجار“ هؤلاء بحماية غابات الأرض الوسطى، وهي مخلوقات يبلغ طولها أربعة أمتار ولها جلد يشبه اللحاء. وقد علمها الإلف اللغة.
5 الأورك Orcs
الأورك هم جنس من الإلف الفاسدين الذين خدموا سيد الظلام، مورغوث Morgoth، ومن بعده ساورون Sauron. إنهم وحشيون وعدوانيون، ولهم أسنان مدببة ومظهر كئيب.
بينغو Bingo وهو ابن بيلبو Bilbo.
سيرة حياة
كان سيد الخواتم مجرد جزء من قصة تولكين
1 الهوبيت The Hobbit
قصة كتبها تولكين لأطفاله، صاغ الجملة الأولى أثناء تصحيح أوراق طلبةه في أكسفورد. نُشر الكتاب في عام 1937 ولاقى استحساناً كبيراً.
2 سيد الخواتم The Lord Of The Rings
دفع نجاح كتاب الهوبيت ناشر تولكين لطلب أجزاء تالية، والتي تطورت لاحقاً إلى قصة سردت عبر 3 مجلدات.
3 مغامرات توم بومباديل The Adventures Of Tom Bombadil
نُشرت هذه المجموعة الشعرية لتولكين في عام 1962، وتضمنت قصيدتين عن توم بومباديل Tom Bombadil، وهو أحد سكان الأرض الوسطى المحبين للطبيعة.
4 الطريق يستمر بلا نهاية The Road Goes Ever On
عمل الملحن البريطاني دونالد سوان Donald Swann مع تولكين على تجميع أشعاره، والتي نُشرت في عام 1967.
5 أغنية بيلبو الأخيرة Bilbo’s Last Song
قصيدة أعادت اكتشافها سكرتيرة تولكين، جوي هيل Joy Hill، فقد أهداها لها تقديراً لعملها. نشرتها هيل بعد وفاته، في عام 1973.
6 السيلماريليون The Silmarillion
جمّعت من كتابات تولكين العديدة غير المنشورة من قبل ابنه كريستوفر Christopher، وتسرد تفاصيل تاريخ وأساطير أردا Arda، حتى العصر الثالث Third Age.
7 حكايات غير مكتملة عن نومينور والأرض الوسطى Unfinished Tales Of Númenor And Middle-Earth
على عكس السيلماريليون، تُركت الأعمال المنشورة في هذا الكتاب دون تحرير، تماماً كما تركها تولكين قبل وفاته.