كيف حُفرت أعمق حفرة في العالم؟
لقد أرسلنا مجسات إلى أبعد أصقاع مجموعتنا الشمسية، لكننا لم نخدش سوى سطح ما يقع تحت أقدامنا
بقلم: أليكس ديل
لقد أخذتنا الحرب الباردة إلى الأسفل وإلى الأعلى. في ستينات القرن العشرين، في حين كان الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة منشغلين في سباق الفضاء، وضع كلا البلدان خططاً طموحة لعلوم الأرض لتكملة لبرامجهما الفضائية: أرادت الدولتان الحفر عبر قشرة كوكبنا واكتشاف ما يكمن تحتها.
على الورق، بدا هذا هدفاً متواضعاً. بمتوسط عمق 24.8 ميلاً، تشكل القشرة الخارجية الصخرية جزءاً ضئيلاً من قطر كوكبنا البالغ 7,926 ميلاً عند خط الاستواء. لكن كان مصير هذه المشروعات الفشل بسبب درجات الحرارة والضغوط الشديدة التي واجهتها لقم الحفر أثناء تعمقها. لكن التقدم المُحرز البسيط ساعد في تعزيز فهمنا لبنية كوكبنا عن طريق منحنا الفرصة لدراسة بنية قشرة الأرض بشكل مباشر.
بدأ حفر بئر كولا الفائق العمق Kola Superdeep Borehole في شمال غرب روسيا في عام 1970، ويتكون من عمود مركزي يتفرع منه عدة آبار. لا تزال إحدى هذه الحفر، واسمها SG-3، أعمق حفرة شُقّت على الإطلاق. بقطرها البالغ 22.9 سم فقط، مكنتنا لقمة الحفر المُعدلة خصيصاً من الحفر لعمق 7.6 أميال في القشرة الأرضية على مدار 24 سنة. عادة ما يدور ساق الحفر بالكامل، لكن هذا قد يسبب الكثير من الاحتكاك. طوّرت تقنية جديدة تركّب فيها لقمة الحفر على توربين، ويريدها الطمي المضغوط الذي يُضخ أسفل الحفرة. يؤدي هذا أيضاً إلى دفع شظايا الصخور إلى السطح.
تتحدى هذه النتائج النظريات العلمية القديمة حول الطبقات العليا للأرض والتي وضعت من خلال عمليات الرصد السطحية وعن طريق دراسة كيفية مرور الموجات الزلزالية عبر الكوكب. كانت طبقة البازلت Basalt – وهي صخور تتشكل عندما تبرد الحمم البركانية – التي كان يُعتقد أنها موجودة على عمق 3.9 أميال، غائبة تماماً. ولكن يبدو أن التغيرات في سلوك الموجات الزلزالية التي شوهدت على هذا العمق ترجع إلى التغيرات في الصخور الغرانيتية Granite بسبب الضغط والحرارة.
كما اكتُشف الماء بشكل غير متوقع عند هذا العمق، ويرجّح أنه يتكون من ذرات الهيدروجين والأكسجين التي دُفعت من الصخور بسبب الضغط. والأكثر إثارة للدهشة هو اكتشاف أحافير لعوالق مجهرية – والتي كانت سليمة بشكل مدهش على الرغم من أن عمرها يقدّر بأكثر من بليوني سنة.
توقف الحفر في عام 1994 بسبب الحرارة الشديدة التي بلغت 180°س عند أدنى نقطة. إلى جانب التغير في كثافة الصخور، جعل هذا أي محاولات لمزيد من الحفر غير ذات جدوى، ومن ثمَّ أغلق البئر. قد يكون التنقيب وصولاً إلى عباءة كوكبنا وما وراءها أمراً مستحيلاً إلى الأبد، حيث سنحتاج إلى اختراع مواد جديدة قادرة على تحمل الظروف هناك.