بقلم: إيلسا هارفي
الدماغ Brain هو أشد الأعضاء تعقيداً في جسم الإنسان، لذا فمن المنطقي ألا يتطور بين عشية وضحاها. ومن أجل بلوغ وظائفه الكاملة، يستغرق الدماغ معظم العقود الثلاثة الأولى من عمرك. تستخدم دماغك لاستحضار كل فكرة واعية وغير واعية، والتحكم تلقائياً في العمليات الفسيولوجية مثل التنفس، ومعايشة العواطف وفهم الأحاسيس. وبطبيعة الحال، فكل شيء في الجسم يحتاج إلى الدماغ، فهو ينتج شخصيتك وهو الحاسوب المركزي لكيانك. يتألف العضو نفسه من %60 دهون و40% ماء وبروتينات وكربوهيدرات وأملاح. تنقسم محتويات الدماغ إلى مادة بيضاء ومادة رمادية. فالمادة البيضاء White matter هي الجزء الأعمق من الدماغ، وتحتوي على ألياف عصبية مغطاة بغشاء واق يسمى الميالين Myelin. أما المادة الرمادية Grey matter فهي محل معالجة المعلومات، فتحتوي على الأجزاء المركزية من الخلايا الدماغية، التي تسمى العصبونات (الخلايا العصبية) Neurons.
يستخدم الدماغ المدخلات الحسية للتنقل والتوازن وتعديل موضع القدمين وتغيير وضعيته. تناط مناطق مختلفة من الدماغ بالحركات المختلفة، ولذلك فمع بناء وتقوية مسارات العصبونات في الدماغ، تزداد الحركات المتاحة للإنسان. تؤثر العوامل البيئية أيضا في هذا. إن دعم الآباء ومقدمي الرعاية الذين يشجعون أطفالهم على ممارسة الحركة والمشي، أو الثناء عليهم عندما يخطون خطوة، يسرّع اكتساب المهارات الحركية. في كل مرة ينفذ فيها إجراء ما، يُنشأ المزيد من المسارات في الدماغ، كما تزداد قوة.
لا تتوقف قدرتك على تقوية دماغك عندما تتعلم الأساسيات. في كل مرة تدرب فيها دماغك – سواء بتعلم مهارة جديدة أم باختبار قدرته على أداء المهارات الموجودة – تُبنى قدرة الدماغ على التفاعل وقوة الاتصالات. فالعزف على آلة موسيقية يزيد من المادة الرمادية في مناطق الدماغ المسؤولة عن المهارات الحركية والسمع، مثلاً. إن دماغك مرن جداً، ويعمل باستمرار على تشكيل نفسه بمهارات جديدة، أو إزالة المعلومات المؤلمة أو غير المفيدة. تؤثر الطريقة التي نتعامل بها مع دماغنا في كيفية تطور قوته أثناء تفاعلنا مع العالم.
اللدونة العصبية
تُعرف قدرة الدماغ على التغير والتطور باللدونة العصبية Neuroplasticity، فهي تمكنه من إعادة تنظيم المسارات العصبية وإنشاء عصبونات جديدة لنموه وتشكيل ذكريات جديدة وبناء الذكاء. كان يُعتقد سابقاً أن العصبونات الجديدة لا تُنتج سوى أثناء التكوّن المبكر للدماغ، وأن هذا يتوقف بعد الولادة بفترة قصيرة. لكن العلماء يعرفون الآن أن إنتاج العصبونات، والذي يسمى تخلّق النسيج العصبي Neurogenesis، يتناقص تدريجياً لكنه يستمر طوال الحياة. هناك نوعان من اللدونة العصبية، هما اللدونة الوظيفية والبنيوية. اللدونة الوظيفية Functional plasticity هي القدرة على استخدام مناطق أخرى من الدماغ للقيام بأدوار مختلفة عند تلف أجزاء بعينها. أما اللدونة البنيوية Structural plasticity فهي الطريقة التي يتغير بها الدماغ مادياً عندما تتعلم أشياء جديدة. تحتوي العصبونات على فجوات بينها لتوصيل النبضات الكهربائية للإشارات والمعلومات في جميع أنحاء الدماغ. وتعرف هذه بالمشتبكات العصبية Synapses، وعندما تولد يكون لديك نحو 2,500 منها لكل عصبون. ينمو الدماغ بسرعة ليزيد عدد المشتبكات العصبية إلى 15,000 لكل عصبون عندما يبلغ عمرك 3 سنوات.
المناطق الرئيسية
ما السمات المرتبطة بتطور كل من أقسام الدماغ؟
1 الفص الجبهي Frontal Lobe
آخر أجزاء الدماغ نضجاً، وهو مسؤول عن التحكم في شخصية الفرد وفهم الأعراف الاجتماعية.
2 الفص الجداري Parietal Lobe
يساعد تطور هذه المنطقةالشخص على تفسير المعلومات الحسية وفهم جسده.
3 الفص الصدغي Poral Lobe
عندما يكتمل تطور هذا الفص، يمكنك معالجة الأصوات وفهم اللغة بشكل فعال.
4 الحصين Hippocampus
تُنشأ الذكريات طويلة المدى عندما تكتمل هذه المناطق الموجودة على جانبي الدماغ.
5 اللوزة المخية Amygdala
يُتحكم في استجاباتك العاطفية بشكل أفضل مع تطور اللوزة الدماغية Amygdala.
6 الفص القذالي Occipital Lobe
هذه المنطقة هي واحدة من أوائل أجزاء الدماغ التي تنضج بشكل كامل، فهو يتحكم في كيفية معالجة المعلومات المرئية، مثل اللون والضوء والحركة.
7 المخيخ Cerebellum
المهارات الحركية، مثل التوازن والتنسيق العضلي، تمليها هذه المنطقة.
8 جذع الدماغ Brainstem
يعمل جذع الدماغ بكامل طاقته منذ الولادة، وهو مسؤول عن وظائف البقاء مثل المنعكسات Reflexes.
9 الجسم الثفني (الجاسئ) Corpus Callosum
مع تطور الجسم الثفني، يتحسن التواصل المعرفي Cognitive communication بين نصفي كرة المخ الأيمن والأيسر، مما يزيد فعالية نقل المعلومات بين الاثنين.
10 المهاد Thalamus
ينظّم هذا الجزء المركزي من الدماغ الوعي للتحكم في أنماط النوم والاستيقاظ.
بناء دماغ ذكي
ما الذي يجعل الدماغ ذكيا؟ الذكاء هو من أكثر الصفات المفيدة للإنسان. فبإمكانه مساعدتك على تحقيق أهدافك، وتطبيق أحكام المنطق والعقل، والتكيف مع المواقف الجديدة والبقاء على قيد الحياة في نهاية المطاف. لهذه الأسباب، درس علماء الأعصاب بنية ونشاط الأدمغة الذكية بتفصيل كبير. أظهرت بعض الدراسات أن أدمغة الأشخاص الأكثر ذكاء ترتبط بشكل مختلف من حيث كيفية تفاعل المناطق مع بعضها بعضاً. فمثلاً، يتمتع الفص الجزيري الأمامي Anterior insula والقشرة الحزامية الأمامية Anterior cingulate cortex باتصالات أقوى مع بقية أجزاء الدماغ. تحافظ القشرة الحزامية الأمامية على التركيز وصنع القرار، في حين يتحكم الفص الجزيري في صنع القرار وتفسير الإشارات الاجتماعية. وهي تتفاعل إجمالاً مع مناطق التعلم والذاكرة في الدماغ. وكذلك أظهرت الأبحاث أنه بحلول سن 42 سنة، ترتبط القشرة المخية الأكثر سماكة بنسبة ذكاء أعلى. القشرة المخية هي الطبقة الخارجية لسطح الدماغ. ولكن في الأطفال في سن العاشرة تقريباً، فإن المساحة السطحية للقشرة الدماغية هي التي تؤثر في الذكاء.
كيف تُصنع الخلايا الجديدة؟
تخلّق النسيج العصبي هو عملية تحدث بطول جدران المنطقة تحت البطينية، وتمتد عبر الجزء المركزي من الفصوص الجبهي والجداري والصدغي والقذالي
1 الخلايا البطانية العصبية Ependymal Cell
هذه الخلايا المبطنة لبُطيْنات Ventricles الدماغ تدعم الخلايا الجذعية كحاجز للتحكم في السوائل المحيطة.
2 الأوعية الدموية Blood Vessel
تحمل الدم الأكسجين والمغذيات باتجاه الخلايا وتزيل الفضلات منها.
3 الخلايا الجذعية العصبية Neural Stem Cell
لهذه الخلايا القدرة على التحول إلى أي نوع من الخلايا الدماغية المطلوبة.
4 الخلية العصبية البدائية Neuroblast
الخلايا العصبية البدائية هي تلك التي بدأت تتطور إلى عصبونات تعمل بكامل طاقتها. وهي تهاجر عبر الدماغ حتى تنضج وتشكل جزءاً من دائرة الدماغ.
5 خلية مضخمة عابرة Transient Amplifying Cell
تُفرزها الخلايا الجذعية، وتؤدي دور الخلايا الجذعية العصبية نفسه، لكن بوسعها الانقسام بسرعة أكبر لتكون خلايا ناضجة.
6 الخلايا الدبقية الصغيرة Microglial Cell
تنفذ خلايا الدعم هذه دوريات في الدماغ بحثاً عن الخلايا التالفة أو الميتة. تلتهم الخلايا الدبقية الصغيرة الخلايا التالفة للحفاظ على صحة الدماغ، ويمكنها إعادة تدوير أي مغذيات مفيدة.
7 الخلية السلفية المتوسطة Intermediate Progenitor Cell
تظل الخلايا السلفية المتوسطة IPCs في المرحلة الأولى من التمايز. على الرغم من أنها لم تنضج بالكامل، إلا أنها تلتزم بنوع الخلية.
بدء الانكماش
كما هي الحال مع بقية أجزاء الجسم، تبدأ الشيخوخة في الدماغ عند الوصول إلى مرحلة البلوغ. عندما تصل إلى الثلاثينات والأربعينات من العمر، يبدأ حجم الدماغ في التناقص. يتقلص الفص الجبهي والحصين بمعدل أسرع من مناطق الدماغ الأخرى. يؤثر تقلص حجم الفص الجبهي في الذاكرة والعواطف والتحكم في الاندفاعات في سن الشيخوخة، في حين أن التغير في حجم الحصين يعيق التحفيز وتنظيم التعلم. وتشمل التغيرات الطبيعية الأخرى في الدماغ في وقت لاحق من الحياة ترقق السطح الخارجي، وانخفاض عدد الألياف العصبية التي تنقل الإشارات بين خلايا الدماغ والتغيرات في الإنتاج الكيميائي الذي يحافظ على الوظيفة المثلى للدماغ. على الرغم من أنك تفقد خلايا دماغك طبيعياً خلال مرحلة البلوغ، إلا أن هذه عملية تدريجية جداً بالنسبة في معظم الأشخاص. عندما تفقد بعض المناطق كتلتها، يمكن لمناطق أخرى التكيف والاضطلاع بمهام جديدة لحفظ الكفاءة.
5 حقائق
الذكور مقابل الإناث
1 أبعاد الدماغ
يمتلك دماغ الذكر عموماً فصيصاً جدارياً سفلياً أكبر، وهو جزء من الدماغ مرتبط بتقدير الوقت والسرعة. أما في الأنثى، فتكون مناطق الدماغ المسؤولة عن اللغة أكبر.
2 الأبيض مقابل الرمادي
تحتوي أدمغة الإناث على مادة بيضاء أكثر بعشر أضعافها في أدمغة الذكور، لكن دماغ الذكر يحتوي على مادة رمادية أكثر بـ 6.5 مرة. المادة البيضاء ضرورية للتواصل والمادة الرمادية لمعالجة المعلومات.
3 الاتصال
يتمتع دماغ الذكر باتصال أفضل في نصف كرة المخ نفسه، في حين يتمتع دماغ الأنثى باتصال أفضل بين الاثنين.
4 الكيمياء
تُعالج بعض الهرمونات والمواد الكيميائية العصبية في أدمغة الذكور والإناث بشكل مختلف. يُنتج السيروتونين Serotonin، وهو مركب كيميائي يعمل على استقرار الحالة المزاجية، بمعدل أعلى بنسبة %52 في أدمغة الذكور.
5 تخزين الذاكرة
تكون أجزاء الدماغ المتعلقة بتخزين الذاكرة أكبر في أدمغة الإناث. وهذا يجعل النساء أكثر عرضة لتذكر التفاصيل الدقيقة للأحداث التي وقعت قبل أسبوع.
من الحمل إلى الإدراك الكامل
يتطور دماغك باستمرار، ويصل إلى مرحلة النضج الكامل عند عمر 25إلى 30 سنة تقريباً
”في كل مرة ينفذ فيها إجراء ما، يُنشأ المزيد من المسارات في الدماغ، وتزداد قوة“
1 الأيام الأولى
تتشكل البنية المبكرة للدماغ، أي الأنبوب العصبي Neural tube، في الرحم. وبعد 35 يوماً، تندمج هذه البنية لتشكل أنبوباً. يبلغ طول الجنين من 6 إلى 7 ملم وتكون البنى المبكرة للدماغ والحبل الشوكي مرئية. يستطيع الدماغ بالفعل معالجة المعلومات الحسية مثل الصوت واللمس والضوء.
الدماغ الأمامي هو الجزء الأكبر والأشد تعقيداً من الدماغ المتشكل حديثاً. تنفّذ الوظائف المعرفية العليا Higher cognitive functions في هذا الجزء من الدماغ البالغ من العمر 35 يوماً، ويشمل القشرة المخية والمهاد والوطاء والعقد القاعدية Basal ganglia.
2 التشكّل
يتشكل الدماغ الأمامي Forebrain والدماغ المتوسط Midbrain والدماغ الخلفي Hindbrain في 3 بنى متميزة. تتشكل العصبونات بمعدل سريع يبلغ 15 مليوناً في الساعة، مما يؤدي إلى بناء البنية والنشاط داخل الدماغ. عندما تنتقل العصبونات المصنوعة حديثاً إلى أجزاء مختلفة من الدماغ، تُنشأ أسس المسارات العصبية المعقدة.
يبدأ الدماغ الأمامي يتخذ شكلاً أكبر وأكثر استدارة، مميزاً نفسه بشكل أكبر عن الأجزاء الأخرى من الأنبوب العصبي.
3 الاتصالات العصبية
منذ الولادة، يخضع الدماغ لنمو سريع مع إنتاج عصبونات جديدة. عندما يستكشف الطفل العالم الذي دخله، يطوّر اتصالات عصبية جديدة. يضاعف هذا حجم الدماغ خلال السنة الأولى من الحياة. عند الولادة، يكون لدى الطفل بالفعل المنعكسات الأساسية لزيادة فرصه في البقاء على قيد الحياة.
يبلغ حجم الدماغ %25 من حجمه البالغ عند ولادة الطفل، ويحتوي على 100 بليون عصبون و50 تريليون مُشتبك عصبي.
4 المهارات الحركية
بحلول عمر 6 أشهر، يستطيع الطفل الجلوس دون دعم، وبحلول 12 شهراً تقريباً يبدأ في المشي. إلى جانب هذه الحركات الكبيرة، يطور الأطفال في هذا العمر مهارات حركية دقيقة، مثل إمساك الأشياء وتكديسها. ما بين 9 و12 شهراً، يبدأ دماغ الرضيع في فهم ديمومة الأشياء، وهو إدراك أن الأشياء تظل موجودة حتى عندما تتوارى عن الأنظار. خلال هذه الفترة من الحياة، يضيف الدماغ اتصالات عصبية باستمرار.
بحلول عمر السنتين، يكون حجم الدماغ قد وصل بالفعل إلى 80 إلى %90 من حجمه البالغ. وهذا يساعد الرضيع على تعلم العديد من المهارات الجديدة في وقت قصير نسبياً. تنمو القشرة الحركية في الفص الجبهي بشكل ملحوظ، مما يتيح التخطيط والتحكم وتنفيذ الحركات الجسدية.
5 تعلّم اللغة
يفهم الدماغ الكلمات ويبدأ في تنظيمها في جمل. تساعد القدرة على التحدث بجمل قصيرة الطفل على التعبير بشكل أفضل عن رغباته واحتياجاته. عندما يلتقط الدماغ الكلمات المستخدمة والمتكررة نفسها، فإنه يستخدم الذاكرة لإنشاء الروابط وفهم معناها.
في سن الثانية إلى الثالثة، يصل عدد المُشتبكات العصبية إلى أعلى مستوياته. يحدث التقليم المُشتبكي Synaptic pruning لتحسين كفاءة الدماغ، ويعني التخلص من العصبونات والمُشتبكات العصبية الإضافية وغير الضرورية. تشمل هذه المُشتبكات العصبية التي نادراً ما تُستخدم وتكون ضعيفة. ليست هناك حاجة للنشاط الدماغي المرتبط بها ويمكن استبدالها.
6 حل المشكلات وصنع الذكريات
يتطور الدماغ لاكتساب المهارات الأساسية لحل المشكلات وتصنيف الأشياء والذكريات. يحدث هذا لأن الدماغ صار أكثر ارتباطاً ويمكّن مناطق متعددة من المشاركة في عمليات التفكير المعقدة. يتضمن ذلك تحديد أنماط السبب والنتيجة.
يمثل الميالين أحد التغيرات في هذه المرحلة، والذي يحسّن كفاءة عمليات التفكير والقدرة على حل المشكلات. يحدث هذا عندما يتشكل غمد الميالين Myelin sheath، المكون من دهون وبروتينات، حول الأعصاب في الدماغ. يعمل الميالين على تحسين التوصيل وإرسال الإشارات الكهربائية بوتيرة أسرع في جميع أنحاء الدماغ.
7 التفكير المنطقي والتصنيف
خلال هذه السنوات، يدخل الأطفال مرحلة العمليات الحسية لنمو الدماغ. فيصبحون أفضل في فهم الأحداث المتعلقة بالأشخاص الآخرين، وليس فقط من يشاركون فيها ويعايشونها بشكل مباشر. تتضمن بعض السمات الرئيسية لمرحلة العمليات الحسية إدراك أنه عندما يتغير حجم الشيء أو سعته أو لونه، فسيظل محتفظاً بالعديد من الخصائص نفسها. وكذلك يستطيع الأطفال ترتيب العناصر ذات الخصائص المطابقة في مجموعات.
مع استمرار التقليم وتكوّن الميالين، تقوّى العصبونات المسؤولة عن عمليات التفكير الأشد تعقيداً. وهذا يساعد الطفل على تمييز المحفزات ذات الصلة من حوله.
8 النمو الاجتماعي والعاطفي
في هذه المرحلة من الحياة، يبدأ الفرد بإظهار علامات متزايدة على التعاطف حيث يكون دماغه أكثر ذكاءً عاطفياً. بناءً على التجارب الشخصية السابقة واكتساب فهم للأحداث التي قد تسبب مشاعر مختلفة، يصبح الأطفال في هذه الأعمار قادرين على التصرف بحساسية أكبر. تتشكل الصداقات الأقوى عموماً في هذه المرحلة من الحياة المدرسية.
يصل الفص الجبهي إلى حجمه البالغ. يزيد هذا من القدرة على بناء العلاقات الشخصية وتدبير العواطف. يساعد الفص الجبهي الشخص على معالجة المشاعر الإيجابية مثل السعادة والامتنان والمشاعر السلبية مثل الغضب والغيرة.
9 القرارات المحفوفة بالمخاطر والتحكم في الاندفاعات
اكتسب المراهقون سمعة سيئة بسبب اتخاذهم لخيارات غير حكيمة، لكن هناك تفسير لذلك. يؤثر البلوغ على الجسم بكامله، بما في ذلك الدماغ. تسبب مستويات الهرمونات الجديدة المزيد من التقلبات في المزاج وتؤدي لسلوكيات متهورة. ولكن الدماغ يكون أكثر ذكاءً أيضاً، حيث يكتسب مدى انتباه أطول، ويتعزز التفكير المجرد، والقدرة على حل المسائل المعقدة.
خلال فترة البلوغ، يفرز الجهاز الحوفي (الطرفي) Limbic system المزيد من الهرمونات مثل هرمون الإستروجين والتستوستيرون. هذا الجزء السريع النمو من الدماغ يجعل المراهقين أقرب احتمالاً للتصرف بناء على قرارات متهورة والبحث عن المتعة. يكون الجهاز الحوفي السريع التطور في حالة من عدم التوازن مقارنة بالتقدم الأكثر تدرجاً لقشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن القرارات العقلانية. ونتيجة لذلك، فإن الأفكار الاندفاعية تفوق المنطق في كثير من الأحيان.
10 تشكيل الهوية الذاتية
يزداد نضج الدماغ خلال هذه السنوات، مما يمنح الأفراد قدرة أكبر على التفكير في التجارب والسلوكيات والأفكار. يكون المراهقون الأكبر سناً أقدر على اتخاذ القرارات المستقبلية التوجه. يساعد النضج على التنظيم العاطفي أيضاً على بناء الاهتمام بالعلاقات الرومانسية، حيث يعالجون المشاعر القوية بشكل أفضل.
مع نضج الجهاز الحوفي واستقراره بعد البلوغ، يصبح أقدر على معالجة المشاعر والاستجابة لمكافأة المادة الكيميائية المعروفة بالدوبامين Dopamine، والتي تُطلق خلال الاتصالات الرومانسية.
11 زيادة الثقة بالنفس
في هذه المرحلة، يصل الدماغ إلى ذروة النضج وبداية البلوغ. وهذا يجعل الشخص أجدر بالثقة في اتخاذ القرارات المسؤولة، وأفضل في التخطيط لمستقبله، وأكثر ثقة في أفكاره وقراراته.
يقل حجم المادة الرمادية، التي تحتوي على خلايا دماغية وشعيرات دموية. على الرغم من أن الدماغ يفقد العصبونات، إلا أن هذا يجعل الدماغ أكثر كفاءة حيث توجد مساحة أكبر لتكوّن غمد الميالين Myelination. يحسّن الدماغ لتقوية أكثر عمليات التفكير فائدة.
12 النضج الكامل
في هذه الأعمار، يصل الدماغ إلى مرحلة النضج المعرفي الكامل. يكون الدماغ في أقوى حالاته من حيث التفكير النقدي والأداء واتخاذ القرار. ومن هذه النقطة، تظل المهارات المعرفية للشخص ثابتة نسبياً. يحدث تدهور تدريجي بمرور السنين، لكن الأكل الصحي والتمارين الذهنية والبدنية تحافظ على ازدهار عقلك طوال مرحلة البلوغ.
بعد سن النضج، يكوّن الحصين خلايا دماغية جديدة بوتيرة أبطأ. ينضج الفص الجبهي حتى سن 25 سنة تقريباً، وعندها يكتمل نموه بالكامل.