الطب

كيفية حدوث مشكلة “الحَول” لدى الإنسان والطرق المتبعة لعلاجه

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مشكلة الحَول طرق علاج الحَول كيفية حدوث الحَول الطب

حينما ينظرُ شخصٌ سليمٌ إلى جسم ما، فإن كلتا عينيه تتجهان سويا في نفس الاتجاه، وبدرجة متساويةٍ ناحيةَ الجسمِ المراد رؤيتهُ، ويرى الجسم بدون ازدواج، على الرغم من استعمال العينين في وقتٍ واحدٍ؛ ويرجعُ السببُ في ذلك إلى أن الصورة المتكوّنة في كل عين تكون مشابهةً ومساويةً للصورة المتكونةِ في العين الأخرى.

وعندما تنتقلُ هاتان الصورتان بواسطة العصبين البَصَريين إلى الدماغ (المخ) يتم اندماج الصورتين معا لتُكوِّنا صورةً واحدة للجسم المرئي.

ولكن إذا اتجهت إحدى العينين اتجاهاً مستقلاً عن الأخرى ولمُ تُصوَّبْ إلى الجسمٍ المُراد رؤيته، فإنه يحدث ازدواجٌ في الرؤيةِ، أي أن الشخصَ يرى صورتين للجسمِ الواحدِ، ويُقالُ عندئذٍ إن هذا الشخصَ مصابٌ بالحَوَل.

 

وهناك أشكالٌ عديدة للحول. ففي بعض الأحيان تكونُ العينُ الحَوْلاء متجهةً إلى الداخل، أي أقرب إلى الأنف من العين السليمة؛ ويُسمى هذا النوع من الحول  "الحول الأنسي" أو "الحول الداخلُ".

وفي أحيان أخرى تكونُ العينُ الحولاء متجهةً إلى الخارج، أي أبْعَد عن الأنفِ من العين السليمة؛ ويسمى الحول في هذه الحالة"الحولُ الوحشي" أو "الحولُ الخارجُ أو المنفرجُ".

وفي حالاتٍ أخرى يكون الحولُ "صاعدا"، وفيه تكونُ العينُ الحولاءُ متجهةً إلى أعلى أكثر من العين السليمةِ، أو يكونُ الحول "نازلاً" عندما تكونُ العينُ الحولاء متجهةً إلى أسفلَ اكثرَ من العينِ السليمةِ. 

 

ولعله من المفيد أن نعرف أن الحول على أنواعٍ، فمنهُ "الحول الحقيقي" الذي يحدث نتجةَ خطأ في انكسار العين، كما في حالة طول النظر او قِصرِ النظر.

وقد يكون هذا الخطأ في عينٍ بدرجةٍ أكبرَ من الأخرى، وغالباً ما يحدثُ هذا الحولُ في سن الطُفولة.

وحيث إن الطفل لا يرتاح لازدواج الرؤية، فإنه يركزُ النظرَ بالعين الأقوى مع إهمال الصورةِ المتكونةِ بالعين الحولاء، وفي هذه الحالةِ تقل حِدَّةُ الإبصارِ بِها. وقد يكون الحولُ متبادلاً، فيركزُ الشخصُ بإحدى عينيهِ على الأشياء القريبةِ، وبالأخرى على الاشياءِ البعيدةِ.

 

وفي بعض الأحيان يتغلب المريضُ على ازدواج الرؤية، بأن يغلقَ إحدى عينيهِ أو يُديرَ وجهَهُ، أو يميلَ رأسَهُ يميناً أو يساراً حتى تتطابقَ الصورتان.

ويساعدُ على ظهورِ هذا النوعِ من الحول إصابة الطفلِ بأمراضٍ ينتجُ عنها ارتفاعٌ حادٌّ في درجة الحرارةِ أو عقبَ الإصابةِ بالحصبةِ او السعال الديكي أو النزلاتِ المعوية التي تسببُ في تقليل مقاومةِ الجسم.

ومن أنواعِ الحولِ الحقيقي أيضاً ما ينتجُ عن ضعفٍ أو شللٍ بإحدى العضلاتِ الستَّ التي تُحركُ كرةَ العين في الاتجاهات المختلفة، وغالباً ما يحدثُ هذا النوعُ في سنَّ متقدمةٍ.

 

وأهمُّ أعراضِهِ ازدواجٌ في الرؤية، وعدمُ القدرةِ على تحريكِ العينِ في الاتجاه الذي به العضلةُ المصابةُ، ويصاحبَ ذلك عادةً دوارُ وغثيان، وعدم القدرة على حفظ الاتزان في المشي. وتزول هذه الأعراضُ إذا أغلقتْ إحدى العينين.

ويوجدُ نوعٌ آخرٌ من الحول يسمى "الحولُ الكامن ". وقد سمي كذلك لأن الحولَ لا يبدو ظاهرياً، حيث يستطيعُ المخُّ السيطرةَ على وضعِ العينِ في الاتجاه السليم، ويظهرُ الحول فقط حينما نغطي إحدى العينين مانِعين الرؤية الثنائية، فإن العينَ التي بها حولُ تأخذُ وضعَ الحولِ أيا كان شكله (إنْسياً أو وَحْشياً، صاعداً أو نازلاً).

ويُكتشفُ هذا النوعُ بفحصٍ خاصٍ يجريه الطبيبُ، ولكنَّ هناك بعضُ الأعراضُ المصاحبة التي تساعدُ على اكتشاف الإصابةِ به، مثل شعور المصابِ بثقلٍ في العين مع ألم أو صداع والرغبةِ في النوم، وغالباً ما تحدثُ هذه الأعراضُ عقب القِراءةِ أو الكتابةِ لفتراتٍ طويلةٍ أو مشاهدة التلفاز.

 

وقد يُصابُ الشخصُ بالدوار والغثيان ويجد صعوبةً  في نقل التركيز بسرعةٍ من الرؤية البعيدةِ إلى الرؤيةِ القريبةِ أو العكس.

وفي بعَضِ الأحيان تبدو العينان وكأن بهما حولاً، ولكن بالفحص يتبيّنُ أن العينين سليمتان، وليس بهما حولٌ حقيقي، وهذا "الحولُ الظاهري" يرجعٌ إلى أسبابٍ تتعلقُ بشكلِ فتحةِ الجفنين (كما هو الحالُ في أهل الصينِ)، أو إلى أن عظمةِ الأنفِ تكونُ مُفلطَحةً وعريضةً من أعلى، مما يُعطي انطباعاً بأن العينَ مصابةٌ بالحولِ.

كذلك فإن الشخص الذي يُعاني من خطأ كبير في انكسارِ العين يبدو كأنه مصابٌ بالحول.

 

والشخصُ الذي يُعاني من قِصَرٍ شديدٍ في النظر يبدو كأن لديهِ حولاً إنسياً، أما الشخصُ الذي يعاني من طول نظرٍ شديد، فيبدو كأن لديه حولاً وحشياً.

وتكمُنُ المشاكلُ المرتبطةُ بالحولِ في جانبين: الجانب الأول يتعلقُ بضعفِ قوةِ الإبصار في العين الحولاء؛ حيث إن الطفلَ يُهملُ استخدامَ العينِ الحولاء؛ ويركزُ النظرَ بالعينِ الأخرى ليرى الأشياءَ بوضوحٍ.

ويزدادُ ضعفُ العينِ الحولاء مع تَقدُّمِ العُمر، حتى أنه قد يصعب علاجُ تلك الحالاتِ إذا كَبِرَ الطفل إلى ما بعد سن الثامنة.

 

والجانبُ الثاني يتعلق بالمشاكل النفسية التي قد يعاني منها الطفلُ الأحولُ إذا لم يُعالج قبل سن دخول المدرسة.

وعلى ذلك يُنصحُ الآباء والأمهاتُ بعرضِ أبنائهم على الطبيبِ المختصّ لفحص قوة أبصارِهم، وعلاج الحولِ – إن وجد- في سن مبكرةٍ.

 

وإذا اكتُشفَ الحولُ في سن مبكرةٍ وعُولِجَ، فإنَ النتائجَ تكونُ طيبةً. وتتلخصُ خطواتُ العلاجِ- التي ينبغي أن تتم تحت إشراف طبيب العيونِ المختصّ- في النقاط التالية:

– تصحيحُ أخطاء الانكسار باستعمال النظارات الطبية المناسبة؛ وبعضُ حالات الحول يتم شفاؤها تماماً باستعمال النظارات الطبية، وبدون الحاجةِ إلى طُرُقٍ أخرى.

– تغطيةُ العين السليمةِ؛ والغرضُ من ذلك هو إعطاءُ فرصةٍ لاستخدامِ العينِ الحولاء في رؤية الأشياء لتحسين قوة الإبصار بها. وهناك بعضُ الأجهزةِ الخاصةِ لتمرين الطفلِ على استخدامِ العين الحولاء في الرؤية.

– التدخُلُ الجراحي في بعض أنواع الحول؛ حيث يكونُ التدخلُ الجراحي عاملاً مُساعِداً بالإضافةِ إلى طرقِ العلاج الأخرى، ولكن في بعضِ أنواعِ الحول قد يكون التدخُلُ الجراحي هو الأساسُ في العلاج.

– في حالةِ الحول الكامِن، يجبُ تصحيحُ أخطاء الإنكسار إن وُجِدتُ، مع عمل تمارينَ خاصةٍ بالحول، وقد يحتاجُ العلاجُ إضافةَ عدساتٍ خاصةٍ (منشوريةٍ).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى