علم الفلك

كيفية حدوث الهالة ذات التقازيح في الجو

2009 البصائر في علم المناظر

كمال الدين الفارسي

KFAS

حدوث الهالة ذات التقازيح في الجو علم الفلك

(إذا حاذيت نيراً كالقمر والسراج وجعلت فيما بينه وبين البصر كرتين مشفتين متساويتين مقتدرتي الحجم وكان البصر على بُعد بعيد من النير.

والكرتان على بُعدٍ مقتدر من البصر، ومركزاهما على الواصل بين البصر والنير وهما متماستان، فإنك تدرك صورة النير من القريبة.

كما تُدركها من البعيدة لو لم تكن القريبة أعني أنك تدركها معكوسة إلا ان هذه الصورة تكون أضعف لتكرر انعطافها في القريبة وأصغر ايضاً، ثم إذا أثبت إحداهما مكانها وباعدت الأخرى، أما القريبة فإلى جهة البصر.

 

واما البعيدة فإلى جهة النير، ولتكن المراكز الأربعة على خطٍ مستقيم فإنك تجد بضعد تباعدهما قليلاً صورة النير كالحلقة من محيط القريبة أيضاً، والمتوسط أعظم قليلاً.

وكلما زاد البُعد بينهما تصاغر دور الحلقة وعظم عرضها وعظمت المتوسطة إلى أن يتصلا فتحدث عند ذلك صورة مركبة نورية عظيمة، ولنسم ذلك البعد بثعد المركبة ثم يتصاغر قليلاً قليلاً إلى أن تنمحي الحلقة وتبقى المتوسطة، إما مستوية أو معكوسة بينة أومشتبهة بحسب اختلاف الاوضاع بين الأربعة.

ثم إنك إذا أدركت الحلقة فإذا حافظت على البُعد المُحدث لها بين الأربعة وكان البُعد بين الكرتين بعد المركبة وازلت الكرتين عن الواصل بين البصر والنير في أي جهة أردت وجعلتهما مع النير على سمت الاستقامة أو نحوه.

 

فإن الصورة النيرة تصير إلى الاشتباه، ثم إلى كمودة ثم تضمحل، وإن كان البعد اقل على عرض يسير ونسميه عرض الدائرة، وكلما كان البثعد أكثر كان العرض أقل.

وإن كان البُعد أقل فإنك تدرك خمس صور للنير من خمسة مواضع من الكرة القريبة على ما سبق ذكره، إحداها من الوسط وأربع  في الحواشي عن شبه محيط دائرة واثنتان منها مع المتوسطة على استقامة واحدة دائماً، والأخريان على بُعدين متساويين من المتطرفة من الثلاثة الأبعد عن سمت النير والبصر وقريبتان منها. 

 

وكلما زاد البُعد بين الكرتين تتقارب الصور الخمس إلى الاجتماع إلا أن التقارب بين الثلاثة المتطرفة يكون أكثر، وعن كثب ما تجتمع، ثم تصير إلى كمودة وتضمحل وتجدر عرض الإزالة التي تحدث الصور إلى حد الاضمحلال (مسافة مقتدرة ونسميه عرض الطبقة الاولى.

وكلما كان البُعد بين الكرتين اكثر كان العرض أقل، وإذا قربت هذه الصور بعضها من بعضٍ حدثت فيما بينها زرقة نورية، وإذا اجتمعت فصفرة نورية وبعده إلى حد الاضمحلال) حُمرة.

فإذا جعلت من وراء الثانية أو من دون الأولى ثالثة، وجعلت الثلاثة أولاً على سمت البصر والنير متماسة، ثم باعدت بين كل اثنين منه قليلاً، ثم أزلتها عن السمت وجعلتها على سمت النير أدركت حالة شبيهةً بما أدركت أولاً من إدراك الصور الخمس واجتماعها.

 

إلا أن عرض الإزالة إلى حد حدوث الزرقة يكون كعرض الإزالة أولاً إلى اضمحلال الصور، ثم بعد ذلك تحدث الصفرة والحمرة إلى أن يضمحل على عرض أعظم من عرض الأول بكثير.

ونسميه عرض الطبقة الثانية، وإذا كانت الكرات على بعد بعيدٍ من البصر فلا يدرك شيء أصلاً سواء كانت واحدة أو أكثر، وكذا لوكان الأبعاد بينها بعيدة.

وبعد ذلك نقول إذا كان الهواء الذي بين البصر والنير رشياً مملوءاً من الرذاذ المتراكم فإن الكرات التي تكون مراكزها على الواصل بين البصر والنير يكون البصر في وسط مخروطات إحراقها وتظهر للبصر الصورة النيرة العظيمة من الأجزاء التي تليه.

 

ثم إذا جاوزنا إلى الكرات التي تتيامن عنها مثلاً فإن البصر يميل عن أوساط المخروطات إلى يسار حواشيها وترد الصور النيرة منها إلى البصر عن جانب اليمين واحدة ومقتدرة العظم ويتغير لونها إلى أن يحصل البصر عند عرض الدائرة وتنتهي < إلى > الكمودة.

فإذا كانت هذه الصور قوية تشكلت دائرة نيرة ضبابية المرأى كالقوس حول النير تحيط بها حلقة تكاد تتقزح وتكون إلى الكمودة ما هي، ثم تتشكل حول الدائرة من أجل انعطاف صورة النير إلى البصر إلى طبقتين من الرذاذ حلقة منفرجة على عرض الطبقة الأولى المذكور بينة التقازيح.

وتكون ألوانها التي تلي لنير خضرة أو زرقة ثم صفرة ثم حمرة، فإن كانت الصور قوية تحدث حلقة ثانية متقزحة أيضاً، إلا أنها تكون أضعف ألواناً، وهذه صورتها:

والهالات التي ترى حول السرج يصح حدوثها على النحو المذكور لولا عارض نذكره إلا أنا لم نشاهد فيها غالباً سوى الدائرة الضبابية والحلقة الأولى.

 

وقد رأيت في بعض الأوقات الحلقة الثانية أيضاً، ويكون عرض الحلقة الثانية أقل من الأولى والأولى أقل من نصف قطر الضبابية، وفي القمرية بعكس ذلك، (على أن شاهدناها مرة كذلك، ولم تكن خيالية)

وتكون مستديرة، لأن القدر من الذبالة الذي هو أقوى أجزائها ضوءاً وفي وسطها هو الذي يفعل الهالة القوية دون جزأيها المتطرفين لضعف الضوء فيهما، وذلك القدر ليس فيه كثير استطالة فلذلك تحدث هالاتها غالباً مستديرة، وقد ترى مستطيلة إذا قرب البصر من الذبالة جداً.

وأما العرض فهو أن تلك الهالة إذا حجب بعضها بكثيف ذو الذبالة لم يتستر البعض بل ظهر من دون الكثيف فإذا انحجبت الذبالة انعدمت البقية وإن لم ينحجب محلها بالكثيف.

 

وكذلك توجد هالة للقمر والجو مصحٍ كما ذكرنا، وكذلك للشمس حيناً فلو كان حدوثها عن الانعطافات المذكورة لكان ينبغي إذا حجبها الكثيف أن يبقى القدر الذي لم يحجبه ظاهراً للبصر مع تستر المضيء كما في سائر الهالات ففي علة حدوثها توقفن وإنما ترى عند الهبوب عن النوم أوضح وأنصع لوناً لما مرّ من أن الروح الباصرة إنما يدرك اللون من تكيف الآلة به.

وإذا كان بها غلط ما كان أشد تكيفاً وعند الانتباه من النوم قد يكون فيها كثافة ما، فإذا أعمل النفس الحس حدثت في الروح حركة ضرورة فتلطف فلا يتكيف ذلك التكيف القوي فتضعف صورة الهالة، وتعظم هذه الهالة بحسب بُعد البصر عن الذابة وتضعف ألوانها). 

والهالة الملونة إذا حدثت عن الشمس وكان الصور الوارد قوية فلا يمكن التحديق إليها، وإنما ترى في الجو إذا كانت ضعيفة.

 

وإنما تدرك الوانها إذا كان البصر في بيت مُظلم فيه ثقب واحد ضيق إلى الشمس ويقابله جسم فسيح نقي اللون أبيض فإنه يرى حينئذ حوالي ضوء الشمس الحادث بياض يضرب إلى زرقة ما ثم صفرة ثم حُمرة كما سبقت الإشارة إليه.

وذلك أن الاضواء حينئذ تصير ثانية ضعيفة فتدرك متميزة، وهذه السحابة التي تتأثر عن الشمس هذا الأثر قد تكون قطعة غير محيطة بالشمس فتظهر منها الضوء القوي وهي الشميسات.

وقد تشاهد منها ما يكون اقهر لنور البصر من قرصة الشمس إلا أن هذه الهالة قلما تخلص عن شوب سحاب كدر يخالط الرذاذ المتأثر بالأثر، فلذلك لا يمكن إدراك ألوانها وأحوالها محققاً.

 

تنبيه:

فأما إدراك بُعد القوس والهالة فلأن الأجزاء التي يتم فيها تشكلهما أجزاء رشية حاصلة في مسافة عظيمة من الهواء ليست في سطح واحدٍ فما لم ترد إلى البصر صورة جميعها أو معظمها فإن الخيال لا يتراءى، ولأن الأجزاء قد تكون على بُعد من البصر.

وإن كان البُعد يسيراً جداً، فإن هذه الخيالات ضعيفة جداً فيضمحل عن أمد قريب، لكن البعد لما لم يكن مسامتاً لأجسام مترتبة متصلة فيكون غير محقق.

ولان هذه الخيالات تكون كالصور المشتبهة التي ترى من بعيد جداً فيفيسها البصر بالمبصرات السماوية، فيظن أبعادها عظيمة).

 

(وليعلم أن ما ذكر في سبب القوس فهو محقق لا تردد فيه لدلالة البرهان وشهادة التجربة.

فأما ما ذكر  في أمر الهالة البيضاء فهو عندي كالشيء المظنون لم يبلغ إلى حد الجزم.

وكذلك أمر الهالة ذات التقازيح لأن شهادة التجربة الصحيحة فيهما غير مشفوعة إلى دلالة البرهان.

 

وأما ما ذكر في امر تقازيح هالة الشمس فدون ذلك، لكن الظن الغالب هو أن اصول هذه الآثار أجمع هي ما ذكر من الانعطافات والانعكاسات في الكرات الرشية مثنى وفرادى.

وأما ما قيل إن السبب فيها انعكاس الأشعة من السحاب فذلك وهم محضٌ)، والله أعلم بحقائق الأمور.

فهذا القدر هو ما أردنا إيراده مما ثبت في علم المناظر، ومن أراد تحقيقه وغقامة البرهان عليه فعليه بالرجوع إلى ذلك الفن يتحقق جميع ذلك له، وإنما ذلك بتوفيق ولي الهداية وعصمته من الغواية في الدرايةن والحمد لله أولاً وآخراً وصلاته على نبيه محمد وىله وصحبه أجمعين.

 

نهاية المخطوط "س": كتب المصنف رحمه الله في آخر النسخة التي كان بخطه: فرغ من تسويده العبد الضعيف الحسن بن علي بن الحسن الفارسي رزقه الله تعالى علماً نافعاً وعملاً مقبولاً في شهور سنة ثمان وسبعمائة.

وفرغ من تعليقه العبد الفقير المقر بذنوبه الراجي إلى رحمة الباري الحسين بن الحسن شهنشاه السمناني، أحسن الله أحواله يوم الأحد سابع عشرين من ذي القعدة لسنة إحدى وثلثين وسبعمائة هجرية. 

ونقلت هذه النسخة من نسخة نقلته (غير واضحة) من شريف خط المصنف وقرأته عليه من أول الكتاب إلى آخر مباحث الانعكاس ولم يساعد في جدي بالإتمام.

وكان وفاة المصنف قدس نفسه مني ط ذي القعدة لسنة 718 هلالية بببلدة تبريز حماها الله تعالى عن الحدثان وكان مدة عمره 53 سنة، والحمد لوليه والصلوة على نبيه محمد وآله.

 

نهاية المخطوط "أ" : كتب المصنف رحمه الله في آخر النسخة التي كان بخطه: فرغ من تسويده العبد الضعيف الحسن بن علي الحسن الفارسي رزقه الله تعالى علماً نافعاً وعملاً مقبولاً في شهور سنة ثمان وسبعمائة (708(.

كان وفات المصره في يط من ذي القعدة لسنة 718 ببلدة تبريز وكمان مدة عمره 53 سنة.

نهاية المخطوط "ص": كتب المص ره في آخر المنقول عنه: فرغ من تشكيل الكتاب ومقابلته مسودة العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى ومغفرته الحسن بن علي الحسن الفارسي رزقه الله سبحانه علماً نافعاً وعملاً مقبولاً بحق محمد وآله الأطهار.

 

وقع الفراغ من تنميقه بتأييد الله تعالى وحسن توفيقه ظهر الخميس من اواخر رمضان المبارك لسنة سبع وثلثين وثمانمائة هجرية نبوية عليه التحية والصلوة (كلمة غير واضحة).

نجد في الهامش ما يلي: بلغ العراض مع المنقول عنه مرتين من يوم السبت الثامن والعشرين من رمضان المعظم سنة سبع وثلثين وثمانمائة".

نهاية المخطوط "ق" : لا يوجد أية إضافة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى