البيئة

كيفية التنبؤ بأوقات وقوع الزلزال وثوران البراكين

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

التنبؤ بأوقات وقوع الزلزال ثوران البراكين البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

تتوافر حالياً معلومات وخبرات مناسبة للوقاية من، أو التقليل من، أخطار الأحداث الجيولوجية المفاجئة التي تسبب الكوارث، والتي تشمل الانزلاقات الأرضية والزلازل وثوران البراكين (Mc Call et al., 1992; Nuhfer et al., 1993).

وعندما تقع إحدى الكوارث أو يُتوقع حدوثها، فلا يكفي أن تكون المعلومات عنها متوافرة بل من الضروري بمكان نشر هذه المعلومات على نطاق واسع وبشكل موثوق وذلك لتحديد مباشر للأخطار المحتملة (من دمار أو وفيات أو دمار للممتلكات القريبة من المنطقة المنكوبة).

يراقب الجيوفيزيائيون، وغيرهم من المعنيين بأخطار الاهتزازات الأرضية، حركة الأرض ويدرسون البنى العميقة للأرض ومصادر الزلازل والانزلاقات الصفائحية السابقة من أجل تطوير نظم الإنذار المبكر.

وقد أحرز العلماء في كل من الولايات المتحدة واليابان وروسيا وبلدان أخرى تقدما كبيرا في تحديد المناطق التي قد تتعرض لأخطار الزلازل. كما تم تحديد مناطق الثغرات الزلزالية (وهي المناطق التي تقع بجانب مناطق الزلازل المحتملة وتبدو مستقرة)، منها على سبيل المثال، المناطق المكتظة بالسكان والواقعة على طول خط ساحل جنوب كولومبيا البريطانية، حيث تتداخل صفيحة جون دي فوتكا مع صفيحة أمريكا الشمالية على طول منطقة ضحلة كبيرة متداخلة تم تحديدها بالمخططات الزلزالية العميقة.

 

وتسهم المعلومات المتوافرة من الدراسات التفصيلية عن آثار الزلازل التي حدثت في فترة الرسوبات الصخرية الرباعية (حيث يمكن فيها رسم خرائط خطوط الصدع القديمة وتواريخ حدوثها) في فهم الدورة التاريخية لحدوث الزلازل.

وعلى الرغم من ذلك كله فإن التفاؤل الذي ظهر خلال العقد أو العقدين الماضيين، من أن بإمكان العلم التنبؤ بالزلازل بدقة وفاعلية، لم يتحقق حتى الآن.

ففي اليابان المعروفة بكثافة السكان على رقعتها الجغرافية المحدودة، وعلى الرغم من تنفيذ برنامج وطني كبير للتنبؤ بحدوث الزلازل الذي هو الآن في مرحلته الخمسية السادسة، لم يتحقق التنبؤ بمكان وموعد وحجم أي من الزلازل، ويعتبر زلزال كوبي الذي حدث في 17/1/1995، وأدى إلى وفاة أكثر من خمسة آلاف شخص وجرح أكثر من 26 ألفاً وأحدث خسائر مادية قدرت بمئة بليون دولار لإعادة بنائها، مثلاً صارخاً لحاجتنا الملحة إلى تحسين معرفتنا في كيفية التنبؤ بحدوث الزلازل بصورة أدق.

 

لقد نجح التنبؤ بحدوث ثوران البراكين بصورة أفضل منه عن الزلازل. وجاءت معظم الإنجازات العلمية في هذا المجال من جهود الولايات المتحدة الأمريكية البحثية التي تعاني أكثر من غيرها من البلدان باستثناء اليابان واندونيسيا، احتمالات ثوران البراكين النشيطة.

وقد أمكن تجنب حدوث كوارث محتملة في كل من الفليبين وإندونيسيا بسبب التحذيرات التي أطلقت عن حدوث الثورانات الكبيرة مما مكّن السكان المحليين من النزوح المؤقت خارج الأمكنة المنكوبة.

وقد يصعب تكرار مثل هذه الأعمال الناجحة في المناطق الكثيفة السكان والتي تتعرض للزلازل ومياه البحر الجارفة المصاحبة لها والمعروفة باسم (تسوناميس).

إن تقليص أخطار ثوران البراكين المحتملة يعتمد بالضرورة على تعرف كيفية سلوك البراكين، وبصورة أدق " قياس نبضها " (Wright and Pierson, 1992).

ويتحقق ذلك من خلال مراقبة الزلازل، التي تشكل أبكر الإنذارات لعدم استقرار البراكين. وتقاس حركة الأرض، جراء ضغط الصخر البركاني المتحرك في اعماقها، من خلال مسح تفصيلي يكشف التغيرات في المسافات بين علامات أرضية ثابتة وميلان في سطح الأرض وحدوث تغيرات جديدة في مستوى هذا السطح.

 

وقد تؤدي إزاحة الطين من الجوانب المنحدرة للبراكين إلى خلل في تركيبة البركان يتلوها انهيارات ضخمة على شكل تيهورات من الطين والمخلفات الأخرى للبراكين. وقد تشير أيضاً التغيرات في الموصلية الكهربائية وشدة الحقل المغنطيسي حول منطقة البركان إلى حركة الصخور الباطنية للبركان حتى في غياب دلالات حدوث زلازل أو حركة ملموسة في السطح العلوي للأرض.

وقد يدل التنوع في تركيبة غازات البركان الكيميائية أو في سرعة انبعاث تلك الغازات إلى تغيرات في حجم الصخور البركانية الموجودة في ممرات ومنافذ الغازات الصاعدة.

وإن مراقبة درجات الحرارة ومستويات المياه الجوفية وسرعة تدفق الينابيع وحجم الترسبات المنقولة في جداول المياه ومستويات سطح البحيرات ودرجة تراكم الثلوج والمياه المتجمدة أو ذوبانها، قد تساعد على تقييم أخطار البراكين.

تسهم المعلومات الجيولوجية المتوافرة عن تاريخ نشاط البراكين المحلية في تفهم خصائص كل بركان بصورة أفضل وذلك من خلال استعمال نتائج المراقبة والتوثيق هذه في رسم خرائط تبين توزيع مخاطر البراكين والخسائر الناجمة عنها عبر السنين.

 

إلا أن هذه المعلومات ستكون عديمة الفائدة إذا لم تقتنع السلطات بأن المخاطر وشيكة الحدوث مما يستعدي إنذار السكان القريبين من منطقة الخطر، كما ستفقد المعلومات جدواها في حالة عدم تفهم السكان أنفسهم لخطورة الموقف وعدم استجابتهم بالابتعاد عن منطقة الخطر.

وقد أمكن تجنب وقوع كارثة عندما عاود بركان بيناتوبو في الفيليبين نشاطه وثار بصورة كبيرة في عام 1991، وذلك من خلال التعاون الوثيق والمسؤول بين السلطات المحلية ومؤسسات الدفاع المدني من جهة وعلماء البراكين المحليين والأجانب من جهة اخرى.

وبالمقابل هناك الحادث المأساوي الذي أودى بحياة 23 ألفاً من السكان في بلدة أرميرو الكولومبية الذين دفنوا في الطين الجارف الناتج من بركان عام 1985، وذلك على الرغم من توزيع خريطة تبين مواقع المخاطر المحتملة (الشكل 4).

وقد قادت الصدمة الوطنية في كولومبيا إلى اتخاد عدة إجراءات شملت إنتاج وتوزيع أعداد كبيرة من المنشورات والأفلام والمواد التعليمية المساعدة الأخرى استهدفت جميعها توضيح طبيعة أخطار البراكين وكيفية تجنب أضرارها

 

لعل أهم الدروس المستفادة خلال السنوات الأخيرة يتمثل في أهمية التكامل بين المعلومات العلمية من جهة وبرامج التخطيط العام للكوارث من جهة أخرى.

وتشمل برامج التخطيط هذه بناء علاقات واتصالات فاعلة بين الفئات المعنية والمؤثرة، التي تشمل العلماء والخبراء الآخرين والسلطات المحلية والمخططين وسلطات التنمية والدفاع المدني (مثل مكتب الأمم المتحدة للإغاثة من الكوارث UNDRO، الشكل 5).

وتتضمن شروط تحسين الوضع القائم فهم الفرق بين التنبؤ بحدوث البراكين والكوارث الأخرى من جهة والتصريحات والتكهنات التي تطلق على علاتها عن مكان وزمان وحتى عن حجم وطبيعة النشاطات الخطرة المحتملة من جهة أخرى.

وستظل أخطار الزلازل والبراكين جزءاً من الظواهر الطبيعية بالتأكيد، وكل ما يستطيع الإنسان عمله إزاء هذا هو فهم هذه الظواهر وتقليص أخطارها إلى أدنى حد ممكن والابتعاد عن أمكنة حدوثها عندما يتطلب الأمر ذلك، ولعل هذا هو لب القضية في رسالة الأمم المتحدة بمناسبة عقد الحدّ من الكوارث الطبيعية (1990-2000).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى