التاريخ

“كتابُ الفِلاحَة” لـ أبو زكريا بن العوّام

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

كتابُ الفِلاحَة أبو زكريا بن العوّام التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

ولع ابن العوام بعلوم الزراعة بصفةٍ خاصة، وقام بتجارب عديدة في هذا المجال في جبل الأشرف بالقرب من مدينة إشبيلية، حيث التربة خصبة والمناخ معتدل والنبت متنوع من تينٍ وعنبٍ وزيتون.

وكانت محصلة دروسه وتجاربه كتابٌ قيِّمٌ مشهورٌ في الزراعة الأندلسية. دعاه (كتاب الفلاحة). وقد ظنَّه ابن خلدون موجزاً لكتاب (الفلاحة النبطية) لابن وحشية، لكنه غيره، وإن كان عالمنا قد استعان به واستفاد منه استفادته من العلماء السابقين.

ولم يذكر هذا الكتاب ابن خلكان ولا حاجي خليفة، ولكن يعود فضل لفت نظر العلماء إلى مخطوطته الكاملة في مكتبه الأسكوريال، إلى العالم اللبناني ميخائيل الطرزي، منظم تلك المكتبة في القرن الثامن عشر.

ويعد هذا الكتاب من أثمن الكتب الزراعية القديمة، حيث لم يؤلِّفه صاحبه إلَّا بعد أن قام بتجارب زراعية عديدة تأكدت له صحة نتائجها، وكان يسجِّل ما يصل إليه منها، ويدوِّن ما يشاهده في أثناء زيارته لجبل الأشرف وغيره من المناطق.

 

وقد عُرفت من الكتاب نُسخٌ ثلاث أصلية: الأولى كانت في مكتبة الأسكوريال ثم نُقلت إلى مكتبة لندن، والثانية في مكتبة ليدن، والثالثة في دار الكتب الوطنية في باريس وهي غير كاملة.

ويُرجَّح أن ابن العوَّام ألَّف كتابه في حدود عام 553هـ. وأول من اهتم بنشر الكتاب المستشرق الأسباني بنكويري Banqueri حيث أخرج طبعته الأولى مع ترجمة أسبانية في مجلدين كبيرين في مدريد عام 1802، ثم طُبع في إشبيلية عام 1878. كما للكتاب ترجمة فرنسية قام بها موليه Mullet في باريس عام 1865.

وتبدو لمطالع كتاب الفلاحة أصالة صاحبه العلمية، ومقدرته على حسن العرض وجمال التنسيق، كما تبدو له أكثر نظريات الكتاب قيِّمة للغاية، على ما في بعضها من آراءٍ لا تنطبق على العلم الحديث.

والمؤلِّف يُنوِّه مراراً بالتجارب التي أجراها في جبل الأشرف، مما يظهر أنه كان يعتمد كثيراً في نتائجه على تجاربه، غير مقتصر في ذلك على النقل من المؤلَّفات القديمة.

 

إلا أنه لم يهمل، على كل حال، الانتفاع بآثار القدامى من علماء النبات والزراعيين. وهو يذكرهم معترفاً بفضلهم ومُسهِباً في إطراء من كتب منهم بالعربية. ومن أهم هؤلاْء:

1-أبو حنيفة الدِّينوري: صاحب (كتاب النبات)، والذي تقدَّمت معالجتنا التفصيلية له في هذا الفصل.

2-أبو عبدالله محمد بن إبراهيم بن الفاضل الأندلسي: الذي عاش قبل عام 467هـ. وقد ألَّف كتاباً ضخماً في الزراعة، وأخذ ابن العوَّام عنه نظرياتٍ زراعية مهمة.

3-إبراهيم بن محمد بن البصل الأندلسي: وهو من أشهر علماء الزراعة القدامى. وقد ألّف كتاباً في الفلاحة فُقد مع غيره من الكتب الكثيرة.

4-أبو عمر أحمد الحجاج: الذي عاش في إشبيليه في منتصف القرن الخامس للهجرة، وألَّف كتاباً في الزراعة ذكر فيه نباتات بأسماء يونانية ولاتينية.

5-الحجاج أحمد الغرناطي: الذي عاش في القرن السادس الهجري. وقد ألَّف كتاباً مختصراً في الفلاحة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى